الموقع بوست:
2025-04-24@11:31:16 GMT

بريف تعز.. "مأوى الضبع" وجد الحِمني راحته

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

بريف تعز.. 'مأوى الضبع' وجد الحِمني راحته

بإطلالة عتيدة وملامح صارمة وهيئة من أثر الأسلاف، يطل محمد ابراهيم الحِمني منتصبا -كلما شعر بالخطر- من أعالي الجبل الذي يحرسه في منطقة "حِمنة" بريف تعز، مطلقا نظرة متفحصة صوب الأسفل، قاطعا السكون بأصداء نداءات تحذيرية -يعرفها كل من زار المكان- قاصدا إخافة لصوص الحطب المحتملين، وقد نذر نفسه منذ 12 عاما لحراسه جبل يُدعى بـ"مأوى الضبع"، في مديرية خدير.

 

يقطع الحِمني (65 عاما) طريقا بطول 10 كلم، يمتد ما بين منزله والجبل، ويغذ الخطى كل يوم في البكور صوب الجبل حاملا جرابا عتيقا يحوي مؤنة بسيطة من الطعام والشراب يتزود بها طوال اليوم. ويحرص على الوصول قبيل آذان الفجر، استباقا لِلُصوص الحَطب، ويعكف على حراسة الأشجار طيلة النهار ولا يغادر إلا بعد ولوج الليل.

 


 

يؤكد ابراهيم أن حراسة الجبل هي مهنته الوحيدة، وهي ما يمنح حياته معنى. ويتساءل: ماذا سأفعل لو لم أحرس هذا الجبل؟ "إنها مهنتي وتلهيتي".

 

يرتبط ابراهيم بالجبل بصلة وجدانية متينة، ويشعر بانتماء كبير له. يقول، "متعلق أنا بهذا المكان وأحب وجودي هنا بين هذي الجبال". فهو ينتمي لها منذ الطفولة، بحسب قوله، ولا يمكنه أن يتصور حياته في مكان آخر غيرها. تجده يتعهد الشُجيرات ويقلق عليها من الحاطبين العشوائيين.

 

 

جاشت في نفسه الشجون وهو يحدثنا عن ذكريات صباه في الجبل، يقول: "لقد رحل كل رفاقي القدامى الذين لطالما رعيت الأغنام معهم في صباي في هذه الأماكن، غادروا الحياة وبقيتُ أنا بعدهم وحيدا".

 

لا تزال تشعل قلبه الكثير من ذكريات الصبى المرتبطة بهذا المكان، يلهج بها فينتعش مزاجه، فهي تؤنس وحدته وتمنحه العزاء فيما تبقى من سنوات حياته. بذكرياته يتسامى على واقعه، وبصلته بالجبل يكتسب المزيد من الإصرار لمواصلة الحياة.

 

 

فقد الحِمني زوجته قبل أعوام قليلة، وصار وحيدا. ورغم أن لديه خمسة من الأبناء الذكور، وابنة واحدة، لكنه يعيش وحيدا، ذلك أن جميعهم بعيدون عنه ولهم حيوات مستقلة عن حياته، باستثناء ابنته المستقرة مع زوجها وأسرتها في منطقة قريبة؛ لا تزال تفد إلى منزله وتتعهده بالطعام الذي يحمله معه كل يوم إلى عزلته في الجبل.

 

وهناك يقيم طوال النهار في ظل الأشجار أو داخل محراسه المؤلف من غرفة صغيرة كان قد بناها بيديه من أحجار الجبل. يقول الحمني أنه راض عن حياته، وتملؤه بالحبور مهمته الطوعية المتمثلة في حراسة الأشجار البرية في ذلك الجبل، الذي يُعرف بـ"مأوى الضبع"، لاحتوائه على كهوف يُعتقد شعبيا أنها مخابئ للضباع.

 

لا يحب الحمني مخالطة الناس منذ فقدان زوجته، لا سيما منهم أبناء هذا الجيل الذي لا يراهم سوى نماذج للجحود والنكران، مبديا سخطه عليهم، بسبب مما يبدو له أنه فقدان للصلة بالماضي لديهم، ذلك الماضي الذي يحوي كل ما هو حميم وأثير بالنسبة إليه.

 

 

قبضة من أثر الأسلاف يُمثل الحِمني، فهو مثال حي لأصالة الإنسان اليمني الريفي الفريد، ذلك الإنسان المتعلق دوما بتراثه وأرضه. تبرُز في الحمني المعالم والصفات العتيقة في الشخصية الريفية، والتي ما عادت حاضرة كثيرا في مشهد الحياة، بفعل التنميط الذي جلبته التكنولوجيا والتقنية ووسائل العولمة، والذي بدد الكثير من خصوصيات الهوية.

 

ويجسد نموذجا جماليا من بأس شيخوخة لا تزال تقاوم الأفول. وفي كُليّته هو مشهد حي مما تبقى من أثر الأسلاف، ففيه لا تزال حية تلك البواعث الفطرية التي ما عادت مألوفة.

 

ما عاد الناس في المناطق الريفية يكترثون لحماية أشجار سقيمة في جبال بعيدة. وعلى النقيض منهم يفكر الحمني مكرسا نفسه طوال الوقت للانهمام بالجبل وحراسه الأشجار من الحاطبين، وبفضله تحتفظ تلك المنطقة اليوم بغطاء نباتي لافت يُضفي مظهرا جماليا عليها، لا يتوفر في المناطق الأخرى المجاورة.

 

يُسر الحمني بزوّاره القلائل الذين يفدون إليه إلى الجبل، يشاركونه بعض الطعام والقات، ويتلقون في المقابل الطرائف والمرح وتشريف مُلامسة الماضي. ويتحدد مشهد حياته اليوم في الإقامة بين تلك التلال، رفيقا للأشجار، ينعم في المساحات الخالية.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن تعز قصة إنسانية لا تزال الذی ی

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي يتحدث عن مرحلة حساسة لصفقة نهائية بشأن غزة وضغوطات أمريكية كبيرة على مصر وقطر

غزة – كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن عدم وجود صفقة نهائية بشأن غزة، رغم الضغوط الأمريكية الكبيرة على الوسطاء من مصر وقطر للتأثير على حركة الفصائل الفلسطينية، فيما تشهد المفاوضات مرحلة حساسة.

وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن المفاوضات الحالية تسعى للتوصل إلى اتفاق على أساس المقترح الذي قدمه المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف، قبل الدخول في أي تصعيد عسكري.

وأشارت إلى أن الضغط الأمريكي يتركز على محاولة تمرير هذا المقترح دون أي مبادرات جديدة مطروحة حتى الآن.

من جهتها، نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يصران على تقديم صورة تفيد بأن إسرائيل لا تزال تحاول استنفاد كل الفرص للتوصل إلى صفقة، رغم تعقيدات الموقف.

وفي سياق متصل، ذكرت قناة “كان” العبرية نقلا عن مسؤول أن “إسرائيل قررت منح فرصة إضافية للمفاوضات قبل اتخاذ قرار بتوسيع العملية العسكرية في غزة”، مؤكدةً أنه “لا توجد مبادرة جديدة مطروحة على الطاولة حاليا”.

كما أفاد مصدر إسرائيلي لقناة “i24” بأنه “لم يطرح أي مقترح جديد من الوسطاء حتى الآن”، مما يشير إلى استمرار الجمود في المفاوضات، رغم المحاولات المستمرة لإنقاذها.

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه الأوضاع في غزة توترا متصاعدا، مع استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق ومنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية، واستهداف ما تبقى من مقومات الحياة.

ولا تزال الأنظار متجهة نحو غرف المفاوضات التي قد تحسم مصير التهدئة في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

المصدر: RT + وكالات

مقالات مشابهة

  • عاصفة هوائية تتسبّب باقتلاع الأشجار وإغلاق بعض شوارع ‏في مدينة دير الزور
  • قبعة الموت.. ما الذي يجعله الفطر السام الأكثر فتكًا بالبشر؟
  • شاهده عبر الكاميرات.. محافظ الدقهلية يوجه بتوفير مسكن ورعاية صحية لمسن بلا مأوى
  • بهدف حماية المدنيين.. إتلاف الأطنان من مخلفات الحرب بـ«الجبل الغربي»
  • محافظ الدقهلية يكلف بتوفير جميع أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية لحالة "بلا مأوى"
  • إعلام إسرائيلي يتحدث عن مرحلة حساسة لصفقة نهائية بشأن غزة وضغوطات أمريكية كبيرة على مصر وقطر
  • إعلام إسرائيلي: حماس لا تزال فوق الأرض وتحتها
  • نداء إلى “وزارة البيئة” و “الأمن البيئي”.. “خريصه” و “المغرّه” بعيدة عن عين الرقيب..!!
  • شاهد | محادثات وزير الحرب الأمريكي على سيغنال بشأن الحرب على اليمن لا تزال تلاحقه
  • محللان: كمين القسام يكشف أن المقاومة لا تزال تمتلك قدرات عالية