اطمئنوا.. عباس شراقي: الوضع الجيولوجي لا يسمح بتخزين المياه وراء سد النهضة
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
كتب- حسن مرسي:
علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على وصول مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا إلى طريق مسدود، بعد انتهاء جولة المباحثات الرابعة في أديس أبابا الأسبوع الماضي.
وأكد شراقي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج "الحكاية"، عبر فضائية "mbc مصر"، مساء السبت، أن عدم وقوع ضرر جسيم من سد النهضة ووجود مخزون مياه مطمئن أمام السد العالي أمر باعث على تعامل الدولة المصرية بنوع من ضبط نفس وعدم اللجوء للتصعيد العسكري.
وتابع، أن تخزين أثيوبيا للمياه خطر عليها، وحجز 74 مليار متر مكعب على فالق أرضي يستلزم خلق رأي عام دولي لإبراز خطورته، مضيفًا: "الشعب الإثيوبى يتسأل أين كهرباء السد، والحكومة الأثيوبية فى مأزق شديد وبالتالى فإنه من مصلحتها تصعيد الأمر مع مصر حاليًا".
ووجه الدكتور عباس شراقي، رسالة طمأنة للشب المصري قائلًا: "اطمئنوا.. الوضع الجيولوجي في إثيوبيا لا يسمح بتخزين المياه وراء سد النهضة أو إعادة استخدامها"، مضيفًا: أثيوبيا تمر بأوضاع اقتصادية متدهورة للغاية وما تم انفاقه على السد حتى الآن 8 مليار دولار وهذا رقم ضخم للغاية.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: أسعار الذهب كأس العالم للأندية الطقس مخالفات البناء سعر الدولار انقطاع الكهرباء طوفان الأقصى الحرب في السودان فانتازي سعر الفائدة رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 سد النهضة أزمة سد النهضة تطورات أزمة سد النهضة طوفان الأقصى المزيد سد النهضة
إقرأ أيضاً:
طه حسين وإطلاق بيان النهضة
إيهاب الملاح -
(1)
في عام 1989 نظمت جامعة القاهرة مؤتمرا حاشدا على مدى ثلاثة أيام بأكبر مدرجات كلية الآداب (78) للاحتفال بمرور مائة عام على ميلاد طه حسين (1889-1973)، ربما كان هذا المؤتمر الأكبر من حيث عدد المشاركين من مصر والعالم العربي، ومن حيث عمق واتساع الأوراق والدراسات التي قدمت لقراءة مشروع عميد الأدب العربي من جوانبه كافة.. حفز هذا المؤتمر العديد من المثقفين والمؤسسات ودور النشر لبحث أدوار طه حسين المتعددة والبحث بعيدا عن جذور مشروعه التنويري التجديدي النهضوي، وكانت من بين هذه المؤسسات ودور النشر المعنية بطه حسين، دار نشر ثقافية عربية مهمة لعبت أدوارا عظيمة في خدمة الثقافة العربية هي دار الفكر للدراسات والبحوث لصاحبها المثقف النهضوي الراحل طاهر عبد الحكيم..
قامت (دار الفكر للدراسات) -نذاك- بإدارة طاهر عبد الحكيم بالتخطيط لإصدار مجلد جامع وشامل يبحث جوانب النهضة والتجديد في مشروع طه حسين كله منذ البدايات وحتى رحيله في 1973.
وقد أسند طاهر عبد الحكيم مشروع إصدار هذا المجلد إلى تلميذ تلاميذ طه حسين، وأحد ورثة الهم النهضوي والإصلاحي والتجديدي، هو المرحوم الدكتور عبد المنعم تليمة، الذي قام برسم خطة الكتاب وتحديد محاوره وتحرير فصوله وكتابة الدراسة التمهيدية لبحوث الكتاب وفصوله ودراساته..
وصدر الكتاب بالفعل سنة 1990، وضم بين دفتيه بحوثا رفيعة المستوى، وعالية القيمة، وعميقة الدلالة والبحث للإحاطة بكل ما قدمه طه حسين من إسهامات
وإنجازات في: الثقافة العربية، واللغة العربية، والأدب العربي، والنقد الأدبي، والعلوم الاجتماعية (التاريخ والاجتماع والفلسفة)، وفي الكلاسيكيات، وفي الترجمة وفي التخطيط الثقافي ورسم السياسات، وفي إدارة المؤسسات التعليمية
والجامعية.. إلخ..
الغريب واللافت وبرغم حضور تليمة القوي، تلميذ العميد النجيب، محرر كتاب "طه حسين مائة عام من النهوض العربي"، فإن هذا الكتاب منذ صدور طبعته تلك عام (1989) لم يُعد طبعه ولا نشره إلى أن ظهر أخيرًا في الطبعة الصادرة عن مؤسسة دار المعارف، بعد غياب خمسة وثلاثين عامًا كاملة!!
وفي تقديري، ربما كان هذا المجلد النادر أهم وأعمق ما كتب عن طه حسين في القرن العشرين؛ ومن أكثرها إحاطة وإلماما بجوانب هذا المشروع المترامي، فضلا على (وهذه قيمة مضافة للكتاب) الأسماء التي تصدت للكتابة والبحث ومنهم من تتلمذ على يد طه حسين مباشرة، وسمعوا منه وجها لوجه، أو من تتلمذوا على تلاميذه وكانوا على صلة وثيقة بإنتاج طه حسين ودرسه والاتصال به اتصالا وثيقا.. وسنعرض بعد قليل لنماذج من عناوين الدراسات ومؤلفيها وأصحابها والإشارة إلى قيمتها الحاضرة وما زالت تحتفظ بها حتى وقتنا هذا..
(2)
لماذا يوصف هذا الكتاب بأنه من أهم المراجع الجامعة والمحيطة بفكر وآثار وإنجاز طه حسين منذ وفاته وحتى اللحظة؟
ربما كانت الإشارة إلى الموضوعات التي شكلت فصول الكتاب، وأسماء مؤلفيها، وطريقة تحريرها تمثل تمهيدا كاشفا لبعضٍ من إجابة السؤال.. في مدخلين مطولين وستة أقسام رئيسية توزعت فصول ودراسات الكتاب على النحو التالي:
عن "طه حسين والثورة الثقافية" الفكرية الكبرى كتب المرحوم طاهر عبد الحكيم، المدخل التفصيلي الأول، ثم جاء المدخل الثاني بعنوان "طه حسين والبحث عن الحداثة" بقلم المستشرق وعالم الاجتماع الكبير جاك بيرك.
القسم الأول بأكمله خصصه محررُ الكتاب لـ"تراث طه حسين الفكري" (منهاج واحد وحقول معرفية متعددة). وقد مهَّد لدراسات هذا القسم وفصوله التي غطت فكرَ طه حسين السياسي والاجتماعي، وخطابه الفلسفي، وفكره اللغوي، ونزعته العلمية، وتأسيسه للمنهج التاريخي، مهد لذلك كله المرحوم الدكتور عبد المنعم تليمة في دراسته غير المسبوق "طه حسين: بيان النهضة" التي أطرت فكريا ومنهجيا للدراسات التالية.. ولعل هذا البيان المسهب الدقيق، يوضح بالدقة أنه لا خلاف على نبوغ طه حسين وتفرده، إنما الخلاف كل الخلاف كان على أثر (بيان النهضة) الذي سطع في جل أعماله حتى الإبداعي منها.
يقول تليمة: "ذلك أن خصومه من عامة المحافظين والنقليين يرون أن بيانه هذا قد غرب الأمة وشد نهضتها إلى الدوران في فلك الحضارة الغربية المغايرة المعادية،
أما نصراؤه -من عامة المجددين والعقليين- فقد تعددت قراءاتهم لهذا البيان تعدد اتجاهاتهم وتياراتهم، فمنهم من رأى أن بيانه قد أدى دورا مؤثرا ثم صار تاريخيًا أثريًا، ومنهم من رأى أن بيانه باق صوتًا من أصوات حاضر النهضة،
وطرفًا من أطراف تناقضات هذا الحاضر وصراعاته. وسيبقى الخلاف على الرجل وأثره ما بقي الخلاف على وجهة النهوض العربي الحديث وآفاقه".
القسم الثاني من الكتاب توفر على "تصور طه حسين لمراحل تاريخ الأدب العربي"؛ وقد عكف على دراسة "أوليات الأدب العربي" عند طه حسين تلميذُه المباشر ومطبق منهجه التاريخي في التأريخ للأدب العربي، الدكتور شوقي ضيف. ثم تناول "عصور الأدب العربي عند طه حسين" تلميذه النابغة الآخر د. محمود علي مكي، أحد رواد الدراسات الأندلسية، والأدب الأندلسي، في الجامعات العربية والعالمية..
(3)
أربعة فصول دقيقة شكلت القسم الثالث من الكتاب الذي دار حول (فكره الأدبي ومنهاجه النقدي)، وتحت لافتة هذا القسم قدم الدكتور شكري عياد دراسته المعمقة
عن (مفهوم الطبع) في فكر طه حسين الأدبي، ودرس المرحوم رجاء عيد "التاريخ
الأدبي والنظرية الأدبية" لدى طه حسين، فيما توفر الدكتور شكري عزيز الماضي على دراسة الفكر الأدبي والمنهاج النقدي، وأخيرًا درس المرحوم سيد البحراوي
"موسيقى الشعر" في إنجاز طه حسين النقدي والأدبي.
القسم الرابع خصص لـ"تفاعل الآداب العالمية في تراث طه حسين"، بين الآداب الأوروبية القديمة (الأدب اليوناني/ الأدب اللاتيني) للدكتور أحمـد عتمان،
وكذلك الآداب الأوروبية الحديثة (الأدب الفرنسي نموذجا) للدكتورة هـدى وصفي، وأخيرًا الآداب السـاميـة والشرقية (العبرية والفارسية) للدكتور محمد خليفـة.
وبحث القسـم الخـامس "آثار طه حسين من زوايا خاصـة": قرأت تلميذته سهير القلماوي بعض إبداعه الأدبي متخذة من "الأيام" (السيرة الذاتية) مجالا للتحليل
والقراءة. وأعاد الدكتور سيد حامد النساج قراءة أحاديث طه حسين في كتابه "المعذبون في الأرض"، وحلل الدكتور حسن محمود طريقة طه حسين في معالجة موضوعات من التاريخ الإسلامي.
واختتم الكتاب المرجع الضخم بالقسـم السـادس الذي اشتمل على قوائم ثرية بأعماله وبأعمال عنه، وببليوجرافيا أعدها مجموعة من الباحثين بقسم المكتبات
بجامعة القاهـرة بإشراف الدكتور فتحي عبد الهادي.
(4)
أخيرًا.. وقد مرت اثنتان وخمسون سنة على رحيله، ما زال طه حسين حاضرا بحاجتنا الملحة والضرورية لقيمه التنويرية، وبقي الاسم العلم رفيع المقام حاضراً في
العقل والوعي النقدي، وفي مشروعات مجانية التعليم وحق المواطن في التعلم والمعرفة، وفي عمله الفكري متعدد الأبعاد والتأثير؛لا يزال طه حسين "عميد الثقافة العربية" وليس فقط "عميد الأدب العربي"، حاملاً إشعاعاته المنيرة، ومتألقاً.. أيًّا كانت المحاولات النقدية لإعادة النظر في
عمله، وفي تاريخ تطور نظم الأفكار شبه الحداثية منذ مطالع النهضة، وأيًّا كانت التطورات في النظريات والمناهج التاريخية والنقدية الأدبية، وفي العوالم
السردية على اختلافها -تنظيراً وممارسة وتجارب- وذلك منذ سيرته "الأيام" الذاتية، وما يسميه نبيل عبد الفتاح "وتمريناته الروائية الأوّلية"، وفيما شكلته دراسته المبكرة عن "ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية" التي صارت علامة على التحول الذي طرأ على معنى تاريخ الأفكار ومفهومه، وعلى المناهج المستخدمة في ذلك التاريخ، وهي المقاربة التي سيذهب بها طه حسين إلى مدى استشكالي (بعبارة عبد الإله بلقزيز) أبعد في عمله المؤسس في المقاربة التاريخية للموروث أقصد كتابه "في الشعر الجاهلي" الذي أثارت استنتاجاته ومنهج الشك فيه عاصفة من الاعتراض والنقد في أوساط المحافظين، وأحدث صدمة كبرى للعقل المصري والعربي عموما، ثم إلى كتاباته التاريخية الأخرى.