استعرض مقال في صحيفة "هآرتس" العبرية، للكاتب ديفيد روزنبرغ تأثيرات الحرب في غزة، على مصر.

وذكر الكاتب، "أنه ربما تكون حرب إسرائيل مع حماس قد أنقذت مصر من التخلف عن السداد، فبالنسبة لمصر، التي أصبحت على شفا التخلف عن السداد، فإن الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل لم يكن من الممكن أن تأتي في وقت أفضل من هذا، لكن من المرجح أن تكون راحة قصيرة الأمد".



وقال روزنبرغ، "ليس هناك الكثير من زعماء العالم الذين يريدون تقديم الشكر الجزيل لحماس، ولكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ربما يكون واحدا منهم".

وكان فوز السيسي في انتخابات هذا الشهر أمرا حتميا نظرا للغياب شبه الكامل لأي معارضة قانونية، ولكن من الواضح أن نسبة المشاركة المرتفعة للغاية (وهو مقياس مهم للدعم بدلاً من أي منافسة جادة) كانت مدعومة بمخاوف الناخبين من احتمال امتداد الحرب في غزة إلى مصر. 



ولا يقل أهمية عن ذلك أن الحرب من شأنها أن تمنح السيسي شريان حياة اقتصادي بالغ الأهمية، ولا يعني ذلك أن الصراع قد فعل أي شيء جيد للاقتصاد، وفق الكاتب.

وأضاف روزنبرغ، "أن القتال أدى إلى إبعاد السياح الإسرائيليين وغيرهم من السياح عن منتجعات سيناء التي تمثل نحو ثلث صناعة السياحة الحيوية في مصر".

كما تتسبب هجمات الحوثيين في تجنب المزيد والمزيد من السفن للبحر الأحمر، ما يحرم مصر من رسوم قناة السويس، وهو مصدر مهم آخر للنقد الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه، حتى أن واردات الغاز الطبيعي من "إسرائيل" معرضة للخطر.

واستدرك روزنبرغ، "أن الحرب قد تنقذ الاقتصاد المصري من مشكلة أكبر بكثير: التخلف عن سداد ديونه الهائلة".

وفي عهد السيسي، زاد الدين الخارجي لمصر أربعة أضعاف ليصل إلى 165 مليار دولار، ومن المقرر استحقاق نحو 28 مليار دولار منها في العام المقبل، لكن النقص في العملات الأجنبية كان حادا لدرجة أن واردات بقيمة 5 مليارات دولار ظلت عالقة في الموانئ بسبب نقص الدولارات لدفع ثمنها.

واختفى الدولار الذي تعتمد عليه مصر لتغطية فاتورة وارداتها الهائلة، وقد جفت تدفقات استثمارات المحافظ قصيرة الأجل من الخارج (أو ما يسمى الأموال الساخنة) بعد تخفيض قيمة العملة مرتين. 

وبحسب روزنبرغ، "فقد سئمت دول الخليج النفطية، التي دعمت الاقتصاد بأكثر من 45 مليار دولار في شكل قروض وودائع لدى البنك المركزي المصري، من منح الأموال لمصر". 

وفي الوقت نفسه، تم تعليق قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي بسبب فشل الحكومة في التنفيذ الكامل للإصلاحات الاقتصادية التي طالب بها صندوق النقد الدولي.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي ، خفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف الديون المصرية إلى مستوى عالي المخاطر، وتم تداول سندات مصر بالدولار بعائدات أشارت إلى أن المستثمرين يعتقدون أن التخلف عن السداد هو احتمال حقيقي. 

وقد صنف استطلاع أجرته بلومبرج هذا الشهر مصر مباشرة بعد أوكرانيا باعتبارها السوق الناشئة الأكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد.

ولا تزال ديون مصر ونقص الدولار كبيرة وقبيحة كما كانت قبل حرب غزة، ولكن يبدو الآن أن مصر قد تحصل على الأموال التي تحتاجها للتعامل مع الأزمة. 

ويتحدث صندوق النقد الدولي الآن عن قرض أكبر، ربما 5 أو 6 مليارات دولار، بل إن البعض يقول 12 مليار دولار، كما يشاع أن الإمارات والكويت والسعودية لا تتحدث فقط عن تجديد ودائعها السابقة، بل عن زيادتها. 

وبدأ الاتحاد الأوروبي محادثات مع القاهرة بشأن اتفاقية دعم اقتصادي قد تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار.

ويعكس هذا التغيير المفاجئ تصورا مفاده أن حرب غزة جعلت من مصر دولة أكبر وأهم من أن يُسمَح لها بالفشل.



ويلعب السيسي دورا رئيسيا في محادثات تبادل الأسرى وسيقرر ما إذا كان أي من سكان غزة اليائسين سيتمكنون من العبور إلى سيناء، وعلى أي حال، ستشارك مصر بالتأكيد في أي ترتيبات ما بعد الحرب في غزة.

وأردف الكاتب، "صحيح أن القتال أثر سلبا على اقتصادات مصر والأردن ولبنان، مما يزيد من خطر الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار. ويشعر الاتحاد الأوروبي، من جانبه، بالقلق من أن المشاكل الاقتصادية قد تشجع المصريين على الانضمام إلى تيار المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئه من البلدان المتعثرة. وتهدف المشاريع التي تريد تمويلها إلى خلق فرص العمل".

وتابع، "أن أي خطة إنقاذ لن تكون سوى مجرد حل مؤقت فما تحتاج إليه مصر حقاً هو تنفيذ إصلاحات بنيوية خصوصا أن الاقتصاد المصري بشكله الحالي غير مستدام". 

وأضاف، "مصر غير قادرة على المنافسة على المستوى العالمي، ولا يمكنها توليد ما يكفي من فرص العمل لعدد سكانها المتزايد، وتفشل باستمرار في كسب ما يكفي من النقد الأجنبي لدفع ثمن الواردات الحيوية، وأبرزها القمح".

وأشار "إلى أن السيسي لم يفعل شيئا لمعالجة هذه المشاكل بل جعلها أسوأ من خلال الشروع في مشاريع البنية التحتية المكلفة الممولة من خلال الاقتراض قصير الأجل ومن خلال توسيع إمبراطورية الأعمال العسكرية، التي أدت إلى مزاحمة القطاع الخاص". 

وهذا ما جعل الاقتصاد المصري عرضة للخطر عندما تعرض للضربات المتتالية لجائحة كوفيد وحرب أوكرانيا.

وقال روزنبرغ، "إن مصر ليست ديمقراطية حقيقية، فالدائرة الانتخابية الحقيقية للسيسي ليست 89.6 بالمئة من الناخبين الذين أعادوا انتخابه، بل الجيش هو الذي أوصله إلى السلطة في عام 2014 ويمكنه أن ينتزعها منه إذا اختار ذلك، فضلاً عن دائرة قريبة من المقربين الذين أثراهم النظام".

ولفت، "إلى أن الإصلاحات التي من المرجح أن ينفذها السيسي هي الإصلاحات الأقل احتمالا أن تمس هاتين المجموعتين المفضلتين, وقد يوافق على الورق على الإصلاحات البنيوية، مثل الخصخصة، لأنه يتعين عليه أن يفوز بموافقة صندوق النقد الدولي، ولكن التجربة تثبت أنه سوف يتأخر ويخادع".



ويتوقع جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة كابيتال إيكونوميكس ومقرها لندن، "أن تخفيض قيمة العملة بنسبة 20 في المائة وزيادة بنسبة 3 نقاط مئوية في أسعار الفائدة قريبا".

وحذر من أنه "إذا تردد صناع السياسات، فإن مصر تخاطر بالسير على طريق تعديل العملة بشكل أكثر فوضوية، مما يزيد من خطر التخلف عن السداد السيادي والتوترات الناشئة داخل القطاع المصرفي".

وختم روزنبرغ مقاله بالقول" "إن هذ الإجراءات لن يلحق الضرر بالطبقة الفقيرة والمتوسطة في مصر التي طالت معاناتها فحسب، بل لن تترك الاقتصاد في وضع أفضل على المدى الطويل، وسوف تعود مصر عاجلاً وليس آجلاً للحصول على المزيد من القروض".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة مصر السيسي اقتصادي ديونه مصر اقتصاد السيسي غزة ديون صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی ملیارات دولار ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب إسرائيلي معارض: نتنياهو يتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية

اتهم زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان، حكومة  بنيامين نتنياهو بالتهرب من المفاوضات عن المرحلة الثانية من الصفقة، معتبرا أن إنهاء الحرب يشكل كارثة سياسية لرئيس الوزراء.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه الأحد صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على خلفية تنصل إسرائيل من التزاماتها بموجب الاتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتهرب من المرحلة الثانية من الصفقة والمطالبة بتمديد المرحلة الأولى دون ضمانات بإنهاء الحرب.

أكد غولان، أن إسرائيل وقّعت على اتفاق وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، لكنها تهربت من ذلك.

وأضاف، أن مستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، اقترح البحث عن طريقة للخروج من المأزق، قائلا "دعونا نرى كيف نخرج العربة من الوحل".

وأوضح غولان، أن ويتكوف توصل لبعض الخطوط العريضة، لكن كان متوقعا أن ترفضها حماس، مشددا على أن أي اتفاق يتطلب وقف إطلاق نار طويل الأمد وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.

ويعتقد غولان أن أي دولة جادة تحدد أولوياتها "فلا يوجد شيء اسمه إطلاق سراح المحتجزين والقضاء على حماس أيضا في نفس الوقت".

إعلان

وأضاف أن إسرائيل قوية وتفتخر بقدراتها العسكرية، وينبغي أن تضع تحرير المحتجزين أولوية قصوى، محذرا من أن استمرار الحرب بلا أفق واضح ليس سوى وسيلة لنتنياهو لإبقاء المواطنين في حالة طوارئ دائمة تخدم أهدافه السياسية.

وأشار إلى أن نتنياهو لا يكترث بعدد القتلى في صفوف الجنود أو بمصير الأسرى، إذ يضع احتياجاته الشخصية والسياسية فوق أي اعتبار آخر. وأوضح أن نتنياهو لا يريد إعادة المحتجزين، لأن ذلك يعني نهاية الحرب، وهو ما يعد كارثة سياسية له.

الإسرائيليون يتهمون نتنياهو بعرقلة المحرلة الثانية من الصفقة (غيتي) انقلاب على الاتفاق

يأتي ذلك في ظل اتهام حركة حماس نتنياهو بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار باعتماده مقترحا أميركيا لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، داعية الوسطاء إلى التدخل للضغط من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية.

بيان حماس جاء تعليقا على إعلان مكتب نتنياهو موافقته على خطة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة ادعى أنها صادرة عن ويتكوف، غير أن الأخير لم يعلنها، كما أنه سبق وأن أجل زيارته إلى المنطقة عدة مرات في الأسبوعين الأخيرين.

ولم يصدر على الفور عن الوسيطين المصري والقطري أو ويتكوف تعليقات على الإعلان الإسرائيلي.

وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

وعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.

بينما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب كاملا.

وتقدر تل أبيب وجود 62 أسيرا إسرائيليا بغزة (أحياء وأموات)، بحسب إعلام إسرائيلي، ولم تعلن المقاومة الفلسطينية عدد ما لديها من أسرى.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

إعلان

وبدعم أميركي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • كاتب إسرائيلي يكشف سبب التحركات الإسرائيلية وعلاقتها بـمزاج ترامب
  • قميص زيلينسكي في لقاء ترامب يثير مقارنة مع ماسك وتشرشل
  • رئيس حزب إسرائيلي معارض: نتنياهو يتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية
  • من هو الصحفي الذي أشعل الحرب داخل البيت الأبيض بين ترمب وزيلينسكي؟
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يدرس خيارين لتطورات الوضع في غزة
  • إعلام إسرائيلي: الجيش مستعد لاستئناف القتال في غزة وفق خطط جديدة
  • إعلام إسرائيلي: الإخفاق في 7 أكتوبر أخطر بكثير من يوم الغفران
  • كاتب إسرائيلي يؤكد اقتراب الاحتلال من اتخاذ قرار بشأن مهاجمة النووي الإيراني