يتعرض الموظفون اليمنيون في المناطق المحررة للطرد من مساكنهم بشكل مستمر، بعد أن فقدت المرتبات الحكومية أكثر من خمسة أضعاف قيمتها منذ بداية الحرب التي تشارف على إنهاء عامها التاسع على التوالي، وباتت غير قادرة على تغطية أبسط الاحتياجات الأساسية.

وتفاقم المعاناة أكثر أمام هؤلاء المستأجرين (موظفين ومواطنين عاديين)، في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، في ظل رفض الأخيرة دفع المرتبات لأكثر من ثماني سنوات.

وأفادت مصادر محلية، بأن الموظفين الحكوميين يتعرضون للطرد من مساكنهم بشكل مستمر، بعد أن أصبحوا غير قادرين على دفع إيجاراتها، في ظل تردي قيمة المرتبات وتفاقم الوضع الاقتصادي.

وذكرت المصادر، أن آخر واقعة كانت معلمة متقاعدة في مدينة القلوعة، بعدن (جنوبي البلاد)، أجبرها مالك الشقة على مغادرتها واللجوء إلى الشارع بعد أن عجزت عن دفع إيجارها الشهري، جراء ما تمر به من ظروف اقتصادية صعبة للغاية.

وتداول ناشطون مقطع فيديو صادماً، لشاب من أبناء عدن، ظهر بجوار المعلمة التي تفترش أحد أرصفة القلوعة، في فصل الشتاء.

وقال الشاب إن هذه المعلمة تعلم على يدها ذات يوم، وأصبحت اليوم تفترش العراء بعد أن عجزت عن تسديد إيجار المنزل، مبديا استياءه من سكان الحي الذين تخلوا عنها.

ومع أن الحكومة نفسها تخلّت عن موظفيها وشعبها في وقت واحد، بعد تسع سنوات من الوعود الكاذبة باستعادة الدولة وتحرير البلاد من يد مليشيا الحوثي الانقلابية، المدعومة من إيران، إلا أن هذا الشاب أكد عدم تخليه عن معلمته التي تعلم على يدها، واوضح أنه تم توفير سكن مؤقت لها لمدة شهر، داعياً جميع أبناء المنطقة إلى التعاون معها.

غياب الرقابة الحكومية

ويواجه الموظفون والسكان على حد سواء، مشكلات جمّة مع مالكي الشقق، في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل خيالي، وتهاوي قيمة مرتبات المعلمين الشهرية، حيث يتعرض شهرياً عشرات المستأجرين للطرد من مساكنهم في أكثر من مديرية.

ويرى السكان، أن غياب الدور الرقابي الحكومي على مالكي الشقق السكنية، واتخاذ تدابير جادة، وعدم تصحيح أوضاع المرتبات الحكومية بما يتلاءم مع القضية، أسهم كثيراً في تفاقم المعاناة.

وحسب اقتصاديين، فقدت الرواتب أكثر من 500 بالمئة من قيمتها، حيث كان يتقاضى المعلمون رواتب شهرية متوسطها في الغالب يقارب 60 ألف ريال (أي ما يعادل 39 دولارا أمريكيا، سعر صرف الدولار الواحد حالياً 1520 ريالاً)، مقارنة بنحو (270 دولارا أمريكيا وسعر صرف الدولار الواحد 220 ريالاً قبل اندلاع الحرب).

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية إلى أكثر من 10 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب.

جبايات وإتاوات

وتزداد وتيرة المعاناة في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، مع استمرارها برفض دفع مرتبات الموظفين الحكوميين لأكثر من ثماني سنوات.

وتكتفي مليشيا الحوثي في هذه المناطق بنهب إيرادات موانئ محافظة الحديدة، وعائدات الضرائب من شركات الهاتف النقال، وفوارق اسعار المشتقات النفطية، والرسوم الجمركية التي تفرضها في مراكز استحدثتها في المنافذ الواقعة على حدود المناطق المحررة.

كما تفرض المليشيا الإرهابية، جبايات واتاوات على التجار والمواطنين لتمويل جبهات القتال، واقامة الفعاليات والأنشطة الطائفية، ودعم ما تسميه بـ"التصنيع العسكري والحربي"، وتنفيذ مشاريع خدمية وتنموية بتمويل مجتمعي، إضافة إلى جمع تبرعات في مراحل عديدة لدعم أبناء غزة، تنهب قياداتها الحصة الكبرى منها.

وترتفع حدّة المعاناة أكثر لدى ملايين اليمنيين الذين لا يمتلكون رواتب حكومية، وفقدوا وظائفهم في القطاع الخاص، إثر مغادرة مئات الشركات للبلاد مع الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، واندلاع الحرب.

وتحول المواطنون في كامل البلاد إلى ضحايا مشاريع غير وطنية، وشعارات وهمية، في الوقت الذي تؤكد التقارير الدولية أن السكان يعانون أسوأ أزمة إنسانية، والملايين منهم مهددون بانعدام الأمن الغذائي.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: أکثر من بعد أن

إقرأ أيضاً:

الحوثيون يمنعون مبادرات خيرية لإعانة طلبة المدارس في صنعاء وريفها

أوقفت مليشيا الحوثي مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس في صنعاء وريفها، وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة، وذلك في سياق إعاقة الجماعة لمساعي الأعمال الإنسانية الرامية للتخفيف من حدة الأعباء التي تكابدها آلاف الأسر اليمنية.

وشنت المليشيا حملات مباغتة استهدفت نحو 27 مبادرة كانت تقوم بعملها الإنساني، وتوزيع احتياجات مدرسية لمئات الطلبة الفقراء في أحياء مختلفة بصنعاء المدينة، كما استهدفت مبادرات ومتطوعين آخرين في قرى بمديريتي بني مطر وسنحان في ريف المدينة، إضافة لاعتقال الحملات التعسفية عشرات العاملين في المبادرات التطوعية وإيداعهم السجون، عمدت الجماعة أيضاً، وفق المصادر، إلى مصادرة كميات كبيرة من اللوازم المدرسية، يشمل بعضها حقائب ودفاتر وأقلاماً وأزياء مدرسية، وخصصت كميات منها لمصلحة ذوي القتلى والجرحى من عناصرها، وقامت ببيع البقية في السوق لغرض التكسب غير المشروع.

واشتكى عاملون في فريق تطوعي طاوله الاستهداف الحوثي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف الجماعة حملات البطش والنهب بغية سرقة كل ما يتم جمعه من لوازم ومتطلبات مدرسية لمصلحة الطلبة الفقراء، وضمن مساعي الجماعة لإعاقة العملية التعليمية بهدف إبعاد أكبر عدد من الطلبة عن المدارس لهذا العام من أجل استغلالهم للتعبئة والتجنيد.

ولجأ العاملون في الفريق التطوعي إلى تخصيص أوقات عملهم خلال الفترات المسائية ومن بعد الفجر وحتى طلوع الشمس، وذلك حتى لا يراهم المخبرون والجواسيس الحوثيون، حيث يباشرون بالإبلاغ عنهم. ويُعد العمل الطوعي في اليمن وتحديداً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فرصة كبيرة لكثير من اليمنيين بمن فيهم فئة الشباب الذين يعتبرونه متنفساً لهم من شأنه أن يبعدهم عن أجواء الحرب وعن المشاركة فيها، كما يوضح أحد الناشطين في صنعاء.

ولجأت الجماعة الحوثية منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، إلى استخدام مختلف الطرق والأساليب لتضييق الخناق على المؤسسات والجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، وعمدت في المقابل إلى إغلاق المئات منها بمناطق سيطرتها، واستحدثت أخرى تابعة لها لتحكم قبضتها على الفعاليات والأنشطة الخيرية والإنسانية كافة.

وسبق أن اشتكت مؤسسات ومبادرات كثيرة في أوقات سابقة من تدخلات الجماعة الحوثية في أنشطتها، ومحاولة فرض أجندة خاصة بها أثناء عملية توزيع مختلف المساعدات مع ممارسة الابتزاز المالي، الأمر الذي دفع كثيراً من هذه الجمعيات إلى التوقف عن العمل في ظل الأوضاع المأساوية التي لا يزال يعيشها اليمنيون بمناطق السيطرة الحوثية.

 

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يمنعون مبادرات خيرية لإعانة طلبة المدارس في صنعاء وريفها
  • أزمة في البرلمان بسبب غياب الوزير ميراوي
  • على خطى داعش.. مليشيا الحوثي تختطف ثلاث فتيات بتهمة الغناء
  • قوات مجرمة من الأوباش والمرتزقة لا أحد يريد أن يرتبط بهم
  • خبير عسكري يمني يُجيب لـ "الفجر".. كيف فاقمت المليشيات الحوثية أزمة الأمن الغذائي ببلاده؟
  • ”المعركة الفاصلة” تقترب.. عاجل: وزير دفاع المليشيا الحوثية يشعل ”سعير الحرب” ويعلن ”رفع الجاهزية القتالية القصوى”
  • شباب تعز: الجمهورية عنوان المشروع الوطني الذي يجب استعادة مضامينه لمواجهة انبعاث الإمامة
  • حرارة قاتلة ومياه نادرة.. شهادات للجزيرة توثق معاناة النازحين بالسودان
  • صحيفة سعودية: عناصر الحرس الثوري الإيراني تحكم قبضتها على الأمن الحوثي
  • الطائف.. وضع أكثر من 16 ألف مرفق تجاري وصحي تحت الرقابة