الثورة نت:
2024-11-05@13:35:43 GMT

فلسطين والقائد السيّد اليماني

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

 

 

نقرأ في كتاب الله العزيز عن نبي الله داود (عليه السلام) قوله تعالى: { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}ص:20 وأرى في اليمن مصداقاً لهذه الآية، وكأنّها تتحدّث عن هذا السيد الذي جاء عليه يوم وكان ذلك قبل قرابة العشرين سنة لا يجد مأوى له ولأهله ولأصحابه، وكانوا كما جاء في القرآن العظيم وهو ينطبق عليهم في حينه: { وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ.

.}الأنفال:26، وبعد عشرين سنة ها هم يحق فيهم قوله تعالى تكملة لذات الآية: {.. فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}الأنفال:26.
ومن مظاهر هذا الشكر الذي يؤدّيه أنصار الله وقائدهم السيد العلم هو هذا الشكر العملي من خلال موقفهم من «فلسطين» أعدل قضية على وجه الأرض، وأوضح معركة في تاريخ الأمّة منذ قرون، حيث لا لبس فيها، ولا شك، ولا ضبابية، ولا خفاء، وكأنّها بالفعل حقيقة الحقائق، وبديهة البديهيات..
واليمن اليوم وقد شدّد الله ملكه ونصره على حلف الشيطان، وأحزاب العدوان، فقد أولاه المولى عزّ وجل الإيمان والحكمة، منذ أن قلّده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الوسام الذي لا يبلى على مرّ الدهور «الإيمان يمان والحكمة يمانية» ولا شك ولا ريب أنّ نصيب السيد القائد العلم من هذا الإيمان نصيب وافر لدرجة أنّه بات مجمع بحري الإيمان والحكمة في اليمن والأمة.
ومن هذه الحكمة جاء «فصل الخطاب» الذي تميّز به «سيّد القول والفعل»، وتبيّن للقاصي والداني أنّه ليس من نوع الرجال الذين يرفعون الشعارات في غير زمانها ومكانها، ليلفتوا إليهم الآخرين، أو ليسجّلوا موقفاً، أو ليحققوا مجداً ذاتياً ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والأولويات، وليس من أولئك الذين قيل فيهم في الكتاب العزيز {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ..}البقرة:44، أو من أولئك الذين يقولون ما لا يفعلون وهم كثر في الأمة زعامات ومشايخ ومثقفين وساسة، بل هو رجل من طراز آخر، ومن معدن آخر ومن مشرب آخر، ومن منهاج آخر، ومن قناة أخرى تمتد في التاريخ إلى عين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنها يستقي، ومنها يملأ دلوه، ومنها يفرغ في شعبه وأمته..
ومن هنا دخل السيد القائد العلم إلى ميدان فلسطين مدركاً أنه المدخل إلى جميع الميادين، حيث في ساحته تتكثّف جميع أسباب آلامنا وتخلفنا، وفرقتنا وضعفنا وتشتّتنا، كما أنّ فيه تنمو وتترعرع جميع عوامل خلاصنا ووحدتنا ونهوضنا الحضاري الإنساني، وأنّ من لا يعي هذه الحقيقة فهو لا يعي شيئاً على الإطلاق، إنّها الحقيقة التي أدركتها الثورة الإسلامية في إيران وأدركتها المقاومة الإسلامية في لبنان، والمقاومة الإسلامية في فلسطين، وجاء هذا الإدراك اليمني متوّجاً لكل هذه الإدراكات وزاد عليها أن جعله شعاراً يردّده في حركته ومشروعه كما يردّد الأذان للصلاة..
وهذا الإدراك وهذا الموقف التاريخي العظيم هو ما غفل عنه الكثيرون، وهو ما عاداه أولئك الذين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم، ورضوا بأن يكونوا في يد المشروع الاستكباري يضعهم حيث شاء، ويوظفهم كما يشاء، ويلزمهم بأن يكونوا كما يريد هو لا كما تريد شعوبهم، ولقد جاءت معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة على الشعب الفلسطيني أعقاب جولات السقوط المريع للنظام الرسمي العربي وللبنى الفوقية لهذا النظام لنرى ونسمع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، لدرجة أن اجتمعت سبعة وخمسين دولة عربية وإسلامية في قمّة كان سقف مواقفها التوسّل إلى أمريكا وإسرائيل لوقف الحرب في بيان وصفه السيد القائد العلم بأنّه يمكن إصداره من مدرسة ابتدائية وليس من قمّة تضم كل هذه الزعامات ووراءها كل هذه الشعوب التي تمثّل قرابة ثلث العالم، وبدا هؤلاء إلّا من رحم ربّي مثل قصة الأطفال الشهيرة «أليس في بلاد العجائب» التي خلاصتها أنّ على «أليس» أن تصغر وتصغر، إلى حجم الأرنب أو أقل، كي تدخل في جحور القوارض وتتخاطب وتتعامل معهم!!
وبالفعل وكأن هؤلاء (وهو ما حدث مع الكثيرين منهم) تضاءلوا حتى باتوا أصغر من حجم «إسرائيل»، ولذا تقاطروا عليها وعقدوا معها المعاهدات والاتفاقات وهم يرونها أكبر منهم جسماً وعقلاً وقدرة!!
وهؤلاء أنفسهم هم من شنّ على اليمن العدوان كرامةً لعيون أمريكا وإسرائيل، وليس لليمن من ذنب سوى أنّه رفض أن يكون صغيراً أمام (أمريكا وإسرائيل)، وأبى إلّا أن يكون كبيراً بهويته الإيمانية، وبمسيرته ومشروعه القرآني، وبالتفافه حول قائد المشروع وقائد المسيرة..
هذا الخطاب يأتي في سياق تصحيح مسار التاريخ ليأخذ كل فريق حجمه الحقيقي وقدره الحقيقي والكرامة كل الكرامة لمن لحق بهذا المشروع، والندامة كل الندامة لمن تخلّف عنه أو وقف في طريقه..
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

*كاتب وباحث -رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

حرب السودان كأداة للهيمنة عليه

د. الشفيع خضر سعيد

بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وفي الموقع الإسفيري “ديمقراطية الشعوب”، باللغة الإنكليزية، نشر المفكر وأستاذ الاقتصاد في الجامعات الهندية، البروفسور برابات باتنايك، مقالا دسما يتناول نزوع الغرب الرأسمالي إلى التوسّع وإعادة فرض هيمنته على العالم، مشيرا إلى أن التطوّر المستمر لعملية مركزة رأس المال، وترسيخه بالتبعية، أسفر عن تخفيف حدّة التنافس بين المراكز الرأسمالية العالمية، عكس ما كان يحدث في الماضي، وباتت هذه المراكز تعمل كرأس مال موحد يسعى للاستحواذ على العالم بأسره، وليس تقسيمه إلى مناطق نفوذ لقوى متنافسة، كما يسعى لإعادة فرض هيمنته على المناطق التي انفصلت عنه في السابق نتيجة ثورات حركات التحرر الوطني. ولتحقيق هذا الهدف، يستخدم رأس المال الموحد، أو الإمبريالية الموحّدة كما أسماه كاتب المقال، سلاحين: فرض نظام اقتصادي نيوليبرالي عالمي، وشنّ الحروب وتأجيج النزاعات. وبينما يتسبّب السلاح الأول في معاناة شديدة للشعوب ويقود في النهاية إلى النيوفاشية؛ فإن السبب الثاني يدفع البشرية نحو الكارثة. في مقالنا اليوم نحن معنيون بالسلاح الثاني لعلاقته المباشرة بحرب السودان، كما نعتقد.
يقول البروفسور برابات، تُلهِب الإمبريالية الموحدة، أو مراكز رأس المال، أوار الحربين الدائرتين حالياً، في أوكرانيا وفي فلسطين ولبنان. ففي أوكرانيا، تنكر حلف الناتو لتعهداته، قبيل انهيار الاتحاد السوفييتي، إلى الزعيم السوفييتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف، بعدم التوسع شرقا. لكن الحكومة الأوكرانية التي وصلت إلى السلطة بمساعدة أمريكية مباشرة، أعلنت رغبتها في الانضمام إلى الناتو، وبدأت صراعاً دمويا، مستفزا لروسيا، مع منطقة الدونباس الناطقة بالروسية. الولايات المتّحدة وبريطانيا أفشلتا اتفاق مينسك بين روسيا وأوكرانيا، والمستشارة الألمانية آنذاك، أنجيلا ميركل، اعترفت بأنّ الاتفاق كان مجرّد خدعة لشراء الوقت حتى تستعدّ أوكرانيا للحرب. أما الهدف الرئيسي من هذه الحرب فهو محاولة إخضاع روسيا لتكون تحت الهيمنة الإمبريالية، وهو المشروع الذي بدأ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وكاد يتحقّق في عهد الرئيس بوريس يلتسن.
وبالنسبة لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في غزة ولبنان، يقول المفكر الهندي، من الخطأ توهم أنّ الدعم الأمريكي لإسرائيل في هذه الحرب هو انعكاسٌ لقوة اللوبي الصهيوني في السياسة الأمريكية، بل هو مشروع الولايات المتحدة للسيطرة على المنطقة بأكملها مستخدمة إسرائيل. أما دعم الولايات المتحدة لحل «الدولتين» فهو مجرّد خدعة. ففي كلّ مرة تُطرَح عضوية فلسطين في الأمم المتّحدة كخطوة أولى نحو تطبيق حلّ «الدولتين»، تصوّت الولايات المتّحدة ضدها؛ وكلّما وصلت مفاوضات الهدنة بين إسرائيل ومعارضيها إلى نقطة حرجة، سواء كانت تفاوض إسماعيل هنية أو حسن نصر الله، تغتال إسرائيل هؤلاء القادة. باختصار، مفاوضات الهدنة ليست إلّا خدعة إسرائيلية، بالتواطؤ مع الإمبريالية الأمريكية.

ويبدو أن الأمر نفسه ينطبق على حرب السودان التي تتجه نحو إكمال عامها الثاني من الإبادة الجماعية ودمار البلاد، فارضة اللجوء والنزوح القسريين لأكثر من ربع عدد سكان السودان، ورغم ذلك لا حراك من الدوائر العالمية المتنفذة، مراكز رأس المال أو الإمبريالية الموحّدة فيما عدا التصريحات والإدانات والرحلات المكوكية والمناشدات لطرفي القتال بوقف إطلاق النار، والعقوبات ذات التأثير الضعيف. وباستخدام محاججات البروفسور برابات باتنايك، يمكن افتراض إن هذا الحراك، على ضعفه، هو مجرد خدعة، في ظل عدم اتخاذ إجراءات قوية لمنع تدفق الأسلحة والذخائر التي تقتل المدنيين أكثر من العسكريين وطردهم من قراهم وأراضيهم كما حدث من قبل في الجنينة ويحدث مؤخرا في إقليم الجزيرة. وهناك معلومات متناثرة تفيد بأن كميات مهولة من الأسلحة وأجهزة التجسس المتطورة في طريقها الآن إلى السودان عبر دارفور ودول في غرب أفريقيا، قادمة من إسرائيل وبدعم من بعض دول الاتفاقية الإبراهيمية. ومن جانبنا، نشرت لنا صحيفة “القدس العربي” مقالا في مارس/آذار الماضي، بعنوان “أربعة استنتاجات حول حرب السودان”، قلنا فيه إنه من غير المرجح أن تتوقف الحرب في السودان قريبا، وأن دولا في النطاقين الإقليمي والعالمي لا ترغب في توقفها وتريدها أن تستمر لبعض الوقت. واستندنا في استنتاجنا هذا إلى عدد من المؤشرات، منها استمرار تدفق الأسلحة بكثافة عبر دول في الإقليم، دون أي نية أو اتجاه وسط الدوائر العالمية ذات القدرة لحظر ذلك، مما يعني تشجيع إستمرار القتال. وأن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها وترتكبها قوات الدعم السريع في الجنينة والجزيرة لا تواجه برد الفعل المناسب من مراكز رأس المال العالمي. وأن هذه المراكز ظلت، في عدد من تقاريرها الرسمية، تتحدث عن أراضي السودان الحبلى بالمعادن الثمينة المطلوبة عالميا، ولكن ربما الأهم من ذلك تميزها بالخصوبة ووفرة المياه مما يجعلها من ضمن الحلول التي يعتمدها العالم للتغلب على أزمة الغذاء التي تضربه حاليا والتي ستصل القمة بحلول العام 2050. وذات التقارير توصف السودان بالدولة الفاشلة والتي تحتاج إلى إعادة تشكيل وإبدال، عبر الاستحواذ على أراضيه، ولو بالوكالة، لذلك فإن استمرار الحرب يعني استمرار الفشل حتى يتفتت السودان إلى دويلات سهل الهيمنة عليها. وأصلا يحتل السودان موقعا رئيسيا في مخطط إعادة تقسيم المنطقة على أساس مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يسعى لاستخدام الفوضى الخلاقة كآلية رئيسية لتنفيذ هذا المشروع وإعادة تقسيم المنطقة، والسودان في مقدمتها، إلى دويلات دينية ومذهبية ضعيفة ومتصارعة. ومن الواضح أن استمرار الحرب واتساع رقعتها مستخدمة التهجير والنزوح القسري كما حدث في الخرطوم ويحدث اليوم في الجزيرة، وفي ظل غياب أي خطوات فعالة وملموسة من قبل المركز الرأسمالي الموحد لإيقاف كل ذلك، يخدم هذا المخطط.
وللأسف، فإن تعثر وحدة القوى المدنية وعلو أصوات الأجندة الأجنبية وسطها، وغياب رؤيتها الموحدة لكيفية وقف الحرب، إضافة إلى انفجارات النزاعات الإثنية والاجتماعية في البلد، كلها تخدم ذات المخطط.

نقلا عن القدس العربي  

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يطالب قادة الأديان للضغط لوقف العدوان على فلسطين ولبنان
  • إسرائيل تهدد بهجوم استباقي على إيران والأخيرة ترد: أي خطأ سيندمون عليه
  • وزير الأوقاف يطالب قادة الأديان بالعمل الضاغط والمكثف لوقف العدوان على فلسطين ولبنان
  • وزير الأوقاف يدعو قادة الأديان في العالم للضغط من أجل وقف العدوان على فلسطين ولبنان
  • السيرة الذاتية لـ الإمام السيد أحمد بن إدريس الإدريسي الحسني
  • التبرع بالدم.. عمل إنساني نبيل يحث عليه الإسلام وفق شروط محددة
  • لديه ما يخشى عليه
  • حرب السودان كأداة للهيمنة عليه
  • حزنت عليه وكشفت عمره الحقيقي.. صور تجمع بين الراحل مصطفى فهمي وطليقته|شاهد
  • طقس فلسطين اليوم الأحد 3 نوفمبر