بينما كان مستغرقًا في نقاشه مع الأخصائي الاجتماعي لمدرسة ابنه أثناء زيارة اعتيادية لمعرفة سلوكه، أُدخِل المكتب طالب تبيَّن فيما بعد أن ولي أمره كانت جدته وهي امرأة كبيرة في السِّن.
استأذن الرجل بالخروج ليتيح للطالب وجدَّته الحديث بأريحية عما قدِما للتحدث عنه، لكن المعلم طلب منه الجلوس والاستماع إلى «الحالة» التي من الواضح أنها تتكرر قائلًا: «اليوم ستتأكد أنني أعني ما أقول وأن هناك عددا ليس بالقليل من الطلاب من هم بحاجة إلى اهتمام من قبل المؤسسة الرسمية والمجتمع».
ما إن طرح المعلم سؤاله الأول حول أسباب غياب الطالب وانحدار مستواه التحصيلي، حتى انفجرت الجدة بالبكاء وأعادت من جديد المبررات نفسها التي تتكرر من أولياء أُمور مرّوا من هذا المكتب، وهي وجود الوالد في السجن بسبب تعاطيه المخدرات أو زواج والدة الطالب من شخص آخر أو اضطراره للعمل حتى يوفر لأسرته لقمة العيش.
ساد صمت طويل لم يقطعه سوى تدخل الطالب الذي بدأ دون مقدمات في شرح قصة أُسرته الغارقة حتى أذنيها في التزامات لا مهرب منها وديون ومطالبات كثيرة وفواتير يتوجّب سدادها ترتب على بعضها توقف الخدمة.. فتح الطالب كذلك ملف السكن وذكر أنه وإخوته وجَدَّتهُ مهددون بالطرد حال لم يتمكنوا من سداد الإيجار المتراكم.
تحدّث بحرقة عن أُخته التي تعاني من الاكتئاب بسبب الظروف المعيشية وأخيه الأصغر الذي أدمن على «التنباك» ووالدته التي انتقلت مع زوجها الجديد خارج مسقط.
فجأة، ألقى على الأخصائي وضيفه سؤالا واسعا يتضمن سيلًا من الأسئلة تُظهر مدى ما بلغه من يأس وإحباط قائلًا: ماذا عليّ أن أفعل الآن؟ توقف قليلًا، ثم أردف: لو كان أيكما في مكاني كيف سيتصرف؟ هل سيسمح لإخوانه وأخواته أن يموتوا جوعًا؟
استأنف يقول وسط تأثر الضيف ودهشته: ما أسهل أن نُلقي باللوم ونوزع الاتهامات الجاهزة على الآخرين ونحن نجهل كيف تسير حيواتهم.. كم هو هينٌ التنظير وابتداع أساليب نجزم أنها فعّالة لحل إشكالات لم نسمع عنها أو نشاهدها سوى في المسلسلات والأفلام الخيالية التي تنفصل عن الواقع.
بعدها أطلق من صدره زفرة طويلة.. أخذ بيد جدَّته مُتّجهَيْن نحو الباب.. شوهدا بعد دقائق يصعدان حافلة أُجرة، اختفت في لحظة عن الأنظار.
آخر نقطة ..
«توقفتُ عن زيارة طبيبي النفسي، عندما تأكدتُ أنه شفي تمامًا».
وودي آلان
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
والدة محمد تكشف حالته النفسية وتفاصيل الحروق في جسمه
#سواليف
قالت أم ماجد والدة الطالب محمد الحميدي الذي تعرض للحرق على يد طالبين آخرين، الخميس، إنه يشعر بالتعب الشديد بسبب الحروق التي تعرض لها، لافتة إلى أن الحروق في منطقة البطن أصبحت عميقة وسيقوم الأطباء بإجراء تجميلي له على مبدأ الرقع.
وأضافت خلال مداخلة هاتفية عبر برنامج صوت المملكة، أن حالته النفسية “محطمة” لأنه لا يستوعب لماذا تعرض لحادث الحرق من قبل طلبة آخرين “دون ذنب”.
وذكرت أن طفلها الحميدي “حالة الحرق ببطنه عميقة، وسيقوم الأطباء بإجراء عملية تجميل من أجل ترقيع للبطن الخارجي، مؤكدة أن وضعه النفسي سيء جدا”.
مقالات ذات صلةوقرّرت لجنة التحقيق المشكّلة من قبل وزارة التربية والتعليم بخصوص حادثة الطالب محمد الحميدي؛ والذي تعرض للحرق على يد طالبين آخرين، إيقاف مدير مدرسة خالد بن الوليد التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء الرصيفة عن العمل وإحالته للمجلس التأديبي لعدم قيامه بالواجبات الوظيفية الموكلة إليه بدقة