الموقع بوست:
2024-11-15@11:31:39 GMT

بريف تعز.. "مأوى الضبع" وجد الحِمني راحته

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

بريف تعز.. 'مأوى الضبع' وجد الحِمني راحته

بإطلالة عتيدة وملامح صارمة وهيئة من أثر الأسلاف، يطل محمد ابراهيم الحِمني منتصبا -كلما شعر بالخطر- من أعالي الجبل الذي يحرسه في منطقة "حِمنة" بريف تعز، مطلقا نظرة متفحصة صوب الأسفل، قاطعا السكون بأصداء نداءات تحذيرية -يعرفها كل من زار المكان- قاصدا إخافة لصوص الحطب المحتملين، وقد نذر نفسه منذ 12 عاما لحراسه جبل يُدعى بـ"مأوى الضبع"، في مديرية خدير.

 

يقطع الحِمني (65 عاما) طريقا بطول 10 كلم، يمتد ما بين منزله والجبل، ويغذ الخطى كل يوم في البكور صوب الجبل حاملا جرابا عتيقا يحوي مؤنة بسيطة من الطعام والشراب يتزود بها طوال اليوم. ويحرص على الوصول قبيل آذان الفجر، استباقا لِلُصوص الحَطب، ويعكف على حراسة الأشجار طيلة النهار ولا يغادر إلا بعد ولوج الليل.

 


 

يؤكد ابراهيم أن حراسة الجبل هي مهنته الوحيدة، وهي ما يمنح حياته معنى. ويتساءل: ماذا سأفعل لو لم أحرس هذا الجبل؟ "إنها مهنتي وتلهيتي".

 

يرتبط ابراهيم بالجبل بصلة وجدانية متينة، ويشعر بانتماء كبير له. يقول، "متعلق أنا بهذا المكان وأحب وجودي هنا بين هذي الجبال". فهو ينتمي لها منذ الطفولة، بحسب قوله، ولا يمكنه أن يتصور حياته في مكان آخر غيرها. تجده يتعهد الشُجيرات ويقلق عليها من الحاطبين العشوائيين.

 

 

جاشت في نفسه الشجون وهو يحدثنا عن ذكريات صباه في الجبل، يقول: "لقد رحل كل رفاقي القدامى الذين لطالما رعيت الأغنام معهم في صباي في هذه الأماكن، غادروا الحياة وبقيتُ أنا بعدهم وحيدا".

 

لا تزال تشعل قلبه الكثير من ذكريات الصبى المرتبطة بهذا المكان، يلهج بها فينتعش مزاجه، فهي تؤنس وحدته وتمنحه العزاء فيما تبقى من سنوات حياته. بذكرياته يتسامى على واقعه، وبصلته بالجبل يكتسب المزيد من الإصرار لمواصلة الحياة.

 

 

فقد الحِمني زوجته قبل أعوام قليلة، وصار وحيدا. ورغم أن لديه خمسة من الأبناء الذكور، وابنة واحدة، لكنه يعيش وحيدا، ذلك أن جميعهم بعيدون عنه ولهم حيوات مستقلة عن حياته، باستثناء ابنته المستقرة مع زوجها وأسرتها في منطقة قريبة؛ لا تزال تفد إلى منزله وتتعهده بالطعام الذي يحمله معه كل يوم إلى عزلته في الجبل.

 

وهناك يقيم طوال النهار في ظل الأشجار أو داخل محراسه المؤلف من غرفة صغيرة كان قد بناها بيديه من أحجار الجبل. يقول الحمني أنه راض عن حياته، وتملؤه بالحبور مهمته الطوعية المتمثلة في حراسة الأشجار البرية في ذلك الجبل، الذي يُعرف بـ"مأوى الضبع"، لاحتوائه على كهوف يُعتقد شعبيا أنها مخابئ للضباع.

 

لا يحب الحمني مخالطة الناس منذ فقدان زوجته، لا سيما منهم أبناء هذا الجيل الذي لا يراهم سوى نماذج للجحود والنكران، مبديا سخطه عليهم، بسبب مما يبدو له أنه فقدان للصلة بالماضي لديهم، ذلك الماضي الذي يحوي كل ما هو حميم وأثير بالنسبة إليه.

 

 

قبضة من أثر الأسلاف يُمثل الحِمني، فهو مثال حي لأصالة الإنسان اليمني الريفي الفريد، ذلك الإنسان المتعلق دوما بتراثه وأرضه. تبرُز في الحمني المعالم والصفات العتيقة في الشخصية الريفية، والتي ما عادت حاضرة كثيرا في مشهد الحياة، بفعل التنميط الذي جلبته التكنولوجيا والتقنية ووسائل العولمة، والذي بدد الكثير من خصوصيات الهوية.

 

ويجسد نموذجا جماليا من بأس شيخوخة لا تزال تقاوم الأفول. وفي كُليّته هو مشهد حي مما تبقى من أثر الأسلاف، ففيه لا تزال حية تلك البواعث الفطرية التي ما عادت مألوفة.

 

ما عاد الناس في المناطق الريفية يكترثون لحماية أشجار سقيمة في جبال بعيدة. وعلى النقيض منهم يفكر الحمني مكرسا نفسه طوال الوقت للانهمام بالجبل وحراسه الأشجار من الحاطبين، وبفضله تحتفظ تلك المنطقة اليوم بغطاء نباتي لافت يُضفي مظهرا جماليا عليها، لا يتوفر في المناطق الأخرى المجاورة.

 

يُسر الحمني بزوّاره القلائل الذين يفدون إليه إلى الجبل، يشاركونه بعض الطعام والقات، ويتلقون في المقابل الطرائف والمرح وتشريف مُلامسة الماضي. ويتحدد مشهد حياته اليوم في الإقامة بين تلك التلال، رفيقا للأشجار، ينعم في المساحات الخالية.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن تعز قصة إنسانية لا تزال الذی ی

إقرأ أيضاً:

ليوناردو دي كابريو.. كيف تحولت حياته من طفل فقير إلى أشهر نجوم هوليود؟

خطف ليوناردو دي كابريو بشخصية «جاك»، في الفيلم الشهير «تيتانيك» قلوب وعقول المشاهدين، ورغم أعماله المتعددة ورحلته التي بدأت قبل أكثر من 30 عامًا، فإنّ الجميع حول العالم عرفه بهذا الدور، ليقدم بعدها العديد من الأعمال المميزة التي حافظ بها على نجوميته لسنوات طويلة، وفي عيد ميلاده الـ50، نستعرض كيف تحول من بدايات متواضعة إلى واحد من ألمع نجوم هوليوود.

ليوناردو دي كابريو.. نجم تيتانيك

نشأ ليوناردو دي كابريو في عائلة فقيرة، إذ كانت والدته سكرتيرة قانونية ووالده فنان وموزع للكتب المصورة، ولاحظ والداه موهبته في التمثيل؛ لأنّه كلما كان لديهم ضيوف، كان يقلدهم بشكل طبيعي بمجرد مغادرتهم؛ ولأنّه لم يأت من عائلة معروفة في مجال الفن فكان من الصعب أن يبدأ العمل في هذه الصناعة، وفقًا لما نشرته «نيويورك تايمز».

وعلى الرغم من أن والداه انفصلا قبل ولادته لكنهما حافظا على البيئة التي نشأ فيها قوية، فلم يركزا على حقيقة أنهما لا يملكان الكثير من المال، لكنهما اصطحباه إلى المتاحف وعرفوه على  الفن، إذ كانت والدته تقود لمدة ساعتين لتأخذه إلى مدرسة الجامعة الابتدائية، لكن المدرسة لم تكن هي فقط من اهتمامات دي كابريو لأنه كان يجد صعوبة في التركيز على أشياء لا يريد تعلمها، لذا كان يعتاد في كل إجازة مدرسية أو وقت فراغ أن يؤدي عروضًا ارتجالية ورقصًا استعراضيًا.  

ومنذ صغره أظهر ليوناردو اهتمامًا وولعًا بالفن والتمثيل، ودخل عالم التمثيل في سن مبكرة من خلال مشاركات بسيطة في الإعلانات التجارية والبرامج التلفزيونية، مثل ظهوره في مسلسل «Growing Pains»، ومع الوقت لاحظ المنتجون موهبته الفريدة وجاذبيته، ما فتح له الباب لأدوار أكبر.

فيلم تيتانيك صنع نجومية ليوناردو دي كابريو

وكانت انطلاقته الكبرى كانت في فيلم What's Eating Gilbert Grape 1993، حيث قدم أداء أذهل الجميع وحصل من خلاله على ترشيح لجائزة الأوسكار عن دوره كأخ معاق ذهنيًا، ومن هنا وضع على خريطة هوليوود، لكن التحول الحقيقي في مسيرته جاء مع فيلم «Titanic» عام 1997 وحقق حينها شهرة عالمية وعرف من وقتها كنجم صف أول في هوليوود، بسبب تحقيق الفيلم لنجاح باهر، وجعله معشوق الجماهير، لكنه استمر في اختيار أدوار تتحدى قدراته التمثيلية وتبعده عن الصورة النمطية للنجم الشاب الوسيم.

اشتهر ليوناردو دي كابريو بدوره الرائد في الأفلام التاريخية والسير الذاتية، وحصل على العديد من الجوائز، منها «جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام» و«جائزة الأوسكار عام 2016»، و«3 جوائز جولدن جلوب» وهو أحد الممثلين الأعلى أجرًا في العالم. 

وخارج عالم السينما استغل ليوناردو دي كابريو شهرته لدعم القضايا البيئية، حيث أنشأ مؤسسة تُعنى بحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي، ما جعله شخصية مؤثرة ليس فقط في الفن، بل في مجالات أوسع.

يعتبر دي كابريو مدمن عمل لأنّه يضع حياته المهنية دائمًا في المقام الأول، إذ قال في أحد المقابلات التلفزيونية، إنّ لديه مشاعر مختلطة حول ما إذا كان يجب أن يبدأ في تكوين أسرة لكنه مشغولا للغاية بالتركيز على حياته المهنية للتفكير في تكوين أسرة، وأعرب لجمهوره عن عدم إيمانه بالزواج، وفي وقت لاحق تناقض مع نفسه وقال إنه يريد حقًا الزواج وإنجاب الأطفال.

مقالات مشابهة

  • تقرير يتحدّث عن حزب الله.. ماذا كشف عن قدراته؟
  • خلافات أسرية.. حلاق يحاول إنهاء حياته بقرص لحفظ الغلال بطهطا
  • بويصير: أحلم بمزرعة في الجبل الأخضر ومغامرة كل صباح لكشف خفاياه
  • سانا: قصف إسرائيلي يستهدف منطقة القصير بريف حمص
  • الهجرة الدولية تقدم 1900 مأوى لاسر نازحة في 5 مخيمات بمأرب
  • حوادث دامية في جنوب العراق.. مقتل شخصين بكمين وطفل يفقد حياته بعبث سلاح
  • ليوناردو دي كابريو.. كيف تحولت حياته من طفل فقير إلى أشهر نجوم هوليود؟
  • ممثل سمو أمير البلاد سمو ولي العهد يستقبل رئيس جمهورية الجبل الأسود
  • كانوا عايشين في خيمة.. محافظ الدقهلية يكلف بتوفير مسكن لأسرة بلا مأوى
  • محافظ الدقهلية يكلف بتوفير مسكن لائق وتقديم الحماية الاجتماعية لأسرة "بلا مأوى"