لجريدة عمان:
2024-10-05@18:08:02 GMT

ماذا ننتظر من حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية؟

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

برغم أن الذكاء الاصطناعي كان يساعدنا بهدوء لعقود من الزمن، مع تسارع التقدم في السنوات الأخيرة، فسوف نتذكر عام 2023 باعتباره لحظة «الانفجار العظيم». فمع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، اخترقت التكنولوجيا الوعي الشعبي وأصبحت تشكل الخطاب العام، فباتت تؤثر على الاستثمار والنشاط الاقتصادي، وتشعل شرارة المنافسة الجيوسياسية، وتغير أنماط الأنشطة البشرية كافة، من التعليم إلى الرعاية الصحية إلى الفنون.

وكل أسبوع يجلب بعض التطورات الجديدة المذهلة. الواقع أن الذكاء الاصطناعي جاء ليبقى، ووتيرة التغيير تتسارع.

تتحرك عملية صنع السياسات بنفس السرعة تقريبا، مع إطلاق مبادرات ومنتديات تنظيمية جديدة تسعى إلى مواكبة اللحظة ولكن في حين أن الجهود الجارية التي تبذلها مجموعة السبع، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة مشجعة، فإن أيا منها لا يتمتع بطابع عالمي يمثل المشاعات العالمية. في الواقع، مع تطوير الذكاء الاصطناعي بقيادة حفنة من الرؤساء التنفيذيين والقوى الفاعلة في السوق في قِـلة من البلدان، كانت أصوات الأغلبية، وخاصة من الجنوب العالمي، غائبة عن مناقشات الإدارة والحوكمة.

تتطلب التحديات الفريدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي الاستعانة بنهج عالمي منسق في التعامل مع الحوكمة، وتتمتع مؤسسة واحدة فقط بالشرعية الشاملة اللازمة لتنظيم مثل هذه الاستجابة: الأمم المتحدة. يتعين علينا أن نُـحـسِـن التعامل مع مسألة إدارة الذكاء الاصطناعي إذا كنا راغبين في تسخير إمكاناته والتخفيف من المخاطر التي يفرضها. من هذا المنطلق، أُنـشِـئت الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى المعنية بالذكاء الاصطناعي التابعة للأمم المتحدة لتقديم التحليلات والتوصيات لمعالجة عجز الحوكمة العالمية. تضم الهيئة مجموعة من 38 فردا من مختلف أنحاء العالم، يمثلون مجموعة متنوعة من المناطق الجغرافية، والنوع الاجتماعي، والخلفيات التخصصية، والسِـن، وتستفيد من خبرات الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية. نحن نشعر بالفخر لعملنا كلجنة تنفيذية للهيئة الاستشارية. واليوم، أصدرنا تقرير المجموعة المؤقت الذي يقترح خمسة مبادئ لترسيخ حوكمة الذكاء الاصطناعي ومعالجة تحديات مترابطة عديدة.

أولا، بما أن المخاطر تختلف باختلاف السياقات العالمية المتنوعة، فسوف يتطلب كل منها حلولا مصممة وفقا لذلك. لكن هذا يعني إدراك الكيفية التي قد تتعرض بها الحقوق والحريات للخطر بسبب تصميم واستخدام (وإساءة استخدام) الحوكمة واختيارات بعينها في التعامل معها. إن الفشل في تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل بنّاء- أو ما نطلق عليه «الاستخدامات المهدرة»- من الممكن أن يؤدي بلا داع إلى تفاقم المشكلات وأوجه التفاوت القائمة.

ثانيا، بما أن الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وبما أنه يساعد الناس بالفعل في حياتهم اليومية، فلابد أن يُـدار على النحو الذي يخدم المصلحة العامة. وهذا يعني أن نضع في الاعتبار الأهداف المرتبطة بالمساواة، والاستدامة، والرفاهة المجتمعية والفردية، فضلا عن قضايا بنيوية أعرض مثل الأسواق التنافسية والأنظمة البيئية السليمة للإبداع.

ثالثا، يجب أن تكون الأطر التنظيمية الناشئة عبر مختلف المناطق متوائمة من أجل معالجة تحديات حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية بفعالية.

رابعا، يجب أن تسير حوكمة الذكاء الاصطناعي جنبا إلى جنب مع التدابير اللازمة لدعم الوكالة وحماية الخصوصية وأمن البيانات الشخصية.

وأخيرا، ينبغي للحوكمة أن ترتكز على ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وغير ذلك من الالتزامات الدولية حيث يتوفر إجماع عالمي واسع، مثل أهداف التنمية المستدامة.

يتطلب تأكيد هذه المبادئ في سياق الذكاء الاصطناعي التغلب على بعض التحديات العنيدة. يعتمد الذكاء الاصطناعي على مقادير هائلة من القوة الحاسوبية، والبيانات، وبالطبع مواهب بشرية بعينها. ويجب أن تنظر الحوكمة العالمية في كيفية تطوير وضمان الوصول على نطاق واسع إلى هذه المجالات الثلاثة.

يتعين عليها أيضا أن ترعى أيضا جهود بناء القدرات اللازمة للبنية الأساسية التي يقوم عليها النظام البيئي الذي يحتوي الذكاء الاصطناعي ــ مثل الإمداد الذي يمكن التعويل عليه من إنترنت النطاق العريض والكهرباء- خاصة في الجنوب العالمي. نحتاج أيضا إلى بذل جهود أكبر في مواجهة المخاطر المعروفة والتي لا تزال غير معروفة التي قد تنشأ عن تطوير الذكاء الاصطناعي أو نشره أو استخدامه.

الواقع أن مخاطر الذكاء الاصطناعي موضوع تتناوله مناقشات محتدمة. وبينما تركز بعض هذه المناقشات على سيناريوهات نهاية البشرية في نهاية المطاف، تنشغل أخرى بالأضرار التي قد تلحق بالناس هنا والآن؛ ولكن لا يوجد خلاف يذكر على أن المخاطر التي يفرضها الذكاء الاصطناعي المنفلت غير مقبولة.

يرتكز الحكم الرشيد على الأدلة الدامغة. ونحن نتوقع الحاجة إلى تقييمات موضوعية لحالة الذكاء الاصطناعي ومساره، لإعطاء المواطنين والحكومات الأساس السليم للسياسة والتنظيم. في الوقت ذاته، من الواضح أن إنشاء مرصد تحليلي لتقييم التأثير المجتمعي الذي يخلفه الذكاء الاصطناعي ــ من إزاحة الوظائف إلى تهديدات الأمن الوطني ــ من شأنه أن يساعد صناع السياسات على مواكبة التغيرات الهائلة التي يقودها الذكاء الاصطناعي خارج نطاق الإنترنت. يتعين على المجتمع الدولي أن يعمل على تطوير القدرة على مراقبة نفسه، بما في ذلك من خلال مراقبة الحوادث التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والاستجابة لها (كما تفعل البنوك المركزية الكبرى في مواجهة الأزمات المالية)، وعن طريق تسهيل المساءلة وحتى إجراءات الإنفاذ. هذه مجرد أمثلة قليلة من التوصيات التي نحث على تنفيذها. ويجب أن يُـنـظَـر إليها على أنها الأرضية، وليس السقف. إنها في المقام الأول من الأهمية دعوة موجهة إلى مزيد من الناس لإخبارنا عن أشكال حوكمة الذكاء الاصطناعي التي يرغبون في رؤيتها.

إذا كان للذكاء الاصطناعي أن يحقق إمكاناته العالمية، فإن الحاجة واضحة إلى إنشاء هياكل وحواجز حماية جديدة لمساعدتنا جميعا على تحقيق النجاح مع تطوره. فالجميع لديهم مصلحة في تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومنصف وخاضع للمساءلة. ومخاطر التقاعس عن العمل واضحة أيضا. نحن نؤمن بأن حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية تشكل ضرورة أساسية لجني الفرص الكبرى والتغلب على المخاطر التي تمثلها هذه التكنولوجيا لكل دولة، ومجتمع، وفرد، اليوم ولأجيال قادمة.

كارمي أرتيجاس وزيرة الدولة للرقمنة والذكاء الاصطناعي في إسبانيا، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة المعنية بالذكاء الاصطناعي.

جيمس مانيكا نائب الرئيس الأول للأبحاث والتكنولوجيا والمجتمع في Google/Alphabet، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة المعنية بالذكاء الاصطناعي.

إيان بريمر مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وGZERO Media، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة المعنية بالذكاء الاصطناعي.

ماريا سكاكي مديرة السياسات في مركز السياسات السيبرانية في جامعة ستانفورد، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى للأمم المتحدة المعنية بالذكاء الاصطناعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حوکمة الذکاء الاصطناعی التابعة للأمم المتحدة التی قد

إقرأ أيضاً:

دور الذكاء الاصطناعي في دعم أهداف التنمية المستدامة (2-4)

 

 

 

عبيدلي العبيدلي **

الدور الحاسم الذي يمارسه الذكاء الاصطناعي في دفع التقدم نحو الاستدامة

تحسين استخدام الموارد

يعد الذكاء الاصطناعي أمرًا بالغ الأهمية في دفع التقدم نحو الاستدامة، من خلال تحسين استخدام الموارد، وتعزيز الكفاءة، وتمكين اتخاذ قرارات أكثر استنارة.

طرق الذكاء الاصطناعي التي تساهم في الاستدامة

الإدارة الفعالة للموارد: يتفوق الذكاء الاصطناعي في إدارة وتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة، وهو أمر بالغ الأهمية للتنمية المستدامة. في صناعات الزراعة وإدارة المياه، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالكميات المثلى من المياه والأسمدة اللازمة، مما يقلل بشكل كبير من النفايات ويقلل من التأثير البيئي. وبالمثل، يمكن الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطاقة التنبؤ بالطلب وتعديل العرض ديناميكيا، وتحسين كفاءة مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. رصد البيئة والحفاظ على مكوناتها: أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة في رصد التغيرات البيئية والتنوع البيولوجي. من خلال البيانات التي يتم جمعها عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار، يمكن الذكاء الاصطناعي تحليل الأنماط التي تشير إلى التدهور البيئي، مثل إزالة الغابات ونضوب المياه ومستويات التلوث. تسمح هذه القدرة باستجابات أسرع للأزمات البيئية وتخطيط أفضل لحماية الموائل الطبيعية والحفاظ على الحياة البرية. تحليل البيانات المحسن من أجل وضع سياسات أفضل: إن قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع كميات هائلة من البيانات واستخراج رؤى ذات مغزى لا تقدر بثمن لصنع السياسات. فهو يساعد على محاكاة ونمذجة السيناريوهات البيئية المختلفة، مما يوفر لواضعي السياسات تنبؤات مفصلة حول نتائج إجراءات محددة. وهذا لا يدعم فقط إنشاء لوائح بيئية وسياسات استدامة أكثر فعالية ولكنه يطمئن الجمهور أيضا بشأن فعالية الذكاء الاصطناعي في صنع القرار. قيادة الاقتصاد الدائري: يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في الاقتصاد الدائري من خلال تحسين إدارة دورة حياة المنتج وتقليل النفايات. يمكن أن تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تصميم منتجات يسهل إعادة تدويرها وإدارة سلاسل التوريد مع إعطاء الأولوية للمواد القابلة لإعادة التدوير. علاوة على ذلك، يمكن الذكاء الاصطناعي تحسين عمليات إعادة التدوير من خلال تحديد وفرز المواد القابلة لإعادة التدوير بشكل أكثر كفاءة من الطرق التقليدية. التنمية الحضرية المستدامة: في التخطيط الحضري، يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير مدن أكثر ابتكارًا واستدامة. تدير الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تدفقات حركة المرور لتقليل الازدحام والتلوث، وتحسين جداول النقل العام، والتحكم في إضاءة الشوارع واستخدام الطاقة في المناطق العامة لتقليل آثار الكربون. العمل المناخي والتكيف: الذكاء الاصطناعي محوري في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ. وهو يعزز تقنيات النمذجة المناخية، ويوفر تنبؤا أفضل بالظواهر الجوية المتطرفة، ويحسن فهمنا لديناميات المناخ. هذه المعلومات ضرورية لتطوير استراتيجيات للتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة والتخفيف من تأثير الطقس القاسي على المجتمعات الضعيفة.

في حين أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصًا هائلة للاستدامة، فإنه يمثل أيضا مخاطر محتملة. على سبيل المثال، يمكن للأنظمة الذكاء الاصطناعي إدامة التحيزات الحالية إذا لم يتم تطويرها وتدريبها بعناية وإثارة مخاوف الخصوصية إذا لم يتم استخدامها بشكل مسؤول. لذلك، لكي يستفيد الذكاء الاصطناعي حقا من الاستدامة، يجب تطويره وتنفيذه مع مراعاة المعايير الأخلاقية والشمولية، مما يضمن أن فوائده في متناول جميع شرائح المجتمع.

مجالات التطبيق

أدت تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التعلم الآلي (Machine Learning “ML”) ومعالجة اللغة الطبيعية (“NLPNatural Language Processing ”) ورؤية الحاسوب، إلى تحويل قطاعات مثل الرعاية الصحية والزراعة والتعليم والتخفيف من آثار تغير المناخ بشكل كبير من خلال تعزيز الكفاءة وتحسين عملية صنع القرار وتحسين إدارة الموارد. إليك كيفية تطبيق هذه التقنيات في هذه المجالات:

القضايا الصحية التعلم الآلي: تحدث خوارزميات التعلم الآلي ثورة في عمليات التشخيص من خلال تحليل مجموعات البيانات الضخمة من سجلات المرضى والتصوير الطبي والمعلومات الجينية للتنبؤ بالأمراض وتشخيصها بشكل أكثر دقة وأبكر بكثير من الطرق التقليدية. على سبيل المثال، يمكن لنماذج (ML) تحديد الأنماط في صور الأشعة السينية التي تتنبأ باحتمالية الإصابة بأمراض مثل السرطان أو السل، مما يؤدي إلى العلاج في الوقت المناسب ونتائج أفضل. معالجة اللغة الطبيعية: تعمل البرمجة اللغوية العصبية على تحسين تقديم الرعاية الصحية من خلال أتمتة المهام الإدارية مثل نسخ تفاعلات المريض واستخراج المعلومات المفيدة من الملاحظات السريرية. هذا يقلل من العبء الإداري على مقدمي الرعاية الصحية ويسمح لهم بالتركيز أكثر على رعاية المرضى. علاوة على ذلك، تلعب البرمجة اللغوية العصبية دورًا أساسيًا في تحليل البيانات غير المهيكلة لدعم اتخاذ القرارات السريرية والبحوث. رؤية الكمبيوتر: في الجراحة، تعزز تقنيات رؤية الكمبيوتر الدقة من خلال الإجراءات الموجهة بالصور، مما يساعد الجراحين على إجراء عمليات معقدة بشكل أكثر دقة. تستخدم الرؤية الحاسوبية أيضا في أدوات المراقبة عن بعد التي تقيم حالات المرضى عبر الفيديو، مما يسهل التطبيب عن بعد والرعاية المنزلية.

** خبير إعلامي

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دور الذكاء الاصطناعي في دعم أهداف التنمية المستدامة (2-4)
  • هل ينافس الذكاء الاصطناعي الإنسان مستقبلا على جوائز نوبل؟
  • الذكاء الاصطناعي يهدد الذكاء البشري
  • الذكاء الاصطناعي ينافس على نوبل!
  • ينتج صوتاً وصورة.. ميتا تكشف عن الذكاء الاصطناعي الجديد موفي جين
  • استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص "التصلب المتعدد".. و12 ألف مريض سنويًا
  • الذكاء الاصطناعي.. هل سينافس البشر على الجوائز؟
  • جديد الذكاء الاصطناعي.. يمكنه اكتشاف المشاعر!
  • عبدالله آل حامد يبحث توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي والترفيهي مع “دي إن إي جي” العالمية
  • تقرير يحذر من 3 دول قد تستخدم الذكاء الاصطناعي للتأثير في الانتخابات الأميركية