اتهمت الولايات المتحدة الجمعة إيران بالضلوع الوثيق في الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون من اليمن على سفن تجارية تعبر البحر الأحمر، مصعّدة من لهجتها حيال الجمهورية الإسلامية في الوقت الذي تدرس فيه اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تشمل استخداما محتملا للقوة. 

ونشر البيت الأبيض معلومات استخباراتية أميركية في ظل مواصلة الحوثيين المرتبطين بإيران هجماتهم على السفن "نصرة للشعب الفلسطيني" وسط الحرب المحتدمة بين اسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

 

وقال البيت الأبيض إن طهران زودت الحوثيين بطائرات مسيّرة وصواريخ بالإضافة إلى معلومات استخباراتية تكتيكية. 

وصرّحت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون في بيان "نعلم أن إيران ضالعة بشدة في التخطيط للعمليات ضد سفن تجارية في البحر الأحمر". 

وأضافت "ليس لدينا أي سبب للاعتقاد بأن إيران تحاول ثني الحوثيين عن هذا السلوك المتهور". 

وشن الحوثيون الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية بما في ذلك العاصمة صنعاء، أكثر من 100 هجوم بطائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت 10 سفن تجارية، وفقا للبنتاغون. 

ومع تعطل حركة المرور التجارية في البحر الأحمر، أعلنت الولايات المتحدة مؤخرا عن تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات تضم أكثر من 20 دولة لحماية السفن. 

وفي استعراض للقوة، دخلت حاملة الطائرات الأميركية "يو اس اس دوايت دي أيزنهاور" خليج عدن، مع ورود سلسلة من التقارير الإعلامية التي تفيد بأن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس توجيه ضربات عسكرية في حال استمرت الهجمات ضد السفن. 

وكان زعيم المتمردين في اليمن عبد الملك الحوثي قد هدد بعد إعلان واشنطن تشكيل تحالف باستهداف "المصالح" الأميركية في حال هاجمت الولايات المتحدة بلاده. مسيّرات وصواريخ وأنظمة مراقبة 

وقال البيت الأبيض إن الأجهزة الأميركية توصلت عبر تحليل بصري إلى خصائص متطابقة تقريبا بين الطائرات المسيّرة الإيرانية من طراز KAS-04 وتلك التي أطلقها الحوثيون، بالإضافة إلى خصائص متماثلة بين الصواريخ الإيرانية وصواريخ الحوثيين. 

وأضاف البيت الأبيض أن الحوثيين يعتمدون أيضا على أنظمة مراقبة توفرها إيران في البحر. 

وأكدت واتسون أن "الدعم الإيراني للحوثيين قوي ويشمل تسليم معدات عسكرية متطورة ومساعدة استخباراتية ومساعدات مالية وتدريب"، وأن طهران قامت بـ"تفويض القرارات العملياتية إلى الحوثيين". 

وعلى الرغم من النتائج التي قدمها البيت الأبيض، كانت هناك شكوك بين بعض صناع القرار في الولايات المتحدة ودول حليفة حول ما إذا كان الحوثيون يتصرفون بناء على تعليمات من إيران. 

وأشار دبلوماسي من دولة حليفة لواشنطن يتابع ما يجري في المنطقة إلى أن حزب الله اللبناني الذي تربطه علاقات أوثق مع إيران كان بالمقارنة مضبوطا في وجه التحذيرات الأميركية واستعراض الولايات المتحدة لقوتها البحرية في شرق المتوسط. 

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم كشف هويته "من بين وكلاء إيران في المنطقة، يملك الحوثيون أضعف رابط مع طهران.

ومن الصعب أن نرى كيف تخدم الهجمات مصالحهم أو مصالح إيران". 

وحافظت إدارة بايدن في البداية على لهجة هادئة حيال هجمات الحوثيين، ويرجع ذلك جزئيا إلى رغبتها في الحفاظ على السلام الهش في اليمن. 

وحافظ الحوثيون والحكومة المدعومة من السعودية على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة منذ نيسان/ابريل 2022، ما أدى إلى وقف حرب مدمرة تسببت في أزمة إنسانية في اليمن الذي بات معظم سكانه يعتمدون على المساعدات. 

وفي بحث نُشر حديثا، قال مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن الحوثيين يتشاركون عقلية "البارانويا" التي يتمتع بها رجال الدين الحاكمون في إيران. وكتب أن على الولايات المتحدة أن تفكر في الحوثيين كنوع من كوريا الشمالية، "لاعب منعزل وعدواني ومسلح جيدا ومعاد للولايات المتحدة ويتمركز في موقع جغرافي رئيسي". 

وتدعم القيادة الدينية في إيران علنا حركة حماس التي هاجم مسلحوها اسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى الحصيلة الإسرائيلية. 

وقال مسؤولون أميركيون إنه ليس لديهم أي دليل على أن طهران كانت على علم مسبق بالهجوم أو خططت له بشكل مباشر. وتعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وخلفت عملياتها العسكرية في غزة حتى الآن 20057 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 50 ألف جريح، وفق أحدث حصيلة صادرة عن السلطات في القطاع الذي تحكمه حماس.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة البحر الأحمر البیت الأبیض فی البحر

إقرأ أيضاً:

الحوثيون وإسرائيل.. مواجهة غير متوقعة على خط النار

شهدت الساحة الإقليمية في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في التوترات بين جماعة الحوثيين في اليمن وإسرائيل، وهو تطور يلفت الانتباه نظرًا للمسافة الجغرافية الكبيرة بين الجانبين، حيث تفصل آلاف الكيلومترات من الأراضي بين اليمن وإسرائيل،  وعلى الرغم من هذه المسافة، إلا أن المواجهات بين الطرفين بدأت تتخذ أبعادًا غير مسبوقة، مما يعكس تغيرات استراتيجية في المنطقة وتأثيرات الصراع بين الأطراف المتعددة في الشرق الأوسط.

صواريخ الحوثيين واستهداف إسرائيل

بدأت المواجهات بين الحوثيين وإسرائيل تأخذ منحى أكثر تعقيدًا بعد أن أطلقت جماعة الحوثي صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مما شكل صدمة كبيرة لأجهزة الأمن الإسرائيلية،  ورغم المسافة البعيدة بين اليمن وإسرائيل، فإن هذه الهجمات الصاروخية تشير إلى أن الحوثيين أصبحوا يشكلون تهديدًا إقليميًا يمكن أن يمتد إلى محيط إسرائيل بشكل غير مباشر، عبر حلفائهم الإقليميين وأسلحتهم المتطورة.

وتعتبر هذه الهجمات جزءًا من استراتيجيات الحوثيين لزيادة الضغط على إسرائيل، والتي تشهد تناميًا في قدرتها على تطوير تقنيات الهجوم باستخدام الأسلحة المتقدمة مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ طويلة المدى، كما أن هذه الهجمات تأتي في وقت حساس بالنسبة لإسرائيل، التي تواجه العديد من التحديات الأمنية على عدة جبهات في المنطقة، ما يجعلها في حالة تأهب دائم.

ردود فعل وحسابات استراتيجية

من جهتها، تعمل إسرائيل على تعزيز دفاعاتها الجوية بشكل متسارع لمواجهة هذه التهديدات الجديدة، والتي تضمنت أيضًا تهديدات من قبل جماعات مثل حزب الله وحماس،  وقد أوضح العديد من الخبراء العسكريين أن إسرائيل تحاول ردع الحوثيين بالاعتماد على قوة الردع الجوي والهجمات الموجهة، إلا أن الحوثيين أصبحوا يمتلكون قدرات صاروخية تشكل تحديًا كبيرًا للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

تصعيد متعمد أم استراتيجية لتحشيد الدعم؟

الجانب الحوثي، الذي يعاني من ضغوط شديدة على الأرض في اليمن جراء الحرب المستمرة مع التحالف العربي بقيادة السعودية، يراهن على تكثيف الهجمات ضد إسرائيل كوسيلة لتوسيع دائرة الصراع الإقليمي، ووفقًا للمراقبين، يهدف الحوثيون من خلال هذه الهجمات إلى إرسال رسالة سياسية للمجتمع الدولي، مفادها أنهم ليسوا مجرد لاعب محلي في اليمن، بل قوة إقليمية تسعى لفرض نفسها في معادلات الصراع في المنطقة.

الخبراء العسكريون يرون أن الحوثيين يعززون من قدراتهم العسكرية ويقومون بتطوير صواريخ وطائرات مسيرة تستطيع الوصول إلى أهداف بعيدة، بما في ذلك إسرائيل، و علاوة على ذلك، فإن الحوثيين يحاولون الاستفادة من الدعم الإقليمي من إيران وحلفائها، مما يجعل الصراع بين الجانبين ليس فقط محليًا بل مرتبطًا أيضًا بالتحالفات الإقليمية والدولية.

سقوط 9 شهداء جراء قصف الاحتلال منزلا شمال غزة

التأثيرات الإقليمية:

تعتبر التوترات بين الحوثيين وإسرائيل جزءًا من صورة أكبر للصراعات التي تزداد تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط. فالصراع بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، أصبح يؤثر بشكل متزايد على الديناميكيات الأمنية والسياسية في المنطقة، ويبدو أن هذه التوترات بين الحوثيين وإسرائيل قد تكون جزءًا من محاولات إيران وحلفائها في تعزيز نفوذهم في المنطقة، بما في ذلك دعم الحوثيين في اليمن.

من ناحية أخرى، فإن هذا التصعيد قد يشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الدول العربية، خاصة تلك التي لها علاقات مع إسرائيل أو التي تسعى لتحقيق الاستقرار الإقليمي، فمن جهة، تدرك بعض الدول العربية خطورة تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، ومن جهة أخرى، تشعر بالقلق من أن الصراعات الإقليمية قد تؤدي إلى مزيد من الانقسامات في العالم العربي.

ضربة مقابل ضربة:

ومن جانبه، قال الخبير العسكري، العميد أيمن الروسان، إن المسافة بين إسرائيل واليمن تقدر بحوالي ألفي كيلومتر، ما يجعل تل أبيب تتعامل مع اليمن بشكل منفصل، بمعنى "ضربة مقابل ضربة"، نظراً لعدم امتلاكها معلومات استخباراتية كافية حول الوضع هناك.

سقوط شهيد واحد إثر قصف إسرائيلي على مخيم البريج بقطاع غزة

وفي تصريحات تليفزيونية، أضاف الروسان أن إسرائيل في الوقت الراهن تسابق الزمن وتستعد لتغيرات سياسية، خاصة مع احتمالية وصول ترامب إلى الحكم. وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسعى لإرسال رسالة ردع إلى محيطه الإقليمي، مفادها أنه يقاتل على جبهات متعددة ويحقق انتصارات، رغم أن الواقع يشير إلى أنه لا يواجه جيوشًا نظامية، بل يتصادم مع قوى غير نظامية مثل حزب الله وحماس والحوثيين.

وأشار الروسان إلى أن إسرائيل تسعى لتدمير الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، والتي تُخزن في الكهوف،  كما لفت إلى أن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على إسرائيل تُشكل إحراجًا أمام الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى تقليص تأثير هذه الهجمات. وأضاف أنه من الواضح أن الحوثي قد حسم قراره بالتصعيد في هذا الاتجاه، ويعمل على تقديم الدعم لغزة ويحاول التأثير على القوات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض يقول إنه تمكن من إضعاف قدرات الحوثيين لتهديد السفن
  • دبلوماسي أمريكي سابق: من الصعب للغاية إيقاف الحوثيين
  • غوتيريش: الهجمات الإسرائيلية على اليمن “مثيرة للقلق”
  • الأمم المتحدة:  الهجمات الإسرائيلية على صنعاء تشكل مخاطر على العمليات الإنسانية
  • الجامعة العربية تصعد لهجتها مع إيران: تصريحاتكم تؤجج الفتن في سوريا
  • واشنطن بوست”: “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة بالهجمات على اليمن قبل تنفيذها 
  • الحوثيون وإسرائيل.. مواجهة غير متوقعة على خط النار
  • «التعاون الخليجي» يرفض التدخل في شؤون سوريا و«الجامعة العربية» تصعّد لهجتها ضد إيران
  • وزير الخارجية: واشنطن تسعى لربط ملف السلام في اليمن بوقف التصعيد في البحر الأحمر
  • ارتفاع قياسي في مستوى سطح البحر يهدد الولايات المتحدة.. كم وصلت ارتفاعات الأمواج؟