لم تختلف أوضاع فلسطين فى وقتنا الحالى عن وقت ميلاد السيد المسيح الذى وُلد فى ظل احتلال الرومان للقدس، والذى بدأ منذ سنة 64 قبل الميلاد وحاول الرومان أن يستوطنوا أرض فلسطين وإنشاء مدنهم الرومانية الخاصة فى كل مكان، مجبرين الشعب على استخدام لغتهم، وعاملوهم كمواطنين من الدرجة الثانية، مع دفع الضرائب لصالح روما.

وبحسب المراجع الكنسية، فإنه حينما دخل الرومان فلسطين كان سكان القدس فى بداية الفترة الرومانية خليطاً من اليهود والإغريق والسوريين والعرب والمصريين، وكانوا يتحدّثون بلغات مختلفة، فقد كانت فلسطين تحتل مكانة خاصة بين ممتلكات الإمبراطورية الرومانية فى الشرق، حيث كانت تشكل وصلة حيوية بين دولتى الإمبراطورية فى المنطقة، مصر وسوريا، وكانت السياسة الرومانية ترغب فى الحفاظ على استقرار فلسطين باعتبارها مفتاحاً للحفاظ على السلام فى المنطقة، لهذا السبب قررت روما أن تُلزم فلسطين بالهدوء الدائم، لكى لا تشكل أى تهديدات لجاراتها.

وأشارت المراجع ذاتها إلى أنه لذلك جعلها القائد الرومانى بومبى جزءاً من مقاطعة سوريا الرومانية، ولكن تم منحها حق الإدارة الذاتية، وعيّن الإمبراطور الرومانى أنتيباتر الأدومى كحاكم لفلسطين، وفى سنة 37 قبل الميلاد خلفه ابنه هيرودس، الذى كان من أصل أدومى، حيث حكم هيرودس لأكثر من 30 عاماً، واعتمد على لقب «ملك اليهود»، وكان حليفاً وثيقاً للرومان خلال فترة حكمه.

وقال ماركو الأمين، الباحث فى التراث الكنسى، لـ«الوطن»، إن منطقة فلسطين كانت تقع ضمن زمام ما يُعرف بسوريا الكبرى، وهو ما يمتد حالياً ليشمل فى الشمال أجزاء من تركيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن، مشيراً إلى أنه بعد أن احتل الإسكندر الأكبر المنطقة تنازع عليها بعد موته كل من البطالمة والسلوقيين وتقاسموا حكمها ما بينهم، حتى ثار اليهود فى ثورة الحشمونيين (المكابيين) ضد السلوقيين بداية من 175 قبل الميلاد إلى أن كوّنوا دولتهم الخاصة، التى انهارت بشكل نهائى مع غزو بومبى للشرق، وأصبحت منطقة اليهودية ولاية ضمن لواء سوريا الكبرى فى 63 قبل الميلاد، وبعد القضاء على حكم الحشمونيين استطاع أنتيباس أو أنتيباتر والى أدومية بالتحالف مع روما السيطرة على المنطقة، ثم جاء من بعده ابنه هيرودس أنتيباتر الذى حكم المنطقة منفرداً عام 37 قبل الميلاد ومات عام 4 قبل الميلاد، وهو العام الذى وُلد فيه السيد المسيح. فى ذلك الوقت كان الشعب اليهودى يُكن العداوة لهيرودس وأبيه بسبب أنه كان ينتمى للعرق الأدومى وليس يهودياً خالصاً، بالإضافة لكونه وحشياً ولا يتوانى عن ذبح وقتل المناوئين له والتنكيل بهم، كما أنه أثقل كاهل اليهود بالجزية والضرائب المختلفة التى كان يبعثها لروما والتى جعلته رجل روما المحبوب، لكن رغم ذلك كان اليهود يعيشون عصر حرية دينية وكان لهم هيئتهم القضائية العليا وهى مجلس السنهدريم التى تحكم فيهم حسب الشريعة اليهودية، كانت وقتئذ التجارة وحرف الصيد والزراعة هى أبرز الأنشطة الاجتماعية فى فلسطين ذاك الوقت، وكانت تركيبتها السكانية متنوعة بين يهود أصليين ومتهودين وفينيقيين وعرب وعرقيات أخرى، فى خضمّ كراهية وحقد واحتلال وحاكم مفروض بسلطة أجنبية وفقد للحكم السياسى المستقل.

«يسوع» وُلد وسط احتلال فلسطين وهرب مع أمه ويوسف النجار إلى مصر من قتل المحتل الرومانى للأطفال

وأضاف «الأمين» أنه وسط هذا الاحتلال وُلد الطفل يسوع فى مذود البقر فى بيت لحم خوفاً من جنود الاحتلال الذين كانوا يسعون لقتل الأطفال فى هذا الزمن بأمر من الملك هيرودس الذى خاف على منصبه من يسوع عندما يكبر، بل إن مريم العذراء ويوسف النجار والطفل يسوع اضطروا للهرب إلى مصر والعيش فيها كلاجئين عندما سمع الحاكم الرومانى بولادة يسوع وأنه كان المسيح الذى طال انتظاره بحسب الكتاب المقدس.

 باحث: تجول فى جميع أراضى فلسطين..ولُقب بـ«الجليلى»نسبة إلى منطقة الجليل التى عاش بها

تابع «الأمين»: «وُلد المسيح ببيت لحم وصنع أول معجزاته بقانا الجليل وتربى فى الناصرة، وعند سن الثلاثين تفرّغ كاملاً للكرازة والدعوة، واختار له 12 تلميذاً وبدأ بالتجول فى جميع أراضى فلسطين من نهر الأردن، ووُجد أغلب وقته فيما يُعرف بمنطقة اليهودية جنوب فلسطين، وأهم مدنها أورشليم القدس وبيت لحم وأريحا وبيت عنيا وبيت فاجى وسوخار وعمواس وقيصرية، ومر المسيح بكل تلك المناطق، وعاش المسيح وكرز أيضاً فى منطقة الجليل ولُقب بالجليلى لأنه حُسب على مدينة الناصرة التى عاش بها حياته وكبر فيها. ومن مدن الجليل أيضاً التى زارها المسيح كفر ناحوم وكورازين وبيت صيدا وقانا التى صنع بها أولى معجزاته قاطبة، وطبرية، ثم صلبه اليهود فى أورشليم عام 30 ميلادياً، وقام من الأموات فى اليوم الثالث حسب وعده لتلاميذه، وظل معهم 40 يوماً حتى صعد إلى السموات من فوق جبل الزيتون».

وأوضح الباحث الكنسى أن المسيح تعامل مع هذه الظروف المشابهة لواقعنا بالسلام والمحبة، فقد دعا كل من يتبعه إلى محبة أعدائه والصلاة لأجلهم وكذلك دفع الضرائب للدولة والعيش فى السلام مع الجميع، وعلى الرغم من أن المسيح قد عرف معنى أن يكون المرء مضطهداً فى أرضه فإنه وعد بالراحة والمحبة للمتعَبين ودعا لأن يصبح التعامل مع الأعداء رحيماً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ميلاد المسيح قبل المیلاد

إقرأ أيضاً:

حزب الله يستخدم صاروخ نور لأول مرة في الحرب.. هذه مواصفاته

أعلن حزب الله اللبناني الاثنين، استخدام صاروخ "نور" لأول مرة في المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي جنوبي البلاد.

وقال الحزب في بيانه، إنه "دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة، ودفاعًا عن لبنان ‌‌‏وشعبه، استهدف مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية مستعمرة كفر جلعادي ‌‏بصاروخ نور".

‏ومستوطنة كفر جلعادي تقل في الجليل الأعلى المحتلة، شمالي فلسطين.

ويعد صاروخ "نور" إيراني الصنع، واحدا من الصواريخ الباليستية التي يملكها حزب الله اللبناني، والمخصص بالأساس لاستهداف السفن والمراكب البحرية.

وصنعت القوات البحرية الإيرانية "نور" في العام 2005، وهو صاروخ مطور عن صاروخ C-802 الصيني.

ويصل مدى النسخة الإيرانية إلى 120 كيلومتر، وفي نماذج أخرى أكثر من 200 كم.

ويُطلَق هذا الصاروخ من المنصات الأرضية والبارجات والمقاتلات، كما واستطاع الإيرانيون تزويد الحوامات بهذا الصاروخ والتي تكون نسبة إصابة الصاروخ للهدف 98 بالمائة.

ويُعتقد أن حزب الله استخدم "نور" في استهداف الطراد الإسرائيلي "هانيت" عام 2006، وهي أقوى سفينة تابعة لبحرية جيش الاحتلال الإسرائيلي حينها.

والاثنين، أكد الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، أن استشهاد الأمين العام حسن نصر الله، وقيادات الصف الأول في الجناح العسكري للحزب، لن تثني المقاومة على الاستمرار في المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي.



حزب الله يعلن استخدام سلاح جديد صاروخ نور في الميدان .. pic.twitter.com/mgaCjQLtzd

— همام شعلان || H . Shaalan (@osSWSso) September 30, 2024

مقالات مشابهة

  • على أنغام فيروز.. شيريهان تدعم فلسطين ولبنان بعد العدوان الإسرائيلي
  • حزب الله يستخدم صاروخ نور لأول مرة في الحرب.. هذه مواصفاته
  • «المحامين العرب» يطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإيقاف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان
  • الكرملين: اغتيال نصر الله أدى لزعزعة استقرار الوضع فى المنطقة بشكل خطير
  • ميقاتي يطالب بتطبيق القرار الدولي 1701 لتهدئة الوضع في الجنوب اللبناني
  • عدوان برعاية أمريكية
  • الحليب في الريف.. «مصدر خير كتير.. قريش وجبنة قديمة وزبدة وفطير»
  • الحرب فى السينما المصرية
  • الاحتلال يواجه أزمة في إقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين المحتلة
  • إذاعة جيش الاحتلال: تراجع أعداد المهاجرين اليهود إلى إسرائيل بنسبة 50%