على خطى المسيح يسير المسيحيون، فى ميلاده وصلبه حسب اعتقادهم، يتبركون من مواطن رحلته فى الأراضى المحتلة، ويقيمون فى كل نقطة مزاراً وكنيسة، ومع حلول الخامس والعشرين من ديسمبر من كل عام تتجه أنظار العالم إلى بيت لحم، حيث تقع كنيسة المهد التى شيدت على المذود الذى قيل إن المسيح ولد فيه، وقد أقامها الإمبراطور قسطنطين عام 335م جنوب الضفة الغربية المحتلة.
تحمل جدران الكنيسة العتيقة قصة ميلاد المسيح لكل من يدخلها ويزورها، تلك القصة التى نقلها الرعاة الذين زاروه فى مهده ووالدته مريم العذراء ونقلها المسيحيون الأولون، وأصبحت مجمعاً للطوائف المسيحية، حيث تضم دير الروم الأرثوذكس، ودير الأرمن الأرثوذكس، ودير الروم الكاثوليك.
وقال الراهب القس يسطس الأورشليمى، لـ«الوطن»، إن الكنيسة شُيدت فوق مغارة المهد التى ولد فيها السيد المسيح، حسب التقاليد المسيحية، وهى تنقسم إلى صحن رئيسى وصحنين صغيرين يفصل بينهما صفان من الأعمدة ذهبية اللون، تعلوها تيجان كورنثية جميلة، وأما عن أرضية الكنيسة الأصلية فهى مبلطة برسوم فسيفسائية جميلة من عهد الإمبراطور جستنيان، وربما من عهد الملكة هيلانة، ولكن الجزء الأعظم من هذه الأرضية مغطى اليوم، والجزء الوحيد المكشوف من هذه الأرضية الفسيفسائية مغطى بحماية خشبية لمنع الزوار من السير عليه وتدميره، مضيفاً أنه تم اكتشاف هذا الجزء مصادفة عام 1934م أثناء تنفيذ عمليات ترميم وصيانة فى الكنيسة، وفى مقدمة كنيسة المهد قرب المذبح مدخلان يؤديان عبر صفين من الدرجات الحجرية إلى المغارة، التى هى عبارة عن سرداب يبلغ ارتفاعه 3 أمتار، وطوله 12 متراً، وعرضه 3 أمتار.
وحول كيفية معرفة الكنيسة موضع ميلاد المسيح، قال «الأورشليمى»، إن التقليد المسيحى حفظ ذلك من خلال الرعاة الذين كانوا أول الزوار ليسوع فى مهده، وأيضاً أمه مريم التى كانت تحفظ كل شىء فى قلبها، وقد عاشت مع الرسل قبل انتقالها إلى السماء، والمسيحيين الأولين الذين مارسوا العبادات فى المغارة.
أما عيسى غسان، وهو يعمل دليلاً سياحياً ومرتلاً فى كنيسة المهد، فأوضح لـ«الوطن» أن مدينة بيت لحم المقدسة تعد مكان وموقع ميلاد المسيح بالجسد، وأما كنيسة المهد فهى تعد من أولى الكنائس المبنية فى التاريخ، وكان ذلك بالفترة نفسها التى بنيت فيها كنيسة القيامة بمدينة القدس الشريف عام 326م بعد قدوم القديسة الملكة هيلانة بالعام 325م وكشفها للمزارات المقدسة بالمنطقة وبناء دير لها هو الآن دير وكنيسة خاصة متميزة تابعة لكنيسة وطائفة الأقباط الأرثوذكس بوكيلها البطريركى القائم مقام بالقدس المطران الأنبا «أنطونيوس».
وأضاف غسان أن هذه الكنيسة وقفت فى وجه التحديات، والغزوات العديدة على البلاد، عبر العصور المختلفة حتى بقيت محمية وبطابعها القديم، إذ لم تتعرض للخراب كباقى الكنائس بالأرض المقدسة، لذلك تعد من أقدم وأقدس الكنائس بفلسطين، حيث ما زالت زاخرة بصلواتها اليومية المستمرة رغم المحن والظروف الراهنة كما كانت بكل الأزمنة، وذلك على الدوام بمعظم الأوقات وتستقبل زوارها الحجاج والسياح من كل أقطار العالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ميلاد المسيح
إقرأ أيضاً:
عيد بلا مظاهر.. بيت لحم تتحدى الحرب بحفاظها على روح الميلاد|فيديو
عرضت فضائية يورونيوز تقريرا بعنوان: "عيد بلا مظاهر.. بيت لحم تتحدى الحرب بحفاظها على روح الميلاد".
ومع اقتراب عيد الميلاد، يستعد العالم للاحتفال بهذه المناسبة المبهجة، باستثناء فلسطين، مهد المسيح، حيث تتلاشى أجواء الاحتفالات تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
ومنذ اندلاع الحرب، اقتصرت الأعياد على الطقوس الدينية دون أي مظهر للاحتفال، مما فاقم معاناة العائلات وأثر سلبا على الاقتصاد المحلي، خاصة في المحلات التجارية. ويبدو أن عيد الميلاد هذا العام لن يختلف عن سابقه، حيث يحل في ظل نفس الظروف الصعبة.
وتقلص مظاهر الاحتفال أثر سلبًا على أصحاب المحلات الذين يعتمدون على بيع أدوات الزينة لتأمين قوتهم. روني طبش، صاحب متجر المهد في بيت لحم، أشار إلى أن الوضع الاقتصادي صعب، لكنه يصر على فتح متجره، معتبرًا ذلك جزءًا من إرث عائلته.
وقال: "نحن لا نشعر بالعيد، لكن في النهاية، عيد الميلاد في قلوبنا". وأضاف أن المدينة بأكملها تصلي من أجل وقف إطلاق النار وتحقيق السلام.
ويذكر أن متجر المهد في ساحة المهد يبيع المنحوتات المصنوعة يدويًا من خشب الزيتون والهدايا الدينية للأشخاص الذين يزورون مسقط رأس السيد المسيح منذ عام 1927. ويعمل طبش مع أكثر من 25 عائلة محلية تصنع سلعًا دينية منحوتة يدويًا، ما يعني أن حتى هذه العائلات لن تعتاش مما اعتادت عليه.