سفائن الصحراء ومهور النساء.. الإبل.. رفيقة العرب وأنيسة الترحال
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
البلاد – جدة
تحتل الإبل مكانة مميزة في تاريخ العرب وتراثهم، فهي رفيقة البدوي في الصحراء، وأنيسته في التنقل والترحال، طوى على ظهورها الفيافي والقفار، ووفد بها على أمراء الأمصار، لذلك تبذل قيادة المملكة -أيدها الله- جهوداً كبيرة في الحفاظ على موروث المملكة الأصيل وتشجيع أهل الإبل ودعمهم للتمسك بموروثهم العريق؛ حيث صدرت في فبراير 2023 موافقة مجلس الوزراء على النظام الأساسي للمنظمة الدولية للإبل، كما صدرت الثلاثاء الماضي موافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- على تسمية العام المقبل 2024 بعام الإبل.
ومن صور اهتمام القيادة الرشيدة -أيدها الله- بالإبل وتعزيزها ونشرها ثقافة أصيلة تميّز المجتمع، ولكونها رمزًا يجسّد الثقافة السعودية، تم تضمين صور قطيع من الإبل الجواز السعودي؛ حتى يعرف العالم أجمع مدى تعلقهم الكبير بموروثهم الأصيل.
وامتدت علاقة الإبل الأزلية بأبناء الجزيرة العربية عبر العصور المختلفة، وصولًا إلى عهد الدولة السعودية، حيث كان للإبل دورٌ كبيرٌ في توحيد البلاد على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – من خلال نقل العتاد والرجال في بيئة صحراوية قاحلة تمتد أطرافها على مساحة كبيرة من الرمال والظروف المناخية القاسية.
يقول رئيس الجمعية السعودية لدراسات الإبل الدكتور محمد بن سلطان العتيبي: “كان الملك عبدالعزيز – رحمه الله – يعشق الإبل ويهتم بها؛ وخصص لخدمتها رجالًا مسؤولين عنها؛ من أولئك (شويش المعرقب)، وذلك نظير دورها الكبير في ملحمة التوحيد، لكونها شكلت العمود الفقري لجيش الملك عبدالعزيز”. وتعد “مصيّحة” إحدى أشهر هجن الملك عبدالعزيز، والتي كانت تتميز بسرعتها وهي مخصصة للمهمات السريعة.
ومن صور اهتمام الملك عبدالعزيز بالإبل – بحسب الدكتور العتيبي – أنه إذا أراد إكرام شيوخ القبائل ورجاله المخلصين، كان يهديهم بعض الإبل من السلالات القيمة التي يمتلكها. واستمر ذلك النهج بالاهتمام بهذا المورث الحضاري في عهد أبنائه (الملك سعود والملك فيصل والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله رحمهم الله)، وقد شهدت عهودهم اهتمامًا متميزًا بالإبل وما يتعلق بها، وكذلك إقامة سباقات الهجن، مثل “مهرجان الجنادرية” الذي بدأ بسباق الهجن ثم تطور إلى عرض للموروث الشعبي السعودي.
وشهد العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعضده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظمها الله – قفزة نوعية في الاهتمام بالإبل، ليس على صعيد الرعايات الملكية للمهرجانات المتعلقة مثل: “مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل” بالصياهد، و”مهرجان ولي العهد للهجن” فحسب، بل بإنشاء نادٍ للإبل.
وتحدث القرآن الكريم عن الإبل في مواضع عديدة، ومعظم الآيات الواردة تذكر أن الإبل من آيات الله الدالة على عظمته. وكان تمسك العربي بالإبل شديدًا وقويًا، كما ورد في بعض كتب الأخبار والتفسير، أن أحدهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أفي الجنة إبل، فقال: يا عبدالله إن يدخلك الله الجنة كان لك فيها ما اشتهت نفسك ولذة عينك، إضافة إلى ذلك أن كلمة المال إذا أُطْلِقَتْ في كلام العرب أريد بها الإبل.
وتقول عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود الدكتورة هند المطيري: “لكون الناقة سفينة الصحراء فقد عدّها العربي رمزًا لديمومة الحرکة والعمل واستمرارية الحياة في وسط بيئة قاحلة وجافة، فهي المُنقِذ له من الموت في مجاهل الصحراء، ولذا تعلق العربي بالناقة تعلقًا كبيرًا، أدى به إلى أن يتأملها ويتفهم اختلاف أحوالها من صحة إلى مرض، ومن قوة إلى ضعف، وأن يفرق بينها في الجنس واللون والعمر وغير ذلك من الحالات”.
وتعددت مسميات الإبل عند العرب بحسب اختلاف تلك الأحوال – وفق ما تذكره الدكتورة المطيري – ووضعوا لها مئات الأسماء لوصف تلك الحالات، منها: الجمل هو الكبير من الإبل، والإبل جمع لا مفرد له، الناقة الأنثى من الإبل، البعير الذكر منها، البكرة والحوار لأولاد الإبل، (البخت – المغاتير – الوضح، والعيس، وهي ضروب من الإبل).
ووضعوا مسميات للأفراد والقطعان، فالجمال القطيع من الإبل، الظعائن والركائب والحمولة والحمائل الإبل الراحلة، الصريمة والصرمة القطعة من الإبل، ووضعوا مسميات كثيرة لاختلاف أحوالها، منها (الكوماء وهي الناقة السمينة، الوجناء وهي الناقة العظيمة الضخمة، العشواء وهي الناقة التي لا تبصر، الشائلة أو الشول الناقة التي خفّ لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية، النيب، وهي الناقة المتقدمة في السن، الراغية وهي التي ترغي لسبب ما؛ والرغاء صوت الإبل، الأمون الناقة التي يطمئن الراكب لها، الناجية وهي الناقة التي تسير سيرًا سريعًا، المنقية وهي الناقة السمينة، الفاطر الناقة الكبيرة، السلاقم مفردها سلقمة الكبيرة من الإبل، العشار وهي التي مضى على حملها عشرة أشهر، “الجيث” وهي التي تحمل المقاتلين، “الصعود” وهي الناقة التي تلد قبل موعدها، و”الهيام” وهي الإبل العطشى، وغيرها من المسميات.
وقد أبدع الشعر العربي كثيرًا في الحديث عن الناقة خاصة، حيث كانت مفضلة عند البدو – بحسب ما جاء في كتاب الإبل في بلاد الشرق الأدنى القديم وشبه الجزيرة العربية – واحتوت القصائد أبياتًا عديدة، تكاد تكون هي البناء الأساسي للقصيدة، تصف الناقة ونشاطها وحركاتها وشكلها وجمالها. وللشعراء مذاهب شتى في وصف الناقة تدل على اتقان وإبداع، بل تحظى الناقة بأكبر قدر من صور الحيوان في الشعر الجاهلي، ولها ثلاث صور رئيسة هي ناقة الأسفار وهي ضخمة، قوية، سريعة، نشيطة؛ وناقة القرى وهي غالبًا معدة للذبح، وأشلاؤها في القدور وفوق الجفان؛ وناقة السانية وهي في الغالب مرتبطة بالبكاء على الأطلال وهي قوية، ضخم سنامها. بينما تستخدم الإبل مهوراً للنساء.
وفي العصر الحديث تقول الدكتورة المطيري: “ألفت كتب كثيرة عن الإبل، تؤكد اهتمام العربي بهذا الموروث العزيز رغم توافر آلات السفر الحديثة من سيارات وطائرات وقطارات، فارتباط العربي بالإبل وثيق لا تغيره الأحوال والظروف، ومن تلك الكتب: “الإبل أسماؤها وأوصافها وطباعها” لفوزان الماضي وهو من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز، “الإبل عطايا الله” لمحمد القحطاني، و”الإبل العربية” لخليفة بن عبدالله بن ثاني النعيمي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الإبل الملک عبدالعزیز من الإبل اهتمام ا
إقرأ أيضاً:
لهذا.. ستكون حماس بصقورها أقوى وأوسع تنظيم سياسي ومقاوم في الوطن العربي.. وغزة أكبر من الكلام والزمان
#سواليف
لهذا.. ستكون #حماس بصقورها أقوى وأوسع تنظيم سياسي ومقاوم في #الوطن_العربي.. و #غزة أكبر من الكلام والزمان
#فؤاد_البطاينة
بداية، غزة أكبر من الكلام والزمان، أولاد اليهوديات تلامذة #الصهيونية عبيد المستعمرين لبلادنا ومأجوروهم، إعلموا بأن الشعب الفلسطيني قلب العروبة وروح الإسلام لا يفنى، ولا شعب غزة سيفنى. ولن تسقط المقاومة الفلسطينية. ولكن شرفكم وأقنعتكم وعبوديتكم هي التي سقطت كلها في مجاري غزة وتحت أقدام أطفالها ونعال مقاوميها. وستكون دماء الشهداء في مجازركم بأطفال غزة ونسائها وأبريائها اللعنة الأبدية التي ستلاحقكم وتلاحق نسلكم أحياء وأمواتاً ليوم الدين. لسنا بحاجة لكتب أسيادكم لنعرفكم أو لكشف ستركم فأنتم مفضوحون وتفاخرون بأدواركم، ورقابكم تنجس أحبال المشانق.
نحن في حرب صهيو أمريكية غربية أرادوها فاصلة على الوطن العربي كله، لإخضاعه كمستعمرات ينطلقون منها الى إخضاع العالم الإسلامي وصولاً للعالم الشرقي. الكيان لا يستنزف ووراءه أمريكا ولكنه يُردع. ولن يردعه ويوقفه ويوقفهم سوى إستهداف مدنييهم الذين يشكل وجودهم المادي الهدف، الأساس في وجود الكيان المستعمرة باسم دولة، سيما وأن حرب الكيان قائمة على استراتيجية ضرب مدنيينا لأسباب كثيرة. وليكن معلوماً بأن فلسطين حماس، ولبنان حزب الله هما الأن خط الدفاع الأول والأخير. عن الأمة والعالم الخانع للصهيونية وفي هذا الإطار نقول..
نعم خذلت حماس ومن ينضوي تحت جناحها في المقاومة الغزية وغُدر بشعب غزة. وكله من الصديق قبل العدو وحتى من الشعوب. ولم يكن خلف كل هذا إلا الإتجار بالسياسية وصفقاتها.. وكانت البداية في خذلان سوريه الوطن والدولة والغدر بها من الصديق قبل العدو.. لكن الأقسى أن تصبح استباحة غزة ودماء مدنييها دون حدود وضوابط محلاً لأخر صفقة عامت بين طبيعة الرد والرد على الرد، وأصبح الأطفال والنساء يُضربون بالقنابل العملاقة لإنهاء المهمة في الوقت المحدد. إلّا أنه ومهما استقرت عليه الأمور، فإن أمامنا نتيجتان مؤكدتان من هذه العدوان القائم على القتل هروبا من القتال ومواجهة المقاومين، هما.
ـ الأولى: إثبات قدرة الفلسطيني من خلال طوفان الأقصى على المبادرة بالهجوم على كيان الصهاينة المحتلين، والإنتصار عليه وإحباط كل مخططاته في حينه لتهويد الأقصى وتهجير وضم الضفة وتنفيذ صفقة القرن وتصفية القضية، وإعطاء درسا للعالم وشعوبه المرعوبين من الكيان في طفيليته هشاشته وجبنه ووحشيته وعدائه للبشرية، وعلى أنه كيان لا يبقى قائما لأكثر من أيام من دون أمريكا.
ـ الثانية: أن حماس والفصائل المنضوية تحت جناحها، وفي كل الحالات والفرضيات ستخرج كأوسع وأقوى تنظيم سياسي ومقاوم في الوطن العربي. فسيكون بظهرها على سبيل القناعة والتحدي كل الشعوب العربية والإسلامية من أقصى يسارييها الى أقصى يمينييها ومن كبار مثقفيها لأطفال الروضة. فقد وأكبت هذه الجموع بالصوت والصورة مأساة العصور والحقب في غزة، وواكبت صمود مقاومتها الإسلامية أمام الترسانات الأمريكية والأوروبية، رغم تخلي جميع أنظمة العرب والمسلمين وانظمة العالم عن شعب غزة ومقاومتها. فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية الإسلامية ممثلة بحماس من ناحية وحزب الله المقاومة الإسلامية من ناحية ثانية ونقاء عروبة اليمن وشجاعته الإيمانية، بأنها المقاومة الوحيدة في الوطن العربي والأيدولوجية الوحيدة والناجزة.ولا خوف عليها إلا من الحمائم، فلا تستقيم المقاومة إلّا مع الصقور.*
أما حزب الله مفاهيمياً فهو عربي الهوية وإسلامي النهج وتحريري الهدف والغاية. وهذا ما ترسخ خلال قيادة الحزب برئاسة الشهيد السيد نصر الله رحمة الله عليه ورضوانه، وفي هذا نقرأ بالتاريخ أن العظماء نسخاً أصلية لا تتكرر إلّا بنسخ أصلية أخرى في حقب متباعدة. ورغم أن الحزب إيراني الفكرة والتأسيس والتمويل والتسليح فقد حافظ الحزب على هويته العربية وهدف تحرير فلسطين كواجب إسلامي وعربي، وبدعم وتأييد من إيران نفسها. ليصبح التساؤل في ظل التطورات المتسلسلة وهاجس الحذر من الحرب الإقليمية هو، هل ستحافظ إيران على سياستها وتتعامل مع حقبة ما بعد نصر الله بذات الإستراتيجية واللامركزية، كما كانت.
وأخيراً، للإنسان أن يفكر ويهجس بما يحلو له ولكن من المعيب والرجس والنفاق ونكران الجميل والظلم، ومن التصهين بالتأكيد، أن يأخذ نفر من العرب والمسلمين دور الطابور الخامس برمي اوساخهم من سقط الكلام وأخبثه، واوساخ انظمتهم على حزب الله صاحب التضحيات الكبرى على مذبح فلسطين والتحرير، أو برميها على إيران لخلط أوراق التيه تغطية على هوية أعداء الأمة والفاتكين بها من الكيان المحتل إلى أمريكا، وعلى خيانة حكامهم.
كاتب عربي اردني