ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”

عندما أعلنت الولايات المتحدة عن تحالف بحري لحماية السفن التجارية المسافرة في البحر الأحمر في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الأمريكيون في البداية إنه ستكون هناك 10 دول مشاركة. ظهرت أسئلة على الفور تقريبًا حول سبب عدم مشاركة بعض أكبر القوى البحرية العربية.

منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أطلقت جماعة الحوثيين في اليمن الصواريخ وأرسلت طائرات بدون طيار لمضايقة السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب.

وقال مسؤول حوثي كبير على وسائل التواصل الاجتماعي إن هذا لن يتوقف “حتى تتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة ويسمح بدخول الغذاء والدواء والوقود إلى سكانها المحاصرين”.

وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر، اختطفت جماعة، التي انخرطت في حرب أهلية في الداخل منذ عام 2015 وتسيطر الآن على جزء كبير من البلاد، سفينة غالاكسي ليدر، وهي سفينة شحن مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي. وقد هوجمت سفن أخرى بطائرات بدون طيار، وفي إحدى الحالات، تم اعتلاء سفينة أخرى لفترة وجيزة.

وحدثت المضايقات في الغالب في مضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر ويبلغ عرضه 32 كيلومترًا (حوالي 20 ميلًا) عند أضيق نقطة فيه. ويسمح للسفن بالوصول إلى قناة السويس، وهي أقصر طريق بين أوروبا وآسيا.

ونتيجة لذلك، أوقفت العديد من شركات الشحن الكبرى عملياتها التي تمر عبر المضيق.

 

رغبة الحوثيين

قال دانيال غيرلاخ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وقضايا الإرهاب، في مقابلة مع تلفزيون دوتشه فيله الألماني (DW) “العداء لإسرائيل أحد مبررات الوجود الاستراتيجي للحوثيين؛ رغم أن الواقع لا يشير إلى وجود صراع إقليمي مباشر بينهم وبين إسرائيل”.

وأضاف “يرغب الحوثيون في أن يظهروا للعالم الإسلامي والعربي بأكمله بأنهم يؤازرون الفلسطينيين”.

وجرى إطلاق اسم “حارس الازدهار” على التحالف البحري الذي أعلنت الولايات المتحدة تدشينه قبل أيام مع دعوة انخراط كافة الدول الأعضاء الـ 38 في تحالف ما يُعرف بـ “قوة المهام المشتركة ” المنوط بها مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وأعلنت تسع دول الانضمام إلى تحالف “حارس الازدهار” بقيادة الولايات المتحدة هي البحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وأسبانيا وسيشيل والمملكة المتحدة، لكن مدريد أثارت الجدل بعد أن نفت انضمامها إلى التحالف فيما أعربت فرنسا عن قلقها إزاء تأثير انضمامها على العمليات الأخرى.

وقالت الحكومة الإيطالية إن السفن التابعة للشركات الإيطالية سوف تظل تحت القيادة الإيطالية، بيد أن النقطة التي أثارت الكثير من الجدل تمثلت في غياب عربي بارز عن الانضمام إلى التحالف إذ كانت البحرين الدول العربية الوحيدة التي انضمت إليه.

الجدير بالذكر أن البحرين هي مقر الأسطول الأمريكي الخامس الذي يرتكز نشاطه في المنطقة الممتدة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي، مروراً بالمحيط الهندي وبحر العرب.

 

قناة السويس

تمثل قناة السويس مصدر دخل قومي هام لمصر؛ إذ تدر إيرادات تبلغ عشرة مليارات دولار في العام.

يُذكر أن القوات البحرية المصرية تولت قيادة “قوة المهام المشتركة – 153” أواخر العام الماضي حيث أكدت في حينه أن القوة تعد “أحد أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بكافة أنماطها”.

وسوف تعمل قوات “حارس الازدهار” تحت لواء قيادة “قوة المهام المشتركة – 153”.

وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن تخسر الملايين بسبب انسداد قناة السويس، إلا أن مصر لم تنتقد الحوثيين. كما أنها لم تنضم علناً إلى التحالف البحري. عزا الخبراء ذلك إلى قرب مصر من الصراع وحساسية هذه القضية في العالم العربي بشكل عام.

 

السعودية والإمارات

وانضمت السعودية إلى تحالف “قوة المهام المشتركة – 153″، لكنها مؤخراً شرعت في محادثات سلام مع الحوثيين وتقارب مع إيران، الداعم الأكبر لجماعة الحوثي.

ويقول خبراء إن الرياض لم تنضم إلى  التحالف البحري  الجديد بسبب قلقها أن تلقى الخطوة بظلالها على مستوى التقارب مع الحوثيين والإيرانيين في الوقت الراهن، فضلاً عن مخاوف من أن يقدم الحوثي على استهداف مستودعات النفط السعودية مرة أخرى في تكرار لما حدث عام 2019.

وكان الحوثيون قد هددوا بمهاجمة السفن السعودية والإماراتية في حالة انضمام الرياض وأبوظبي إلى التحالف البحري الجديد.

وفيما يتعلق بالإمارات، يرى الخبراء إن أبوظبي تعد العاصمة العربية الراغبة في تبني موقف أكثر تشدداً ضد الحوثيين من كل النواحي رغم عدم انضمامها التحالف البحري بقيادة واشنطن.

وفي مقال نشرته بلومبرغ، قال الأدميرال المتقاعد بالبحرية الأمريكية، جيمس ستافريديس، إن الإمارات والسعودية “لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيفية التعامل مع أزمة الحوثيين حيث تدعو الإمارات إلى عمل عسكري قوي ضد المتمردين (الحوثيين)، في حين تريد الرياض نهجا أكثر اعتدالاً”. وأضاف “يتعين على (الدول الأخرى) إقناع الجانبين السعودي والإماراتي بتنحية خلافاتهما جانباً”.

ونقلت صحيفة “لوريان لو جور” عن إليونورا أرديماني، الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، قولها إن الإمارات المحت في مايو/أيار الماضي إلى رغبتها في الانسحاب من القوة العسكرية المشتركة المتعددة الجنسيات، رغم عدم ترجمة ذلك على أرض الواقع.

وأوضح أرديماني أن الإمارات “غير راضية عن  التعاطي الأمني الأمريكي في الشرق الأوسط والذي وصفته بالضعيف في السنوات الأخيرة، ومازالت الإمارات تؤيد الرد الصارم الذي يهدف إلى تقويض القدرات العسكرية للحوثيين وتقليل تهديدهم للملاحة لأن أبو ظبي على النقيض من الرياض لم تنخرط في مفاوضات ثنائية (مع الحوثيين)”. وأضافت الباحثة أن الخوف من شن الحوثيين هجمات على حقول النفط الإماراتية قد يكون مبعث قلق آخر.

وقال محللون إن القاسم المشترك في رفض الدول الثلاث –  مصر والسعودية والإمارات – للانضمام إلى التحالف البحري الجديد يكمن في قلقها من أن يُنظر إليها على أنها تدافع ضميناً عن إسرائيل، خاصة وأن استطلاعات الرأي تظهر أن القضية الفلسطينية مازالت محورية لدى شعوب المنطقة.

وفي تعليقه، قالت كاميل لونز، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الولايات المتحدة “شجعت في السنوات القليلة الماضية التعاون بين إسرائيل ودول الخليج من أجل مكافحة النفوذ الإيراني، لكن الحرب الدائرة في غزة تعني أن هذا الشكل من التعاون الأمني في البحر الأحمر من غير المرجح حدوثه في أي وقت قريب”. وأضافت “دول الخليج مثل السعودية غير مستعدة الآن للمضي قدماً في  التطبيع الإسرائيلي”.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن هناك في الواقع تسع دول أخرى ستشارك في التحالف البحري الجديد لكنها لا ترغب في الإعلان عن مشاركتها، حسبما صرحت مصادر داخل الإدارة الأمريكية للصحفيين.

ورداً على سؤال عن عدم مشاركة السعودية والإمارات في التحالف، قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض “أترك كل دولة عضو، سواء أرادت الإقرار بذلك أم لا، أن تتحدث هي عن نفسها”. وقال كيربي لاحقاً، دون إشارة مباشرة إلى أي من البلدين، “هناك بعض الدول وافقت على المشاركة وعلى أن تكون جزءاً من هذا لكن… لها أن تحدد رغبتها في مدى علنية ذلك”.

 

المصدر الرئيس يمن مونيتور23 ديسمبر، 2023 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام بعد "باب المندب".. إيران تهدد بإغلاق مضيق جبل طارق مقالات ذات صلة بعد “باب المندب”.. إيران تهدد بإغلاق مضيق جبل طارق 23 ديسمبر، 2023 إيران: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وفق مصالحهم 23 ديسمبر، 2023 هيئة بحرية بريطانية تعلن عن “حادث” جديد غربي ميناء الصليف باليمن 23 ديسمبر، 2023 “كتائب القسام”: نرجح مقتل خمسة أسرى إسرائيليين إثر غارات على غزة 23 ديسمبر، 2023 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية المبعوث الأممي يعلن عن خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية 23 ديسمبر، 2023 الأخبار الرئيسية فوضى البحر الأحمر.. لماذا لن تنضم الدول العربية إلى التحالف الأمريكي البحري الجديد؟ 23 ديسمبر، 2023 إيران: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وفق مصالحهم 23 ديسمبر، 2023 هيئة بحرية بريطانية تعلن عن “حادث” جديد غربي ميناء الصليف باليمن 23 ديسمبر، 2023 المبعوث الأممي يعلن عن خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية 23 ديسمبر، 2023 شركة أمبري البريطانية للأمن البحري: مُسيرة تصيب سفينة تجارية قبالة فيرافال بالهند 23 ديسمبر، 2023 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم بعد “باب المندب”.. إيران تهدد بإغلاق مضيق جبل طارق 23 ديسمبر، 2023 إيران: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وفق مصالحهم 23 ديسمبر، 2023 هيئة بحرية بريطانية تعلن عن “حادث” جديد غربي ميناء الصليف باليمن 23 ديسمبر، 2023 المبعوث الأممي يعلن عن خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية 23 ديسمبر، 2023 شركة أمبري البريطانية للأمن البحري: مُسيرة تصيب سفينة تجارية قبالة فيرافال بالهند 23 ديسمبر، 2023 الطقس صنعاء سماء صافية 17 ℃ 17º - 16º 44% 1.49 كيلومتر/ساعة 17℃ السبت 23℃ الأحد 22℃ الأثنين 21℃ الثلاثاء 20℃ الأربعاء تصفح إيضاً فوضى البحر الأحمر.. لماذا لن تنضم الدول العربية إلى التحالف الأمريكي البحري الجديد؟ 23 ديسمبر، 2023 بعد “باب المندب”.. إيران تهدد بإغلاق مضيق جبل طارق 23 ديسمبر، 2023 الأقسام أخبار محلية 25٬134 غير مصنف 24٬146 الأخبار الرئيسية 12٬337 اخترنا لكم 6٬606 عربي ودولي 5٬968 رياضة 2٬070 كأس العالم 2022 72 كتابات خاصة 1٬997 اقتصاد 1٬948 منوعات 1٬811 مجتمع 1٬750 تراجم وتحليلات 1٬475 صحافة 1٬449 تقارير 1٬432 آراء ومواقف 1٬409 ميديا 1٬228 حقوق وحريات 1٬213 فكر وثقافة 838 تفاعل 754 فنون 458 الأرصاد 170 بورتريه 62 كاريكاتير 26 صورة وخبر 20 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2023، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 27 سبتمبر، 2023 “الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر 27 سبتمبر، 2023 وفاة رجل الأعمال اليمني محمد حسن الكبوس 15 ديسمبر، 2021 الأمم المتحدة: نشعر بخيبة أمل إزاء استمرا الحوثي في اعتقال اثنين من موظفينا 10 ديسمبر، 2023 وزير الخارجية السعودي: منخرطون بشكل كامل من أجل “وقف دائم لإطلاق النار” باليمن أخر التعليقات رانيا محمد

عملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...

الصفحة العربية

انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...

رانيا محمد

ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...

Abdallah El Saeid Elhelw

مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...

الضباعي اليافعي

مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر التحالف البحری البحری الجدید الدول العربیة جماعة الحوثی الحوثیین فی قناة السویس إلى التحالف باب المندب فی الیمن

إقرأ أيضاً:

«القوة المميتة».. ماذا وراء حملة ترامب الجوية ضد الحوثيين في اليمن؟

منذ منتصف الشهر الماضي، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حملته العسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، في إطار ما وصفه بـ«القوة المميتة». وجاء في بيان رسمي نشره على منصته «تروث سوشيال» أن الولايات المتحدة «لن تتسامح مع أي اعتداء حوثي على السفن الأمريكية»، متوعدًا باستخدام «قوة ساحقة» لتحقيق أهداف بلاده.

وأكد ترامب أن الحوثيين تسببوا في «خنق حركة الملاحة» في واحد من أهم الممرات المائية العالمية، ما أدى إلى شلل واسع في قطاعات التجارة الدولية، واعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا لمبدأ حرية الملاحة الذي تقوم عليه التجارة العالمية، وأضاف أن البحر الأحمر لم يشهد عبورًا آمنًا لسفينة تجارية أمريكية منذ أكثر من عام، وتعرضها لهجمات متكررة، بـ«تمويل مباشر من إيران».

وفي نبرة شديدة التهديد، وجه ترامب رسائل مباشرة إلى الحوثيين وطهران، قائلًا: «إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم ابتداءً من اليوم. إن لم تفعلوا، جهنم ستُمطر عليكم كما لم تروها من قبل»، محذرًا إيران: «يجب أن يتوقف دعم الإرهابيين الحوثيين فورًا! لا تهددوا الشعب الأمريكي، ولا رئيسه، ولا ممرات الشحن العالمية».

بهذا التصعيد الكلامي والعسكري، يدخل النزاع في البحر الأحمر مرحلة أكثر خطورة، لاسيما في ظل تعقيد المشهد الإقليمي وتشابك مصالح قوى دولية كبرى، ما يفتح الباب أمام تساؤلات ملحة: هل تمضي إدارة ترامب قدمًا نحو مواجهة إقليمية أوسع؟ وهل تحوّل البحر الأحمر إلى ساحة اشتباك مباشر بين الولايات المتحدة ومحور طهران؟

وفيما تتصاعد وتيرة المواجهة، أشارت وكالة «أسوشيتد برس» إلى أن الحملة الأمريكية الحالية ضد جماعة الحوثيين تتسم بشمولية غير مسبوقة مقارنة بتلك التي شهدتها فترة إدارة بايدن، وقام الجيش الأمريكي بنقل حوالي أربع قاذفات استراتيجية بعيدة المدى إلى قاعدة «دييجو جارسيا» في المحيط الهندي، في خطوة لافتة تمثلت في تجنب واشنطن استخدام قواعدها في الشرق الأوسط، ربما تحسبًا لحسابات سياسية أو أمنية معقدة في الإقليم.

العمليات الجوية بدت أكثر كثافة واتساعًا، إذ بلغت ذروتها بتنفيذ نحو 72 غارة في يوم واحد استهدفت العاصمة صنعاء ومدنًا يمنية أخرى. كما قررت وزارة الدفاع الأمريكية تمديد مهمة حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» لشهر إضافي، بعد أن كان من المقرر انتهاء خدمتها في مارس الماضي، بينما أُرسلت حاملة الطائرات «كارل فينسن» إلى الشرق الأوسط مباشرة بعد اختتامها مناورات ثلاثية في المحيط الهادي مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية.

من جهتها، رصدت منصة «يمن فيوتشر» ما يقرب من 330 غارة جوية شنتها القوات الأمريكية على مواقع تابعة للحوثيين منذ انطلاق العمليات في منتصف مارس الماضي، تصدرتها محافظة صعدة، المعقل التقليدي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، والتي سجلت نحو 124 غارة، تلتها صنعاء بـ87 غارة، ثم الحديدة بـ44 غارة. وتوزعت بقية الضربات على محافظات عمران ومأرب 19 غارة، الجوف 15، البيضاء 11، حجة 8، ذمار 5، فيما سُجلت غارة واحدة فقط على محافظة إب.

وتحمل العملية العسكرية اسم «عملية الفارس الخشن»، وهي تسمية استحضرها وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث من تاريخ القوات التي قادها الرئيس الأمريكي الأسبق ثيودور روزفلت في كوبا إبان الحرب الإسبانية- الأمريكية. وبحسب مسئولين في البنتاجون، من المتوقع أن تستمر الحملة الجوية مدة لا تقل عن ستة أشهر، في مؤشر على نية واشنطن إطالة أمد الضغط العسكري على الجماعة المدعومة من إيران.

وفي بيان رسمي، قالت تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، إن العملية العسكرية «أثبتت فعاليتها» في استهداف كبار القادة العسكريين للحوثيين، وإن لم يُكشف عن أسمائهم حتى الآن. وأضافت أن الحملة نجحت في إعادة فتح جزء كبير من حركة الشحن البحري في البحر الأحمر، كما دمّرت منشآت حيوية قالت إنها كانت تُستخدم في تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة.

وردًا على التصعيد الأمريكي، أكدت جماعة الحوثي أن تهديدات ترامب لن تثنيها عن مواصلة ما وصفته بـ«نصرة غزة» واستئناف عملياتها العسكرية ضد أهداف إسرائيلية وأخرى في البحر الأحمر، متهمةً إسرائيل بخرق الهدنة منذ 18 مارس، واستئناف ما وصفته بـ«حرب الإبادة» على قطاع غزة، وذلك بعد توقف الهجمات الحوثية منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ في 19 يناير الماضي.

في السياق ذاته، أصدرت الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليًا) بيانًا على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني، أكدت فيه مقتل 70 عنصرًا من جماعة الحوثي، بينهم قياديون ميدانيون وخبراء من الحرس الثوري الإيراني، في ضربة جوية نفذتها القوات الأمريكية ضد تجمع للميليشيا جنوب منطقة الفازة الساحلية بمحافظة الحديدة.

واعتبر الإرياني أن الموقع الذي تم قصفه كان يُستخدم للتخطيط لهجمات إرهابية تستهدف السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بما يشكّل تهديدًا مباشرًا لأمن الممرات البحرية والتجارة العالمية، وأشار إلى أن سلسلة الضربات الجوية المكثفة التي نُفذت خلال الأسبوعين الماضيين استهدفت منشآت عسكرية وتحصينات ومخازن أسلحة ومنظومات دفاعية تابعة لجماعة الحوثي في عدد من المحافظات، وحققت أهدافها «بدقة عالية».

من جانبه، صرّح مايك والتز، مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، بأن الضربات الأمريكية أودت حتى الآن بحياة قادة «رئيسيين» من الحوثيين، من بينهم كبير خبراء الصواريخ في الجماعة. وفي مقابلة مع شبكة «CBS News»، أكد والتز أن القوات الأمريكية استهدفت مقرات القيادة، ومراكز الاتصالات، ومصانع أسلحة، إلى جانب منشآت متطورة لإنتاج الطائرات المسيّرة فوق الماء. غير أن والتز امتنع عن كشف هوية الخبير القتيل، كما لم يقدّم أي تفاصيل بشأن القادة الآخرين الذين سقطوا في الضربات.

ورغم التصريحات المتكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي أعلن فيها أن جماعة الحوثي «قُضي عليها بالكامل»، فإن تقييمًا استخباراتيًا نُقل عن مسئولين في وزارة الدفاع الأمريكية، ونشرته صحيفة نيويورك تايمز، قدّم صورة مغايرة تمامًا. فبحسب الصحيفة، لم تحقق الحملة الجوية سوى نجاح محدود في تدمير ترسانة الحوثيين، والتي تتمركز في معظمها داخل أنفاق محصنة تحت الأرض.

وفي ظل هذا المشهد، تكشف الأرقام عن كلفة باهظة للعملية العسكرية، إذ استهلك البنتاجون ذخائر بقيمة 200 مليون دولار خلال ثلاثة أسابيع فقط، بينما قدّرت الصحيفة أن التكلفة الإجمالية للحملة حتى الآن وصلت إلى مليار دولار، مع احتمال اضطرار وزارة الدفاع الأمريكية إلى طلب مخصصات مالية إضافية من الكونجرس لتمويل العمليات الجارية.

اقرأ أيضاًبعد إعلان الحوثيين عن استهداف مدمرة أمريكية.. واشنطن تشن غارات على اليمن

ترامب: الهجمات الأمريكية على الحوثيين ستستمر حتى يتوقف تهديدهم لحرية الملاحة

القيادة المركزية الأمريكية: عشرات الغارات على مواقع الحوثيين في صنعاء والجوف وصعدة

مقالات مشابهة

  • إعادة فتح ميناء نويبع البحري وانتظام الحركة الملاحية بموانئ البحر الأحمر
  • إعادة فتح ميناء نويبع البحري وانتظام حركة الملاحة بموانئ البحر الأحمر
  • مصر تتسلّم قيادة قوة المهام الدولية للأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن
  • استمرار إغلاق ميناء الغردقة البحري لليوم الثاني بسبب سوء الأحوال الجوية
  • إغلاق ميناء الغردقة البحري لسوء الأحوال الجوية
  • إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية
  • إغلاق ميناء نويبع البحري بسبب سوء الأحوال الجوية
  • إغلاق ميناء نويبع البحري لسوء الأحوال الجوية
  • اغلاق ميناء نويبع البحري لسوء الأحوال الجوية
  • «القوة المميتة».. ماذا وراء حملة ترامب الجوية ضد الحوثيين في اليمن؟