قالت نقابة أطباء السودان إن جميع المؤسسات الصحية بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (وسط) خارج الخدمة، جراء الصراع الدائر في الولاية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وفي حين أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه إزاء انتشار العنف في السودان، تصاعدت الدعوات لتعبئة شعبية داعمة للجيش.

وأوضحت نقابة الأطباء -في بيان- أن 22 مستشفى ومركزا علاجيا حكوميا وخاصا بالمدينة توقفت عن تقديم العلاج، بما فيها مستشفى ود مدني التعليمي، أكبر مستشفى حكومي بالمدينة.

وأشارت النقابة إلى عمليات نهب وتخريب واسعة لمستشفيات المدينة، موضحة أن ذلك يؤدي إلى انهيار كامل وخطير في المنظومة الصحية.

وتحدث البيان أيضا عن مقتل اثنين من الكوادر الطبية، إثر اعتداء على مستشفى رفاعة التعليمي، بمدينة رفاعة شرق ولاية الجزيرة.

وأوضح أن مدينة ود مدني شكلت مركزا رئيسيا للخدمات الصحية بعموم البلاد، بعد خروج معظم مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة.

انطلاق مواكب الانضمام للمقاومة الشعبية في عدد من الولايات السودانية.
السبت 23 ديسمبر 2023م#الخيار_الحاسم pic.twitter.com/egIy7muLYF

— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) December 23, 2023

تعبئة شعبية

من جانب آخر، تصاعدت على مواقع التواصل الاجتماعي الدعوات لتعبئة عامة دعما للجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.

وخرجت في أكثر من منطقة في السودان، من بينها نهر النيل، والنيل الأبيض، وسنار، والقضارف حشود شعبية تؤيد الجيش السوداني.

ومساء الخميس، توعد رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان بـ"محاسبة كل متخاذل"، عقب إعلان قوات الدعم السريع في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، سيطرتها على مدينة ود مدني، بعد معارك مع الجيش السوداني استمرت نحو 4 أيام.

وفي 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن الجيش انسحاب قواته من المدينة، وبدء تحقيق في أسباب وملابسات انسحاب القوات من مواقعها.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلّفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وبانتقال المعارك إلى ولاية الجزيرة، اتسعت رقعة القتال، إذ انضمت الولاية إلى 9 ولايات تشهد اشتباكات مستمرة بينها العاصمة الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، من أصل 18 ولاية في السودان.​​​​​​​

ولاية نهر النيل #الثورة_الشعبية_السودانية pic.twitter.com/w0icmPfq0Q

— ????الملكة???????? (@almaleekaah) December 23, 2023

مجلس الأمن قلق

يأتي ذلك في وقت أعرب فيه مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة عن "قلقه" إزاء انتشار العنف في السودان، بعد يوم من إعلانه أن الحرب هناك تسببت في نزوح 7 ملايين شخص.

وندد المجلس -في بيان- "بقوة" بالهجمات ضد المدنيين وتمدد العنف "إلى مناطق تستضيف أعدادا كبيرة من النازحين واللاجئين وطالبي اللجوء".

وأضاف البيان أن "أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم إزاء العنف المنتشر وتراجع الوضع الإنساني في السودان"، مما يعكس تدهور الوضع في البلاد.

وبالإضافة إلى الـ7 ملايين نازح داخليا، أفادت الأمم المتحدة الخميس أن مليونا ونصف مليون آخرين فروا إلى دول مجاورة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم السریع مجلس الأمن فی السودان ود مدنی

إقرأ أيضاً:

تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع

يوسف عزت مستشار حميدتي السابق..
????
*تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع*
*إعداد: يوسف عزت*

*مقدمة:*
يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية.
يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي:
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟
*أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني*
تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين:
1. فقدان التأييد الشعبي:
• أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات.
• انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.
2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة:
• أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام.
*الخلاصة:*
أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية.

*ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية*
بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني.
1. التناقض في الخطاب السياسي:
• اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق.
• غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.
2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية:
• فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية.
*الخلاصة:*
غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني.

*ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار*
تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية:
1. تعدد دوائر صنع القرار:
• يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.
• تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة.
2. غياب التخطيط طويل الأمد:
• تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية.
*الخلاصة:*
انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع.

*رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية*
تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة:
1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع:
• يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.
2. الطابع التكتيكي للتحالفات:
• تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات.
*الخلاصة:*
غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة.
*خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي*
أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة.
• دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة.
*الخلاصة:*
ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز .
يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش بتبني مشروع دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها.
*الإجابة على السؤال الجوهري:*
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟
بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:
1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.
2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.
3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.
4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة.
5-عدم القدرة هلى التخلص من ارث الماضي والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة تتبناه وتشارك في تنفيذه.
*توصيات*
1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين.
3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات.
4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار.
5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية.
*خاتمة*
يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسيطر على أهم مستشفيات الخرطوم.. والقصر الرئاسي مسألة وقت
  • الجيش السوداني يعلن عن انتصارات جديدة و يستعيد بلدة التروس في الفاشر أخبار السبت 15 مارس 2025
  • السودان.. قتلى مدنيين وتقدم جديد للجيش في هذه المناطق
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • اعتقالات و انتهاكات واسعة في ود مدني بحجة التعاون مع الدعم السريع
  • مجلس الأمن: مجموعة “أ3+” تدعو إلى وقف إطلاق النار في السودان
  • مجلس الوزارء السوداني يتخذ موقفا حاسما تجاه المنتجات الكينية