الموقع بوست:
2025-03-24@05:12:50 GMT

بريف تعز.. "مأوى الضبع" وجد الحِمني راحته

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

بريف تعز.. 'مأوى الضبع' وجد الحِمني راحته

بإطلالة عتيدة وملامح صارمة وهيئة من أثر الأسلاف، يطل محمد ابراهيم الحِمني منتصبا -كلما شعر بالخطر- من أعالي الجبل الذي يحرسه في منطقة "حِمنة" بريف تعز، مطلقا نظرة متفحصة صوب الأسفل، قاطعا السكون بأصداء نداءات تحذيرية -يعرفها كل من زار المكان- قاصدا إخافة لصوص الحطب المحتملين، وقد نذر نفسه منذ 12 عاما لحراسه جبل يُدعى بـ"مأوى الضبع"، في مديرية خدير.

 

يقطع الحِمني (65 عاما) طريقا بطول 10 كلم، يمتد ما بين منزله والجبل، ويغذ الخطى كل يوم في البكور صوب الجبل حاملا جرابا عتيقا يحوي مؤنة بسيطة من الطعام والشراب يتزود بها طوال اليوم. ويحرص على الوصول قبيل آذان الفجر، استباقا لِلُصوص الحَطب، ويعكف على حراسة الأشجار طيلة النهار ولا يغادر إلا بعد ولوج الليل.

 


 

يؤكد ابراهيم أن حراسة الجبل هي مهنته الوحيدة، وهي ما يمنح حياته معنى. ويتساءل: ماذا سأفعل لو لم أحرس هذا الجبل؟ "إنها مهنتي وتلهيتي".

 

يرتبط ابراهيم بالجبل بصلة وجدانية متينة، ويشعر بانتماء كبير له. يقول، "متعلق أنا بهذا المكان وأحب وجودي هنا بين هذي الجبال". فهو ينتمي لها منذ الطفولة، بحسب قوله، ولا يمكنه أن يتصور حياته في مكان آخر غيرها. تجده يتعهد الشُجيرات ويقلق عليها من الحاطبين العشوائيين.

 

 

جاشت في نفسه الشجون وهو يحدثنا عن ذكريات صباه في الجبل، يقول: "لقد رحل كل رفاقي القدامى الذين لطالما رعيت الأغنام معهم في صباي في هذه الأماكن، غادروا الحياة وبقيتُ أنا بعدهم وحيدا".

 

لا تزال تشعل قلبه الكثير من ذكريات الصبى المرتبطة بهذا المكان، يلهج بها فينتعش مزاجه، فهي تؤنس وحدته وتمنحه العزاء فيما تبقى من سنوات حياته. بذكرياته يتسامى على واقعه، وبصلته بالجبل يكتسب المزيد من الإصرار لمواصلة الحياة.

 

 

فقد الحِمني زوجته قبل أعوام قليلة، وصار وحيدا. ورغم أن لديه خمسة من الأبناء الذكور، وابنة واحدة، لكنه يعيش وحيدا، ذلك أن جميعهم بعيدون عنه ولهم حيوات مستقلة عن حياته، باستثناء ابنته المستقرة مع زوجها وأسرتها في منطقة قريبة؛ لا تزال تفد إلى منزله وتتعهده بالطعام الذي يحمله معه كل يوم إلى عزلته في الجبل.

 

وهناك يقيم طوال النهار في ظل الأشجار أو داخل محراسه المؤلف من غرفة صغيرة كان قد بناها بيديه من أحجار الجبل. يقول الحمني أنه راض عن حياته، وتملؤه بالحبور مهمته الطوعية المتمثلة في حراسة الأشجار البرية في ذلك الجبل، الذي يُعرف بـ"مأوى الضبع"، لاحتوائه على كهوف يُعتقد شعبيا أنها مخابئ للضباع.

 

لا يحب الحمني مخالطة الناس منذ فقدان زوجته، لا سيما منهم أبناء هذا الجيل الذي لا يراهم سوى نماذج للجحود والنكران، مبديا سخطه عليهم، بسبب مما يبدو له أنه فقدان للصلة بالماضي لديهم، ذلك الماضي الذي يحوي كل ما هو حميم وأثير بالنسبة إليه.

 

 

قبضة من أثر الأسلاف يُمثل الحِمني، فهو مثال حي لأصالة الإنسان اليمني الريفي الفريد، ذلك الإنسان المتعلق دوما بتراثه وأرضه. تبرُز في الحمني المعالم والصفات العتيقة في الشخصية الريفية، والتي ما عادت حاضرة كثيرا في مشهد الحياة، بفعل التنميط الذي جلبته التكنولوجيا والتقنية ووسائل العولمة، والذي بدد الكثير من خصوصيات الهوية.

 

ويجسد نموذجا جماليا من بأس شيخوخة لا تزال تقاوم الأفول. وفي كُليّته هو مشهد حي مما تبقى من أثر الأسلاف، ففيه لا تزال حية تلك البواعث الفطرية التي ما عادت مألوفة.

 

ما عاد الناس في المناطق الريفية يكترثون لحماية أشجار سقيمة في جبال بعيدة. وعلى النقيض منهم يفكر الحمني مكرسا نفسه طوال الوقت للانهمام بالجبل وحراسه الأشجار من الحاطبين، وبفضله تحتفظ تلك المنطقة اليوم بغطاء نباتي لافت يُضفي مظهرا جماليا عليها، لا يتوفر في المناطق الأخرى المجاورة.

 

يُسر الحمني بزوّاره القلائل الذين يفدون إليه إلى الجبل، يشاركونه بعض الطعام والقات، ويتلقون في المقابل الطرائف والمرح وتشريف مُلامسة الماضي. ويتحدد مشهد حياته اليوم في الإقامة بين تلك التلال، رفيقا للأشجار، ينعم في المساحات الخالية.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن تعز قصة إنسانية لا تزال الذی ی

إقرأ أيضاً:

إدارة الأمن العام تستلم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية

اللاذقية-سانا

استلمت إدارة الأمن العام أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في محافظة اللاذقية.

وقال وزارة الداخلية: استلمت إدارة الأمن العام أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في محافظة اللاذقية، وذلك في إطار الجهود المستمرة لضبط انتشار السلاح وحصره بيد الدولة، تعزيزاً للأمن والاستقرار، ودعماً للسلم الأهلي في المنطقة.

أسلحة إدارة الأمن العام 2025-03-22Afraaسابق انطلاق حملة زراعة نباتات الزينة والأشجار بعدة مناطق في اللاذقية انظر ايضاً إدارة الأمن العام تفتتح قسماً لها في مدينة بصرى الشام بريف درعا

درعا-سانا في إطار تنظيم وتوسيع دور إدارة الأمن العام في تعزيز الأمن في الريف الشرقي …

آخر الأخبار 2025-03-22إدارة الأمن العام تستلم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية 2025-03-22الجامعة الافتراضية السورية تمدد التسجيل الإلكتروني للمقبولين في مفاضلة خريف 2024 2025-03-22السفير التركي لدى واشنطن يؤكد ضرورة رفع العقوبات عن سوريا 2025-03-22جامعة دمشق: 6 نيسان القادم بدء دوام الفصل الثاني للمرحلة الجامعية ‏الأولى ودبلوم التأهيل التربوي 2025-03-22وزير النقل التركي: خطّة دعم تركية شاملة لقطاعي النقل والاتصالات في سوريا 2025-03-22ملعب العباسيين بدمشق.. بين واقع مؤلم أورثه النظام البائد وأمل منتظر بالعودة إلى الألق الرياضي 2025-03-22وزير التربية والتعليم: عقدنا لقاءات مع المنظمات الدولية المعنية بالتعليم بهدف تحديد احتياجات المدارس 2025-03-21الصناعة تضع خطة لإعادة هيكلة الوزارة والمؤسسات التابعة لها بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية 2025-03-21هيئة التميز والإبداع: الأربعاء القادم اختبارات التصفيات النهائية المحلّية لمسابقة الفرق الدولية للمعلوماتية IIOT 2025-03-21نائبان أمريكيان يطالبان حكومة بلادهما بتخفيف العقوبات عن سوريا لدعم إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار

صور من سورية منوعات المائدة الرمضانية في درعا… تنوع يجمع بين الأصالة والنكهة 2025-03-15 العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة  2025-03-11فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع سلالًا غذائية بمنطقة السيدة زينب بريف دمشق
  • محافظ الدقهلية يكلف بتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لحالة بلا مأوى
  • وكيل صحة الدقهلية يوجه بنقل حالة بلا مأوى لحميات المنصورة
  • الأمن العام يضبط كميات من الأسلحة والذخائر مخبأة داخل بئر ماء مهجور بريف حمص الشرقي
  • إدارة الأمن العام تستلم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية
  • تحت القصف والأنقاض.. عائلات فلسطينية في غزة تتخذ من الجامعة الإسلامية المدمرة مأوى لها
  • كيف رسم الفنانون الأشجار عبر التاريخ؟ .. دراسة تكشف
  • "طنا الورد".. انطلاق موسم جني الورد في الجبل الأخضر
  • ارتقاء مدني جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات النظام البائد بريف اللاذقية
  • الأرصاد الجوية: درجة الحرارة تتجاوز الـ30 غدا السبت في المنطقة الغربية