رغم قوتها التدميرية.. دلائل على خسارة إسرائيل أمام حماس
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
خلافا لرواية الحرب على قطاع غزة، التي يروج لها الجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل تخسر الحرب ضد حركة "حماس"، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته لن يعترفوا بذلك أبدا.
ذلك ما خلص إليه بول روجرز، في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وحتى مساء السبت، قتلت إسرائيل في غزة 20 ألفا و285 فلسطينيا وأصابت 53 ألفا و320 بجرح، بالإضافة إلى تدمير هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وقال روجرز إن الصعوبات التي واجهها الصحفيون في التغطية من غزة ساعدت في رواج رواية إسرائيل عن إضعاف "حماس"، لكن ذلك تغير عندما تظهر صورة مختلفة.
وتابع: "أولا، كان هناك نقصا في الأدلة التي تدعم ادعاء الجيش الإسرائيلي بوجود مقر لحماس تحت مستشفى الشفاء، ثم لم يتمكن الجيش من تحديد موقع الأسرى الإسرائيليين (في غزة)، رغم امتلاكه لبعض من أكثر المعلومات الاستخبارية تقدما في العالم".
واستطرد: "وفي 12 ديسمبر/كانون الأول (الجاري)، نصبت حماس كمينا ثلاثيا ماهرا في جزء من غزة يُفترض أنه يخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية، إذ تعرضت وحدة من الجيش الإسرائيلي لكمين أدى إلى سقوط ضحايا، وتم إرسال قوات إضافية لمساعدة هذه الوحدة، فتعرضت لكمين، وكذلك تعزيزات أخرى".
و"أفادت التقارير بمقتل عشرة جنود إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح خطيرة، لكن روتبهم هي التي تهم، فبينهم عقيد وثلاثة ضباط برتبة رائد من لواء النخبة جولاني"، كما تابع روجرز.
ومضى قائلا إن "قدرة حماس على شن مثل هذه العملية في أي مكان بغزة، ناهيك عن منطقة يُقال إنها تخضع لسيطرة إسرائيلية، من شأنها أن تثير الشكوك حول فكرة أن إسرائيل تحرز تقدما كبيرا في الحرب".
اقرأ أيضاً
ديفيد هيرست: نتنياهو يريد تدمير حماس لكن حرب غزة يمكن أن تؤدي لانهيار إسرائيل
مشاكل الجيش
و"جاءت إشارة أخرى بعد بضعة أيام، عندما نجح ثلاثة أسرى إسرائيليين في الهروب من خاطفيهم، ليُقتلوا على يد جنود إسرائيليين، على الرغم من أن الأسرى كانوا غير مسلحين ويلوحون براية بيضاء"، بحسب روجرز.
وتابع: "وهناك مؤشرات أخرى أوسع على مشاكل الجيش الإسرائيلي، إذ أظهرت الأرقام الرسمية للضحايا مقتل أكثر من 460 عسكريا في غزة وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة وإصابة نحو 1900 آخرين".
واستدرك: "لكن مصادر أخرى تفيد بأعداد أكبر بكثير من الجرحى، فقبل عشرة أيام، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" معلومات حصلت عليها من قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع. ونُقل عن رئيس القسم ليمور لوريا قوله إن أكثر من ألفي جندي تم تسجيلهم كمعاقين منذ بدء الحرب".
فيما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن "عدد جنود الجيش والشرطة وقوات الأمن الأخرى المصابين بلغ 6 آلاف و125، بالإضافة إلى مقتل 20 عسكريا بنيران صديقة أو حوادث أثناء القتال".
اقرأ أيضاً
درس التاريخ من فيتنام وأخواتها.. إسرائيل لن تنتصر في حرب احتلال غزة
قوة هائلة
بشكل عام، وفقا لروجرز، "ما يزال الجيش الإسرائيلي يعتمد على القوة الهائلة؛ بهدف إحداث أضرار اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، وتقويض إرادة المقاتلين على القتال، وردع التهديدات المستقبلية لأمن إسرائيل".
واستدرك: "لكن الأمر يسير على نحو خاطئ للغاية، وتأتي الانتقادات من جهات غير متوقعة، بما في ذلك وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس، الذي حذر من أن هذه الحرب ستغذي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لمدة 50 عاما أخرى".
روجرز استطرد: "وحتى إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن (حليفة إسرائيل) أصبحت تشعر بعدم الارتياح إزاء ما يتكشف، إلا أن نتنياهو ومجلس الوزراء الحربي مصممان على الاستمرار لأطول فترة ممكنة".
ويُصر نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل الاستمرار في منصبه بعدها، عبر إعادة الأسرى الإسرائيليين، وإنهاء حكم "حماس" لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.
وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت "حماس" هجوما في 7 أكتوبر الماضي قتلت فيه نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر الجاري.
وقال روجرز إن "قادة الجيش الإسرائيلي يتعرضون لضغوط هائلة لتحقيق النجاح، وسيذهبون إلى الحد الذي تسمح به حكومة الحرب. وهؤلاء القادة سيدركون الآن أنه على الرغم من كل خطابات نتنياهو، فإن حماس، أو على الأقل أفكارها، لا يمكن هزيمتها بالقوة العسكرية".
وشدد على أن "إسرائيل لا تجازف بالتحول إلى دولة منبوذة فحسب، حتى بين حلفائها، بل إنها ستعمل أيضا على تغذية جيل من المعارضين لها.. ولذلك تحتاج إلى إنقاذ نفسها".
"لكن هذا سيعتمد، أكثر من أي شيء آخر، على بايدن والمحيطين به. وقد يتعين عليهم، ربما بدافع من المزاج العام المتغير بسرعة في أوروبا الغربية، أن يدركوا دورهم في وضع نهاية فورية لهذه الحرب"، كما استدرك روجرز.
اقرأ أيضاً
معهد إسرائيلي: العملية البرية غير قادرة على تحقيق أهداف حرب غزة.. وهذا هو الحل
المصدر | بول روجرز/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قوة تدميرية إسرائيل خسارة حرب حماس غزة الجیش الإسرائیلی أکثر من
إقرأ أيضاً:
خسائر الجيش الإسرائيلي تنذر بتصدّع داخلي وتحذر من التورط بـالوحل اللبناني
القدس المحتلة– بدت إسرائيل منقسمة على ذاتها بشأن حرب لبنان الثالثة، وسط تصدع الإجماع الصهيوني على استمرارها، وذلك في ظل الخسائر البشرية الفادحة التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي بالجنود والضباط على جبهتي القتال في لبنان وغزة، خاصة بالمعارك مع حزب الله على الحدود الشمالية.
ووُصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه الأكثر دموية على إسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث قتل خلاله 88 جنديا ومدنيا إسرائيليا على جبهتي غزة ولبنان وفي عمليات متفرقة أخرى داخل إسرائيل، ومن بين القتلى 37 جنديا قُتلوا في معارك جنوب لبنان وعلى الحدود الشمالية، بحسب رصد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
وحيال هذه الخسائر البشرية، تجمع قراءات محللين عسكريين وسياسيين على أنه كلما استمرت الحرب على لبنان وابتعدت احتمالات الحسم أو أي تسوية سياسية، فإن إسرائيل ستدخل في ورطة وجيشها سيغرق بالمستنقع اللبناني، خصوصا وأن حزب الله أخذ يستعيد قدراته ويثبت تماسكا في الميدان.
ورجحت التحليلات أن حزب الله، وفي ظل الخسائر البشرية التي يكبدها للجيش الإسرائيلي، بدأ يفرض تحديات أكثر خطورة على إسرائيل، وذلك رغم الضربات التي تلقاها واغتيال أمينه العام حسن نصر الله والعديد من كبار قياداته العسكرية.
وبحسب القراءات الإسرائيلية، فإن حزب الله يستعد لسيناريو حرب طويلة الأمد ودون حسم، وهو السيناريو الذي تخشاه إسرائيل، حيث قد تضطر إلى إنهاء التوغل البري في لبنان لتجنب المزيد من الخسائر البشرية، لكن دون إنهاء الحرب.
معارضون يتهمون نتنياهو بالإصرار على استمرار الحرب وتجاهل فرص الحل السياسي بدون هدف (الجيش الإسرائيلي) مؤشر للتصدعيرى الباحث في "مركز التقدم العربي للسياسات" والمختص بالشأن الإسرائيلي، أمير مخول، أن حكومة بنيامين نتنياهو تتعمد تفويت كل الفرص للحل السياسي مع لبنان، وتتجه نحو تكثيف الحرب وتوسيع نطاق الضربات العسكرية، ظنا منها أن ذلك سيحدث تغيرا في موقف حكومة لبنان ويلزمها بتقديم تنازلات لفرض تغييرات جوهرية على بنود القرار 1701.
وحيال هذا الموقف، أشار مخول للجزيرة نت إلى الأصوات الإسرائيلية التي تتعالى وتدعو إلى استغلال الفرصة التي وفرتها العملية العسكرية بهدف إيجاد مخرج سياسي للجبهة الشمالية مع لبنان، مشيرا إلى أن المجتمع الإسرائيلي لا يمكنه تحمل الحجم الكبير من الخسائر البشرية.
ورغم الثمن الباهظ للحرب على لبنان والخسائر البشرية للجيش الإسرائيلي، يقول مخول "لا تزال غالبية بين اليهود من مختلف المعسكرات والتيارات السياسية والحزبية تدعم وتؤيد استمرار الحرب في لبنان وغزة، لكنها ليست أغلبية حاسمة، وتشير إلى التصدع بالمجتمع الإسرائيلي وتقويض الإجماع على الحرب، والذي كان سائدا قبل العملية العسكرية في جنوب لبنان".
وفي هذا السياق، اتهم رئيس هيئة أركان الجيش ووزير الأمن السابق شاؤول موفاز، حكومة نتنياهو بأنها تريد المناورة العسكرية واستمرار الحرب باعتبارها هدفا، دون التعامل مع أية مبادرة سياسية أو وضع خارطة طريق تفضي إلى إنهاء الحرب.
وكرر موفاز -في تصريحات للقناة 12 الإسرائيلية- اتهامه لنتنياهو بأنه غير معني بإعادة من تبقى من المحتجزين الإسرائيليين في الأسر لدى حركة حماس في غزة، بقدر اهتمامه باستمرار الحرب متعددة الجبهات لما يخدم مصالحه الشخصية والسياسية.
كما أشار إلى حجم الخسائر البشرية بالجيش على جبهتي لبنان وغزة، والتي "تذهب ثمنا لنزوات سياسية لنتنياهو وحكومته من أحزاب اليمين المتطرف" منتقدا قرار الحكومة إخلاء السكان الإسرائيليين من البلدات الحدودية مع لبنان. وقال إن "القرار كان كارثيا، حيث تحول مع الوقت إلى أزمة إستراتيجية تثقل كاهل المؤسسة العسكرية وتتسبب بتآكل قوات الاحتياط وقدرات الجيش".
ثمن باهظ
وبدا المحلل العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم"، يوآف ليمور، أكثر وضوحا في قراءته لتداعيات الخسائر الفادحة التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي بالجنود خلال المعارك البرية مع حزب الله جنوب لبنان، داعيا الحكومة إلى "استغلال الإنجازات التكتيكية" التي تحققت والتوجه إلى تسوية سياسية من موقف قوة.
وأوضح المحلل العسكري أن الكثير في إسرائيل، بما في ذلك الوزراء وكبار المسؤولين بالمؤسسة الأمنية، يعتقدون أنه لا يوجد لحكومة نتنياهو أي سبب لإطلاق طوق نجاة لحزب الله، وأنها يجب أن تستمر في الضغط العسكري، وإن كان محفوفا بالمشاكل، وعليه يمكن للجيش أن يواصل القتال في لبنان إلى الأبد، وسيكون لديه دائمًا أهداف متاحة.
وعلاوة على ذلك، يقول ليمور إن "استمرار القتال سيكون له ثمن باهظ من الضحايا، وسيزداد هذا الثمن خلال الشتاء، مما يعني أن الجيش سيغرق في الوحل اللبناني، كما سيكون له ثمن في مزيد من تآكل شرعية إسرائيل الدولية، وفي الاقتصاد، وفي تعميق العبء على قوات الاحتياط، وتأخير عودة سكان الشمال لمنازلهم".
وعلى أية حال، يضيف ليمور فإن "الجيش الإسرائيلي سيكمل المرحلة الأولى من المهمة الموكلة إليه في جنوب لبنان خلال نحو أسبوعين، مما يعني إنهاء العملية البرية، دون وقف إطلاق النار" مشيرا إلى أن نهاية الحرب في الشمال ستعيد إسرائيل أيضا إلى النقطة التي بدأ منها كل شيء، إلى قطاع غزة.
وبغض النظر عن هوية الإدارة الأميركية التي سيتم انتخابها هذا الأسبوع في واشنطن، يقول المحلل العسكري إن "إسرائيل لن تتمكن من التهرب لفترة طويلة من القرار المتعلق بمستقبل قطاع غزة، وخاصة قضية المختطفين الإسرائيليين".
النهاية بعيدة
وحول الجانب اللبناني، يقول محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية، جاكي حوكي "بدا واضحا أن حزب الله استعاد قدراته العسكرية والتنظيمية بعد الضربات التي تلقاها من إسرائيل التي تجد صعوبة في فرض التسوية التي تريدها على الحزب الذي صعد من هجماته على العمق الإسرائيلي، ويستعرض قوته وعضلاته ولا يستجيب لمطالب حكومة نتنياهو".
وخلافا للكثير من الإسرائيليين الذين يعتقدون أن حزب الله اقترب من الاستسلام، يقول حوكي إن نهاية الحرب في نظر حزب الله لا تزال بعيدة، هذا إن كانت ثمة نهاية أصلا. إذ يعتقد الحزب اللبناني أن إسرائيل تعتزم مواصلة القتال لعدة أشهر، بل وحتى الوصول إلى بيروت بعملية برية كما فعلت عام 1982.
وأشار حوكي أن حزب الله يتحضر لسيناريو إقدام الجيش الإسرائيلي على توغل بري بالعمق اللبناني، قائلا "صحيح أنهم يفقدون مقاتلين، لكن هذا هو سبب وجودهم، القتال والتضحية. وسينتظرون الجيش الإسرائيلي في بيروت، معقلهم، وهناك يأملون في تحقيق النصر. وإذا لم ينتصروا، فسيعلمون على الأقل أنهم لم يرفعوا الراية البيضاء".
وحيال التطورات الميدانية وفي ظل الارتفاع في أعداد الجنود القتلى بالمعارك مع عناصر حزب الله، يضيف حوكي "من الأفضل أن تستغل الحكومة الإنجازات لتكون رافعة لتسوية سياسية، وترتيبات تعود بالنفع على إسرائيل. وإذا ضيعت فرصة ذلك، فإن حزب الله سيستعيد كامل قدراته، ويعزز رغبته بالقتال، كما فعل بعد كل صراع في الماضي".