برلين – شتاء بارد تجتازه ألمانيا في الفترة الحالية، خصوصا في بداية ديسمبر/كانون الأول الذي شهد موجة برد شديدة زادت الضغوط على استهلاك الغاز للتدفئة. لكن مع ذلك، تؤكد برلين أنها استعدت بما يكفي وأن لديها ما يكفي لمواجهة الشتاء الحالي بدون مشاكل مع وقف شبه تام لاعتمادها على الغاز الروسي.

"رغم موجة البرد، فنسبة ملء خزانات الغاز في ألمانيا هي أكثر من 90%، وهذا أحد أكبر الأسباب الذي يجعلنا متفائلين حول وضع إمدادات الغاز خلال الأشهر القادمة"، هذا ما تؤكده متحدثة باسم الرابطة الاتحادية لصناعات المياه والطاقة للجزيرة نت.

مؤشرات ألمانية

انخفض سعر استهلاك الغاز لكل أسرة في ألمانيا، بنحو 30%، في المعدل السنوي لعام 2023 مقارنة بمعدل الربع الأخير من عام 2022، وانتقل من 20 سنتا لكل ساعة كيلووات، إلى 13.99 سنتا، لكن لم يصل المعدل لما كان عليه عام 2021، عندما كان معدل السعر 7.06 سنتات فقط، حسب بيانات ديسمبر/كانون الأول، التي أصدرتها الرابطة.

وينعكس هذا التراجع ببيانات هذه الرابطة كذلك في أسعار عقود الغاز الطبيعي الذي تؤديها شركات توزيع الغاز الألمانية، إذ تراجع من 118 يوروا لكل ميغاوات/ساعة عام 2022 إلى 54 يوروا هذا العام.

وتتمتع ألمانيا، حسب المصدر ذاته، بأعلى قدرات التخزين في الاتحاد الأوروبي، بحوالي 254.8 مليار كيلووات.

ولأجل التحرر من الغاز الروسي، افتتحت ألمانيا 3 محطات عائمة لتخزين الغاز المسال المستورد في أفق 5 محطات، كما بحثت عن شراكات جديدة عبر العالم، إذ من المتوقع أن تتلقى ألمانيا شحنات من الغاز القطري ابتداءً من عام 2026 ولمدة 15 عاما.

الشركات الألمانية تضررت بشكل كبير من ارتفاع أسعار الطاقة (أسوشيتد برس) وقف الاعتماد على الغاز الروسي

تؤكد البيانات أن تدفقات الغاز الطبيعي المباشرة إلى ألمانيا تأتي من النرويج، ثم هولندا، ثم بلجيكا، ولم تعد روسيا بين موردي ألمانيا، لكنها حاضرة بشكل غير مباشر عبر طرف ثالث. وتؤكد الرابطة للجزيرة نت أن "روسيا أوقفت شحنات الغاز عبر الأنابيب، والكميات تم تعويضها عبر عمليات استيراد من دول أخرى كالولايات المتحدة التي تصدر جل شحناتها إلى ألمانيا".

ولم يكن وقف توريد الغاز الروسي إلى ألمانيا قرار برلين بالكامل، بحكم أن ألمانيا لم تكن تخطط لوقف فوري لذلك، حيث أقدمت شركة غازبروم الروسية بإيقاف تصدير الغاز إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2022، وتحديدا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1، بينما أوقفت ألمانيا اعتماد مشروع أنبوب نورد ستريم 2.

ويقول مارتن فلاديميروف مدير برنامج الطاقة والمناخ بمركز دراسات الديمقراطية، للجزيرة نت: "حققت ألمانيا تقدما كبيرا في خفض استهلاك الغاز بشكل عام بنحو 20% على مدى العامين الماضيين، كما نوّعت مصادر استهلاكها بعيدا عن الغاز الروسي".

ويشير إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا انخفضت في أوروبا التي أضحت "قادرة على إدارة مرافق تخزين الغاز بشكل أفضل"، لكنه يؤكد أن ألمانيا لا تزال تتلقى كميات من الغاز الروسي بشكل غير مباشر، عبر أنابيب الغاز من النمسا، أو بلجيكا.

وكانت ألمانيا تعتمد في نصف وارداتها من الغاز على روسيا بحكم السعر الرخيص الذي مكّن شركات ألمانية عملاقة لاستيراد الغاز من تحقيق أرباح كبيرة، لكن قطع موسكو لإمدادات الغاز دفع هذه الشركات إلى حافة الإفلاس.

وتؤكد دراسة لمركز دراسات الديمقراطية بشراكة مع منظمة فريدريش نومان الألمانية، أن هذه الشركات كانت تضغط على برلين لتعزيز العلاقات مع موسكو، لكن غزو موسكو لأوكرانيا حوّل ألمانيا لإحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي ضعفا في أمن الطاقة.

ألمانيا ستتلقى شحنات من الغاز القطري ابتداء من عام 2026 ولمدة 15 عاما (غيتي) الحذر واجب

ولم تظهر استطلاعات الرأي خلال هذا الشتاء مخاوف كبيرة، عكس الشتاء الماضي الذي سبّب مشاكل كبيرة للسكان خصوصا ذوي الدخل المحدود، عندما توقفت عدد من شركات الغاز عن اقتراح عقود طويلة، ومنها من رفع السعر لمرتين أو 3 مرات.

لكن رغم هذه المؤشرات، تؤكد الرابطة الاتحادية لصناعات المياه والطاقة أن ملء خزانات الغاز بالكامل لا تضمن لوحدها اجتياز الشتاء بدون مشاكل، موضحة أنه "من المهم جدا ترشيد استخدام الطاقة، لدعم استمرار إمدادات الطاقة وهو ما سينعكس إيجابيا على جيوب الناس".

وفي هذا الإطار، تكثف الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات من حملات ترشيد استهلاك الطاقة، كما خصصت برلين حزمة دعم كبيرة للسكان بلغت قيمتها الإجمالية 200 مليون يورو لتسقيف أسعار الكهرباء والغاز بالتحديد، وكذلك لمواجهة التضخم، وحصل مئات الآلاف من السكان على دعم مالي مباشر.

ومن جانبه يوضح فلاديميروف أن روسيا لا تزال ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وأن حجم الغاز الطبيعي المسال القادم من روسيا منذ بدء الحرب ارتفع، بل إن عام 2023 سيكون عاما قياسيا لهذه الإمدادات الروسية.

ويحذر الخبير من أن أحد أسباب انخفاض الأسعار هو استمرار وجود الغاز الروسي، في حين لو أوقفت أوروبا -ومنها ألمانيا- الغاز الروسي وقفا تاما أو أجرت مزيدا من العقوبات، فمن المحتمل أن ترتفع الأسعار جزئيا، لكنه يؤكد أن أوروبا في حاجة ملحة لـ"فصل إستراتيجي عن الغاز الروسي"، وهي "قادرة على ذلك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الغاز الطبیعی الغاز الروسی إلى ألمانیا من الغاز

إقرأ أيضاً:

وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان

قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، اليوم الأحد، إن ما وصفه بـ"اتفاق الغاز الفاضح" مع لبنان، "كان خطأ منذ البداية"، مؤكدا أنه يبحث عن ثغرة لإلغائه.

جاء ذلك، في تصريحات أدلى بها كوهين -من حزب الليكود- لإذاعة الجيش الإسرائيلي، على وقع هجمات عنيفة يشنها الجيش على لبنان أسفرت عن مئات القتلى والجرحى وآلاف المهجرين.

وقال كوهين: "أبحث عن طريقة أو ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز الفاضح الذي تم توقيعه مع لبنان".

واعتبر أن اتفاق الغاز الذي وقعته إسرائيل مع لبنان، في ظل حكومة التغيير التي تناوب على رئاستها نفتالي بينيت ويائير لبيد، "كان خطأ منذ البداية" مضيفا: "سنحرص على إصلاحه".

وأواخر 2022، وقع لبنان وإسرائيل على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت لمدة عامين بوساطة أميركية بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومتر مربعا.

ومنذ ذلك الحين، بدأت شركات طاقة عالمية تقدم عطاءات للتنقيب واستكشاف المربعات البحرية المستهدفة الواقعة في المياه الإقليمية اللبنانية على البحر الأبيض المتوسط.

ومنذ 23 سبتمبر/أيلول الجاري، يشن الجيش الإسرائيلي أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، أسفر حتى مساء السبت عن 816 قتيلا، بينهم أطفال ونساء، و2507 مصابين.

مقالات مشابهة

  • إجتماع هام حول أنبوب الغاز العابر للصحراء قريبا
  • السعودية.. تشغيل أول مشروع لتخزين الغاز بتقنية الحقن المعالج
  • وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان
  • وزير الطاقة الإسرائيلي: أبحث عن أي ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز الفاضح مع لبنان
  • محافظ الغربية يناقش آخر مستجدات مشروع توصيل الغاز الطبيعي إلى القرى والمدن
  • “الطاقة”: تشغيل أول مشروع في المملكة لتخزين الغاز الطبيعي عن طريق حقن الغاز المعالج
  • محادثات أنبوب الغاز الجزائري النيجيري تترقب تطورًا جديدًا
  • عرقاب يتباحث سبل التعاون والإستثمار الطاقوي مع سلوفينيا
  • انقل ملكية عداد الغاز الطبيعي المنزلي باسمك «أونلاين».. إليك الخطوات
  • أستاذ هندسة: 73% من الطاقة ستنتج من مصادر غير الغاز والبترول|فيديو