لجريدة عمان:
2025-04-01@05:37:29 GMT

رمزية «موسم الثقافة العُمانية»

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

مع سياسات الانتقال إلى اللامركزية، وتنشيط اقتصاديات المحافظات؛ قدمت محافظات سلطنة عُمان خلال السنتين الماضيتين محاولات ملفتة في سبيل تعزيز الحراك الثقافي فيها، ونقصد هنا الثقافة بمفهومها الواسع؛ متضمنة شقها المعنوي والمادي. فسعت بعض المحافظات إلى إحياء بعض الأماكن التراثية والتاريخية والاستفادة منها كعوامل جذب للسياح ولأهالي المحافظات، وسعى بعضها إلى إقامة المهرجانات والاحتفالات التي تستند في جزء كبير من مضامينها إلى الفنون الشعبية، وأنماط الثقافة المرتبطة بتدبير العيش اليومي، والفنون المرتبطة بالانتاج والمناسبات الاجتماعية.

هذا عوضًا عن الثقافة في شقها الأدبي، والتي حظيت على مستوى «المركز» والـ «اللامركز» بحيز جيد من النشاط التنموي خلال الفترة الماضية. إضافة إلى نشاط التكوينات الثقافية المدنية، المتمثلة في المكتبات، ومجموعات القراءة، والأندية، وفي شقها غير الأدبي متمثلة في الحفاظ على الموروث الثقافي رمزيًا في مختلف المناسبات والأحداث المحلية. إذن شكلت مواسم المحافظات ومهرجاناتها وفعالياتها عينة اختبار أصيل لمختلف مكون الثقافة العُمانية، وقابلية هذه العناصر للإبداع والتجديد والتضمين في المنتج الاقتصادي، وعلى الوجه الآخر قابليتها للإدماج في مفهوم «الترفيه» كرافعة اقتصادية وتنموية. وهو ما يتطلب خلال المرحلة المقبلة، التركيز على تطوير هذا المنتج (استراتيجيًا)؛ وذلك عبر فعاليات جامعة يكون لها أثرها الاقتصادي من ناحية، والبنيوي في تطوير بنية الثقافة من ناحية أخرى.

هناك ممكنات يمكن البناء عليها في التحول المنشود؛ أولها وجود تمرس مسبق في تنظيم الفعاليات المرتبطة بالشق الثقافي ومنها (مهرجان الثقافة العُماني)، والذي يُمكن البناء على فكرته وتوسيعه وتطويره، عوضًا عن تمرس بعض المؤسسات غير الحكومية في إقامة وتنظيم الفعاليات والمواسم الثقافية. وهناك أيضًا الجوائز الثقافية وعلى رأسها الجائزة الأهم (جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب)، والتي تعد من أرفع الجوائز في سياق الثقافة على مستوى المنطقة العربية. أما الممكن الثالث فهو ممكن التنوع، ونقصد به ثراء الثقافة العُمانية في تكوينها الأدبي والاجتماعي وتنوعها وتقاطعها عبر المحافظات، وهو ما يمثل فرصة سانحة لتطوير منتج ثقافي واقتصادي متجدد ومتنوع، عوضًا عن تمرس العُمانيين أنفسهم للثقافة، وتكمن دلالة ذلك في الأرقام التي يسجلها على سبيل المثال معرض مسقط الدولي للكتاب سنويًا، والعُمانيون المنخرطون في الصناعات الثقافية المختلفة كالمسرح، والفنون الغنائية، والفنون التشكيلية، عوضًا عن الأدباء الذين سطروا خلال السنوات الماضية تحديدًا أسماءهم في صدارة المسابقات والجوائز الثقافية. الممكن الرابع هو انفتاح الدولة على الفعل الثقافي واهتمامها بعنصر الثقافة بوصفه وسيطًا حافظًا للديمومة الاجتماعية، وندلل على ذلك بالتوجه الأخير بفتح المجال للاستثمار في المباني التراثية والتاريخية وتنشطيها، وربط الجيل بها، والانخراط مع الدول الأخرى في أنشطتها ومناسباتها الثقافية. كل هذه الممكنات تشير إلى أن البيئة الثقافية في عمومها من الممكن أن تدفع في اتجاه تطوير منتجات جديد وخلق مشهد ثقافي أكثر فاعلية خلال السنوات المقبلة.

ما نقترحه هنا هو استحداثُ موسمٍ جامعٍ تحت مسمى (موسم الثقافة العُمانية)، وهي فعالية تنشط (المركز) و (اللامركز)، عبر حدث يتزامن تنظيمهُ في كل محافظات سلطنة عُمان، يعنى بالدرجة الأساس بتنشيط كل أشكال الثقافة العُمانية، وفقًا للثيمة الثقافية الطابعة لكل محافظة، ويقدمها وفق روزنامة محددة ومركزية، ويكون في الآن ذاته موسمًا لتوزيع الجوائز الثقافية الكبرى، واستنبات جوائز ثقافية جديدة في مختلف حقول الثقافة. وليكن من بين تلك الأفكار تقييم الاستثمار الأمثل للمباني التراثية والتاريخية، واستقطاب الرواة والأدباء في أيام ثقافية، وجمع الفعاليات والمهرجانات المتصلة بالمسرح العُماني ضمن نطاق الموسم، والمهرجانات المرتبطة بتقديم المأكولات العُمانية بطريقة مبتكرة وجذابة، عوضًا عن الفعاليات المتفرقة المرتبطة بالفنون التشكيلية. تتلخص الفكرة هنا في جمع أكبر قدر من الأنشطة والفعاليات الثقافية ضمن منصة واحدة، وضمن تنافسية واضحة للمحافظات لتقديم أجندتها وجدول فعالياتها المستند إلى ما تحتويه من مكون وميز ثقافية، هذا عوضًا عن الفعاليات الرئيسية الكبرى داخل المركز، والتي يمكن أن يكون المساهم الأول فيها المؤسسات الرسمية. سيحرك الموسم في تقديرنا عناصر عديدة للجذب السياحي، وسيمكن الأفراد من تخير الفعاليات والأنشطة التي تحوز اهتمامهم عبر المحافظات المختلفة في آن واحد، وهو ما سيعزز اقتصاديًا من حرك التنقل والسياحة الداخلية، كما أنه سيوحد المصادر التي تمول وتدعم من خلالها هذه الأنشطة، وقد يرتقي لاحقًا بعد عدة سنوات إلى تكوين صناديق متخصصة في تمويل الأنشطة الثقافية.

ومن المكاسب المتوقعة أيضًا تعزيز فعل الصناعات الإبداعية، وتحويلها إلى عنصر اقتصادي مساهم في الدورة الاقتصادية، هذا إلى جانب التمرس في تنشيط وتبني الأحداث الضخمة، وتسويقها على الأقل للمنطقة. ويمكن سلطنة عُمان من إيجاد التنوع في المواسم، بحضور الموسم الجاذب الآخر هو موسم خريف ظفار. ويوازن في الوقت ذاته بين نشاط المركز واللامركز ويسلط الضوء على حجم الثراء الثقافي والفاعلين الثقافيين في مختلف الحقول. على الصعيد الاقتصادي كذلك سيمنح تكوين مثل هذا الموسم نشاطًا أوسع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفي كل مجالاتها، سواء تلك العاملة في مجالات التغذية، أو التسويق والاتصال والإعلام، أو التنظيم والفعاليات، أو المرتبطة بالجوانب اللوجستية وغيرها. عوضًا عن مضاعفة المكتسب الذي تحقق في بعض مواسم المحافظات بتنشيط اقتصاديات الأسر المنتجة، كونها كانت فاعلًا ومستفيدًا أساسًا من تحول الأنشطة إلى اللامركز. وفي المجمل فإن ما تشكله الثقافة العُمانية في مكنونها من مقومات اقتصادية وفرص استثمارية، يعد رافعة تنموية يمكن البناء عليها والاعتداد بها كأحد مجالات التنوع الاقتصادي. غير أن هذه الفكرة في ذاتها لا تلغي النشاط المستقل للمحافظات، ودفعها نحو تكوين أنشطتها الثقافية المستقلة. وإنما تشكل موسمًا مركزيًا يمكن أن يمتد على سبيل المثال على مدار شهر واحد، وليكن في بداية العام. ثم يمكن للمحافظات إثراء المشهد كذلك بفعاليات دائمة ومستقلة استنادًا إلى عوامل/ ميز/ أوقات الجذب المناسبة للساكنين فيها.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الثقافة الع مانیة عوض ا عن موسم ا

إقرأ أيضاً:

بولونيا يُعزز «الرابع» في «الكالشيو»

 
روما (أ ف ب)

أخبار ذات صلة مدافع الإنتر «الأعلى قيمة» في العالم لاعب واحد فقط يودع موتا بعد رحيله عن تدريب يوفنتوس !!


عزّز بولونيا مركزه الرابع بفوزه على مضيفه فينيتسيا بهدف في افتتاح المرحلة الثلاثين من الدوري الإيطالي لكرة القدم.
ورفع بولونيا بفوزه الذي أمّنه هدف ريكاردو أورسيليني في الدقيقة 49، رصيده إلى 56 نقطة، وتابع فريق المدرب فينتشينتسو إيتاليانو سلسلة انتصاراته المتتالية التي وصلته إلى ستة، من بينها مباراتان خارج الديار.
أما فينيتسيا، فخسر للمرة الأولى بعد أربعة تعادلات لم تكن كافية لخروجه من المراكز المهددة بالهبوط، فبقيَ في المركز قبل الأخير بـ20 نقطة، بفارق خمس نقاط مؤقتاً عن بارما السابع عشر.
في مباراته الـ22 ضمن الدوري، سجل أورسيليني غير المراقب هدفه الحادي عشر بطريقة مذهلة، حين سدد «على الطاير» بعدما وصلته عرضية نيكولو كامبياجي (49).
وعادل المهاجم البالغ 28 عاماً أفضل رقم له على صعيد الأهداف في موسم واحد ضمن مسيرته (11 هدفاً في موسم 2022-2023).
بعد تسجيل هدفه، اتجه أورسيليني إلى إحدى الكاميرات وطرق على العدسة، في تلميح لمدرب المنتخب لوتشانو سباليتي الذي لم يستدعه مجدداً إلى القائمة الأخيرة التي خاضت مواجهتي ألمانيا في ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية، وخسرت بمجموع 4-5.
لم يُستدعَ أورسيليني إلى المنتخب في المباريات الـ13 الأخيرة، وكانت مشاركته الأخيرة أمام تركيا في مباراة ودية، علماً بأنه خاض 7 مباريات فقط بقميص «أتزوري» منذ 2019.
وأنقذ البديل الإيفواري كريستيان كواميه فريقه إمبولي من الخسارة بتسجيله التعادل 1-1 مع مضيفه كومو في الدقيقة 75، بعد هدف السبق من اليوناني البديل أناستاسيوس دوفيكاس (61).
وبقيَ إمبولي في المركز الثامن عشر بـ23 نقطة، وإمبولي في المركز الثالث عشر مؤقتاً بـ30 نقطة.

مقالات مشابهة

  • المسند ينبه بموعد انتهاء موسم الأمطار
  • هكذا ينتهي موسم المسحرچي في العراق (صور)
  • وزارة الثقافة تطلق «مبادرة سفراء القراءة»
  • «المنجرد» بطلا للمسابقة الثقافية بنادي جعلان
  • وزارة الثقافة تطلق "مبادرة سفراء القراءة"
  • بريطانيا تستضيف قمة دولية لمكافحة تهريب البشر
  • العملات الرقمية في قلب فضيحة الفساد بإسطنبول.. تفاصيل مثيرة
  • لايبزج يُقيل مدربه ماركو روزه
  • عاجل - ولي العهد يوجه باتخاذ عدد من الاجراءات المرتبطة بأسعار الاراضي والايجارات
  • بولونيا يُعزز «الرابع» في «الكالشيو»