صدى البلد:
2024-10-06@14:02:57 GMT

منال الشرقاوي تكتب: ٣٦٥ يوم وداع

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

ما بين كل ٣٦٥ يوم في حياتنا نودع عامًا، نودع معه آمالًا وآلامًا، نودع أشخاصًا وننتظر آخرين.


في هذه اللحظة من الانتقال، نجد أنفسنا واقفين على عتبة الزمن، نُفكِّر في الأيام التي رحلت والأيام الجديدة التي ستلوح في الأفق. إنها ليست مجرد تغييرات في الزمن، بل هي مواقف حياتية تتداخل وتترابط كالخيوط الرفيعة لتنسج حكاية حياتنا.

 


في هذه اللحظة، نعيش فراقًا مؤلمًا مع أيام رحلت، ونرى صوراً تعلوها الضحكات وتهبط فيها قطرات الدموع. في هذا الوداع، نكون قد اكتسبنا حكمة جديدة أو فهمًا عميقًا لأنفسنا.


في هذه اللحظة، نستقبل أياماً جديدة، نشعر بترقب لما ستحمله من تحديات ومواقف، وقد يتسلل إلينا شعور بالحماس مختلطًا بالقلق. 


هذه اللحظة تعكس دورة حياتنا المستمرة، فالأوقات الجيدة والأوقات الصعبة تتلاحق، ولكل فقدان هناك اكتساب جديد. إنها فرصة لمشاهدة فيلم ليس كبقية الأفلام قد ينتهي بعد ساعتين أو أقل ،بل هو الأطول على الإطلاق فمدة عرضه تصل إلى ٣٦٥ يوماً من المشاهدة لمسيرتنا، وتحليل خيوط القدر التي ربطتنا بأحداث عام كامل انقضى.


في هذه اللحظة، تُحكى قصة العام الماضي بألوانها المتعددة. نرى صفحات الحياة تتكشف كأجزاء من رواية، وكل حدث يُلوِّن لوحة الفترة الخاصة بنا. ومهما كانت القصة، فإن لحظة وداع العام تدعونا إلى التأمل والنظر إلى الأمام بتفاؤل وإرادة قوية، ولن ننسى أن ننظر إلى الوراء بابتسامة الشكر والامتنان، فقد كان هذا العام أحد الفصول في رحلة حياتنا، والتي لن تُنسى وستظل معنا ما حيينا .


في تلك اللحظة التي تفصل بين ماضٍ توارى ومستقبل يتسع، يمكننا أن نكوِّن أحلامنا ونُصَوِّر أمنياتنا. ننقش على جدران الزمن لوحة تعكس جمال اللحظات الفريدة والأحداث المهمة. 


ما بين وداع عام واستقبال آخر نظل مترقبين، متلهفين، متمنين، وفي هذا الترقب المتلهف، نقترب من بداية سطر جديد في كتاب حياتنا، ونُشرع في كتابة فصوله بأقلامنا الخاصة.


مع اقترابنا من العتبة الزمنية للعام الجديد، تساورنا شكوك وتوقعات مليئة بالتساؤلات. هل ستحمل الأحداث المقبلة مفاجئة سارة أم تحديات ملحمية؟ وفي هذا السؤال، تتشابك خيوط الشك والحماس، فنحن نعلم أن الحياة تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت والتجارب التي تثقلنا بالخبرات.


في هذا الانتقال بين وداع عام واستقبال عام جديد، نجد أن الأفق يتسع أمامنا كلما اقتربنا من بوابة العام الجديد. إنها لحظة تتخللها أمنياتنا وتطلعاتنا لعام أجمل،صفحاته ما زالت بيضاء ككتاب فارغ ننتظر بلهفة ملأه بأحداث نتمناها سعيدة ولحظات تعبق برائحة العوض الجميل لكل لحظة حزن مرت علينا من قبل.


في هذا الانتقال، نلمس ذلك الشغف والحماس اللذين ينبعثان من داخلنا، متسللين إلى زوايا القلب. إنها لحظة الأمل الذي يحمل بين طياته وعدًا ببدايات جديدة وفرص للسعادة التي نستحقها.


في هذا الانتقال، تكون لدينا الفرصة لتحديد أهدافنا ورسم خريطة طريقنا والسعي نحو تحقيقها. يبدأ عامنا الجديد بتداول قصة العام الماضي بكل حلقاتها، لكن هذه المرة نكمل الحكاية بشكل مختلف، بروحٍ جديدة وطاقة متجددة. 


في هذا الانتقال، يمكننا أن نستلهم القوة من تحدياتنا السابقة، ونقفز بجرأة إلى مياه الفرص الجديدة، نسبح في أمواجها ،قد نصارع بعض الأمواج لكن بثقة الوصول إلى بر الأمان. إنها لحظة الارتقاء بأنفسنا والنظر إلى المستقبل بثقة وإيمان، فنحن أصحاب القدرة على تغيير مسارات حياتنا وتحويل الأحلام إلى واقع يشع ببريق التحقيق.


هنا ،وفي تلك اللحظات الفارقة بين مضي عام وقدوم آخر، ننظر بعمق وأعيننا على المستقبل حاملين حقيبة آمالنا وطموحاتنا. هنا، يطرح العقل السؤال الجوهري: ما الذي ينتظرنا في هذا الفصل الجديد من رحلتنا؟


قد يكون الجواب مختلفًا لكل فرد منا، ولكن بينما نجلس على أعتاب هذا الفصل الجديد، تتجسد أمامنا تحديات نتعلم منها وفرص نستفيد منها. هل سيكون هذا العام هو العام الذي نحقق فيه أحلامنا ؟


لذا دعونا نكمل السفر بفضول الفنان وشغف الرحال، والتأكيد على أن لحظة وداع هي لحظة تذكرنا بأن الحياة مستمرة وأننا نحمل مفاتيح الأمل والتحديات في آن واحد، وبين كل ٣٦٥ يوما، نعيش رحلة الحياة بكل مكوناتها، متطلعين لغد أفضل ومستعدين لاستقبال ما تحمله لنا صفحات العام الجديد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی هذا الانتقال فی هذه اللحظة

إقرأ أيضاً:

عام على العدوان.. شوارع غزة تتحول لمقابر بانتظار وداع لائق لشهدائها

في الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تستمر شوارع القطاع في احتضان جثامين أبنائها، شاهدة على ألم لا يُحتمل وعائلات ما زالت تنتظر لحظة وداع تليق بأحبائها.

آمال الأسود، من حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، تواصل يوميا زيارة قبري زوجها سامي وصهرها مصطفى، اللذين دُفنا بساحة ملعب كرة قدم خلف منزلهما، بعدما استشهدا خلال غارة جوية إسرائيلية في يناير/كانون الثاني 2024.

آمال، وهي أم لـ8 أبناء، تجلس قرب قبر زوجها، تحدثه بصوت يملؤه الشوق، وتخنقه الدموع: "إن شاء الله تكون سامعني".

وفي حديثها للأناضول، تضيف آمال بحزن: "زوجي خرج لمساعدة شقيقته في جلب بعض الأغراض من بيتها ببلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وكان صهري يرافقه، لكن في طريق عودتهم، استهدفتهم طائرات الاحتلال بصاروخ، فاستشهدا معا".

وعندما تعذر على العائلة الوصول إلى المقابر الرسمية بسبب القصف المتواصل من قبل الجيش الإسرائيلي وتعمده قطع الطرقات وتدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين، لم تجد آمال وأقاربها مكانا سوى ساحة ملعب خلف المنزل لدفن أحبائها.

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجأ كثيرون مثلها إلى دفن الشهداء في مقابر مؤقتة وسط الشوارع، وفي ساحات المنازل والملاعب، وحتى على الأرصفة، وغيرها من المرافق، وباتت هذه المقابر العشوائية رمزا للمأساة الإنسانية المتفاقمة بالقطاع.

ووفقا لإحصائية صادرة عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن حرب إسرائيل على غزة خلفت أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية لاحتضان جثامين من قضوا تحت نيران قصفها المتواصل.

أبرز المقابر الجماعية العشوائية في قطاع غزة (المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان) حلم الوداع المؤجل

ومع مرور عام على العدوان، لا يزال كثير من عائلات شمال غزة تنتظر فرصة نقل جثامين أحبائها إلى مقابر تليق بهم، لكنها تصطدم بعدة عقبات، من بينها اكتظاظ المقابر الرسمية، وصعوبة التنقل في ظل استمرار القصف والدمار.

وكانت آمال قد قررت، قبل أشهر، نقل جثماني زوجها وصهرها إلى مقبرة رسمية، لكنها تراجعت بعد إصرار ابنتها النازحة إلى جنوب قطاع غزة على أن يبقيا كما هما حتى تتمكن من العودة لوداعهما.

تقول آمال: "الأفضل هو الدفن في مقبرة رسمية، لكن بعض الأهالي يخشون نقل الجثامين الآن بسبب الظروف الأمنية أو انتظارا لعودة النازحين".

وتشير إلى أن كثيرا من القبور العشوائية المؤقتة ما زالت منتشرة في شوارع غزة وبين البيوت.

ملاعب تحولت لمقابر

في حي الشيخ رضوان، تحول ملعب التوحيد إلى مقبرة عشوائية مؤقتة منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية.

ويروي محمود أبو فول، أحد سكان الحي، للأناضول ما حدث قائلا: "لم يتمكن الناس من الوصول للمقابر الرسمية لدفن الشهداء بسبب استهداف الاحتلال للطرقات والأهداف المتحركة في شمال القطاع، فتوجهوا إلى الملعب، حيث دُفن هناك حوالي 250 شهيدا، وما زالت معظم جثامينهم في مكانها حتى اليوم.

يضيف محمود: "نقل الجثامين بعد هذا الوقت يحتاج إلى فرق مختصة وتكاليف كبيرة، والأهالي اليوم بالكاد يستطيعون توفير أساسيات الحياة".

تهديد الكلاب الضالة

ليس فقط خطر القصف هو ما يواجه أهالي غزة، بل أيضا تهديدات من نوع آخر.

فقد اضطر إبراهيم المصري -النازح مع عائلته من بلدة بيت حانون إلى مخيم جباليا للاجئين شمال غزة- لدفن شقيقه محمود الذي قُتل إثر إصابته بشظايا قذيفة مدفعية أطلقها الجيش الإسرائيلي، في أرض زراعية بعدما تعذر عليه الوصول للمقبرة الرئيسية.

وفي حديث للأناضول، يقول المصري: "ما زال جثمان شقيقي هناك منذ ديسمبر/كانون الأول بسبب صعوبة الوصول للمقبرة الرسمية في بيت حانون لإعادة دفنه هناك".

ويضيف "نزور القبر يوميا خوفا من الكلاب الضالة التي نبشت العديد من القبور بالشوارع"، قبل أن يقول والألم يعتصر قلبه "من حق كل ميت أن يُدفن بطريقة آدمية تحفظ كرامته، لكن ما يحصل في غزة عكس ذلك، حيث تنتشر جثامين الشهداء في الشوارع وعلى الأرصفة".

ويعرب المصري عن أمنيته في أن تنتهي حرب الإبادة الإسرائيلية قريبا وتعود الحياة تدريجيا لغزة بعد ما حل بها من دمار وموت، ونتمكن من دفن شقيقي بطريقة تليق به بوصفه شهيدا.

عدوان مستمر

ويستمر العدوان الإسرائيلي على غزة بدعم أميركي مطلق، مخلفا وراءه أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وعشرات الآلاف من المفقودين، وسط دمار شامل ومجاعة قاتلة.

وبينما تواصل إسرائيل تجاهل قرار مجلس الأمن الدولي بوقف العدوان، ومطالبات محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لوقف الجرائم وتحسين الأوضاع الإنسانية بغزة، يعيش أهالي القطاع في مأساة مستمرة، لا تتوقف عند حدود الحياة، بل تتجاوزها إلى الموت أيضا.

مقالات مشابهة

  • السفير الياباني يُؤدي زيارة وداع لوزير الخارجية
  • عام على العدوان.. شوارع غزة تتحول لمقابر بانتظار وداع لائق لشهدائها
  • لماذا لم يتم توطين رواتب موظفي الإقليم حتى اللحظة؟.. سياسي كردي يوضح
  • لماذا لم يتم توطين رواتب موظفي الإقليم حتى اللحظة؟.. سياسي كردي يوضح - عاجل
  • غادة البدوي تكتب: نصر أكتوبر.. 51 عاما تحت راية الانتصار
  • وزيرة التنمية المحلية تهنئ وزير الدفاع بالذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر
  • بالإنفوجراف.. ننشر حصاد التنمية المحلية في أسبوع
  • وزيرة التنمية المحلية تهنئ الرئيس السيسي بالذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة
  • مهرجان الموسيقة العربية.. تفاصيل وموعد وأسعار تذاكر حفل تامر عاشور
  • طفلة فلسطينية تكتب وصيتها قبل استشهادها: لا تبكوا عليّ ولا تصرخوا على أخي!