تقترب الحرب الإسرائيلية فى غزة من شهرها الثالث، وسط أجواء من الحزن والألم، وتغيب عن أرض الميلاد الاحتفالات وإنارة شجرة الميلاد، وتغير المشهد هذا العام فى بيت لحم، خاصة خارج كنيسة المهد، التى شهدت ميلاد المسيح -بحسب الاعتقاد المسيحى- لتغيب الاحتفالات وحشود الحجاج المسيحيين وتقتصر على صلاة القداس والمراسم الدينية فى مدينة الميلاد.

أما مسيحيو فلسطين فإن فى النفوس غصة، وفى الصدور ألماً وحسرة، وهم يشاهدون منازلهم تدمر وأرضهم تحرق وكنائسهم تهدم على أيدى قوات الاحتلال الإسرائيلى وسط صمت العالم، ولم توقف الأعياد الدينية آلة الحرب والقتل والإبادة التى تطولهم كسائر الفلسطينيين، ليأتى عيد الميلاد المجيد على الأسر الفلسطينية وهى تعانى وتشكو، بعد أن سكن الخوف من القادم قلوبهم، واختفت من أمام أعينهم هذا العام مظاهر الاحتفال بالعيد.

سحابة حزن تخيم على الأهالى..«لورا»: لن نزور الأقارب ونوزع الحلويات ونقيم الحفلات كعادة كل عام

فخيم الحزن على مظاهر العيد عند العديد من الأسر الفلسطينية، فتقول لورا أبوعيطة، 28 سنة، من بيت ساحور ببيت لحم، لـ«الوطن»، إنه لا يوجد أى مظاهر للاحتفال بعيد الميلاد هذا العام، حتى إن شجرة عيد الميلاد لم توضع فى ساحة كنيسة المهد تضامناً مع غزة والإبادة الجماعية التى تشهدها، فدائماً موسم الميلاد هو موسم المحبة ونبذ الكراهية والشر، ولكن كان الشر والحرب أكبر هذا العام لتخيم سحابة الحزن فوق مدينة الميلاد وتلغى ليلة الميلاد حيث لا يوجد سلام فى بلاد السيد المسيح وظهوره.

وأضافت لورا: «أكيد فرحة وبهجة العيد موجودة لأن ربنا موجود دائماً، ودائماً نحتفل روحانياً بالميلاد ولكن هذه السنة هو ميلاد حزين جداً على كل الأطياف، فلن نزور الأقارب ونوزع الحلويات ونقيم الحفلات كعادة كل عام».

تغيرت احتفالات الميلاد فى فلسطين، فبعدما كانت تنشر فى هذا الوقت من كل عام مظاهر الاحتفال من الكشافات فى الشوارع لتنظيم الزوار للأراضى المقدسة وتوزع حلويات العيد فى الشوارع، وتقام احتفالات فى كل محافظة فلسطينية بحسب كل كنيسة، ووفقاً لما قالته لورا، إنه «ما زال فى فلسطين كل طائفة مسيحية تحتفل بعيد الميلاد وفقاً للتقويم الذى تتبعه لتستمر احتفالات الميلاد على مدار شهرين، حيث تحتفل الكنيسة الكاثوليكية فى 25 ديسمبر، وتحتفل الكنائس الشرقية الأرثوذكسية بالعيد فى 7 يناير، والكنيسة الأرمينية فى القدس فى السادس عشر من شهر يناير، وتقوم العائلات المسيحية فى تلك الأيام وقبل الحرب بزيارة بعضها فى يوم العيد».

وإذا كانت مظاهر الاحتفال تختفى فى الضفة الغربية المحتلة، فإنها غير موجودة على الإطلاق فى قطاع غزة، حيث تتعرض الكنائس كالمسجد لهجوم قوات الاحتلال، وما بقى منها فهو محاصر، ووصفت «لورا» أوضاع أهل القطاع هناك بأنهم يعيشون فى حالة من الرعب والخوف من القناصين التابعين لجيش الاحتلال، الذين يحاصرون الكنيسة فى وقت من المفترض أن يكون وقت فرحة وبهجة واحتفال.

«غطاس»: لا راحة ولا فرحة فنحن نعيش حالة حداد

والكل بات يعانى فى فلسطين من ظروف الحرب الصعبة، فلا يوجد مصدر رزق ثابت يوفر لهم حياة آدمية وسط طلقات الرصاص وتحت القصف المستمر، وقال عيسى غطاس، مرتل بكنيسة المهد، فى تصريحات لـ«الوطن»، إنهم فى بيت لحم فى إغلاق شامل منذ بداية الأحداث على غزة وتوقف لمعظم الأعمال بما فيها السياحة، التى هى مصدر رزق البلد اقتصادياً وعمادها الداعم، مؤكداً أنه لا راحة ولا فرحة لأهل فلسطين فى ظل الحرب والدمار الشامل المحيط لأجواء عيد الميلاد، وكأنهم فى حداد على ما يحدث من انتهاكات ترفضها القوانين الدولية وحقوق الإنسان، لتغيم سحابة الحزن على احتفالات العيد فى منازل الأسر المسيحية وشوارع أرض الميلاد، فلا تحتفل مغارة الميلاد كعادتها باستقبال الطفل يسوع، وتخصص طلبات قداس العيد للصلاة بحرارة لأجل سلام أرض السلام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ميلاد المسيح عید المیلاد هذا العام

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الإيمان بالقدر خيره وشره من أهم مظاهر الرضا بالله ربا وحاكما

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان الركن السادس والأخير هو الإيمان بالقدر خيره وشره، وهو من أهم مظاهر الإيمان بالله، حيث يعني الرضا بالله ربا وحاكما، وهو كذلك ثمرة الإيمان بالله وحلاوته. ويتمثل دستور الإيمان بالقدر في قوله تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ، وما قاله عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: «يا بنى إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله ﷺ يقول : « إن أول ما خلق الله القلم، فقال له : اكتب. قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ». يا بنى إني سمعت رسول الله ﷺ يقول : « من مات على غير هذا فليس منى ». وقوله ﷺ لابن عباس رضي الله عنه « واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ».

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه ينبغي على المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا بأنه لا فعل إلا الله، وأن كل ما يجري في الكون، وكل ما جرى، وكل ما سيجري، هو فعل الله سبحانه وتعالى، وأن الله كتب هذا الفعل من الأزل.

وتوجد حكمة عالية في قضية القضاء والقدر، وهي حكمة الابتلاء بمسألة الرضا عن الله، فالإنسان لا يعلم ماذا كتب عليه غدًا؛ ولذلك من حقه أن يتمنى، وأن يسعى إلى تحقيق ما هو مباح ومشروع، فعندما لا تتحقق هذه الأماني والأحلام ويختلف ما رتبه المخلوق مع ما أراده الخالق يظهر الإيمان الحقيقي، فإذا كان ما كتبه الخالق أحب إليه مما رتبه لنفسه فذلك المؤمن الصالح، وإن أبى واعترض وسخط فذلك العاصي الجاهل، والذي قد يترتب على عدم رضاه وسخطه الخروج من الملة والعياذ بالله.

فالإيمان بالقضاء والقدر هو التعبير الفعلي للإيمان بالله، فإن كنت تؤمن بوجود الله وصفات كماله وجلاله وجماله، فيجب أن تؤمن بأثر هذه الصفات وهي أفعاله سبحانه وتعالى، فالإيمان بأفعال الله أن تؤمن بأنه لا فعل إلا لله، وأن ترضى بما يصدر في الكون عن الله حتى تكون عبدًا ربانيًا.


ولا تنافي بين اعتقادك أن الفعل لله وحده، وبين كونك مختارًا مريدًا، فإن اختيار الإنسان وإرادته محسوس لا ينكره عاقل، ومن أنكره كذب بالمحسوس، وكذب بنصوص القرآن، التي أثبتت للإنسان قدرة ومشيئة واختيارًا، قال تعالى : ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، وقال سبحانه : ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾. 
فالصواب في تلك المسألة أن تثبت لنفسك فعلًا واختيارًا، وأن تعتقد أن الله هو الفعال وهو صاحب الأمر، ولا يخرج أمر من دائرة قهره سبحانه، فالقدر سر الله في خلقه، ولذا ترى بعض العارفين كأبي العباس الحريثي يقول : من نظر إلى الخلق بعين الشريعة مقتهم ومن نظر لهم بعين الحقيقة عذرهم. فالعارف مستبصر بسر الله في خلقه.

وبهذا نكون قد علمنا حقيقة الإيمان وأركانه، وهذه الأركان ليست كلها غيب محض بل بعضها غيب محض : كالإيمان بالله، والملائكة واليوم الآخر، وبعضها من عالم الشهادة إلا أنه متعلق بالغيب باعتبار، كالإيمان بالرسل فهم من حيث كونهم بشرا هم من عالم الشهادة، ومن حيث الإيمان باتصالهم بالوحي فهذا جانب الإيمان الغيبي، وكذلك الكتب فمنها غيب لم نره، ومنها رأينا بعضه مختلطا بالتحريف ككتب أهل الكتاب، ومنها ما رأيناه كما أنزله الله وهو القرآن الكريم، إلا أن جانب الغيب فيه هو إيماننا بأن هذا الكتاب هو كلام الله رب العالمين أوحى به لرسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يشعل الضفة.. قصف وتجريف وحصار في جنين وطولكرم (شاهد)
  • الأدب والفن بين الدمار والإبداع
  • علي جمعة: الإيمان بالقدر خيره وشره من أهم مظاهر الرضا بالله ربا وحاكما
  • علي جمعة: قبول القدر خيره وشره من أهم مظاهر الإيمان بالله
  • أستون فيلا ونيوكاسل.. غرامة «أعياد الميلاد»!
  • تمبور: لن نسمح بأي مظهر من مظاهر التسليح خارج القوات المسلحة
  • بدء التشغيل التجريبي لكوبري نبروه تمهيدًا لافتتاحه في العيد القومي للدقهلية
  • انتشار عناصر الأمن العام في ساحة السبع بحرات بمدينة إدلب لتأمين احتفالات النصر
  • الرقب: لا وطن إلا في فلسطين.. وتحملنا الدمار والقتل على مدار ١٦ شهرا ولم نتجه للحدود المصرية
  • الهلال الأحمر الفلسطيني يستأنف عمله في شمال غزة وسط الدمار الهائل