منذ زمن طويل ونحن نحلم بالتخلص من بيروقراطية وروتين وألاعيب صغار الموظفين فى المصالح الحكومية المختلفة، باعتبار أن هؤلاء قد يتحولون لعقبة أمام برامج الإصلاح الإدارى وتعميم قواعد الحوكمة والشفافية بسلوكياتهم وتصرفاتهم.
فى كل وزارة وكل هيئة وكل ديوان حكومى تتكرر نوعية الموظف الفاسد، والفساد ليس بالضرورة يعنى الفساد المالى بمختلف أنواعه.
فتعطيل مصالح المواطنين والمماطلة والتسويف سواء بقصد أو بدون قصد هو فساد.
والحقيقة أن البيروقراطية استفحلت وتزايدت وتضاعفت داخل دواوين الحكومة فى الفترة الأخيرة وغابت المساءلة والمتابعة وأصبح كل موظف يفعل ما يشاء وكيفما يشاء غير عابئ ولا خائف.
يوميا نتلقى شكاوى من المواطنين وصرخات وآهات من أفعال صغار الموظفين وتعطيل مصالحهم بل التلذذ بارهاقهم.
ورغم وجود ما يسمى بمكاتب خدمة المواطنين فى كل مصلحة ووزارة تقريبا، إلا أن الأمر مجرد لافتة ومكتب وموظفين يتقاضون أجورا بلا أى فائدة.
وقد يلجأ المواطن للشكوى للمستوى الأعلى وربما يجد آذانا صاغية، إلا أن ذلك قد يكون وبالا عليه بمزيد من التعنت والعناد والتحدى لأن الشكوى ستعود مرة أخرى للصغار الذين يتحكمون فى كل مفاتيح الأمور.
حتى الشكاوى التى كانت تنشر فى الصحف، كان يرد عليها باهتمام من قبل المسؤولين والجهات المعنية بينما حاليا قليلا ما ترد بعض الجهات.
ومع نقل معظم دواوين الوزارات والهيئات للعاصمة الإدارية الجديدة أصبح هناك بعض المشقة فى وصول المواطنين للوزارات لقضاء مصالحهم أو تقديم الشكاوى، وهو ما يتطلب وجود مكاتب تابعة لتلك الوزارات والهيئات فى مقراتها القديمة على الأقل لتلقى طلبات المواطنين وإنهاء مصالحهم بيسر.
تجارب ونماذج كثيرة تواجهنا يوميا لمشاكل المواطنين وهمومهم التى تصطدم بالبيروقراطية المتعفنة والروتين الممل وبعضها يكون حله بسيطا جدا ولا يتطلب سوى أن يقوم الموظف المختص بواجبه ويراعى ضميره.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشترط وزارة التربية والتعليم للتحويل من مدرسة لأخرى بالصف الأول الثانوى العام موافقة من ديوان عام الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، فلك أن تتخيل أن مواطنًا من أسوان مثلا أو الوادى الجديد يرغب فى تحويل نجله فعليه أن يتوجه للوزارة ويقطع مئات الكيلومترات للوقوف فى طوابير متكدسة لتقديم طلبه والانتظار أسبوعا على الأقل للحصول على رد، فى حين أن هذه الخدمة يمكن أن تقدم له فى بلده بكل يسر دون أن يتحمل مشقة السفر والانتقال والدخول فى صدامات مع نوعية الموظفين إياهم.
حقيقة نحن بحاجة لثورة على البيروقراطية والروتين والفساد داخل الجهاز الإدارى للدولة، ففى ظل ما تشهده البلاد من تنمية ونهضة شاملة فى مختلف القطاعات يجب أن تمتد يد المساءلة والرقابة لصغار الموظفين الذين يتحكمون فى مفاصل العمل داخل الدواوين المختلفة للوزارات والهيئات والإدارات والمديريات وترتبط أعمالهم بمصالح الجماهير والمستثمرين ويمارسون الفساد بمختلف اشكاله وصفاته.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: زمن طويل المصالح الحكومية مصالح المواطنين
إقرأ أيضاً:
مالية البرلمان تبدي موقفا جديدا بشأن سلم الرواتب: عدد الموظفين ارتفع
الاقتصاد نيوز - بغداد
أكد عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، أن ملف سلم الرواتب يقع ضمن اختصاص الحكومة.
وأوضح الكاظمي، أن "العدد ارتفع خلال سنة من تولي حكومة السوداني إلى 4.2 مليون موظف، نتيجة تثبيت العقود"، مشدداً على أن "هذا التغيير يستدعي إعادة النظر في تنفيذ سلم الرواتب، واحتسابه وفقاً للأعداد الجديدة، وهو ما يتطلب موارد مالية كبيرة يجب أن توفرها الحكومة".
وأشار الكاظمي إلى أن "رواتب الموظفين والمتقاعدين – الذين يزيد عددهم عن 3 ملايين – فضلاً عن مخصصات الحماية الاجتماعية، تشكل عبئاً مالياً كبيراً يصل إلى نحو 90 تريليون دينار"، محذراً من أن "الأزمة المالية الحالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط ستنعكس سلباً على مجمل الموازنة العامة".
ودعا الكاظمي إلى اعتماد "منهج جديد في إدارة الدولة، يبتعد عن الاعتماد الكلي على النفط"، مطالباً الحكومة ومجلس النواب والكتل السياسية بـ"بذل الجهود لزيادة الإيرادات غير النفطية، ووضع خطط استراتيجية بديلة، بدلاً من الاكتفاء ببيع 3.5 مليون برميل نفط يومياً لصرف الرواتب في نهاية كل شهر".
واشار الى، ان "هذا الملف نوقش في وقت سابق ضمن الحكومة السابقة، وتم تشكيل لجنة تضم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووزارات المالية والتخطيط، وديوان الرقابة المالية، وجهات أخرى، لغرض إعداد سلم جديد للرواتب، حينما كان عدد الموظفين يبلغ 3.2 مليون موظف".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام