فلسطينيون بالضفة يتذوقون ويلات الحرب على غزة
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
لم يكن منزل غادة مرعي يفرغ من المعزين باستشهاد حفيدها عيد مرعي 15 عاما في مخيم جنين، حتى وصلها خبر استشهاد ابنتها لينا مرعي وطفليها وأهل زوجها في قصف إسرائيلي على منزل نزحوا إليه بمخيم البريج بقطاع غزة.
فقدت غادة، ابنتها في غزة وهي اللاجئة المولودة في سوريا، والعائدة مع قوائم العائدين إلى غزة عام 94، وهناك أنجبت أولادها، وعاشت معهم 8 سنوات قبل أن يستقر بها الحال في مخيم جنين شمال الضفة الغربية.
تقول غادة في تقرير للجزيرة نت إن زوج ابنتها لينا كان صديق طفولتها، وإن عائلته بقيت على تواصل معهم بعد انتقالها إلى المخيم، وقبل 8 سنوات خطبت لينا على الهاتف، وتم الزواج في غزة «في ذلك الوقت كان يمكننا زيارة غزة بصعوبة، صحيح، لكن ذهبنا إلى هناك، وأقمنا عرس لينا هناك»، تقول غادة.
وتضيف «كباقي حال أهل غزة كان حال زوج لينا صعبا، وكنت أساعدها في كل شيء، حتى ملابس أطفالها، لم أكن أبخل عليهم في شيء، فهي ابنتي الصغرى وقرة عيني، وقبل أشهر من الحرب استطاع زوجها الحصول على عمل في الداخل (أراضي 48) وتحسن حالهم، لكن مع بدء الحرب تحولت حياتهم لكابوس».
كانت أيام الحرب ثقيلة على لينا وعائلتها، وصعبة بنفس القدر على والدتها غادة، التي عاشت الخوف والقلق المستمر على مصير ابنتها وأحفادها، وعلى الرغم من تواصلها الدائم معها بالمكالمات الهاتفية ورسائل الواتساب، فإن قلقها عليهم كان يمنعها من النوم، وفي كل مرة كانت تضطر عائلة لينا إلى النزوح من منطقة إلى أخرى كان خوف أمها يزداد.
«لينا مدللتي، أصغر أولادي، والكل يعرف قدرها عندي، كانت تحادثني باستمرار، وترسل لي صور أولادها، وتقول لي تعبنا يا أمي، كانت تطلب من الله أن يريحهم إما بالفرج وانتهاء الحرب أو بأن يأخذهم شهداء»، تقول غادة.
طلبت لينا من والدتها الخروج من مخيم جنين في آخر مكالمة بينهما، والتي كانت قبل استشهادها بساعة واحدة، خوفا عليها بعد انتشار أخبار بنية الاحتلال اجتياح المخيم «أرسلت لي صورة ابنها وقالت، اتركي المنزل يا أمي يقولون إن جيش الاحتلال يستعد لدخول المخيم، قلت لها لن أذهب إلى أي مكان لا تقلقي علي المهم أن تكوني بخير أنت، وبعد ساعة أخبروني باستشهادها هي وأطفالها».
نجا من قصف المنزل الذي كانت توجَد فيه لينا وعائلتها طفلها الكبير وابنة عمه فقط، بالإضافة إلى زوجها الذي يوجد في جنين منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وحتى اليوم لا يستطيع أن يدخل غزة لرؤية ابنه، ولا يمكن للطفل أن يصل إلى والده وجدته في جنين.
«رحلت لينا، دون أن أودعها أو أن أدفنها، لم ينته عزاء حفيدي بعد، وها أنا أفجع بابنتي وأطفالها وعائلة زوجها كلهم، لم أرها منذ سنة ونصف، واليوم رحلت ولن أتمكن من زيارة قبرها حتى».
ومنذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، فجع عدد كبير من الفلسطينيين الذين يسكنون مدن الضفة الغربية، إذ لا يكاد يمر يوم دون قصة فقد جديدة لمواطنين فقدوا أقارب وأصدقاء ومعارف في غزة، بينما يعيش عدد آخر لحظات من الرعب والقلق المستمر على مصير أهلهم تحت القصف.
وكان محمد الفرا المقيم في مدينة رام الله واحدا ممن عايش شعور فقدان أهله في غزة، بسبب القصف الإسرائيلي، فبعد أيام من بداية العدوان، قصف الاحتلال منزل شقيقته، فاستشهدت هي وأطفالها الخمسة وزوجها.
يقول «أنا أعمل في مجال الإعلام، يومها كنت أغطي تظاهرة للمواطنين بالقرب من حاجز بيت إيل العسكري في رام الله، وهناك جاءني اتصال يفيد بقصف المنزل الذي تسكنه شقيقتي وعائلتها، انهرت في الشارع، ونقلني الأصدقاء إلى المنزل» ويؤكد الفرا أن أصعب شعور قد يعيشه الإنسان أن يكون في مدينة قريبة وأهله تحت القصف، ولا يستطيع الذهاب إليهم، أو إخراجهم من هناك أو حمايتهم بأي شكل من الأشكال.
«فقدت شقيقتي وعائلتها، وبقي هناك والداي وإخوتي وعائلاتهم، تمر الأيام ثقيلة جدا، ومع كل قصف يتم في المنطقة التي يسكنونها، أخاف أن يصلني خبر سيئ عنهم»، يضيف الفرا.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة مخيم جنين غادة مرعي الحرب على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ديسمبر كانت ثورة للغباء السياسي وسيادة روح القطيع.. لا نريد تكرار التجربة
من السذاجة البحث عن تطابق بنسبة 100 في كل المواقف داخل أي تحالف أو اصطفاف سياسي. التحالفات السياسية القوية والتي لها القدرة على الاستمرار لأطول وقت هي التحالفات التي تسمح بوجود التباينات والاختلافات وتستطيع التعامل معها.
هذه بديهيات، ولكن دائما في لحظات الاحتشاد الشعبي مثل الثورة أوالحرب يتم النظر إلى أي اختلاف سياسي على أنه نهاية العالم. وذلك لسبب واصح هو سيادة عقلية القطيع: كلنا في معسكر واحد ولا يوجد آخر ونحن الحقيقة المطلقة.
من الذي لا يعرف وجود اختلافات سياسية ضمن معسكر الجيش؟
– الحمقى!
الخطوط العريضة التي جمعت الناس في صف واحد ضد الجنجويد في حربهم على الدولة هي المحافظة على سلامة ووحدة وسيادة البلد، وهذا اصطفاف أملته غريزة الدفاع عن النفس أكثر من أي توافق سياسي. وطبيعي أن أطراف عديدة داخل هذه المعسكر لها منطلقات مختلفة ومتنباينة ولكنها في النهاية كلها ضد معسكر الجنجويد لأسباب موضوعية (أو حتى لأسباب غير موضوعية) أو لنقل حتى لأطماع ذاتية. هذه هي السياسية بكل بساطة؛ أنت قد تتحالف مع عدو ضد عدو أكبر، أين الغرابة في هذا؟
شخصيا لا أرى أن القوى الموجودة في معسكر السيادة الوطنية وتقاتل الآن صفا واحدا ضد الجنجويد بينها عداوات أو ما شابه، فهي قوى تجمعها مشتركات حقيقية وبوعي سياسي حقيقي، ومع ذلك فهناك اختلافات وتباينات سياسية بينها وهو أمر طبيعي في منتهى الطبيعية، العكس هو الغير طبيعي.
صحيح في زمن الحرب يحاول الناس الابتعاد عن كل ما يضعف الجبهة الداخلية، ولكن الجبهة الداخلية تكون أقوى حينما يكون هناك وعي سياسي مرن ومنفتح قادر على تقبل الاختلافات والتعايش معها والمضي للأمام في نفس الوقت.
خطأ ثورة ديسمبر لا يجب أن يتكرر. ديسمبر كانت ثورة للغباء السياسي وسيادة روح القطيع. لا نريد تكرار التجربة.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب