حقوق الإنسان في السودان واليتم المقيم
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
حقوق الإنسان في السودان واليتم المقيم
خالد فضل
ياخي إنتو بتنظروا ساي، هو في حقوق إنسان في بلدنا ده!! عبارة صادمة من المؤكد أنّ أيّ مدافع/ة عن حقوق الإنسان في السودان قد سمعها/تها عشرات أو مئات المرات على الأقل في أي نقاش بين الناس العاديين، في القرية أو الحي أو مكان العمل أو الأسواق.
قد يكون مطلق العبارة جزّار أو سوّاق حافلة أو مزارع، وحتى أستاذ في جامعة أو معلم في مدرسة! تلك وعثاء الدرب الذي يسير عليه المدافعون عن حقوق الإنسان في السودان، وقد تسنى لشخصي مرافقة هذه الحركة الحقوقية ضمن آخرين/يات لفترة تزيد على العقدين من الزمان، أتذكّر في بعض اللحظات العبارة الموجعة التي وردت على لسان أحد الشخصيات الإنجليزية في رواية مبدعنا الراحل الطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال عن (فشل مهمتنا الحضارية) تلك تكون من لحظات الإحباط في الحياة العامة، ولكن الدفاع عن حقوق الإنسان يحتاج إلى طول البال وصبر أيوب، وتحمّل الأذى المادي والمعنوي، تلك سكة وعرة وعثاؤها يستغرق جل العمر مشيا بأقدام حافية وبقلب جامد لا يتلفت كثيراً.
منذ مطلع الألفية على الأقل، وفي عهد نظام الإنقاذ الذي سيطر على الحكم لثلاثين عاما (1989- 2019م) ظلّت أوضاع حقوق الإنسان في السودان تشهد تأرجحا مؤذياً، فالحرب الأهلية في الجنوب سابقا، وجبال النوبا والنيل الأزرق والشرق وأخيرا دارفور؛ هذه الحروب أودت بالحق الأساسي (الحياة) لملايين السودانيين من المدنيين والعسكريين، وانسحبت إفرازاتها مباشرة على بقية منظومة جقوق الإنسان، وقد عبّر الصديق الزميل نيال بول عن ذلك ذات مرّة عندما قال لي (خالد أخوي، إنتو ناس حقوق ديمقراطية وإجتماعية لإنسان على قيد الحياة أنحنا ياخي نناضل من أجل حق الحياة نفسو)!! وعلى تعدد المنظمات الحقوقية التي نشطت في تلك الفترة وخاصة عقب توقيع إتفاقية السلام الشامل بين الحكومة السودانية (المؤتمر الوطني) والحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل د. جون قرنق في 2005م، إلاّ أنّ تقدما يسيرا قد تحقق في بعض المجالات؛ مثل المصادقة على بعض الإتفاقات والعهود الدولية كاتفاقية حقوق الطفل وغيرها، بيد أنّ بعض الإتفاقيات المهمة لم يتم التوقيع أو المصادقة عليها مثل إتفاقية مناهضة التعذيب، المحكمة الجنائية الدولية، سيداو.. إلخ، كما ظلّ المدافعون عن حقوق الإنسان من الأهداف الثابتة للأجهزة الأمنية ترصدا واستدعاءات متكررة واعتقالات ومصادرة وإغلاق للمنظمات وتشريدا ومضايقات بغرض الفرار من البلاد وغيرها من صنوف وألوان التضييق التي برعت فيها الأجهزة الأمنية التي كانت في الواقع تسيطر على كل أوجه النشاط البشري من التجارة إلى السفارة وما بينهما من نشاط.
لقد أضطر كثير من المدافعين/ات الأشداء للهجرة خارج البلاد نتيجة هذه الضغوط الكثيفة والعنيفة التي واجهتهم وهم يقومون بدورهم في الذود عن حقوق الإنسان السوداني المغلوب على أمره.
إنّ الوعي بمنظومة حقوق الإنسان ظلّ هو الآخر يشكل عقبة أمام السير بخطى مستقيمة نحو بلوغ تلك الحقوق، لدى كثير من المجتمعات السودانية يعتبر الإنتهاك من العادات والتقاليد التي يجب المحافظة عليها، مثل عادة ختان الإناث، أو غمط حقوق النساء في أبسط صورها؛ التعليم، اختيار الزوج، السفر بمفردها… إلخ، فيما تبدو حقوق ذوي الإعاقة وكبار السن من الحقوق المنسية في معظم الأحوال، حيث لا يوضع في الاعتبار أنّ ثمّة أشخاص يحتاجون إلى معمار خاص في البنايات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي محطات المواصلات والطرق مثلا، أمّا البيئة والحياة البرية فحدّث ولا حرج، المركوب المصنوع من جلد النمر أو ثعبان الأصلة يعتبر من مظاهر الأبهة والثراء والوجاهة الاجتماعية، وربما تتغنى بجماله مغنية تمجّد من يحتذيه!! ويرقص طربا على الإيقاع جمهور الحفل المهيب.
وخلال العامين (2019- 2021م) وهي الفترة القصيرة جدا التي تولت فيها السلطة التنفيذية حكومة انتقالية مدنية تمثل قوى الثورة السودانية المجيدة، لم يتحقق الكثير في مضمار حقوق الإنسان، فقط تمكّن بعض المطاردين من زيارة ذويهم وأهلهم في السودان، والإقامة لفترة قصيرة دون أن تلاحقهم الاستدعاءات والمضايقات الأمنية، وتمكّنت بعض المنظمات من الوصول إلى مناطق كانت محرّم الوصول إليها في السابق، أمّا الإتفاقيات المعلّقة فقد ظلت على حالها لم تتم المصادقة عليها بسبب غياب المجلس التشريعي الانتقالي وممارسة الاجتماع المشترك لمجلسي الوزراء والسيادة لسلطة التشريع كإجراء مؤقت استمر مع الأسف حتى انقلاب البرهان/ حميدتي على الثورة والسلطة المدنية الانتقالية في 25 أكتوبر 2021م، كما أنّ الدعاية المضادة للثورة، وعلى قيادتها بعض أئمة المساجد ومن يوصفون بالفقهاء والعلماء ومنابر إعلامية تبث من الخارج والسوشيال ميديا كل هذه الوسائط تم استغلالها بصورة ممنهجة لتصوير المطالبة بكفالة حقوق الإنسان والمصادقة على بعض الاتفاقيات الدولية كأنه مطالبة فقط بحقوق المثليين والدعارة والسفور للنساء!! هكذا ببساطة فعلت آلة الدعاية فعلتها وسممت الفضاء القابل للتسمم أساسا بفضل عقود طويلة من التغييب المتعمد لأجيال وأجيال من السودانيين/ات.
إنّ العمل في حقل حقوق الإنسان، والدفاع عن تلك الحقوق يشكل مؤشرا أخلاقيا وفكريا رفيعا، التجرد من النواقص البشرية والتقدم بخطى ثابتة وشجاعة نحو هذه الأهداف النبيلة؛ يشكل أهم الروافع والدوافع في تقديري لبناء حركة حقوقية وطنية قوية وفعالة ومؤثرة، لا مستقبل لبلادنا بغير بناء مجتمع مكفول الحقوق، صونها والدفاع عنها من أبجديات أي مشروع أو برنامج سياسي أو خطة حكومية للتنمية. ثم لا للحرب نعم للسلام، لا لانتهاكات حقوق الإنسان نعم لكفالة هذه الحقوق ومعاقبة منتهكيها في المحاكم المحلية والدولية.
الوسومالبرهان السودان الفترة الانتقالية انقلاب 25 اكتوبر ثورة ديسمبر حقوق الإنسان حميدتي خالد فضل ختان الإناث قوى الثورة السودانيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البرهان السودان الفترة الانتقالية انقلاب 25 اكتوبر ثورة ديسمبر حقوق الإنسان حميدتي خالد فضل ختان الإناث حقوق الإنسان فی السودان عن حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
حقوق الإنسان بالنواب: مصر ترفع راية التعايش.. ورؤية السيسي نموذج لإنهاء الصراعات وصناعة السلام
أصدر النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بيانًا بمناسبة اليوم العالمي للتسامح أكد فيه أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باتت نموذجًا دوليًا يحتذى به في تعزيز ثقافة التعايش الإنساني، وإطفاء بؤر الصراع، وبناء جسور التواصل بين الشعوب بعيدًا عن خطاب الكراهية والعنف.
وقال رضوان إن العالم يشهد اليوم أزمات متداخلة وصراعات ممتدة وتوترات متصاعدة، بينما تبرز مصر — بجهود قوتها الناعمة وسياساتها المتوازنة — كصوت للحكمة والاعتدال في منطقة وعالم يضجّان بالحروب. وأوضح أن رؤية الدولة المصرية للتسامح ليست مجرد شعارات، بل ممارسة فعلية تتجسد في السياسات الداخلية والخارجية والمبادرات التي يتبناها الرئيس السيسي لترسيخ السلام في الشرق الأوسط والعالم.
واستعرض رئيس لجنة حقوق الإنسان ثمانية محاور أساسية تجسد رؤية مصر للتسامح، جاءت كالتالي:
1. ترسيخ مبادئ التسامح داخل الدولة عبر احترام التعددية الدينية والثقافية، وتعزيز المواطنة المتساوية، ومواجهة التطرف بالفكر المستنير من خلال مؤسسات الدولة الدينية والثقافية والتعليمية.
2. التصدي لخطاب الكراهية والتحريض في مختلف المحافل الدولية، حيث تتبنى مصر موقفًا حاسمًا ضد أي خطاب يقود إلى العنف أو التمييز، خصوصًا في مناطق النزاعات.
3. التأكيد على حق الشعوب في الأمن والسلام انطلاقًا من قناعة بأن التسامح لا يكتمل دون تحقيق العدالة، وأن استقرار العالم يرتبط بمنح الشعوب حقوقها المشروعة ووقف التدخلات التي تشعل الصراعات.
4. دور القيادة المصرية كصوت توازن إقليمي من خلال الحفاظ على قنوات التواصل مع مختلف الأطراف، والعمل على منع الانزلاق إلى الحروب، وطرح المبادرات الدبلوماسية لوقف الاقتتال بالشرق الأوسط وأفريقيا.
5. تحركات مصر المستمرة لوقف الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي باعتبارها أكثر الدول التزامًا بإنهاء هذا الصراع عبر تثبيت التهدئة، ودعم حل الدولتين، ورفض التهجير والعدوان، مع مواصلة دورها كوسيط نزيه وفاعل لحقن الدماء، وفتح ممرات إنسانية، وتقديم المساعدات لقطاع غزة.
6. دعم الحلول السياسية للنزاعات الإقليمية في ليبيا والسودان وسوريا وغيرها، إيمانًا بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لوقف الصراعات، بعيدًا عن عسكرة الأزمات أو دعم الميليشيات.
7. تمكين ثقافة الحوار بين الحضارات عبر مبادرات دولية وإقليمية بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وفتح منصات تجمع الشباب والقيادات الدينية والثقافية لتعزيز التفاهم الإنساني.
8. المساهمة في مواجهة الأزمات الإنسانية عالميًا بإرسال مساعدات عاجلة للدول المتضررة، واستقبال ملايين اللاجئين دون تمييز، بوصفهم “ضيوفًا” على مصر، مع ربط قضايا حقوق الإنسان بمسار التنمية والحياة الكريمة.
وفي ختام بيانه، شدد النائب طارق رضوان على أن مصر — بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي — ماضية في أداء دورها التاريخي لصناعة السلام وترسيخ قيم التسامح داخليًا وإقليميًا ودوليًا.
وقال: «مصر اليوم ليست فقط دولة تبحث عن السلام، بل دولة تصنعه وتدفع ثمنه من أجل استقرار المنطقة والعالم. فالتسامح في الجمهورية الجديدة ليس شعارًا، بل عقيدة عمل تحمي الإنسان وحقوق الشعوب».