لجريدة عمان:
2024-07-06@12:48:50 GMT

رمزية «موسم الثقافة العُمانية»

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

مع سياسات الانتقال إلى اللامركزية، وتنشيط اقتصاديات المحافظات؛ قدمت محافظات سلطنة عُمان خلال السنتين الماضيتين محاولات ملفتة في سبيل تعزيز الحراك الثقافي فيها، ونقصد هنا الثقافة بمفهومها الواسع؛ متضمنة شقها المعنوي والمادي. فسعت بعض المحافظات إلى إحياء بعض الأماكن التراثية والتاريخية والاستفادة منها كعوامل جذب للسياح ولأهالي المحافظات، وسعى بعضها إلى إقامة المهرجانات والاحتفالات التي تستند في جزء كبير من مضامينها إلى الفنون الشعبية، وأنماط الثقافة المرتبطة بتدبير العيش اليومي، والفنون المرتبطة بالانتاج والمناسبات الاجتماعية.

هذا عوضًا عن الثقافة في شقها الأدبي، والتي حظيت على مستوى «المركز» والـ «اللامركز» بحيز جيد من النشاط التنموي خلال الفترة الماضية. إضافة إلى نشاط التكوينات الثقافية المدنية، المتمثلة في المكتبات، ومجموعات القراءة، والأندية، وفي شقها غير الأدبي متمثلة في الحفاظ على الموروث الثقافي رمزيًا في مختلف المناسبات والأحداث المحلية. إذن شكلت مواسم المحافظات ومهرجاناتها وفعالياتها عينة اختبار أصيل لمختلف مكون الثقافة العُمانية، وقابلية هذه العناصر للإبداع والتجديد والتضمين في المنتج الاقتصادي، وعلى الوجه الآخر قابليتها للإدماج في مفهوم «الترفيه» كرافعة اقتصادية وتنموية. وهو ما يتطلب خلال المرحلة المقبلة، التركيز على تطوير هذا المنتج (استراتيجيًا)؛ وذلك عبر فعاليات جامعة يكون لها أثرها الاقتصادي من ناحية، والبنيوي في تطوير بنية الثقافة من ناحية أخرى.

هناك ممكنات يمكن البناء عليها في التحول المنشود؛ أولها وجود تمرس مسبق في تنظيم الفعاليات المرتبطة بالشق الثقافي ومنها (مهرجان الثقافة العُماني)، والذي يُمكن البناء على فكرته وتوسيعه وتطويره، عوضًا عن تمرس بعض المؤسسات غير الحكومية في إقامة وتنظيم الفعاليات والمواسم الثقافية. وهناك أيضًا الجوائز الثقافية وعلى رأسها الجائزة الأهم (جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب)، والتي تعد من أرفع الجوائز في سياق الثقافة على مستوى المنطقة العربية. أما الممكن الثالث فهو ممكن التنوع، ونقصد به ثراء الثقافة العُمانية في تكوينها الأدبي والاجتماعي وتنوعها وتقاطعها عبر المحافظات، وهو ما يمثل فرصة سانحة لتطوير منتج ثقافي واقتصادي متجدد ومتنوع، عوضًا عن تمرس العُمانيين أنفسهم للثقافة، وتكمن دلالة ذلك في الأرقام التي يسجلها على سبيل المثال معرض مسقط الدولي للكتاب سنويًا، والعُمانيون المنخرطون في الصناعات الثقافية المختلفة كالمسرح، والفنون الغنائية، والفنون التشكيلية، عوضًا عن الأدباء الذين سطروا خلال السنوات الماضية تحديدًا أسماءهم في صدارة المسابقات والجوائز الثقافية. الممكن الرابع هو انفتاح الدولة على الفعل الثقافي واهتمامها بعنصر الثقافة بوصفه وسيطًا حافظًا للديمومة الاجتماعية، وندلل على ذلك بالتوجه الأخير بفتح المجال للاستثمار في المباني التراثية والتاريخية وتنشطيها، وربط الجيل بها، والانخراط مع الدول الأخرى في أنشطتها ومناسباتها الثقافية. كل هذه الممكنات تشير إلى أن البيئة الثقافية في عمومها من الممكن أن تدفع في اتجاه تطوير منتجات جديد وخلق مشهد ثقافي أكثر فاعلية خلال السنوات المقبلة.

ما نقترحه هنا هو استحداثُ موسمٍ جامعٍ تحت مسمى (موسم الثقافة العُمانية)، وهي فعالية تنشط (المركز) و (اللامركز)، عبر حدث يتزامن تنظيمهُ في كل محافظات سلطنة عُمان، يعنى بالدرجة الأساس بتنشيط كل أشكال الثقافة العُمانية، وفقًا للثيمة الثقافية الطابعة لكل محافظة، ويقدمها وفق روزنامة محددة ومركزية، ويكون في الآن ذاته موسمًا لتوزيع الجوائز الثقافية الكبرى، واستنبات جوائز ثقافية جديدة في مختلف حقول الثقافة. وليكن من بين تلك الأفكار تقييم الاستثمار الأمثل للمباني التراثية والتاريخية، واستقطاب الرواة والأدباء في أيام ثقافية، وجمع الفعاليات والمهرجانات المتصلة بالمسرح العُماني ضمن نطاق الموسم، والمهرجانات المرتبطة بتقديم المأكولات العُمانية بطريقة مبتكرة وجذابة، عوضًا عن الفعاليات المتفرقة المرتبطة بالفنون التشكيلية. تتلخص الفكرة هنا في جمع أكبر قدر من الأنشطة والفعاليات الثقافية ضمن منصة واحدة، وضمن تنافسية واضحة للمحافظات لتقديم أجندتها وجدول فعالياتها المستند إلى ما تحتويه من مكون وميز ثقافية، هذا عوضًا عن الفعاليات الرئيسية الكبرى داخل المركز، والتي يمكن أن يكون المساهم الأول فيها المؤسسات الرسمية. سيحرك الموسم في تقديرنا عناصر عديدة للجذب السياحي، وسيمكن الأفراد من تخير الفعاليات والأنشطة التي تحوز اهتمامهم عبر المحافظات المختلفة في آن واحد، وهو ما سيعزز اقتصاديًا من حرك التنقل والسياحة الداخلية، كما أنه سيوحد المصادر التي تمول وتدعم من خلالها هذه الأنشطة، وقد يرتقي لاحقًا بعد عدة سنوات إلى تكوين صناديق متخصصة في تمويل الأنشطة الثقافية.

ومن المكاسب المتوقعة أيضًا تعزيز فعل الصناعات الإبداعية، وتحويلها إلى عنصر اقتصادي مساهم في الدورة الاقتصادية، هذا إلى جانب التمرس في تنشيط وتبني الأحداث الضخمة، وتسويقها على الأقل للمنطقة. ويمكن سلطنة عُمان من إيجاد التنوع في المواسم، بحضور الموسم الجاذب الآخر هو موسم خريف ظفار. ويوازن في الوقت ذاته بين نشاط المركز واللامركز ويسلط الضوء على حجم الثراء الثقافي والفاعلين الثقافيين في مختلف الحقول. على الصعيد الاقتصادي كذلك سيمنح تكوين مثل هذا الموسم نشاطًا أوسع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفي كل مجالاتها، سواء تلك العاملة في مجالات التغذية، أو التسويق والاتصال والإعلام، أو التنظيم والفعاليات، أو المرتبطة بالجوانب اللوجستية وغيرها. عوضًا عن مضاعفة المكتسب الذي تحقق في بعض مواسم المحافظات بتنشيط اقتصاديات الأسر المنتجة، كونها كانت فاعلًا ومستفيدًا أساسًا من تحول الأنشطة إلى اللامركز. وفي المجمل فإن ما تشكله الثقافة العُمانية في مكنونها من مقومات اقتصادية وفرص استثمارية، يعد رافعة تنموية يمكن البناء عليها والاعتداد بها كأحد مجالات التنوع الاقتصادي. غير أن هذه الفكرة في ذاتها لا تلغي النشاط المستقل للمحافظات، ودفعها نحو تكوين أنشطتها الثقافية المستقلة. وإنما تشكل موسمًا مركزيًا يمكن أن يمتد على سبيل المثال على مدار شهر واحد، وليكن في بداية العام. ثم يمكن للمحافظات إثراء المشهد كذلك بفعاليات دائمة ومستقلة استنادًا إلى عوامل/ ميز/ أوقات الجذب المناسبة للساكنين فيها.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الثقافة الع مانیة عوض ا عن موسم ا

إقرأ أيضاً:

"المبدع الصغير" ضمن مبادرة ثقافتنا في أجازتنا بثقافة الفيوم

شهد فرع ثقافة الفيوم، عددا من الفعاليات الثقافية والورش الفنية، التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، في إطار برامج وزارة الثقافة.

يأتي هذا فى إطار الفعاليات التي ينظمها الفرع تحت إشراف إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، بقصر ثقافة الفيوم وبيوت الثقافة الفرعية.

وفي السياق، واصلت مكتبة الطفل والشباب بسنورس فعاليات ورشة المبدع الصغير تضمنت ورشة دراما "كتابة العمل المسرحي" تدريب وإشراف إميل الفنس، في إطار مبادرة ثقافتنا في أجازتنا، تضمنت الفعاليات التدريب على كيفية صياغة الحدث الدرامي (بداية - وسط - نهاية) وتعريف المتدربين ما هو الدافع الدرامي (القصد الجنائي بلغة القانون) وأهميته للعمل المسرحي، ثم كيف ننتقل منه لحل تلك العقدة بعد الوصول لذروة الأحداث، وتوعية المتدربين على أهمية هذا التدريب لرفع قدرات الممثل الشامل، تلاها تكليف المتدربين بكتابة قصة قبل حضور الورشة وبحضور الورشة تعلموا القواعد السليمة لكتابة القصة وكيفية تحويلها لمسرحية، وتستمر الورشة يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع الساعة السادسة مساء.

فيما نظمت مكتبة الطفل بمكتبة الفيوم العامة يوم ترفيهي تضمن اكتشاف مواهب في الغناء وإلقاء الشعر، وقام الاطفال بعرض اسكتش مسرحي بعنوان "اكتشف موهبتك"، إشراف هناء حسن مسئول مكتبة الطفل بالموقع، فيما عقد قسم أطلس المأثورات بفرع ثقافة الفيوم، بمكتبة الفيوم العامة، ورشة حكى شعبى البطولات الشعبية أدارها الباحث ياسر حمدى سيد كبير باحثى أطلس المأثورات، تناولت الورشة سيرة البطل الشعبى على الزيبق وحكاية بطولة الدفاع الجوي خلال حرب الاستنزاف.

محاضرة بعنوان الهوية المصرية بفرع ثقافة الفيوم 

وشهدت مكتبة حى جنوب محاضرة بعنوان الهوية المصرية،أوضح فيها الباحث أسامة محمود عيسوى مفهوم الهوية المصرية وهى مجموعة السمات والقيم التى تتميز بها المصريين عن غيرهم مثل القيم الدينيه والأخلاقية، وقيم العمل والمسئولية تجاه البلد، وسبل تعزيز الهوية المصرية. 

جاءت الفعاليات ضمن الأنشطة المقامة بإشراف إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، والمنفذة بفرع ثقافة الفيوم برئاسة سماح كامل مدير عام الفرع، ضمن البرامج والفعاليات الثقافية والفنية التي ينظمها الفرع بالمكتبات الفرعية وبيوت الثقافة بالقرى والمراكز. 

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة.. بما مضى أم بأمر فيه تجديد؟
  • «قصور الثقافة» تختتم أنشطة ذوي الهمم بمتحف محمد علي
  • عمرو دياب يواصل حفلاته الصيفية بمهرجان العلمين ..الموعد والمكان
  • ديانا حداد تشارك للمرة الأولى في مهرجان العلمين
  • وزير الثقافة لـ«الوطن»: عودة الفعاليات الفنية الدولية المتوقفة قريبا
  • فتح ملفات قصور الثقافة المغلقة.. والنظر لخريطة المهرجانات الفنية
  • غدا.. القومي لثقافة الطفل يستأنف صالون "محبة الوطن"
  • يا وزير الثقافة.. «نحتاج أداءً عكاشيًا»
  • "المبدع الصغير" ضمن مبادرة ثقافتنا في أجازتنا بثقافة الفيوم
  • "ثورة يونيو وتصحيح المسار" محاضرة بفرع ثقافة الفيوم