حياة حقيقية ومختلفة.. قرية فرنسية يعاني جميع سكانها من الخرف
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
جنوب غربي فرنسا، تقع قرية تختلف عن بقية قرى العالم وتدعى "لانديه ألزهايمر" إذ يعاني جميع سكانها من مرض خرف الشيخوخة.
في هذه القرية لا يتطلب الامر من سكانها حمل محفظة النقود عند التوجه لمتجرا يقع في الباحة الرئيسية ويوفر أصناف البقالة البسيطة، مثل رغيف الخبز الفرنسي "الباغيت"، بدون مقابل مالي.
وتضم القرية مطعما مجاور يمثل مركزا للقاءات اجتماعية، رافقت معدة تقرير نشرته بي بي سي مزارع سابق، يدعى فرانسيس، إليه لتناول فنجان من القهوة والحديث .
وسألت فرانسيس عن شعوره عندما أخبره الطبيب أنه مصاب بمرض الخرف "ألزهايمر"، أومأ برأسه، وبعد فترة صمت، قال : "أمر صعب للغاية".
سأعيش حياتي رغم المرض
كان والده يعاني أيضا من مرض ألزهايمر، لكن فرانسيس ليس خائفا، ويقول: "لا أخاف الموت، لأنه سيأتي في يوم ما"،ويضيف: "خلال تلك الفترة سأعيش حياتي رغم إصابتي بالمرض".
ويقول فرانسيس: "أنا هنا كي أعيش، حتى لو كان الوضع ليس هو نفسه"، ويضيف: "إذا استسلمت، فسوف يتغلب عليك المرض. لذا لابد من المضي قدما، وبذل قصارى جهودك".
وعلاوة على المتجر والمطعم، يشجع القائمون على القرية سكانها على حضور المسرح، والمشاركة في الأنشطة، وقال فيليب وفيفيان أنهما لا يزالان يعيشان حياة طبيعية قدر الإمكان حتى بعد تشخيص إصابتهما بالخرف.
يقول فيليب وهو ينظر بعيدا: "نتنزه سيرا على الأقدام، نمشي"، وعندما سؤالهما فيما إذا كانا يشعران بالسعادة، أدار رأسه على الفور، وقال بابتسامة متفائلة: "نعم، نحن كذلك، سعيدان بالفعل".
بعد ذلك، عقب الانتهاء من تناول القهوة وارتداء ملابس التدفئة، عاد الزوجان للتنزه في الحديقة.
لا مواعيد محددة
وتقول مرشدة القرية إن الوقت يمر بطريقة مختلفة هنا، ولا توجد مواعيد محددة لعمل الأشياء أو التسوق أو التنظيف، مجرد إيقاع لطيف لإقناع سكان القرية وتشجيعهم من أجل توفير أكبر قدر ممكن من الحرية لهم.
تخضع القرية لمراقبة دقيقة، وتقول الطبيبة، إيلين أمييفا، إن النتائج الأولية تشير إلى تأثير أسلوب الحياة في القرية بالفعل على حالة المرضى.
وتضيف: "اعتدنا رؤية تدهور المستوى المعرفي بسرعة لدى المرضى عندما يدخلون مؤسسة علاجية، لكننا لا نلاحظ حدوث ذلك في هذه المؤسسة".
وتقول إيلين: "نرصد نوعا من التطور السلس للغاية. لدينا بعض الأسباب التي تشجعنا على الاعتقاد بأن مثل هذا النوع من المؤسسات يمكن أن يؤثر على طريقة العلاج".
كما رصد الأطباء "تراجعا حادا" في الإحساس بالذنب والقلق لدى عائلات المرضى، وتقول دومينيك، مشيرة إلى والدتها موريسيت البالغة من العمر 89 عاما، الجالسة في غرفة نومها: "أشعر براحة بال، لأنني أعلم أنها مطمئنة وآمنة".
تضم الغرفة العديد من صور العائلة واللوحات الفنية وأثاث الأسرة، كما تحتوي على نافذة كبيرة تطل على حديقة.
ونظرا لعدم وجود مواعيد محددة لزيارة سكان القرية، يأتي أهالي المرضى لزيارتهم في الوقت المناسب لهم، وتقول دومينيك إنها وشقيقاتها لم يتوقعن على الإطلاق أن تكون الرعاية جيدة جدا إلى هذا الحد.
وتضيف: "عندما أتركها (والدتها)، أشعر باطمئنان، وعندما أزورها، أشعر كأنني في منزلها، في المنزل مع أمي".
يضم كل شاليه نحو ثمانية أشخاص، وهو مكون من طابق واحد، ويحتوي على مطبخ مشترك وغرف للجلوس وتناول الطعام.
وعلى الرغم من أن سكان القرية يدفعون مساهمة مالية في المؤسسة، إلا أن تكاليف الرعاية، المماثلة لدار رعاية متوسطة، تغطيها بشكل أساسي دائرة الإقليم التابعة للحكومة الفرنسية، التي دفعت 22 مليون دولار تكاليف إنشاء القرية.
وعندما افتتحت القرية في عام 2020، كانت القرية الثانية من نوعها، والوحيدة التي تخضع لمشروع بحثي، ولا يزال يُعتقد أن ثمة أقل من عشرة قرى مثلها في العالم.
بيد أن هذه القرية حظيت باهتمام عالمي، لا سيما من أولئك الذين يبحثون عن حل لمكافحة النمو السريع المتوقع لمرض الخرف.
حياة حقيقية
وداخل مركز لتصفيف الشعر في القرية، تقول باتريسيا، البالغة من العمر 65 عاما، والتي انتهت لتوها من تجفيف شعرها، إن قرية "لانديه ألزهايمر" أعادت لها الحياة، قالت: "كنت أعيش في منزلي، لكنني كنت أشعر بملل".
وتقول: "كان لدي طباخة، كنت متعبة، لم أشعر بأنني في حالة جيدة، كنت أعرف أن مرض ألزهايمر ليس سهلا، كنت خائفة".
وتضيف باتريسيا: "أردت أن أكون في مكان أستطيع فيه تقديم المساعدة أيضا، في دور الرعاية الأخرى، يكون الأمر محددا في كل شيء، لكنهم لا يفعلون أي شيء".
وتضيف: "أما هنا، فتوجد حياة حقيقية، وعندما أقول حقيقية، أعني أنها بالفعل حقيقية"، ويدفع مرض خرف الشيخوخة، في كثير من الأحيان، المصابين به إلى الانعزال.
لكن الأمر يختلف هنا في هذه القرية، إذ يوجد إحساس قوي بالانتماء للمجتمع، كما يهتم الناس حقا برؤية بعضهم بعضا والمشاركة في الأنشطة.
ويقول الباحثون إن هذا الجانب الاجتماعي يمثل مفتاح الاستمتاع بحياة أكثر سعادة، وربما أكثر صحة، في ظل الإصابة بمرض الخرف.
ويعيش في القرية نحو 120 شخصا، ونفس العدد من فريق المتخصصين في الرعاية الصحية، وبعض المتطوعين.
ويمنح المتخصصون الدعم الكامل لكل ساكن يعاني من تقدم في حالته المرضية.
وعلى الرغم من أن هذه المرحلة تمثل شتاء في حياة هؤلاء السكان، إلا أن فريق العمل في القرية هنا يعتقدون أنه شتاء يأتي ببطء ترافقه سعادة طوال الرحلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم فرنسا خرف مواعيد حياة حقيقية سعادة خرف فرنسا سعادة مواعيد حياة حقيقية حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی القریة
إقرأ أيضاً:
بعد صراع مع ألزهايمر.. لبنان يودّع أنطوان كرباج عن 90 عاما
توفي الممثل اللبناني أنطوان كرباج مساء أمس الأحد عن عمر ناهز 90 عاما، بعد صراع مع مرض ألزهايمر الذي أفقده الذاكرة في سنواته الأخيرة، تاركا خلفه إرثا فنيا غنيا امتد لعقود، شكل خلالها أحد أعمدة المسرح والتلفزيون اللبناني.
وتوفي كرباج في "بيت القديس جاورجيوس" لرعاية المسنين في بيروت، حيث كان يقيم منذ عام 2020 نظرا لحاجته إلى رعاية طبية متخصصة بسبب حالته الصحية. وكان أفراد عائلته قد أكدوا أنه انتقل للعيش هناك بعدما اشتد عليه المرض، مما جعله غير قادر على التعرف على محيطه.
وكان أنطوان كرباج ولد عام 1935 في قرية زبوغا بمحافظة جبل لبنان، وظهرت موهبته التمثيلية مبكرا، حيث بدأ التمثيل على خشبة المسرح الجامعي في أواخر خمسينيات القرن العشرين. في الستينيات، التحق بمعهد المسرح الحديث التابع للجنة مهرجانات بعلبك الدولية تحت إدارة منير أبو دبس، حيث صقل موهبته وأصبح جزءا من فرقة المسرح الحديث، التي كان لها دور ريادي في الحركة المسرحية اللبنانية والعربية.
كان كرباج أحد أبرز نجوم المسرح اللبناني، خاصة في مسرحيات الأخوين رحباني، حيث قدم شخصيات أيقونية مثل:
فاتك المتسلّط في "جبال الصوان" (1969) الوالي في "صح النوم" (1971) الملك غيبون في "ناطورة المفاتيح" (1972) القائد الروماني في "بترا" (1977) اليوزباشي عسّاف في "صيف 840" (1988)وكان حضوره القوي وأداؤه المتقن عاملا رئيسيا في نجاح هذه الأعمال، خاصة مع الفنانة فيروز، حيث أضاف بصوته الجهوري وأدائه المسرحي أبعادا درامية عميقة للشخصيات التي جسدها.
إعلان إبداعه في الدراما التلفزيونيةلم يقتصر تألق كرباج على المسرح، بل امتد إلى التلفزيون، حيث قدّم أدوارا خالدة في أعمال متنوعة، من أبرزها:
جان فالجان في "البؤساء" (1974) المقتبس عن رواية فيكتور هوغو المفتش في "لمن تغني الطيور" (1976) بربر آغا في "بربر آغا" (1979)، أحد أبرز الأعمال الدرامية في تاريخ التلفزيون اللبنانيكما شارك في العديد من المسلسلات اللبنانية والعربية، مثل "ديالا" و"أوراق الزمن المر"، ما عزز مكانته كأحد أعمدة الدراما اللبنانية.
امتدت موهبة كرباج إلى الأعمال المستوحاة من الأدب العالمي، حيث تألق في أدوار مسرحية مثل:
ماكبث في "ماكبث" لشكسبير أوديب في "أوديب ملكا" الملك فيليب في "الملك يموت" ليونيسكو وتميز بأدائه العميق والمتقن لهذه الأدوار، مما جعله ممثلا عالميا بتقدير النقاد والجمهور. تكريم ووداعونعت نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان الراحل، قائلة في بيانها، "غادرنا عظيم من بلادنا. بدأ حياته ملكا وبقي كذلك طيلة مسيرته الفنية. قامة مسرحية ودرامية أغنت المكتبة الإبداعية بالعديد من الأعمال العظيمة".
ذاكرة التلفزيون والمسرح مش ممكن تنسى شخصية تاريخية وقيمة فنية متل أنطوان كرباج. بربر آغا وفاتك المتسلط والملك زيدون وميات الأدوار اللي صارت من تراث لبنان الفكري. الله يرحمو وأحر التعازي لعيلتو ومحبينو pic.twitter.com/5OcKkHn9XD
— Elissa (@elissakh) March 17, 2025
تسدل الستارة اليوم عن حقبة ذهبية من تاريخ المسرح والتلفزيون اللبناني …#انطوان_كرباج "والي" المسرح الرحباني يرحل تاركا #لبنان و مدينة الشمس وأدراجها في حزن عميق وهو الذي لقب بعاشق بعلبك pic.twitter.com/F7uU6bGnOk
— Samy Gemayel (@samygemayel) March 16, 2025
خسرنا فنان كبير من بلدنا.. #أنطوان_كرباج
إيام ما بتتكرر جمعتنا، وتركت بقلبي ذكريات كتير بمسرحية زنوبيا للكبير منصور الرحباني!
عملاق بالفن، وحضوره كان المعنى الحقيقي لكلمة كاريزما، الأدوار اللي قدمها بمسيرته طبعت بذاكرتي وكانت مصدر إلهام بطفولتي وخلّت شغفي للمسرح يزيد.. كان ملهم… pic.twitter.com/Jgw8QyXeY8
— Carole Samaha (@CAROLE_SAMAHA) March 17, 2025
مسيرة كبيرة ختمها الممثل القدير #أنطوان_كرباج اليوم. غياب الجسد ما بيمحي أعمال حلوة طبعت ذاكرتنا ورح تضل معنا.
الله يرحمه ويصبر عيلته????????
— Nancy Ajram (@NancyAjram) March 16, 2025
وداعا الكبير العظيم #انطوان_كرباج ????
الكلام ما بيوصف حجم الإبداع والبصمة يلي تركها بالدراما والمسرح اللبناني، بس أكيد إسمه رح يبقى محفور بتاريخ الفن. تعازيّي لعيلته وللوسط الفني، نفسه بالسما ???????? pic.twitter.com/9mD0Ws7wvL
— Carmen Lebbos – كارمن لبس (@C_lebbos) March 16, 2025
التاريخ.. ما بيموت.. #نزارفرنسيس١ #ش_م #وداعاً_أنطوان_كرباج pic.twitter.com/J2YHTh5xV3
— Nizar Francis (@NizarFrancis1) March 16, 2025
الدراما خسرت عملاق اليوم. ممثل قدير لعب أدوار ما حدا منا بيقدر ينساها. بعزّي عيلته والراحة لنفسه. #انطوان_كرباج
— Daniella Rahme (@DaniellaRahme) March 16, 2025
إعلانوبعد مسيرة امتدت لأكثر من 6 عقود، غاب أنطوان كرباج عن الأضواء في سنواته الأخيرة بسبب تدهور وضعه الصحي، لكنه بقي حاضرا في ذاكرة المسرح والتلفزيون اللبناني كأحد رواده وأبرز وجوهه، لتظل أعماله شاهدة على عظمة فنه وإرثه الثقافي الذي لا ينسى.