الشتاء المخيف.. هل استطاعت ألمانيا التحرر من الغاز الروسي؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
برلين – شتاء بارد تجتازه ألمانيا في الفترة الحالية، خصوصا في بداية ديسمبر/كانون الأول الذي شهد موجة برد شديدة زادت الضغوط على استهلاك الغاز للتدفئة. لكن مع ذلك، تؤكد برلين أنها استعدت بما يكفي وأن لديها ما يكفي لمواجهة الشتاء الحالي بدون مشاكل مع وقف شبه تام لاعتمادها على الغاز الروسي.
"رغم موجة البرد، فنسبة ملء خزانات الغاز في ألمانيا هي أكثر من 90%، وهذا أحد أكبر الأسباب الذي يجعلنا متفائلين حول وضع إمدادات الغاز خلال الأشهر القادمة"، هذا ما تؤكده متحدثة باسم الرابطة الاتحادية لصناعات المياه والطاقة للجزيرة نت.
انخفض سعر استهلاك الغاز لكل أسرة في ألمانيا، بنحو 30%، في المعدل السنوي لعام 2023 مقارنة بمعدل الربع الأخير من عام 2022، وانتقل من 20 سنتا لكل ساعة كيلووات، إلى 13.99 سنتا، لكن لم يصل المعدل لما كان عليه عام 2021، عندما كان معدل السعر 7.06 سنتات فقط، حسب بيانات ديسمبر/كانون الأول، التي أصدرتها الرابطة.
وينعكس هذا التراجع ببيانات هذه الرابطة كذلك في أسعار عقود الغاز الطبيعي الذي تؤديها شركات توزيع الغاز الألمانية، إذ تراجع من 118 يوروا لكل ميغاوات/ساعة عام 2022 إلى 54 يوروا هذا العام.
وتتمتع ألمانيا، حسب المصدر ذاته، بأعلى قدرات التخزين في الاتحاد الأوروبي، بحوالي 254.8 مليار كيلووات.
ولأجل التحرر من الغاز الروسي، افتتحت ألمانيا 3 محطات عائمة لتخزين الغاز المسال المستورد في أفق 5 محطات، كما بحثت عن شراكات جديدة عبر العالم، إذ من المتوقع أن تتلقى ألمانيا شحنات من الغاز القطري ابتداءً من عام 2026 ولمدة 15 عاما.
تؤكد البيانات أن تدفقات الغاز الطبيعي المباشرة إلى ألمانيا تأتي من النرويج، ثم هولندا، ثم بلجيكا، ولم تعد روسيا بين موردي ألمانيا، لكنها حاضرة بشكل غير مباشر عبر طرف ثالث. وتؤكد الرابطة للجزيرة نت أن "روسيا أوقفت شحنات الغاز عبر الأنابيب، والكميات تم تعويضها عبر عمليات استيراد من دول أخرى كالولايات المتحدة التي تصدر جل شحناتها إلى ألمانيا".
ولم يكن وقف توريد الغاز الروسي إلى ألمانيا قرار برلين بالكامل، بحكم أن ألمانيا لم تكن تخطط لوقف فوري لذلك، حيث أقدمت شركة غازبروم الروسية بإيقاف تصدير الغاز إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2022، وتحديدا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1، بينما أوقفت ألمانيا اعتماد مشروع أنبوب نورد ستريم 2.
ويقول مارتن فلاديميروف مدير برنامج الطاقة والمناخ بمركز دراسات الديمقراطية، للجزيرة نت: "حققت ألمانيا تقدما كبيرا في خفض استهلاك الغاز بشكل عام بنحو 20% على مدى العامين الماضيين، كما نوّعت مصادر استهلاكها بعيدا عن الغاز الروسي".
ويشير إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا انخفضت في أوروبا التي أضحت "قادرة على إدارة مرافق تخزين الغاز بشكل أفضل"، لكنه يؤكد أن ألمانيا لا تزال تتلقى كميات من الغاز الروسي بشكل غير مباشر، عبر أنابيب الغاز من النمسا، أو بلجيكا.
وكانت ألمانيا تعتمد في نصف وارداتها من الغاز على روسيا بحكم السعر الرخيص الذي مكّن شركات ألمانية عملاقة لاستيراد الغاز من تحقيق أرباح كبيرة، لكن قطع موسكو لإمدادات الغاز دفع هذه الشركات إلى حافة الإفلاس.
وتؤكد دراسة لمركز دراسات الديمقراطية بشراكة مع منظمة فريدريش نومان الألمانية، أن هذه الشركات كانت تضغط على برلين لتعزيز العلاقات مع موسكو، لكن غزو موسكو لأوكرانيا حوّل ألمانيا لإحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي ضعفا في أمن الطاقة.
ولم تظهر استطلاعات الرأي خلال هذا الشتاء مخاوف كبيرة، عكس الشتاء الماضي الذي سبّب مشاكل كبيرة للسكان خصوصا ذوي الدخل المحدود، عندما توقفت عدد من شركات الغاز عن اقتراح عقود طويلة، ومنها من رفع السعر لمرتين أو 3 مرات.
لكن رغم هذه المؤشرات، تؤكد الرابطة الاتحادية لصناعات المياه والطاقة أن ملء خزانات الغاز بالكامل لا تضمن لوحدها اجتياز الشتاء بدون مشاكل، موضحة أنه "من المهم جدا ترشيد استخدام الطاقة، لدعم استمرار إمدادات الطاقة وهو ما سينعكس إيجابيا على جيوب الناس".
وفي هذا الإطار، تكثف الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات من حملات ترشيد استهلاك الطاقة، كما خصصت برلين حزمة دعم كبيرة للسكان بلغت قيمتها الإجمالية 200 مليون يورو لتسقيف أسعار الكهرباء والغاز بالتحديد، وكذلك لمواجهة التضخم، وحصل مئات الآلاف من السكان على دعم مالي مباشر.
ومن جانبه يوضح فلاديميروف أن روسيا لا تزال ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وأن حجم الغاز الطبيعي المسال القادم من روسيا منذ بدء الحرب ارتفع، بل إن عام 2023 سيكون عاما قياسيا لهذه الإمدادات الروسية.
ويحذر الخبير من أن أحد أسباب انخفاض الأسعار هو استمرار وجود الغاز الروسي، في حين لو أوقفت أوروبا -ومنها ألمانيا- الغاز الروسي وقفا تاما أو أجرت مزيدا من العقوبات، فمن المحتمل أن ترتفع الأسعار جزئيا، لكنه يؤكد أن أوروبا في حاجة ملحة لـ"فصل إستراتيجي عن الغاز الروسي"، وهي "قادرة على ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الغاز الطبیعی الغاز الروسی إلى ألمانیا من الغاز
إقرأ أيضاً:
بدائل الغاز الإيراني.. تراجع حظوظ الجارة الشمالية للعراق بسبب ترامب - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
علق الباحث في الشأن السياسي والدولي حسين الأسعد، اليوم الاثنين (17 آذار 2025)، على إمكانية امتلاك تركيا تأثيراً على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدفع العراق نحو استيراد الغاز منها بدلاً من ايران.
وقال الأسعد، لـ"بغداد اليوم"، "بحسب كل المعيطات والمؤشرات فان تركيا لا تملك أي تأثير قوي او حتى ضعيف على الرئيس دونالد ترامب باي ملف من الملفات، خاصة وان دول أوروبية مؤثرة في العالم لا تستطيع التأثير على ترامب في الكثير من الملفات والقضايا".
وبين أن "ترامب وادارته اتخذوا قرار إيقاف استيراد الغاز الإيراني من قبل العراق، وهذا القرار ليس له علاقة بتركيا وليس هدفه دفع بغداد نحو انقرة لاستيراد الغاز، بل هذا الامر ضمن خطط ترامب لفرض اقصى العقوبات على ايران، واذا كان هناك أي خلاف امريكي – تركي، فمن المؤكد أن ترامب سوف يضغط لمنع العراق من استيراد الغاز التركي، كما فعل مع ايران".
وأضاف أن "العراق لجأ الى تركيا ليس بضغط من أي طرف دولي، بل من أجل إيجاد حلول سريعة للأزمة الكبيرة والخطيرة المرتقبة في فصل الصيف، فهناك خشية حكومية وسياسية من هذه الازمة، والتي ربما ستدفع نحو تحريك الشارع العراقي، اذا استمر الإخفاق في توفير الطاقة مع الصيف اللاهب".
وفي هذا الشأن، بحثت بغداد وأنقرة، أمس الأحد، إمكانية استيراد الغاز من تركيا لتغطية احتياجات محطات توليد الطاقة في العراق.
وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية، تلقته "بغداد اليوم"، أن "الوزير فؤاد حسين، استقبل اليوم الأحد، وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، في مقر وزارة الخارجية، وناقشا القضايا المتعلقة بالكهرباء، والغاز الطبيعي، والنفط، وسبل تطوير التعاون القائم في قطاع الطاقة، بما يرقى إلى مستوى العلاقات الوثيقة بين العراق وتركيا، ويلبي احتياجات البلدين".
وأضاف، أنه "جرى بحث تشجيع الشركات التركية وتقديم التسهيلات اللازمة للاستثمار في قطاع النفط والغاز في العراق، إضافة إلى مناقشة إمكانية تزويد العراق بالطاقة الكهربائية من تركيا لسد العجز خلال مواسم الذروة، وأهمية استكمال مشروع الربط الكهربائي عبر تهيئة الإجراءات الفنية اللازمة في أقرب وقت".
وبحسب البيان، فإن "الجانبين اتفقا على مضاعفة كمية الكهرباء التي ستوفرها تركيا للعراق، بما يسهم في تلبية جزء من احتياجات إقليم كردستان ومدينة الموصل، كما تم التباحث بشأن تجديد عقد أنبوب جيهان لنقل النفط، مع التأكيد على إمكانية تمديده جنوباً لتعزيز قدرات تصدير النفط العراقي، وإيصاله إلى الأسواق الأوروبية".
وأشار البيان، إلى أن "الطرفين ناقشا كذلك، إمكانية استيراد الغاز من تركيا لتغطية احتياجات محطات توليد الطاقة في العراق، وسبل تعزيز التعاون في هذا المجال".