هل يمكن أن يحول الجيش الأمريكي دون حرب أخرى في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
مرة أخرى يزيد الجيش الأمريكي حضوره في الشرق الأوسط. في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر ونشوب حرب إسرائيل-حماس، نشرت الولايات المتحدة قدرا كبيرا حقا من أصولها العسكرية في المنطقة فتضمنت مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات، تتألف كل منهما من ثمانية أسراب إلى تسعة من طائرات الهجوم والدعم، وحفنة من قاذفات ومدمرات الصواريخ الموجهة؛ فضلا عن طائرات مقاتلة إضافية من طرز إف 15 وإف 16 وآيه 10 ونظام ثاد للدفاع الصاروخي والعديد من بطاريات باتريوت للدفاع الصاروخي (برفقة 900 فرد إضافي لتشغيلها).
وليس هذا بالنمط السار للولايات المتحدة، إذ سعت إدارات أمريكية عديدة -تماشيا مع ارتكاز سياسة واشنطن الخارجية على منطقة آسيا والمحيط الهادئ- إلى تقليل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، فإذا بها تستدرج مرة أخرى إلى الرجوع بسبب بعض المخاوف الأمنية الإقليمية. في السنوات القليلة الماضية، ركز الجيش الأمريكي في إعادة تأكيد القوة العسكرية تركيزا أساسيا على مواجهة الأفعال الإيرانية، من قبيل التحرش بالسفن التجارية في مضيق هرمز والهجمات التي تشنها ميليشيات مدعومة من إيران على الجيش الأمريكي في العراق وسوريا سواء أفراده أو منشآته العسكرية.
كما اقتضت بعض التصعيدات الكبيرة، من قبيل اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني IRGC قاسم سليماني، أن تستعرض الولايات المتحدة قوتها استعراضا حازما. لكن هذه الحوادث تتضاءل قياسا إلى إظهار القوة العسكرية الهائل الذي أبدته الولايات المتحدة خلال الأزمة الحالية، وهي من أهم التحديات التي تواجه الاستقرار الإقليمي منذ ظهور داعش.
فما الذي سوف يعنيه هذا كله بالنسبة لمستقبل الجيش الأمريكي في المنطقة؟ لقد أدرك شركاء أمريكا في الشرق الأوسط سابقا أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تعتزم بحال التخلي عن ضماناتها الأمنية، فإنها سعت إلى تقليص وجودها العسكري المادي الإجمالي مستبدلة به قدرا أكبر من التكامل الإقليمي والتعاون في المسائل الأمنية. ولكن الحسابات الآن أصبحت أشد تعقيدا.
فقد ترى بلاد من قبيل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في هذه الأزمة الحالية دليلا على أن الولايات المتحدة لم تزل مستعدة لاستعراض قوتها العسكرية لحماية الاستقرار الإقليمي بشكل عام. ولقد كان للقوات والسفن الحربية الأمريكية دور فعال في ردع الجماعات المدعومة من إيران من قبيل حزب الله وجماعة أنصار الله من تصعيد هجماتها بشكل كبير على إسرائيل أو تحين الفرص لضرب حلفاء آخرين للولايات المتحدة. كما أن وضع الجيش الأمريكي القوي قد ثبط إيران عن التورط في الصراع بشكل مباشر في ما يتجاوز وكلاءها. غير أنه ليس من المرجح أن يكون الشهران الماضيان قد خففا من مخاوف الرياض وأبوظبي من أن الولايات المتحدة لن تكون مستعدة للدفاع عن شركائها الأمنيين العرب بالقدر الذي تفعله مع إسرائيل. بعبارة أخرى، هل سيكون مثل هذا الدعم العسكري الأمريكي الراسخ متاحا بسهولة لهذه البلاد في وقت الحاجة كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل؟ ربما تظل الإجابة بالنسبة لهم غير واضحة. لقد كانت المملكة العربية السعودية -من بين جميع حلفاء الولايات المتحدة في الخليج- هي الأقرب لتلقي مثل هذه الضمانات. ففي ما قبل السابع من أكتوبر، كانت المملكة في غمار مفاوضات مكثفة مع الولايات المتحدة، وكانت ترجو من هذه المفاوضات -ضمن فوائد أخرى- أن تحصل على ضمانات أمنية أمريكية تساوي المقدمة لإسرائيل، في مقابل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. ومن الطبيعي والمفهوم أن هذه المفاوضات قد توقفت مؤقتا.
لا يعني هذا كله أن خطرا كاملا بات يحدق بسعي الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيل دورها في الشرق الأوسط بحيث لا تكون الضامن الأمني الوحيد، وإنما الشريك الأمني. الأمر أن الفوضى باتت تعتري الطريق إلى الحد من الحضور العسكري الأمريكي المادي في المنطقة. لقد أكد مسؤولون أمريكيون في أوائل نوفمبر أن السعوديين لا يزالون مهتمين بالسعي إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة حاسمة لمزيد من التعاون والتكامل الأمنيين الإقليميين. والواقع أنهم إذا كانوا لا يزالون مهتمين، فلا يزال من غير الواضح متى يمكن استئناف المحادثات بشكل جدي؛ لأن القيادة السعودية سوف تكون مضطرة إلى الانتظار إلى أن يسكن الغضب الشعبي شبه المطلق من إسرائيل في المملكة. وسوف تكون كيفية انتهاء حرب إسرائيل-حماس وتوقيت ذلك محددين لآفاق المزيد من التطبيع العربي مع إسرائيل، وكذلك للسهولة التي يمكن بها إصلاح الشراكة الأمنية المهمة بين إسرائيل ومصر والأردن.
ويزداد تعقيد الأمور بسبب الطبيعة شبه المفتوحة لنشر الولايات المتحدة الكبير للسفن والقوات وغيرها من المعدات في المنطقة بعد السابع من أكتوبر. فهل ستبقي الولايات المتحدة على هذا المستوى من الوجود العسكري في الشرق الأوسط ما استمرت الحرب بين إسرائيل وحماس، بالرغم من أنه لا تلوح لها نهاية واضحة في الأفق؟ في كل الأحوال، سوف يتعين على الحكومة الأمريكية أن تبلغ شركاءها بأن أصولها العسكرية المبهرة الموجودة حاليا في المنطقة ليست إجراء أمنيا دائما ولا مبررا للتخلي عن زخم جهود التعاون الدفاعي. ففي نهاية المطاف، هذه الجهود مركزية لـ«استراتيجية الخروج» العسكرية الأمريكية من المنطقة. ولا يمكن، ولا ينبغي، أن تقلل من وجودها المادي بصورة طاغية إلى حين ضمان سلامة حلفائنا وشركائنا من خلال بنية تعاون أمني متبادل شامل تدعمها الولايات المتحدة وإن لم تهيمن عليها. ولكن من أجل تحقيق مثل هذه النتيجة، لا بد أن تبقى حكومة الولايات المتحدة منخرطة بثبات في دعم وتطوير جميع أشكال التكامل الأمن وبناء القدرات في المنطقة، بغض النظر عن جسامة التحدي الذي قد يكون قائما في عالم ما بعد السابع من أكتوبر.
كريس كوبيل يعمل في برنامج التقنيات الاستراتيجية والأمن السيبراني التابع لمعهد الشرق الأوسط، وسبق له العمل في صناعة الاستشارات الاستراتيجية العالمية في واشنطن.
عن ذي ناشونال إنتريست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة السابع من أکتوبر فی الشرق الأوسط الجیش الأمریکی الأمریکی فی فی المنطقة من قبیل
إقرأ أيضاً:
وسائل إعلام إسرائيلية تعلن موعد الحرب بين إسرائيل وتركيا
كشفت موقع “إسرائيل رادار” الإخباري، الأربعاء، معلومات مثيرة حول الصراع التركي الإسرائيلي.
وقال الموقع الإسرائيلي، في تقرير، بعنوان “توقعات الشرق الأوسط والصراع بين إسرائيل وتركيا بحلول عام 2030؟”، أن قرار الحرب مع تركيا تم طرحه نظريا لأول مرة في عام 2009 وكان من المتوقع أن يحدث بحلول عام 2040، فيما يمكن أن تندلع الحرب في عام 2030 أو حتى قبل ذلك في ضوء التطورات الغير عادية التي تحدث حاليا في الشرق الأوسط.
وأضاف الموقع أن: “المسافة بين إسرائيل وتركيا تضيق بسرعة، ربما تكون هذه خطوة أخرى نحو الصراع النهائي بين إسرائيل وتركيا”.
وتابع أن الجيش الإسرائيلي عرف تركيا بأنها “تهديد” لإسرائيل لأول مرة، فيما أكد رئيس الموساد يوسي كوهين أن تركيا هي “التهديد الحقيقي” الذي يواجه إسرائيل.