خلافا لرواية الحرب على قطاع غزة، التي يروج لها الجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل تخسر الحرب ضد حركة "حماس"، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته لن يعترفوا بذلك أبدا.

ذلك ما خلص إليه بول روجرز، في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وحتى مساء السبت، قتلت إسرائيل في غزة 20 ألفا و285 فلسطينيا وأصابت 53 ألفا و320 بجرح، بالإضافة إلى تدمير هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وقال روجرز إن الصعوبات التي واجهها الصحفيون في التغطية من غزة ساعدت في رواج رواية إسرائيل عن إضعاف "حماس"، لكن ذلك تغير عندما تظهر صورة مختلفة.

وتابع: "أولا، كان هناك نقصا في الأدلة التي تدعم ادعاء الجيش الإسرائيلي بوجود مقر لحماس تحت مستشفى الشفاء، ثم لم يتمكن الجيش من تحديد موقع الأسرى الإسرائيليين (في غزة)، رغم امتلاكه لبعض من أكثر المعلومات الاستخبارية تقدما في العالم".

واستطرد: "وفي 12 ديسمبر/كانون الأول (الجاري)، نصبت حماس كمينا ثلاثيا ماهرا في جزء من غزة يُفترض أنه يخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية، إذ تعرضت وحدة من الجيش الإسرائيلي لكمين أدى إلى سقوط ضحايا، وتم إرسال قوات إضافية لمساعدة هذه الوحدة، فتعرضت لكمين، وكذلك تعزيزات أخرى".

و"أفادت التقارير بمقتل عشرة جنود إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح خطيرة، لكن روتبهم هي التي تهم، فبينهم عقيد وثلاثة ضباط برتبة رائد من لواء النخبة جولاني"، كما تابع روجرز.

ومضى قائلا إن "قدرة حماس على شن مثل هذه العملية في أي مكان بغزة، ناهيك عن منطقة يُقال إنها تخضع لسيطرة إسرائيلية، من شأنها أن تثير الشكوك حول فكرة أن إسرائيل تحرز تقدما كبيرا في الحرب".

اقرأ أيضاً

ديفيد هيرست: نتنياهو يريد تدمير حماس لكن حرب غزة يمكن أن تؤدي لانهيار إسرائيل

مشاكل الجيش

و"جاءت إشارة أخرى بعد بضعة أيام، عندما نجح ثلاثة أسرى إسرائيليين في الهروب من خاطفيهم، ليُقتلوا على يد جنود إسرائيليين، على الرغم من أن الأسرى كانوا غير مسلحين ويلوحون براية بيضاء"، بحسب روجرز.

وتابع: "وهناك مؤشرات أخرى أوسع على مشاكل الجيش الإسرائيلي، إذ أظهرت الأرقام الرسمية للضحايا مقتل أكثر من 460 عسكريا في غزة وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة وإصابة نحو 1900 آخرين".

واستدرك: "لكن مصادر أخرى تفيد بأعداد أكبر بكثير من الجرحى، فقبل عشرة أيام، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" معلومات حصلت عليها من قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع. ونُقل عن رئيس القسم ليمور لوريا قوله إن أكثر من ألفي جندي تم تسجيلهم كمعاقين منذ بدء الحرب".

فيما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن "عدد جنود الجيش والشرطة وقوات الأمن الأخرى المصابين بلغ 6 آلاف و125، بالإضافة إلى مقتل 20 عسكريا بنيران صديقة أو حوادث أثناء القتال".

اقرأ أيضاً

درس التاريخ من فيتنام وأخواتها.. إسرائيل لن تنتصر في حرب احتلال غزة

قوة هائلة

بشكل عام، وفقا لروجرز، "ما يزال الجيش الإسرائيلي يعتمد على القوة الهائلة؛ بهدف إحداث أضرار اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، وتقويض إرادة المقاتلين على القتال، وردع التهديدات المستقبلية لأمن إسرائيل".

واستدرك: "لكن الأمر يسير على نحو خاطئ للغاية، وتأتي الانتقادات من جهات غير متوقعة، بما في ذلك وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس، الذي حذر من أن هذه الحرب ستغذي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لمدة 50 عاما أخرى".

روجرز استطرد: "وحتى إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن (حليفة إسرائيل) أصبحت تشعر بعدم الارتياح  إزاء ما يتكشف، إلا أن نتنياهو ومجلس الوزراء الحربي مصممان على الاستمرار لأطول فترة ممكنة".

ويُصر نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل الاستمرار في منصبه بعدها، عبر إعادة الأسرى الإسرائيليين، وإنهاء حكم "حماس" لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت "حماس" هجوما في 7 أكتوبر الماضي قتلت فيه نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر الجاري.

وقال روجرز إن "قادة الجيش الإسرائيلي يتعرضون لضغوط هائلة لتحقيق النجاح، وسيذهبون إلى الحد الذي تسمح به حكومة الحرب. وهؤلاء القادة سيدركون الآن أنه على الرغم من كل خطابات نتنياهو، فإن حماس، أو على الأقل أفكارها، لا يمكن هزيمتها بالقوة العسكرية".

وشدد على أن "إسرائيل لا تجازف بالتحول إلى دولة منبوذة فحسب، حتى بين حلفائها، بل إنها ستعمل أيضا على تغذية جيل من المعارضين لها.. ولذلك تحتاج إلى إنقاذ نفسها".

"لكن هذا سيعتمد، أكثر من أي شيء آخر، على بايدن والمحيطين به. وقد يتعين عليهم، ربما بدافع من المزاج العام المتغير بسرعة في أوروبا الغربية، أن يدركوا دورهم في وضع نهاية فورية لهذه الحرب"، كما استدرك روجرز.

اقرأ أيضاً

معهد إسرائيلي: العملية البرية غير قادرة على تحقيق أهداف حرب غزة.. وهذا هو الحل

المصدر | بول روجرز/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: قوة تدميرية إسرائيل خسارة حرب حماس غزة الجیش الإسرائیلی أکثر من

إقرأ أيضاً:

خطة إسرائيل ورد حزب الله المحتمل.. هل تشتعل حرب على غرار ما حصل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي؟

(CNN)-- الهجمات الإسرائيلية الجريئة والمنسقة، التي استهدفت أعضاء حزب الله بمتفجرات مخبأة داخل أجهزة الاستدعاء "البيجر" وأجهزة الاتصال اللاسلكي، دفعت الشرق الأوسط مرة أخرى إلى حافة صراع أوسع بعد مرور عام تقريبًا على هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل والذي أسفر عن في الحرب في غزة.

صورة تعبيرية لضابطة المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابقة، ساريت زيهافي، تتحدث خلال عرض لوسائل الإعلام حول أسلحة حزب الله المتمركز في لبنان ومداهاCredit: JALAA MAREY/AFP via Getty Images)

وينصب التركيز الآن على التحركات التالية لحزب الله وإسرائيل، حيث من المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة، الجمعة، لمناقشة الوضع، ولا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية هي مقدمة لغزو بري عبر حدودها الشمالية إلى لبنان، وإلى أي مدى يستطيع حزب الله المدعوم من إيران، وهو أحد أقوى القوات شبه العسكرية في المنطقة، الرد حتى مع تعهد زعيمه بإنهاء الحرب بالقول "سيأتي الحساب".

ما هي خطة إسرائيل؟

أبدت إسرائيل استعدادها للحرب مع حزب الله، وتحذير وزير الدفاع الإسرائيلي من أن "حقبة جديدة" من الحرب قد بدأت أعقبها تأكيد الجيش أن قائده الأعلى قد "أكمل الموافقة على خطط الساحة الشمالية" على طول الحدود اللبنانية.

وتأتي إعادة التركيز شمالًا بعد أن جعلت إسرائيل هدفًا جديدًا للحرب هو إعادة السكان النازحين إلى منازلهم بالقرب من الحدود الشمالية بعد إجلائهم بسبب هجمات حزب الله.

كيف يمكن لحزب الله أن يرد؟

ألمح الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله إلى الانتقام من الهجومين، لكن من غير الواضح ما هي القدرة التي قد تمتلكها المجموعة إذا أصيب العديد من أعضائها ولم تعد طرق الاتصال الرئيسية موثوقة، ورغم الضعف الذي يبدو عليه حزب الله، إلا أنه لا يزال يُعتقد أنه المجموعة غير الحكومية الأكثر تسليحا في العالم، مع ترسانة متطورة على نحو متزايد لديها القدرة على إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل.

ومع ذلك، هناك دلائل على أن المجموعة السرية بالفعل ربما تكون قد تم دفعها إلى التكتم أكثر والتعامل بسرية أوسع.

مقالات مشابهة

  • هل أصبحت الحرب الأوسع بين إسرائيل ولبنان أمرا لا مفر منه؟
  • خطة إسرائيل ورد حزب الله المحتمل.. هل تشتعل حرب على غرار ما حصل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي؟
  • بشأن المعارك مع حزب الله.. هذا ما أعلنه الجيش الإسرائيليّ صباح اليوم
  • محلل إسرائيلي: نتنياهو خسر الحرب أمام حماس ويهرب لحرب استنزاف
  • أول رد من حماس على المقترح الإسرائيلي الذي يتضمّن "إبعاد السنوار"
  • ‏الجيش الإيراني: إسرائيل ستدفع ثمن أخطائها "الغبية" باغتيال إسماعيل هنية
  • صفقة «الممر الآمن».. إسرائيل تطرح مقترحاً جديداً في غزة
  • إسرائيل بين غطرسة القوة ونتائج الطوفان.. قراءة في كتاب
  • جنرال إسرائيلي يتحدث عن خسارة كبيرة في الحرب أمام حركة حماس
  • الدويري .. القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة يعترف بصدق السنوار