المدارس السودانية في مصر.. قوائم انتظار كبيرة ورسوم مرتفعة
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
تتوسط مدرسة فيصل للتعليم السوداني، عدة مدارس مصرية في منطقة المريوطية بمحافظة الجيزة جنوب العاصمة القاهرة، وتضم المدرسة مئات الطلاب السودانيين في مراحل تعليمية مختلفة بدءاً من الابتدائية وحتى الثانوية.
وعلى عكس توقف الدراسة في العاصمة الخرطوم جراء النزاع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ 15 أبريل، فتحت مدرسة فيصل وغيرها من المدارس والمراكز المجتمعية في مصر، أبوابها معلنة انطلاق عام دراسي جديد للطلاب السودانيين في مصر سواء المقيمين أو النازحين.
“الشرق” التقت عدداً من الطلاب والمعلمين في المدرسة، للتعرف على مسار التعليم، وأهم التحديات في ظل توقف الدراسة في الخرطوم وبعض المناطق السودانية.
هبة إبراهيم، مدرسة لغة إنجليزية في المدرسة، قالت إن المدارس السودانية في مصر تلتزم نفس المنهج التعليمي الذي وضعته وزارة التربية والتعليم في السودان، ويُطَبَّق في مدارس السودان، مشيرة إلى أن هناك تحديات باتت تواجه الدراسة هذا العام بسبب ارتفاع عدد الطلاب في الفصول، إذ زاد العدد بنسبة كبيرة وصل إلى 25 طالباً، في الفصل مقارنة بـ10 أو 15 طالباً العام الماضي.
وأضافت لـ”الشرق”، أن بعض الطلاب يتأخرون في الالتحاق بالدراسة، وبالتالي يُعَاد المنهج مرة أخرى حتى يلحقوا بمستوى زملائهم، موضحة أن المدرسة تؤدي دوراً توعوياً ومجتمعياً لدمج الطلاب الجدد مع زملائهم.
وذكرت هبة إبراهيم، بعض المواقف التي حدثت العام الجاري، وحملت طابعاً إنسانياً، منها أن بعض الطلاب الذين التحقوا بالمدرسة متأخرين فوجئوا بوجود طلاب كانوا يدرسون معهم في نفس الفصل بالسودان وهو ما هون عليهم كثيراً مرارة النزوح.
في منطقة ليست بعيدة عن مدرسة فيصل، تقع بعض المراكز المجتمعية التعليمية في أحد شوارع منطقة الهرم، والتي باتت قبلة السودانيين الفارين من جحيم المعارك، لكن هذه المراكز تخلو من وجود مساحات خضراء أو ملاعب، لأنها مجرد وحدات سكنية تحتل طابقاً أو طابقين في عقار سكني، وقسّمت غرفها إلى فصول لاستيعاب بعض الطلاب خاصة غير القادرين على دفع تكاليف الدراسة في المدارس التقليدية.
رشا عثمان، المسؤولة عن أحد المراكز المجتمعية التعليمية في منطقة الهرم، قالت إن المركز لا يقدم الخدمة التعليمية للطلاب السودانيين فقط، وإنما يقدم لهم الدعم النفسي والمعنوي لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع المصري، ومحو آثار الحرب السلبية التي أثرت في نفوس كثيرين من الفارين من جحيم المعارك.
وأشارت رشا عثمان في تصريحاتها لـ”الشرق”، إلى أن عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز المجتمعية شهد ارتفاعاً بنسبة تجاوزت 80%، فضلاً عن وجود المئات من الطلاب في قوائم الانتظار، موضحة أنهم ينتظرون توفيق أوضاعهم مع مفوضية شؤون اللاجئين في مصر، بسبب اعتماد هذه المراكز بنسبة كبيرة على بعض المعونات والمنح التي تقدمها المفوضية.
لكن رئيس تجمع المدارس والمراكز السودانية في مصر، عماد ياسين، يقول إن الزيادة وصلت إلى نحو 90% في 200 مؤسسة تعليمية، فيما لا يزال أكثر من 10 آلاف طالب في قوائم الانتظار.
من جانبها، قالت المتحدثة الرسمية باسم مفوضية شؤون اللاجئين في مصر، كريستين بشاي، إن الوافدين ممن تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عاماً، يشكلون 33.5% من إجمالي اللاجئين في مصر، وبالتالي فهم في حاجة ماسة إلى خدمات تعليمية مناسبة.
وأضافت لـ”الشرق”، أن المفوضية توفر للاجئين من دول مختلفة بمن فيهم السودانيون، إمكانية الوصول إلى النظام العام على قدم المساواة مع المصريين، موضحة أنه استناداً إلى الاحتياجات التي حددتها الحكومة المصرية، فإن المفوضية توفر التدريب للمعلمين، وتدعم تجديد المدارس وتوريد المعدات والأثاث وغيرها من الضروريات لمساعدة المنشآت المصرية في استيعاب اللاجئين، علاوة على ذلك، تقدم منحاً تعليمية إلى أسر اللاجئين وطالبي اللجوء الذين لديهم أطفال مسجلون في المدارس الحكومية.
ولفتت بشاي، إلى “مشروع مدارس الشبكة الفورية” الذي يوفر احتياجات الموارد التعليمية للاجئين من خلال تحويل الفصول الدراسية إلى مراكز وسائط متعددة، كما يوفر للاجئين والمعلمين والمجتمعات المضيفة، إمكانية الوصول إلى الأدوات والموارد الرقمية والمحتوى المتوافق مع المناهج المحلية والاتصال بالإنترنت.
لا يتمكن بعض أولياء الأمور من إدخال أبنائهم إلى بعض المدارس؛ بسبب ارتفاع قيمة الرسوم، ويلجأ البعض إلى المراكز المجتمعية التعليمية، نظراً لانخفاض قيمة مصروفاتها مقارنة بالمدارس، فيما يفضل آخرون، الانتظار حتى استقرار الأوضاع في السودان والعودة إلى ديارهم.
وتواجه المدارس السودانية في مصر، تحديات عدة، أبرزها امتحانات الشهادات النهائية خاصة الثانوية العامة، وفي ظل استمرار توقف الدراسة في السودان يبدو أنه لا مجال لعقد امتحانات هذا العام لطلاب الثانوية العامة سواء داخل السودان أو خارجها.
رئيس تجمع المدارس والمراكز السودانية في مصر، قال إن الامتحانات هي أبرز التحديات التي تواجه الدراسة بالمدارس السودانية في مصر، مشيراً إلى أن هناك بعض الخيارات حال استمرار تعليق الدراسة في السودان، ومنها عقد امتحانات الشهادة الثانوية على منهج جنوب السودان الذي يتشابه مع منهج السودان، أو الامتحانات المصرية، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم في القاهرة.
ويوجد 11 ألفاً و500 طالب سوداني مسجلين في المدارس الحكومية المصرية، بحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم.
وأوضح ياسين، في تصريحاته لـ”الشرق”، أن “بقية المراحل التعليمية لن تواجه مشكلة؛ لأن الامتحانات تأتي من السفارة السودانية بالقاهرة، وليست مركزية، ويتم إجراؤها حسب كل ولاية، وبالتالي نفضل الاتجاه أو الانتماء إلى ولايات آمنة”.
تحديات أخرى تشير إليه المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين، منها عدم توافر المعايير الخاصة بالمنشآت التعليمية في المدارس السودانية، مثل المساحة الكافية لتلقي الدروس، أو لممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية.
ولفتت بشاي، إلى أن الطلاب يدرسون المنهج السوداني، وبالتالي يجب عليهم دفع الرسوم بالدولار كشرط لدخول امتحان نهاية الشهادات الابتدائية، والإعدادية والثانوية، وهي ما لا تستطيع كل الأسر توفيره خاصة الفئات الأكثر احتياجاً من اللاجئين، علاوة على أن المشكلة القائمة في السودان تؤثر بشكل مباشر على سير العملية التعليمية بصفة مباشرة مع بعد المسافة لارتباط هذه المدارس المجتمعية بالتوقيتات المعلنة لبداية ونهاية العام الدراسي في السودان.
وتفيد إحصاءات مفوضية شؤون اللاجئين، بأن مصر تستضيف 462 ألف لاجئ وطالب لجوء من 59 دولة حتى 19 ديسمبر، يشكلون السودانيون الأغلبية منهم بـ198 ألف شخص مسجل.
والأرقام التي تذكرها المفوضية هي المسجلة لديها فقط، من إجمالي 9 ملايين مهاجر ولاجئ من 133 دولة، بينهم نحو 4 ملايين سوداني، و 1.5 مليون سوري، ومليون يمني، ومليون ليبي، وتشكل الجنسيات الأربعة 80% من المهاجرين المقيمين في مصر، بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
الشرق للأخبار
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی السودان الدراسة فی فی المدارس لـ الشرق إلى أن
إقرأ أيضاً:
أزمة صفوف النقل والشهادة الإعدادية بالقاهرة.. نتائج مشوهة وغضب عام يعصف بالمنظومة التعليمية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة، نتائج الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الأول للعام 2024/2025 أمس الأول الأحد، وسط أجواء من الجدل والغضب بسبب سلسلة من الإخفاقات التي شابت العملية الامتحانية، بدءًا من مراحل صفوف النقل وصولًا إلى إعلان النتائج.
شهدت الفترة الماضية شكاوى واسعة من أولياء الأمور حول عدم تكافؤ الفرص بين الطلاب في ظل تفاوت صعوبة الأسئلة من إدارة تعليمية إلى أخرى، إلى جانب وجود أسئلة تعجيزية لا تتماشى مع المواصفات الامتحانية المعتمدة من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، خاصة في امتحانات النقل.
تفاقمت المشكلة بعد إعلان النتيجة حيث رصد العديد من الطلاب وأولياء الأمور أخطاء في النتائج الأولية المتاحة عبر الرابط الإلكتروني المخصص لذلك.
النتائج المعلنة الكترونيًا لم تتطابق مع الدرجات التي ظهرت لاحقًا عند استلامها من المدارس، مما أثار حالة من الارتباك وانتقادات واسعة تجاه منظومة التصحيح.
الإخفاقات لم تقف عند هذا الحد، إذ شهدت الامتحانات أيضًا مخالفات صريحة لتوجيهات وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور محمد عبد اللطيف، التي تمنع مشاركة معلمي الحصة في عمليات التصحيح والمراقبة، نظرًا لغياب أي مسؤولية قانونية تقع عليهم.
ورغم تأكيد مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، سماح إبراهيم، أن التعليمات قد تم تطبيقها بالفعل وأن أي مخالفة سيتم التعامل معها بصرامة، أشار عدد كبير من معلمي الحصة إلى أنهم شاركوا بالفعل في أعمال المراقبة والتصحيح دون تلقي أي مقابل مادي.
الشهادة الإعداديةعلى صعيد آخر، انتشرت تداول امتحانات الشهادة الإعدادية عبر جروبات الغش على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد دفع استمرار ذلك إلى اتخاذ مديرية التربية والتعليم قرارا بتأجيل اختبار مادة التربية الدينية بعد ورود أنباء عن تسريبه.
كما أثار التأخير في إعلان النتيجة انتقادات إضافية، في حين لم يخرج مسئول بالمديرية يحدد موعد إعلانها، وقد بلغت نسبة النجاح هذا العام 72.94% مقارنة بنسبة 78.4% العام الماضي.
كما وفرت المديرية وسائل متعددة للحصول على النتيجة، بما في ذلك الاتصال بالأرقام الأرضية والمحمولة بمقابل مادي.
في ضوء ذلك، تعلن مديرية التربية والتعليم بالقاهرة فتح باب التظلمات على نتيجة الشهادة الإعدادية اعتبارًا من غدًا الأربعاء ولمدة 15 يومًا، مقابل رسوم قدرها 35 جنيهًا للمادة.
يبقى التساؤل على لسان المعلمين وأولياء الأمور: إلى متى تستمر هذه الأزمات التي تؤثر على مصداقية العملية التعليمية ومستقبل آلاف الطلاب؟