جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-27@23:44:16 GMT

قصة "غزة والضبع المجنون"

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

قصة 'غزة والضبع المجنون'

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

"غزّة"، وما أدراك ما "غزّة".. فتاة في مقتبل العمر، جميلة، عظيمة، مهيبة، تزوجت "الهمّ" صغيرة، وأنجبت أكثر من مليوني شهيد، تعيش بمعزل عن العالم مع أولادها، رغم أن لديها أكثر من عشرين أخًا يعيشون حولها، ولكنهم يقاطعونها؛ لأنها خرجت عن إرادتهم، و"عرّت" شرفهم، تخرج كل يوم لتلتقط رزقها، وتروي عطش أطفالها، وتسقي زرعها، لكي تبقى قوية متماسكة، إمكاناتها ضعيفة، ومواردها شحيحة، ولكن إرادتها لا تُقهر، وعزيمتها لا تُهزم، تنام في كثير من الأيام في العراء دون طعام، تقاسم الشمس نورها، وتفترش أديم الأرض، وتلتحف غيمات السماء، ليس لديها هَم سوى الحفاظ على كرامتها، وشرفها.

تخلّى الجميع عنها، ونسوا أمرها، واعتبرها إخوتها فتاة مارقة، لا تستحق اهتمامهم، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، وهي تشاهد إخوانها يهرولون نحو "الضبع" الغريب الجائع الذي جاء مع عصابته من أصقاع الغابة، فالتَهَمَ حقها، وسرق أرضها وبحرها، ونهب لقمة عيشها، وسكن في مساكنها، وظلمها ظلما كبيرًا، وعاث في الأرض الفساد، وها هو يقف مع قطيع من عصابته على حدود أرضها، يُهدد أمنها، ويقتل أطفالها دون هوادة، ويتحكّم في رزقها وعملها، ويعتدي على أبنائها، وبناتها، ويحيطها بسياج ضخم من الصخر والأسلاك، لديه سلاح فتاك، وجنود مدججين بالأنياب، شرسين، لا يعرفون الرحمة.

ورغم ذلك بدأ إخوان "غزّة" يتخلون عنها واحدًا واحدًا، ويهرولون لأحضان الضبع، لم تستطع أن تتحمّل كل هذا الألم، لم تعد تطيق هذا الحصار الذي فرضه عدوها عليها، وهذا التجويع، والترهيب، والقتل، والدمار اليومي، فأخذت سلاحها البسيط، ومضت مع مجموعة من أولادها، ودخلت إلى مضجع الضبع، ومارست حقها في الدفاع عن نفسها، العين بالعين، والنفس بالنفس، وقتلت عددًا من المجرمين المعتدين، والذين أتوا من كل غابات وجبال الدنيا، ليسكنوا بجوارها، ويستولوا على أرضها، ويقيموا منازلهم على جماجم أبنائها، حاولت أن تدافع عن نفسها وشرفها، وأن تلفت نظر "ملوك الغابة"، ونظر إخوانها لقضيتها المنسيّة، فيرحموا ضعفها، ويردوا حقوقها المسلوبة، ويثأروا لكرامتها، وتهتز فيهم شعرة النخوة، والقربى، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.

هاج الضبع وماج، استدعى كل ضباع العالم، وصرخ بأعلى صوته، وبكى واستبكى، ورعد وأبرق وأزبد، وبدأ هجومًا لا مثيل له- ومعه أصدقاؤه الضباع الكبار- دون رحمة على "غزة".. أباد الصغار، وقتل الكبار، وأخرج الأطفال من أحشاء أمهاتهم، وأحرق الزرع والضرع، وهدّم البيوت على رؤوس ساكنيها، وأباد النساء، ولم يسلم من صرعه وخلله العقلي صغير ولا كبير ولا أرض ولا ثمر، أبادهم كلهم، بينما وقف ملوك الغابة يتفرجون على المشهد، ويصفقون لكل مذبحة، وشاهدت "غزة" أخوتها مبعثرين، يكتمون ضحكاتهم في العلن، ويطلقونها في الخفاء، يهرولون- على استحياء- لوقف جنون الضبع، ويتسوّلون من المجرم وقف القتل، وأن يسمح لهم بإدخال صهريج ماء، أو حزمة غذاء، أو مناديل طبية لتنشيف دم الجرحى، ولا يفعلون أكثر من الصراخ، والعويل، ولا يوفّرون حفلًا، ولا مؤتمرًا ولا اجتماعًا دون أن يحمّلوا أختهم المسؤولية عن المجازر التي حصلت لها، تمامًا كما يفعلون- بخجل- عند إدانة القاتل، فساوُوا بين الضحية والجلّاد، ورغم كل المآسي والدمار وصور الأشلاء وركام الأنقاض، ظلّت "غزة" صامدة في وجه المجرمين، تُعلّم العالم دروسًا في الكرامة والشرف والنخوة التي افتقدها حتى إخوتها الكبار، وستخرج يومًا من الرماد كما تفعل العنقاء من رحم النار.

تحوّلت قصة "غزّة والضبع" إلى حكاية أسطورية تسردها الأمهات لأطفالهن قبل النوم في كل العالم، لا ليناموا، ولكن ليستيقظوا من سباتهم العميق، ويسخروا من خرافات الضبع وأصدقائه القتلة الفاشلين، المُلطخة أياديهم بدم الأطفال والنساء، وأصبحت "غزة" رمزًا للصمود والشرف والكرامة التي افتقدها معظم العالم، وكثير من إخوانها البائسين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معرض”الخمسة الكبار” بدبي يسلط على تعزيز الكفاءة التشغيلية بقطاع الإنشاءات

تسلط النسخة الخامسة والأربعون من معرض الخمسة الكبار Big 5 Global، أبرز حدث لقطاع البناء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، الضوء على المشاريع قيد التنفيذ والتي تبلغ قيمتها نحو 9 تريليونات دولار، وذلك خلال أعمالها التي انطلقت أمس وتستمر حتى 29 نوفمبر الجاري بمركز دبي التجاري العالمي، بمشاركة قادة حكومات وخبراء ومبتكرين وصانعي سياسات.

يشمل المعرض عدة فعاليات مصاحبة وهي LiveableCitiesX وFuture FM و GeoWorld، وقمة GeoWorld وقمة IFMA Global للشرق الأوسط.

كان معالي سهيل محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية قد افتتح أعمال قمة القادة في معرض الخمسة الكبار والتي ضمت صناع السياسات وقادة الحكومات والمبتكرين لتبادل الأفكار حول سبل تطوير القطاع.

وجمعت قمة IFMA Global للشرق الأوسط قادة صناعة إدارة المرافق من جميع أنحاء العالم لإعادة تعريف مستقبل هذا المجال، مع التركيز على الابتكارات والاستراتيجيات لتعزيز الكفاءة التشغيلية والاستدامة.

وأكد الدكتور حسني غديرة، مدير المشاركة البحثية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، خلال قمة GeoWorld أهمية الاستفادة من نظم المعلومات الجغرافية وعلم المياه الحضرية لتحديد المناطق المعرضة للخطر أثناء الظروف الجوية القاسية وتنفيذ حلول فعالة في المنطقة.

وقالت جوزين هيجمانز، نائبة الرئيس لفعاليات الإنشاءات بشركة “دي إم جي إيفينتس” إن المعرض منصة مهمة لاجتماع قادة قطاع الانشاءات لتبادل الأفكار والرؤى من أجل مستقبل القطاع.

وأوضحت أن اليوم الأول شهد توقيع شركات عدّة اتفاقيّات شراكة وصفقات جديدة، ما أظهر النمو المستمر والأهمية التي يحظى بها معرض الخمسة الكبار بوصفه منصّة للتعاون والابتكار في قطاع التنمية الحضرية والبناء.

وقال إبراهيم إمام، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة “بلانرادار”، إن المعرض فرصة لاستعراض أحدث الابتكارات في مجال إدارة مشاريع البناء، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير حلول مبتكرة تدعم قطاعي الإنشاءات والعقارات.

وأشار إلى أن منصة “بلانرادار” تساهم في تحقيق أهداف الاستدامة في قطاع البناء من خلال العديد من الميزات التي تهدف إلى تحسين كفاءة الموارد وتقليل الهدر وتعزيز ممارسات البناء الذكية والمستدامة.

وقال ثامر المشرفي، المدير العام للتسويق والفعاليات للصادرات السعودية، إن معرض الخمسة الكبار Big 5 Global، يعد مسرحا عالميا للتواصل مع الشركاء الدوليين، وتسليط الضوء على العلامة التجارية “صنع في السعودية”، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، وتعزيز الالتزام بدفع النمو والتنمية المستدامة في قطاع البناء.

وخلال فعاليات المعرض، أبرمت شركات رائدة صفقات وشراكات رئيسية تسلط الضوء على دور الحدث في دفع نمو الأعمال.

ووقعت الشركة الألمانية BAUER Maschinen GmbH وشركة Pinnacle International Piling في الإمارات اتفاقية شراكة لتقديم حلول متطورة ومستدامة لقطاع المرافق في المنطقة، فيما وقعت شركة WhiteHelmet، المتخصصة في تكنولوجيا البناء، مذكرة تفاهم مع شركة SB Scaffolding الهندية .وام


مقالات مشابهة

  • الشركات الفرنسية تستعرض حلولها المستدامة بقطاع البناء بمعرض الخمسة الكبار
  • "الخمسة الكبار" في دبي يسلط الضوء على تعزيز الكفاءة بقطاع الإنشاءات
  • معرض”الخمسة الكبار” بدبي يسلط على تعزيز الكفاءة التشغيلية بقطاع الإنشاءات
  • إنجاز استثنائي: مهاجم برشلونة يقتحم نادي الكبار مع ميسي ورونالدو
  • 55 شركة سعودية تشارك في معرض الخمسة الكبار بدبي
  • أحمد بن محمد يفتتح معرض «الخمسة الكبار»
  • أحمد بن محمد يفتتح معرض "الخمسة الكبار" 2024
  • أحمد بن محمد يفتتح معرض “الخمسة الكبار” 2024
  • العالم إلى أين؟.. أمريكا تكشف لأول مرة نوع الصواريخ التي سمحت لأوكرانيا استخدامها لضرب العمق الروسي
  • صراعات العالم على مائدة «السبعة الكبار»