دراسة تقييم واقع الرياضة العُمانية
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
أحمد السلماني
نفذت وزارة الثقافة والرياضة والشباب العديد من الدراسات والمؤتمرات والندوات والورش التي خرجت بنتائج وتوصيات؛ سواء تلك التي قدّمها متخصصون أو مجتهدون، وآخرها كانت حلقة عمل تحديث استراتيجية الرياضة العُمانية في ديسمبر 2021 دعت لها الوزارة كل مساقات وأطياف الوسط الرياضي والتي اعتمدت بصورة أساسية على استراتيجية كانت قد أُطلقت قبل ذلك بأكثر من عقد، ومع ذلك لم تشهد الرياضة العُمانية خلال تلك الفترة التطور المأمول، بل ربما حدث العكس، والأرقام تتحدث!
ناقشت تلك الحلقة الموسعة 4 محاور رئيسية؛ الأول بعنوان "الرياضة والمجتمع" وضم الرياضة المدرسية والرياضة الجامعية والرياضة للجميع ورياضة المرأة ورياضة ذوي الإعاقة والثاني كان بعنوان "الرياضة والاقتصاد والتنمية"؛ حيث تم مناقشة مرتكزات بيئة أساسية متكاملة ومتطورة ورياضة تنافسية فاعلة والاستثمار الرياضي والأندية الرياضية والإعلام الرياضي وريادة الأعمال والثالث كان بعنوان "حوكمة الهيئات الرياضية ورفع مستوى أدائها"، وخلاله نوقشت التشريعات والقوانين والتنظيم الرياضي وحوكمة الهيئات الرياضية ونظام الاحتراف الرياضي واللجان الرياضية وعلوم الرياضة (الطب الرياضي)، والمحور الرابع جاء بعنوان "الرياضة والبيئة المستدامة"، والذي ناقش المنشآت الرياضية الصديقة للبيئة والثقافة البيئية والرياضة السياحية والرياضة البحرية والشاطئية والألعاب التقليدية، كما جرت مناقشة أبرز التحديات التي تواجهها الرياضة العُمانية منها الدور المحدود للجمعيات العمومية، وضعف الموارد المالية والاستثمار للهيئات ومحدودية الإنجازات الدولية والعزوف الجماهيري والحاجة لتوظيف علوم الرياضة وبرامج التأهيل وتحديات مساهمة وشراكة القطاع الخاص والحاجة لتطوير مرافق حديثة وقلة المواهب الرياضية ونقص التخطيط الاستراتيجي والمتابعة.
الجلسات والمناقشات امتدت لـ4 أيام متتالية، وفق المحاور المعلنة وخرجت بتوصيات أهمها أن الوزارة تدعم فكرة التفاعل المجتمعي والعمل على تنفيذ ومتابعة وتقييم محاور ومرتكزات الاستراتيجية بشكل مستمر فور الإعلان عنها، وتدشين مختبر التخطيط الاستراتيجي للرياضة العُمانية للعمل والتقييم المنتظم وخلق هوية جديدة للإعلام الرياضي ودوره الريادي في تفعيل الشراكة مع مختلف القطاعات.
عام و10 أشهر والوسط الرياضي يترقب بشغف الإعلان الرسمي لإنطلاق مشروع الإستراتيجية الموعودة، فإذا بالوزارة تعلن عن إسناد مناقصة لدراسة وتقييم واقع الرياضة العُمانية؛ الأمر الذي نسف كل ما خرجت به توصيات هذه الحلقة. وهنا- شخصيًا- لم أجد للأمر إلا تفسيرًا واحدًا، وهو أن الملف المرفوع لم تقتنع به الحكومة، فصدرت التوجيهات بإسناد الأمر لبيت خبرة عالمي من الخارج لدراسة واقع الرياضة العُمانية، ولا أعلم حقيقة من أين سيأتي بيت الخبرة هذا، ولكن ما أخشاه أن يحاول إسقاط تجربة سابقة من دولة أخرى، على بيئتنا الرياضية التي تعاني أعراضًا جانبية من علاجات ومسكّنات وعمليات جراحية صعبة لفلاسفة الطب الرياضي على مدى أكثر من 5 عقود!
كنت ولا زلت أقول إن الرياضة العُمانية تحتاج إلى "إرادة وإدارة ومال" ويبدو أن الإرادة السياسية قد شاءت وهذا هو ما يُبشِّر بالخير، كما إنها ارتأت أن آخر العلاج الكي.. وإنَّا لمنتظرون.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سوريا.. انتقال سياسي في واقع جديد
إذا جاز لنا القول إنه ليس بالإمكان تفادي تفسير الانتقال السياسي الجديد في سوريا بمعزل عن معادلات خارجية إقليمية ودولية كانت سببًا رئيسيًا في حصوله، فهل يجوز لنا التكهن ولو بصورة مبدئية بإمكانية بروز احتمال لتجربة جديدة في الانتقال السياسي في سوريا، وهي تجربة من الممكن القول - بتحفظ شديد - إنها قد تقطع مع نتائج التجريب السياسي التي كشفت عنه ممارسات السلطات السياسية الجديدة - آنذاك - في بعض بلدان الربيع العربي كالتجربة السياسية لحكومة الرئيس محمد مرسي مثلًا.
والحال أن ما تتكشف عنه دلالات تصريحات أحمد الشرع في حواراته التي تطالعنا في العديد من قنوات التلفزة الإخبارية تعكس احتمالات مختلفة لما قد يمكن أن يتصوره المراقب لخلفيته الجهادية في جبهة النصرة.
وإذا كان الوقت مبكرًا، حتى الآن، لرصد نتائج تلك التصريحات التي يطلقها أحمد الشرع عن توجهاته السلمية وتأكيده بإتاحة مشاركة جميع القوى السياسية في حكم سوريا وحرصه على بناء سوريا والعكوف على معالجة مشكلاتها المزمنة في قضايا التنمية وإعادة الإعمار، بعيدًا عن خطاب المواجهة الحربية مع الجيران، فإن مثل هذه التصريحات في هذا التوقيت ربما كان مناسبة لقراءتها ليس فقط ضمن سياق البروباغندا العامة لسلطته فحسب، بل كذلك ضمن واقع إقليمي ودولي جديد يتشكل في إطار النتائج التي أدت إلى وصول الفصائل المسلحة للسلطة في دمشق.
من ناحية أخرى، تبدو تصريحات وزيارات الشخصيات السياسية والدبلوماسية لعرب وغربيين تصب في ذات الاتجاه الذي وان بدا حذرًا فهو لا تنقصه مسحة من التفاؤل الحذر كذلك، كتلك التصريحات التي صدرت عن دبلوماسيين وسياسيين أمريكيين وأوروبيين وعرب، وما عبروا عنه من تفاؤلهم الحذر بمستقبل الواقع السياسي لسوريا إذا ما طابقت الأقوال الأفعال في تلك التصريحات.
ما يرسله حاكم سوريا الجديد أحمد الشرع من رسائل إلى جهات كثيرة، هو على الأقل مما يمكن أن يلهم البعض استعدادًا حذرًا في التعامل معه، كما يبدو ذلك واضحًا في بعض التصريحات الأمريكية حول التعامل المحتمل مع هيئة تحرير الشام.
تبدو أوضاع الانتقال السياسي المحتمل في سوريا اليوم استئنافًا جديدًا ومتأخرًا لمناخ نتائج الربيع العربي الذي تزامنت الثورة السورية في أجوائه منذ مارس العام 2011 لكنها في الوقت ذاته أوضاعًا تختبر واقعًا إقليميًا ربما تعين عليها أن تتعامل معه في إطار حسبة محسوبة في تلك المعادلات الخارجية التي كانت سببًا في الانتقال.
هناك الكثير مما ينبغي قراءته من طرف القوى السياسية السورية على ضوء تصريحات أحمد الشرع التي تبدو كرسائل ربما كان الحرص على تثبيت إيجابياتها مهمًا جدًا لكافة القوى السياسية السورية من أجل الاستفادة منها في أي تجربة مشتركة للعمل السياسي الذي ستكشف عنه مستقبل سوريا.
إن التحول الذي حدث في سوريا كبير، وهو يستحق من جميع الأطراف التعاطي معه بصورة من الصور، وليس غريبًا ما قام به النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط في التوجه إلى سوريا عبر زيارة تحمل الكثير من الدلالات وتكشف عن احتمالات واعدة في مستقبل العلاقة بين كل من سوريا ولبنان.
لم تكن زيارة وليد جنبلاط والمسارعة إلى لقاء أحمد الشرع بلا دلالة سياسية، فالسياسي اللبناني المخضرم (وليد جنبلاط) ربما كان من أكثر السياسيين العرب استشرافًا لقراءة مستقبل الأحداث من وقائع الحاضر، ويبدو أن في ما استشرفه وليد جنبلاط - أو ذهب ليستشرفه - من أحوال حاكم سوريا الجديد عن قرب أكثر أهمية بالنسبة له ولمستقبل لبنان السياسي بطبيعة الحال.
هل يمكن القول إن مستقبل الانتقال السياسي في سوريا سيكون مختلفًا عن المصائر السياسية للبلدان التي مرت بتجربة الربيع العربي - بحسب ظاهر ما يأتينا من تصريحات أحمد الشرع - وأن في زوال موازين قوى ومحاور كانت متحكمة لعقود ببعض معادلات السلطة في بلدان المنطقة العربية كالمحور الإيراني؛ ما يعد باختلاف ملموس أو يقارب نجاحًا محتملًا في تجربة الانتقال السياسي في سوريا؟
كل هذه التساؤلات من المبكر جدًا الإجابة عليها، فبعض ما ترصده الدلالات الاستراتيجية في قراءة تميل إلى تغليب بقاء أسباب الصراع وعدم الاستقرار في مستقبل سوريا السياسي - بحسب المفكر اللبناني غسان سلامة - يبدو أدعى للتفكير قبل أي إجابة يقينية حيال مستقبل ذلك الانتقال!