البوابة نيوز:
2025-03-16@21:16:03 GMT

الحوار هو الحل «2»

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

استكمالًا لمقالنا السابق، الذي بدأنا معه الحديث عن أهمية الحوار في بناء الحضارات، واستهللنا ذلك بإمكانية الحوار بين ثنائية الشباب والشيوخ، نجد الراوي في الحكاية الشعبية المصرية «الملك اللي أمر بقتل العواجيز»، والتي أظن وجود روايات عربية لها، يحكي قائلًا: «كان هناك ملك وقد وافته المنية، وكان لديه ابن شاب، تولى حكم المملكة خلفًا له، وبمجرد أن تولى الابن الملك الشاب الحكم، أصدر فرمانًا، يقضي بضرورة التخلص من كبار السن (العواجيز)، بأن يقتل كل ابن أباه، ومن يتخلف عن تنفيذ هذا الفرمان، سيلقى الابن والأب المصير نفسه».

بالفعل استسلم كل الأبناء للفرمان، فقتلوا آباءهم، وهم في حالة من الحزن الشديد؛ لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم. غير أن أحد الأبناء لم تساعده يداه على قتل والده، فأخفى والده عن العيون في مكان لا يعرفه أحد، وظل يتردد عليه بين الحين والآخر؛ لإطعامه وشرابه.

مرت الأيام، وأصدر الملك الشاب فرمانًا جديدًا يقضي بأن يتوجه أبناء المملكة إلى الصحراء لحصد الهواء. انصاع شباب المملكة لفرمان الملك الجديد، وسحبوا مناجلهم، وراحوا يحصدون الهواء، وإمعانًا في إرضاء الملك، راحوا يحركون مناجلهم في الهواء يمينًا ويسارًا، كمن يحصد قمحًا بالفعل، وراح الشباب؛ تنفيذًا لفرمان الملك، يترددون على هذه الصحراء يوميًا، للقيام بهذا العمل الوهمي يوميًا.

عندما حان وقت زيارة الابن الشاب لأبيه، الذي أخفاه عن العيون؛ هروبا من فرمان الملك، ذهب الابن إلى والده، فسأله الأب؛ للاطمئنان عليه، عن حاله وعن حال المملكة. فأخبره الابن بفرمان الملك الجديد، وبما يفعله الابن مع الشباب يوميًا في الصحراء؛ امتثالًا لفرمان الملك الجديد.

هنا أصابت الحسرة الأب، وأدرك السبب الكامن وراء الفرمان الأرعن من الملك الشاب الطائش  تجاه كبار السن "العواجيز" الحكماء. طلب الأب من ابنه عندما يذهب في اليوم التالي للصحراء؛ لحصد الهواء، أن يفرك يده اليمنى في اليسرى، كمن يضع حبوب القمح في يديه، ويفركها، ثم يتوهم بوضع حبوب القمح الوهمية في فمه، وذلك بحركة تمثيلية، ثم قال له الأب عندما يسألك الملك لماذا تفعل هذا، فلتكن إجابتك أيها الابن: «ما نحصده، نأكل منه». تصادف في اليوم التالي، عندما كان الابن مع رفقائه في الصحراء، مرور الملك للتأكد من القيام بما أمرهم به.

عندما رأى الابن الملك الشاب، قام بتنفيذ ما نصحه به أبوه، من القيام بالحركة التمثيلية، التي يوهم فيها الملك، وكأنه يأكل قمحًا وهميًا، بفرك يديه في بعضهما، ثم تحريكهما في الهواء، ثم وضع إحداها في فمه. رآه الملك، فسأل الملك الشاب الابن: «ما الذي تفعله هذا؟»، فأجابه الابن بما أخبره به والده: «بأننا نأكل مما نحصده». نظر إليه الملك الشاب، وقال له: «هذا ليس كلامك، بل كلام أناس حكماء؛ إذن أنت لم تقتل أباك»، وأمره أن يحضر غدًا في المملكة بصحبة أبيه الناجي الوحيد من فرمان مذبحة الآباء.

عاد الابن إلى أبيه، وهو في قمه الخوف والقلق. طمأن الأب ابنه، قائلًا: «اطمئن يا بني، ولا تقلق، وإذا سألك سؤالًا، فقم بإحالة السؤال لي، ولا تتحدث أنت». في اليوم التالي ذهب الأب المُسن وابنه إلى المملكة، وكان في انتظارهما الملك الشاب.

بمجرد أن وصلا، وجه الملك سؤاله إلى الابن الشاب: «لماذا لم تقتل أباك؟» هنا نظر الابن إلى أبيه، فتدخل الأب، وقال: «يا جلالة الملك ابني لم يخالف فرمانك، فعندما أصدرت جنابك الفرمان، كنت أنا خارج المملكة؛ حيث إنني كنت في جزيزة بعيدة، أشهد فيها على عقد قران ابن الغراب وبنت البومة، وحاولت حل مشكلة بينهما؛ حيث إن والد البومة اشترط على ابن الغراب أن يكون مهر ابنته مائة بلد خراب».

هنا انزعج الملك وسأل العجوز: «وهل استطاع ابن الغراب أن يجد هذا العدد الكبير من البلاد الخراب؟»، أجابه الأب العجوز: «يااااه يا جلالة الملك ما أكثر الممالك الخراب، فكل بلد يحكمها الصُّغار (الشباب)، فهي بلد خراب». هنا أدرك الملك المقصود مما يرمي إليه الأب المسن، والدلالة الرمزية لهذه الحكاية التي حكاها الأب. كذلك أدرك الملك طيش فرمانه، فتراجع عنه؛ لأنه أدرك أنه لا يوجد حكم ناجح دون الإفادة من طاقة الشباب وقوته، وأيضًا من حكمة العواجيز وكبار السن. فأساس الحكم هو الطاقة المحكومة بالحكمة؛ لأن الطاقة والقوة بمفردها ستكون غاشمة، والحكمة بدون قوة تحميها ستكون واهية وضعيفة. لذلك أصدر الملك الشاب فرمانًا جديدًا بتعيين الأب العجوز وزيرًا له؛ حتى يستقيم الحكم.

* أستاذ الأدب الشعبي - كلية الآداب، جامعة القاهرة

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أهمية الحوار الخوف والقلق فرمان ا

إقرأ أيضاً:

الكشف عن دور سعودي خفي ضد الحوثيين قد يكون مفتاح الحل

رئيس وفد صنعاء ووزير الدفاع السعودي (وكالات)

أكد تقرير موقع "aurora israel" الناطق بالإسبانية أن إسرائيل والتحالف الدولي فشلا على مدار العامين الماضيين في مواجهة التهديد المستمر من الحوثيين، وذلك رغم الجهود المبذولة من قبلهم لفرض توازن ردع مع الجماعة اليمنية.

وقد كشف التقرير عن تصاعد التوترات في المنطقة، مشيرًا إلى أن الحوثيين لا يزالون يمثلون تهديدًا حيويًا لأمن إسرائيل ولبقية الأطراف في الصراع.

اقرأ أيضاً الريال اليمني ينهي تعاملات الأسبوع بسعر مفاجئ أمام الدولار والسعودي.. آخر تحديث 14 مارس، 2025 مفاجأة صادمة: أميركا وإسرائيل تتفقان على ترحيل سكان غزة إلى دول إفريقية 14 مارس، 2025

في تقريره، قال الموقع العبري إن الحوثيين، الذين كانوا قد أوقفوا هجماتهم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر بعد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، أعلنوا مؤخرًا عن استعدادهم لاستئناف هجماتهم على السفن الإسرائيلية في حال استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة.

كما هددوا بشن هجمات مباشرة على إسرائيل إذا استمرت العمليات العسكرية في القطاع الفلسطيني.

 

فشل الردع وعودة التصعيد:

وأشار الموقع إلى أن الفشل في تحقيق توازن الردع ضد الحوثيين خلال العامين الماضيين كان واضحًا، رغم التحركات العسكرية والسياسية التي قامت بها إسرائيل والتحالف الدولي.

وبحسب التقرير، فإن الجماعة اليمنية لا تزال بعيدًا عن التحييد، ولا يشعر قادتها بالإحباط بل بالعكس، فإنهم يشعرون بالثقة بعد تصعيد المواجهات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقد وصف التقرير الحوثيين بأنهم يعتبرون أنفسهم "قادة محور المقاومة"، مستعدين لتقديم الدعم الكامل لحركة حماس في غزة، مما يعكس عمق العلاقة بينهم وبين المجموعات التي تحارب إسرائيل في المنطقة. وأكد الموقع أن هذا الواقع يتطلب من إسرائيل والولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجياتهما تجاه الحوثيين، حيث فشلت التدابير الاقتصادية والعسكرية المتخذة حتى الآن في إضعاف هذه الجماعة.

 

الدور السعودي: ضرورة الدعم من وراء الكواليس:

بالرغم من الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب ضد الحوثيين، مثل إعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية، إلا أن هناك شكوكًا جدية حول تأثير هذه الإجراءات.

وأشار التقرير إلى أنه من الضروري أن تتبنى الولايات المتحدة استراتيجية جديدة تتضمن عمليات هجومية مستمرة ضد الحوثيين، بدلًا من الهجمات المتقطعة على بنيتهم التحتية.

ويُستدعى هنا دور المملكة العربية السعودية، حيث يشير التقرير إلى أنه من الضروري أن تضغط الولايات المتحدة على الرياض للانضمام إلى التحالف الدولي ضد الحوثيين، حتى وإن كان ذلك من خلف الكواليس.

الدعم السعودي، سواء كان علنيًا أو غير مباشر، يعتبر جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية المطلوبة للحد من هذا التهديد المتزايد، إذ أن المملكة تعد لاعبًا رئيسيًا في المنطقة ولها تأثير كبير في محيطها الخليجي والعربي.

 

التحدي المستمر في البحر الأحمر:

ما زال الحوثيون يشكلون تهديدًا خطيرًا في البحر الأحمر، حيث يواصلون استهداف السفن التجارية والدولية، مما يعكر صفو التجارة الدولية ويزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.

وقد أعرب خبراء الأمن عن ضرورة إيجاد حلول طويلة الأمد لمواجهة هذا التهديد، بما في ذلك استهداف قدرات الحوثيين في إطلاق الصواريخ والقيادة المركزية.

في الختام، أكد الموقع أن التحديات التي تفرضها جماعة الحوثيين تستدعي تبني استراتيجية جديدة وشاملة. إذا كانت إسرائيل والتحالف الدولي يرغبان في تحقيق نجاح حقيقي، فإنه لا بد من تحديث استراتيجياتهم الحالية، مع إشراك المملكة العربية السعودية في دعم هذه الجهود من وراء الكواليس.

مقالات مشابهة

  • بركات الابن الضال.. في عظة الأحد للقس أنجيلوس توفيق
  • جامعة سوهاج توقع 6 عقود لرعاية اختراعات الشباب المبتكرين
  • فرمان جديد من بيسيرو بعد حسم الزمالك التأهل لنصف نهائي كأس مصر
  • أشهر قصة في العالم.. الكنيسة تحتفل بأحد الابن الضال| ماذا قال البابا تواضروس؟
  • من السلطنة إلى المملكة.. كيف غيّر الملك فؤاد الأول نظام الحكم في مصر؟
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية جامبيا
  • “اغاثي الملك سلمان” يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجامبيا
  • الكشف عن دور سعودي خفي ضد الحوثيين قد يكون مفتاح الحل
  • “اغاثي الملك سلمان” يسلّم 50 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية كوت ديفوار
  • عون: الحل بتطبيق بقية بنود الطائف