الخطاب الثالث ومعادلات السيد عبدالملك الحوثي لنصرة غزة.. الموقف العظيم يتكرس بالمفاجآت
الحلقة الثانية

 

 

الخطاب الثالث من خطابات قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- حفظه الله – منذ بداية الحرب على غزة كان خطابا تاريخيا ومفصليا ، محتشدا بالحقائق وبكثافات المعادلات وحافلا بأدوات الردع الحاسمة في مجابهة التحركات الأمريكية والغربية التي تسعى إلى تطويق موقف اليمن في نصرة غزة ، ومشبعا بالحقائق حول إجرام العدوان الصهيوني في غزة وبشاعته ووحشيته والتأصيل لذلك ، وكاشفا حقيقة أمريكا ورعايتها للكيان الصهيوني وأدوارها الشيطانية في حرب الإبادة على غزة ، وكاشفا كذلك لحقيقة الحكومات الأوروبية التي تتمطى بعناوين إنسانية وحضارية عقودا طويلة ، لكنها في الحرب على غزة أظهرت وجهها البشع والإجرامي ، ومذكرا كذلك بحروب الاستعمار الغربي على المسلمين وشعوب العالم.


وفي مقابل الاحتشاد الأمريكي الغربي لدعم حرب الإبادة التي يشنها كيان العدو الصهيوني على غزة رغم ما فيها من مذابح ووحشية وفظاعات وقتل جماعي ، وفي مقابل التحرك الأمريكي والغربي من المسافات البعيدة إلى منطقتنا لدعم حرب إبادة وحشية كهذه ، كان الموقف اليمني في نصرة غزة هو الموقف الأحق والصحيح والصائب ، فهو جهاد في سبيل الله ودفاع عن الشعب الفلسطيني وكان الأحرى بالأمة أن تقف نفس الموقف لنصرة غزة.
وفي سياق الاحتشاد الأمريكي جاء الخطاب عقب إعلان تشكيل تحالف حماية السفن الإسرائيلية ، الذي سبقته حملات دعائية أمريكية غربية تسعى لتوصيف عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر بأنها قرصنة وتهديد للملاحة الدولية ، فجاء الخطاب التاريخي للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ليسقط الدعاية بقوة الخطاب المحتشد بالشواهد والحقائق القوية وعلى طريقته حفظه الله في سردها أسقط الدعاية على رغم حجمها ، وعلى إثر الخطاب لمسنا تحولا في سرديات الإعلام العالمي ، ولمسنا كذلك تعاطيا شبه واقعي مع ما تقوم به القوات المسلحة من عمليات ضد السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية فقط.
وعمليا فقد أسقط الخطاب التاريخي التحالف الأمريكي لحماية السفن الإسرائيلية بتعريته أولا ، وثانيا بما تضمنه الخطاب من موقف قوي وحاسم لمواجهة التحالف وأطرافه ، والتهديد غير المسبوق لأمريكا التي تخيط هذا التحالف.
على إثر الخطاب عدلت أمريكا منطق التهديد ضد اليمن الذي عزفت عليه لمدة أسبوعين، وظلت آلة الدعاية الأمريكية تضخ يوميا أخبارا وتصريحات مسؤولين أمريكيين من قبيل «أن أمريكا تدرس توجيه ضربة عسكرية على اليمن ، وأنها تبحث ذلك ، ثم تقول بأن البنتاغون رفع بالمقترح إلى بايدن» وتعيدها يوميا بمضامين وإرهاصات جديدة على طريقة أمريكا التي تستخدم هذا النوع من الحروب النفسية في كل حروبها ، غير أن هذا المنطق اختفى تماما بعد خطاب السيد القائد حفظه الله ، واستبدلته أمريكا بتصعيد لغة التهم مع التخلي التام عن التهديد والوعيد.
ومن جانب آخر شجع الخطاب التاريخي وما فيه من رسائل تهديد وتحذير وإنذار للأمريكيين وللأطراف المنخرطة في تحالف حماية السفن الإسرائيلية شجع أطرافا كثيرة في رفض الضغوط الأمريكية بالانخراط في تحالف حماية السفن الإسرائيلية ، وشجعت الكثير لإعلان مواقف غير منحازة لدعايتها حول الملاحة الدولية ، وفي المجمل أسقط الهيمنة الأمريكية التي تجمع لتكريسها بين الترهيب الدعائي ، وبين لغة الاستعراض بالأسلحة والمعدات والحاملات والمدمرات والطائرات ، وبين تنفيذ هجمات عقابية على البلدان التي تتصدى لغطرستها ، وشن الحروب المدمرة أيضا ضد أي طرف يحاول أن يتحرر من هيمنتها.
من الأطراف في رفض الضغوط الأمريكية
لقد وجدت أمريكا نفسها أمام خطاب حرب من نوع لم تعهده من قبل ، فهي وإن كانت قد سمعت تهديدات من زعيم أو زعيمين فيما سبق من تاريخها ، لكنها سمعت من قائد الثورة المباركة حفظه الله تهديدا جديا ومن واقع معركة قائمة ، ومن واقع اقتدار عسكري جيد ، ومن واقع موقف صلب وراسخ ، ولهذا أدركت مفاعيل التهديدات التي أطلقها قائد الثورة ، وحسبت ألف حساب لها.
وقد كرس السيد القائد في خطابه التاريخي صلابة ورسوخ الموقف الإيماني الثابت والذي إحدى ركائزه «الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل» ، وقال إن المعركة المباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين هو أملنا من زمن بعيد ، وكان أملنا على الدوام أن تكون مواجهتنا مباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين ، بدلا من مواجهة العملاء والأدوات ، وهنا يجسد السيد القائد حفظه الله جذور ورسوخ الثقة بالله والتوكل عليه ، وبقدر ما يخشى العالم أجمع خوض مواجهة مباشرة مع أمريكا ، فإن أمل قائد المسيرة القرآنية هو أن تصبح مواجهتنا مباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين في آن واحد ، وهذه تعتبر قمة العزة بالله وبدينه وبكتابه ، والثقة به ، والرهان على شعب أهله أولو بأس وقوة تتجذر بهويته القرآنية وبصلابته الإيمانية أيضا.
ولجهة الموقف اليمني لنصرة غزة كرس خطاب السيد القائد حقيقة توسع فاعلية هذا الموقف ، ولجهة الإجماع الذي يحظى به هذا الموقف في أوساط الشعب اليمني كله ، ولجهة ما فرضه هذا الموقف من تحولات ميدانية وسياسية إيجابية على وضع المقاومة والشعب الصامد في غزة ، ولجهة صلابة هذا الموقف ورسوخه أنه جاء في أعقاب نهوض القوة اليمنية من بين ركام حرب السنوات التسع ، لتأخذ هذه القوة الجهادية مكانتها في حمل قضية الأمة وموقفها معززة متمكنة في أعقاب دحر العدوان على اليمن، وفي ظل إيمان الشعب اليمني بأكمله بهذه القضية الجامعة ، فقد اجتمع اليمنيون في المناطق الحرة وحتى المناطق المحتلة على نصرة غزة والوقوف معها.
وقد رد السيد القائد حفظه الله في الخطاب التاريخي بكل وضوح بأن هذا الموقف لا يمكن أن يتغير لا بالتهديد ولا بتشكيل الأحلاف الأمريكية ولن يتغير مهما كان الثمن ، وهو بذلك يكسر عصا التهديدات التي تهدف إلى إضعاف الموقف اليمني في نصرة غزة ، ويحسم آمال أمريكا وحلف الاستكبار.
وفي الرد على التهديدات الأمريكية فقد أنذر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ، الأمريكي المتغطرس القادم لتشكيل الأحلاف بهدف حماية الصهيونية ، بأن الرد على أي حماقة أو ضربة هنا أو هناك سيكون الانتقال فورا إلى توجيه الصواريخ والطائرات المسيَّرة والعمليات العسكرية اليمنية على السفن الأمريكية والملاحة والمصالح والقواعد والجنود في كل مكان ، أما إذا ذهب الأمريكي إلى شن حرب على الشعب اليمني فإن ما ينتظره سيكون أسوأ مما تعرض له في فيتنام وأفغانستان ، وفي الرد والإنذار صفعتان ، واحدة للعدو الصهيوني الذي استجدى بالأمريكيين ويستجديهم لحمايته في البحر الأحمر ، والثانية للأمريكي الذي ظن أن اليمن اليوم بقيادة هذا القائد العظيم كيمن الأمس بدون هذا القائد ، وأن اليمن المجروح بحرب التسع السنوات سيستسلم تحت ضغط المعاناة ، غير مدرك أن هذا اليمن الذي عركته حروب العصف والقصف والحصار هو أقوى مما كان بألف مرة ، وأن قوته يستمدها من إيمانه بالله وثقته به وبنصره.
كما أن الخطاب جاء برسائل ردع جديدة قوية وواضحة تجاه تحالف حماية السفن الصهيونية ، أولا بإنذار أمريكا وكل الأطراف المنخرطة في هذا التحالف بأنها لن تنجو من العقاب ، وقد جاء كلام السيد القائد لناحية تحالف حماية السفن الإسرائيلية قاطعا وجازما بأن التعامل معه سيكون على هذا الأساس ، وجازما بأن أي عمل يقوم به في البحر الأحمر يعتبر تدخلا وقحا في شؤون المنطقة وبالأخص الدول المشاطئة للبحر الاحمر ، وبلغة زاجرة قالها السيد حفظه «لن نقف مكتوفي الأيدي» وكررها مرارا في الخطاب ، ثم زاد ذلك بأن الأمريكي سيكون هدفا للصواريخ والطائرات إن ارتكب أي حماقة ، ثم أعاد استعراض سرد المشاركة الأمريكية في حرب الإبادة الإجرامية على غزة على رغم وحشيتها ، وعدد المواقف الأمريكية في إبقاء الحصار الإجرامي على غزة ، وفي إبقاء العدوان الإجرامي متواصلا ، وفي حماية العدو الصهيوني من أي ردة فعل مشروعة ، وفي إمداده بالذخائر والأسلحة ، ثم في هرولته من القارة الأمريكية إلى المنطقة مع الدول الغربية ليفعل هذا الإجرام وليُخضع المنطقة للكيان الصهيوني، فليخرس الأميركي المجرم وعار على أمريكا أن تفعل كل ما تفعله من مذابح في غزة ، وهي التي يجب أن تخجل أما اليمن فموقفه مشرف وصحيح ولديه القدرة على فعل ما يوجع أمريكا والصهاينة.
أما بشأن الحرب على غزة فقد سقفها السيد القائد بأنها حرب محكومة بالفشل ، وسيسقطها المجاهدون في غزة ، وسيسقطها صمود الشعب الفلسطيني في غزة ، وستسقطها التضحيات مع الصبر والمعاناة التي هي بعين الله ، وسيسقطها الله بقوته وعونه.. والصبر مطلوب وعلى الأمة أن تراجع حساباتها.
للحديث بقية في الحلقة الثالثة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: تحالف حمایة السفن الإسرائیلیة السید القائد هذا الموقف حفظه الله نصرة غزة حرب على على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الشيخ حسين حازب : أدعو القوى السياسية أن تعلن السيد عبد الملك الحوثي قائدًا ومرجعيةً لليمن

يمانيون../
دعا وزير التعليم العالي السابق والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الشيخ حسين حازب، القوى والأحزابَ السياسية، إلى أن تتخذ موقفًا وتعلن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- قائدًا ومرجعية لليمن.

وقال الشيخ حازب في حوار لصحيفة “المسيرة”: إن “السيد القائد عبد الملك الحوثي، أثبت بأنه الأفضل على مستوى الأُمَّــة الإسلامية، وليس العربية فقط، وقد ظهر بأنه القائد الحكيم والشجاع، ورجل العفو، والتسامح حتى مع من قاتلوه وظلموه”.

إلى نص الحوار:

– بدايةً كُنتَ قد أشرتَ إلى مآخِذَ لكم حول دور النخب في معركة اليمن المقدَّسة، وتطرقتم إلى أن هناك تقصيرًا إلى حَــدٍّ ما من قبل النخب اليمنية… ما تلك المآخذ شيخ حسين؟

الحقيقة أننا في معركة كبيرة وشاملة، وهي لا تقف عند دور العسكري والمقاتل؛ فالإعلام معركة، والسياسة معركة، وفي الداخل معركة وعي وثقافة، إلى جانب الدور العسكري والأمني الذي يقوم بما عليه على أكمل وجه، جزاهم الله خيرًا.

– تشير إلى دور أكبر يجب أن تقوم به الأحزابُ ونخبُ المفكرين مثلًا؟

في الإعلام حقيقةً لا أجد القياداتِ الحزبية حاضرة.. يجب أن يكون حضورُهم فاعلًا ومؤثرًا في الميدان.

أعضاء المجلس السياسي من أنصار الله، والمؤتمر الشعبي العام، وبقية القوى السياسية والفكرية والأكاديمية يجب أن يتكّلموا، ويقوموا بما عليهم.

كذلك أعضاء الحكومة، ومجالس النواب والشورى وقيادة الدولة، يجب أن يكونوا حاضرين في المعركة الإعلامية ومعركة الوعي، لا أن يظل الدور سلبيًّا، وكأن هذه المعركة لا تخص سوى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وأنصار الله، رغم أننا كلنا “أنصار الله”.

يُفترَضُ من الجميع بعد إعلان التغيير الجذري أنهم ذهبوا فورًا إلى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وقالوا له: “قد سمعنا منك ما سمعنا وقد أحسنتَ وأصبتَ ولكن التغيير الجذري يجبُ أن يكونَ في شكلِ الحكم أولًا، ونحن نرى أنك القائد والمرجعية للأُمَّـة اليمنية، ونتشاورُ معك على ما يجب، وما لك علينا، وما لنا عليك… هذا الموضوعُ كانوا مقصِّرين فيه كَثيرًا، والسيد انتظر لهم أحدَ عشَرَ شهرًا، فاضطر أن يبدأ بتغيير الحكومة، وهذا غيرُ كافٍ”.

لماذا لم يكن لهم دورٌ إيجابي، أكثرَ من البيانات؟، يجب أن يكون للقوى السياسية موقف، فما دام قد أثبت هذا القائد أنه الأنسب، لنعلنه شعبًا وقوىً سياسية، وفي المقدمة يعلنها الشريك المؤتمر أن السيد عبدَالملك قائدًا ومرجعيةً لليمن، فالرجل أثبت بأنه الأفضل على مستوى الأُمَّــة الإسلامية، وليس العربية فقط، وقد ظهر بأنه القائد الحكيم والشجاع، ورجل العفو، والتسامح حتى مع من قاتلوه وظلموه.

الجانبُ الثاني أن على تلك النخب النزولَ وإكمال الدور في الساحة والميدان، حَيثُ هناك من يحاول دغدغة الشارع بذرائع المرتبات وترهات بأن اليمن أدخل نفسه في معركة مع “إسرائيل” وأمريكا في حرب نأت دولٌ عربية وإسلامية كبيرة كمصر، والسعوديّة، وتركيا والجزائر بنفسها عنها، وهنا يجب أن يكون لهم دور، حَيثُ تقتضي المعركةُ التحامَ القوى مع بعضها البعض أكثرَ وأكثر مما هو حاصل.

– الميدان والصوت الشعبي ليس بالضرورة أن يعلن انتماءه لفصيل وتيار معين.. فالناس تخرج باسمها لا باسم أحزاب وقوى وهذا كافٍ شيخ حسين؟

هذا صحيح، لكن اليمن تعنينا كلنا، فطالما أنا في الشارع السياسي والثقافي والوسط الشعبي المؤثر يجب أن يكون لي بصمة وأثر؛ فالمعركة واسعة، ويجب أن تجدنا في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي نقوم بأدوارنا وهو دور مقدس يبعث على العزة والفخر، ولا يعني أننا كحزب أَو جماعة دورنا مقتصر في حكومة ومؤسّسات لا في معركة الوعي.. أريد أن أرى غير “أنصار الله” في الإذاعة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، أريد أن أرى الكل في هذا الدور المدافع عن البلد،بغض النظر عن أية مآخذ هنا أَو هناك، فهذا لا يلغي دوري الوطني، وأخذ نصيبي من الشرف الكبير في هذه المعركة المقدسة، ولا يصح ألا يشترك الجميع في شرف المنازلة، ولذلك على القوى والنخب بالترتيب مع السلطة تشكيل آلية تجعل من الساحة اليمنية ورشة سياسية وفكرية وإعلامية للمواجهة لكل ما يتعرض له اليمن من حملة دولية تستهدف جبهتنا الداخلية.

ما هو حاصلٌ اليوم ليس بقليل، الآن استخدموا ضد اليمن كُـلّ وسائل الحرب النفسية، فيما تُترَكُ الساحة لا يعمَلُ فيها سوى “أنصار الله”.

– مع هذا فَــإنَّ الشعب اليمني ملتحم بقوة في ميادين القتال وهذا هو الأهم؟

صحيح، الشعب ملتحم في ساحات القتال، وهو السند الذي نستند إليه، وخروجه كُـلّ جمعة بهذا الشكل أدهش العدوّ والصديق، لكن لازم أن تؤدي النخب دورها في الميدان، وأن يستحوا من هذا الشعب المجاهد.

نحن نتكلم عمن كبَّرهم الوطن وأشبعهم، فالوطنُ يتعرضُ لحرب كبرى والدفاع عنه واجبٌ وفرض عين على الجميع، فلا يصح الانتظارُ والتفرج على من يعملون في الميدان ويجاهدون الجهاد الحق.

– هذا يتطلب التركيزَ كجبهة ثانية على مسائل الوعي والتوعية والجهاد الثقافي في الميدان بقوة؟

يجب أن نوضح للناس أن معركتنا ليست معركة سياسية ولا معركة دنيا نصيبها، بل هي معركة عقيدة تساندُ مظلومًا يستنجد بنا، وهو يتعرض لظلم تاريخي، وفعل وحشي “إسرائيلي” أمريكي غربي، يُقتل فيه ويُسحل الأبرياء من أهلنا في قطاع غزة، حَيثُ يمارس المجرم احتلالًا وحصارًا غيرَ مسبوق في التاريخ، ولأكثر من أربعة عشر شهرًا مُستمرّة.

وهذا هو سِرُّ توفيقنا ونجاحنا في نصرة إخواننا في فلسطين، فوقوفنا هو واجب ديني، رغم أن لليمن ألفَ عذر، لو تعذر بواحد منها لكفاه أكثر من أية دولة عربية، كمصر أَو السعوديّة أَو سوريا، فنحن تفصلنا عن فلسطين مسافات طويلة، وتفصلنا عنها بلدانٌ ودولٌ، كما أن إمْكَاناتنا صعبة، وقبلها نحن في عدوان وحصار مفروض علينا منذ عشرة أعوام، وهذه الأعذار مناسبة لو فكَّرت اليمن بفكر المصلحة الخَاصَّة، وحسابات السياسة، لكن لأَنَّ مساندتَنا تقوم على أُسُسٍ دينية، ومعتقد وجوب نصرة الأخ المظلوم، فنحن نؤدي هذا الدور كما يجب وسنستمر فيه.

– على مستوى المواقف العربية الإسلامية مما يجري من تحولات، ألا ترى أن هناك خضوعًا لأنظمة عربية كان يجب أن يكون لها دور كبير في مواجهة التغيير الشرق الأوسطي، رغم انتصارات محور المقاومة، وتسطير اليمن اليوم موقفًا متقدمًا ومؤثرًا إلى جانب قوى المقاومة؟

حقيقة أن غزة ورجال غزة أثبتوا أن المقاومة على قلة سلاحها هي عنصر قوة أذلت العدوّ، وخلقت له إحباطًا غير مسبوق رغم استخدام العدوّ كُـلّ إمْكَاناته من السلاح والتكنولوجيا والجانب الاستخباراتي والسموم، وكلّ ما أمكن استخدامه إلى جانب محاولات شق الصف في الداخل الغزاوي.

ألا يدل هذا على أن هذا الكيان رغم كُـلّ تبجحه، أوهن من بيت العنكبوت، وأنهم من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة.. هذه الصورة التي صنعتها المقاومة في غزة وفي لبنان، كان يجب أن تكون كافية لكي تدرك أنظمة عربية أن إمْكَاناتها الضخمة وجيوشها الكبيرة تستطيع التغلب على هذا العدوّ، لكن للأسف وأقولها باختصار: إن الله لم يرد لأُولئك العرب أن يكون لهم حظ من ذلك الشرف في مواجهة العدوّ وصنع الانتصار.

– ذلك الشرف تصدرت له اليمن، حَيثُ هي اليوم تؤدِّي الدورَ الذي يعبر عن موقف الأُمَّــة العربية والإسلامية المكبوتة؟

صحيح، لو رأينا ما حصل في غزة وتساءلنا: ما علاقة اليهود بالأمريكيين والغرب لوجدنا، أن ما أتى بهم هي مصالحهم؛ فقد أتوا بقضهم وقضيضهم تعصُّبًا للصليب والصهيونية، ونحن معنيون اليوم بأن نقود الإسلام كله ضد الكفر كله، فهي معركة عقيدة وجهاد، أمر بها الله ورسوله، واليمن وقيادته الشجاعة قد تصدروا الموقف، وهذا هو الشرف العظيم الذي شرّف اللهُ به اليمن.

ولأن الأعداء لم يرفعوا يدَهم عن غزة التي تباد على مرأى ومسمع، فنحن سنستمرُّ والموقف الذي رأيناه منذ عام، وحتى يومنا هذا سنرى أفضل منه هذا العام، والدليل أنه بعد أن أَدَّى حزب الله دوره الإسلامي والعروبي الصحيح كان لا بدَّ أن يقف لأخذ نفَس واستراحة محارب، فيما اليمن والسيد عبدالملك الحوثي تصدر الموقف، حَيثُ شعر أن هذه المسؤولية هي مسؤوليته هو لا غيره، فتضاعف استهداف العدوّ، وواجهنا حاملات الطائرات التي يحكم الأمريكان بها العالم منذ سبعين سنة، وهزمناها؛ ولهذا أنا على يقين أن ما سيسطِّره اليمن هذا العام سيكون أفضل مما كان العام الماضي بإذن الله.

– مع هذا التاريخ الجهادي الكبير الذي تصنعه اليمن.. ألا ترى أن أدوات تحالف العدوان من المرتزِقة اليمنيين تؤكّـد اليوم مستوى أعلى من الانحطاط ارتقت فيه صراحة من عمالة خفية للأمريكيين، ومشروع الشرق المتخفي إلى عمالة صريحة لـ “إسرائيل” وأجندة “إسرائيل” والصهيونية في المنطقة؟

هذا ما نراه فعلًا، موقفُ المرتزِقة بالوقوف مع العدوّ هو موقف العمالة والجبن والخسة، وهم اليوم يعصون الله، والأكيد أن موقفهم اليوم لن يكون أفضل من موقفهم في سبع سنين كان فيه العدوان علينا في أشده، وكما تفضَّلت فقد تحوَّلوا من أدوات لمحمد بن سلمان وابن زايد ليرتقوا إلى أدوات لبايدن والنتن ياهو ثم ترامب وإلى جانبه نتنياهو، وبالتالي فَــإنَّ حربنا معهم إذَا ما فُرضت علينا ستكون أقدسَ من حربنا السابقة؛ فقد كنا من قبلُ بمُجَـرّد أن يوقفوا القتالَ نوقف، حَيثُ كنا ما نزالُ نرى فيها حربَ إخوة، وإن كان الأمريكان في الخفاء يقودونها، أما الآن فالأمر مختلفٌ والعدوّ ظاهر، فأصبح ذلك المرتزِقُ يقف مع اليهود لقتالنا فيما الله عز وجل قد أكّـد في كتابه العزيز أن اليهود هم أعداءُ الإسلام، والأمّة بأكملها، وأن من يقف معهم ليس من أُمَّـة الإسلام في شيء، بل قرنه اللهُ بهم حين قال: “وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فإنَّهُ مِنْهُمْ”.

وعلى الرغم مما يفعلُه المرتزِقة من المجاهَرة بتولي العدوّ، فلن يكونوا أفضلَ مما مضى من سنوات العدوان على عكسنا تمامًا، فنحن أفضل بكثير بفضل الله؛ فمنذ بدأت الهُدنة واليمن تعمل بجدٍّ، وإن كانت الطلقة توقفت، فالصناعة والتدريب والتعبئة لم تتوقف، حَيثُ أعلنت صنعاء قبل أَيَّـام استكمال الجهوزية للقوات المعدة لأية مواجهة قادمة؛ لهذا نقول للمرتزِقة: ابحثوا عن المال وترزَّقوا من العدوّ لكن ظلوا بعيدين عنا، ويكفيكم أنكم ستعيشون الذل والمهانة والعار طوال حياتكم، وأن أولادكم سيلاحقهم عار خيانتكم، وفيما العدوّ يحتقركم ويتعامل معكم كأتباع، فَــإنَّه يحترم صنعاء وقادتها ونظامها ويعرف قدرَهم ومكانتَهم التي وضعوا أنفسهم عاليًا فيها.

وأنا أقسمُ لكم أيها المرتزِقة سواءٌ أكنتم في مأرب أَو في المخاء أَو محافظات الجنوب، أَو في القاهرة أَو أبو ظبي أَو أنقرة إن العدوّ الأمريكي والصهيوني أصبح منحني الرأس، وقد فرضنا احترامنا عليه، وعلى غيره على عكسكم تمامًا، وقد آثرتم التكسب والخيانة والعمالة.

صنعاء مفتوحة لمن أراد السلام، واعتذَرَ من الوطن، ومن يريد أن يرجع له عقله.. أما “قادمون يا صنعاء”، فالجواب ليس عندي بل عند رجال الرجال في الجبهات، وهي أبعد عنكم من عين الشمس.

– قبل عامين كان لكم حديث عن ضرورة معالجة مِلف المرتبات؟

أنا طرحتُ على حكومة الإنقاذ الوطني السابقة قضية المرتبات، وقلت: إن الدولة لا تستطيع دفع المرتبات كاملة، ولا يصح ألا يعطى الموظف جزءًا من راتبه، والحكومة الآن لم تقصّر في إيجاد حلول جزئية لمِلف المرتبات ضمن آلية استثنائية، وهي تسير في طريق صحيح، حَيثُ إن هذا إنجازٌ لنظام صنعاء، وعليها الإسراع في تنفيذه؛ فالموظف ينتظر هذا، ومقابل هذا الإنجاز هناك أخطاءٌ وعراقيلُ في بعض المحافظات يجب تجاوُزُها وحلها.

– مثل ماذا؟

مثلًا في محافظة مأرب، هناك جمارك لكنها غير محدّدة السلع التي يمكن أن يؤخذ عليها جمارك، يعني يكون معي ثلاث دبات غاز يطلبون مني جمارك، ثلاثة أكياس طحين يطلبون عليها جمارك، هذا غير منطقي وهي أمورٌ بسيطة لكن يجب معالجتها.

في جانب آخر، هناك أمورٌ على الحكومة العمل بها تتعلق بالاستماع لنقد الناس وملاحظاتهم فهي مهمة، نحن في وزارة التعليم العالي سابقًا كان لدينا مكتب للشكاوى، نستمع للناس وننصت لهم، فما كان من شكاواهم وملاحظاتهم صحيحًا نأخذ به ونصحِّح على ضوئه، وما كان غير صحيح نرد عليه، ولو استوجب ذلك الاحتكامَ إلى القضاء، بالتالي يجب أن نسمعَ لما يقوله الناس.

الحاضنة لدينا يجب ضبطُها والاهتمام بها ولا ندعُها فرصةً يستغلها المرتزِقة، يجب أن نُعِينَ سماحة السيد، ولا نترك كُـلّ شيء عليه، سواء على مستوى المحافظين، وعلى مستوى الوزراء والشخصيات، قضية أن كُـلّ شيء على السيد لا يصح، فهو في معركة أكبر وأهم.

وللنصح أقول: “من أراد أن يحكم اليمن عليه أن يراعي ثقافة اليمن وتنوعها، ومن أراد أن يغيِّر شيئًا، فهذا يكون بالقُدوة وليس بشيء آخر، حتى الدوراتُ الثقافية أنا أرجو أن يعاد النظرُ فيها فمن يأتي لهذه الدورات لا يستمعوا لها كما يجب، وحضورهم لها فقط؛ لأَنَّهم دعوا إليها، والمفترَضُ أن يبحثَ عنها الناس، لا أن تبحَثَ هي عنهم”.

ما نراه اليوم من حِراكٍ على مستوى الداخل اليمني مبشِّرٌ بالخير، وهو ما كنا نحلم به، ومع أن شهادتي مجروحة؛ كوني وزيرًا سابقًا فَــإنَّ الترتيبات التي تتم تنبئُ عن التجهيز والإعداد لدولة حقيقية.. ما يتم اليوم من عمل غير سهل، وهو عمل كبير لو نظرنا إلى الجانب العسكري، فما تم إنجازه هو بجهد رجال اليمن، وليس من أية دولة أُخرى، صحيح أن هناك تعاونًا مع بعض الدول، لكن الإنجاز هو إنجاز يمني، فالزراعة تعيشُ تغيُّرًا حقيقيًّا وهو واضح، وعلى هذا قِس.

– على طريق البناء المنشود في القادم، وكوزير سابق: هل تتفق مع رأي أن هناك قوانين تعيق عملية الإصلاح والتغيير في البلد، وهذا سمعته قبلُ في أكثر من مناسبة؟

هذا صحيح، فالقوانين التي نسير عليها اليوم بعضها فُصِّلَ على مقاس أشخاص لكنه ليس حُجَّـة.

وثورة ٢١ سبتمبر لم تلغِ القوانين بالبيان رقم واحد، وهي معيق فعلي، وهذا يحتاج الإصلاح والتصحيح، على سبيل المثال “قانون المالية العامة رقم ٨”، وَ”قانون الخدمة المدنية رقم ١٩ للعام ٩٠م”.. هذه القوانين إن لم يتم تصحيحُها فالبلاد ستذهبُ في طريق غير قويم.

يكفي أن هذا القوانين تعيقُ لك القروضَ والمساعدات والخطط، حَيثُ يظل المسؤولُ طوالَ العام، يعمل على الورق، وقد قلت هذا الكلام أَيَّـام حكومة علي مجوَّر وليس اليوم، وهي قوانين فساد وإعاقة.

واليوم حكومة التغيير أمامها عمل كبير، وكلّ وزير مسؤول بذاته، حَيثُ أتيحت له حرية العمل ليتحمل مسؤولياته، وأنا متفائل إلى حَــدٍّ بعيد بأن اليمن سيكون له مستقبل زاهر، وما إن تحط الحربُ أوزارَها فلن نحتاج لوقت طويل، حتى نرى دولة كبيرة ومزدهرة.

ولأجل هذا النهوض سنحتاج لقاعدة تعليم راسخة ومتطورة، ويمكننا أن نلحظ أن الدول التي نهضت بعد الحروب، نهضت بالعلم والتعليم، وأنا على يقين أن التضحيات والدماء التي أريقت؛ مِن أجلِ يمن عزيز لن تذهب سدى، ومن سيقود هذه النهضة سيضع في حسابه عظمة تلك التضحيات، حَيثُ اليمن المنتِج، والشعب الحي النَّشِط، والجغرافية الغنية، ويكفي أن اليمنَ سيشهدُ توافُدًا لا سابقَ له من العالم، ليتعرفوا على هذا البلد الذي صمد هذا الصمودَ الأُسطوري، والذي داخَ من فعلِه الأعداء.

حاوره ابراهيم العنسي

مقالات مشابهة

  • الشيخ حسين حازب : أدعو القوى السياسية أن تعلن السيد عبد الملك الحوثي قائدًا ومرجعيةً لليمن
  • السيد الخامنئي: أمريكا فشلت في إيران وتحاول تعويض هذا الفشل
  • المطلوب من أمريكا، التعامل مع مصدر الأسلحة التي تقتل الشعب السوداني
  • «ترامب» ينشر خريطة أمريكا الجديدة التي تضم كندا.. و«ترودو» يرد
  • تمايز في الموقف.. هل ينقسم الثنائي حول قائد الجيش؟!
  • بالتفصيل.. ما هي الإعفاءات التي أقرّتها أمريكا بخصوص سوريا؟
  • البلاستيك الدقيق بوابة للسرطان والعقم
  • دار الإفتاء: الاحتفال بميلاد السيد المسيح لا يخالف الإسلام
  • تحليل إسرائيلي لحجم الأسلحة التي جمعها حزب الله.. ما مصدرها؟
  • الثنائي الشيعي يفضل البيسري.. وترقّب لتوحيد الموقف حول عون بعد جلسة 9 ك2