تحليل أمريكي: كثافة القصف الإسرائيلي على غزة الأضخم منذ حرب فيتنام
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
أسقطت إسرائيل مئات القنابل الضخمة، وكثير منها قادر على إسقاط قتلى وجرحى على بعد أكثر من ألف قدم، في الشهر الأول من حربها على غزة، وفقاً لتحليل أجرته شبكة CNN بالتعاون مع شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية Synthetaic.
وتكشف صور الأقمار الاصطناعية من الأيام الأولى من الحرب، عن أكثر من 500 حفرة ارتطام يزيد قطرها عن 12 متراً، بما يتفق مع تلك التي خلفتها القنابل التي يبلغ وزنها ألفي رطل.
وأشارت CNN إلى أن هذه القنابل أثقل بأربع مرات من أكبر القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم "داعش" في مدينة الموصل بالعراق.
ويلقي خبراء الأسلحة والحرب باللوم في ارتفاع عدد الضحايا على الاستخدام المكثف للذخائر الثقيلة، مثل القنابل التي يبلغ وزنها ألفي رطل، خاصة وأن سكان غزة مكتظون بشكل أكثر من أي مكان آخر على وجه الأرض تقريباً، وبالتالي فإن استخدام مثل هذه الذخائر الثقيلة له تأثير كبير.
وقال جون تشابيل، وهو زميل في منظمة سيفيك في واشنطن، والتي تركز على تقليل الضرر اللاحق بالمدنيين في النزاعات: "إن استخدام قنابل من زنة ألفي رطل في منطقة مكتظة بالسكان مثل غزة، يعني أن الأمر سيستغرق عقوداً حتى تتعافى المجتمعات".
وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية بسبب حجم الدمار في غزة، حتى أن حليفها القوي الرئيس الأميركي جو بايدن يتهمها "بالقصف العشوائي" للقطاع الساحلي.
وقال مسؤولون إسرائيليون، إن ذخائرهم الثقيلة ضرورية للقضاء على حركة "حماس"، كما يقولون إن إسرائيل تبذل كل ما في وسعها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، رداً على تقرير CNN: "رداً على هجمات حماس البربرية، يعمل الجيش الإسرائيلي على تفكيك قدرات حماس العسكرية والإدارية".
وأضاف: "في تناقض صارخ مع هجمات حماس المتعمدة على الرجال والنساء والأطفال الإسرائيليين، فإن الجيش الإسرائيلي يتبع القانون الدولي، ويتخذ الاحتياطات المستطاعة لتخفيف الضرر اللاحق بالمدنيين".
كثافة قصف غير مسبوقة
وتعتمد "حماس" على شبكة أنفاق مترامية الأطراف، يُعتقد أنها تتقاطع مع قطاع غزة. ويرى مؤيدو الحملة الإسرائيلية على غزة بأن الذخائر الثقيلة تعمل كمخترقات للتحصينات، مما يساعد على تدمير البنية التحتية تحت الأرض لحركة "حماس".
لكن القنابل التي يبلغ وزنها ألفي رطل عادة ما تستخدم بشكل متحفظ من قبل الجيوش الغربية، حسبما يقول الخبراء، بسبب تأثيرها المحتمل على المناطق المكتظة بالسكان مثل غزة. ويحظر القانون الإنساني الدولي القصف العشوائي.
وقال مارك جارلاسكو، محلل استخبارات الدفاع الأميركي السابق، ومحقق جرائم الحرب السابق في الأمم المتحدة، إن كثافة الشهر الأول من القصف الإسرائيلي على غزة "لم نشهدها منذ حرب فيتنام".
وقام جارلاسكو، وهو الآن مستشار عسكري في منظمة "باكس" الهولندية غير الحكومية التي تدافع عن السلام، بمراجعة جميع البيانات التي تم تحليلها في تقرير شبكة CNN.
وقال جارلاسكو: "عليك العودة إلى حرب فيتنام لإجراء مقارنة. حتى في حربي العراق لم يكن الأمر بهذه الكثافة أبداً".
ويمكن للذخائر الثقيلة، التي تصنعها الولايات المتحدة في الغالب، أن تسبب إصابات كبيرة، ويمكن أن يمتد تأثيرها المميت، أو الذي يلحق إصابات إلى دائرة يصل نصف قطرها إلى 365 متراً، أو ما يعادل 58 ملعب كرة قدم في المنطقة التي تسقط فيها.
وبحسب السلطات الفلسطينية في قطاع غزة، فقد لقي أكثر من 20 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، مصرعهم، جراء الغارات والقصف الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر.
ودخلت CNN في شراكة مع شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية Synthetaic التي استخدمت التصنيف التلقائي السريع للصور للكشف عن الحفر وأعمدة الدخان والمباني المتضررة في صور الأقمار الاصطناعية.
وتمت مراجعة النتائج من قبل أحد أعضاء Synthetaic، وكذلك من قبل صحافيي CNN، بحسب الشبكة الأميركية.
ولأكثر من شهرين، شنت إسرائيل حرباً شديدة الكثافة على غزة، جمعت بين القصف الجوي العنيف ورشقات لا هوادة فيها من نيران المدفعية، فضلاً عن غزو بري بدأ في 27 أكتوبر الماضي.
وأحدثت العملية دماراً يمتد عبر مساحات شاسعة من القطاع المحاصر، حسبما تظهر صور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو.
وقال لاري لويس، مدير الأبحاث في مركز التحليلات البحرية (مؤسسة بحثية أميركية غير ربحية) وكبير مستشاري الخارجية الأميركية سابقاً، بشأن الأضرار المدنية: "في غضون شهرين، كان مستوى الضربات في هذه المنطقة الصغيرة جداً في غزة مثل ما رأيناه في الموصل والرقة مجتمعين"، في إشارة إلى عمليات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد اثنين من معاقل "داعش".
وأضاف: "إنها كمية لا تصدق من الضربات، من حيث المدة الزمنية".
وأسقطت الولايات المتحدة قنبلة تزن ألفي رطل مرة واحدة فقط خلال حربها ضد "داعش"، وهي أحدث حرب غربية على جماعة مسلحة في الشرق الأوسط.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وهي أكبر دبلوماسية أميركية في الشرق الأوسط، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، "في هذه الفترة من الصراع وظروف الحرب، من الصعب جداً على أي منا تقييم معدل الإصابات. نعتقد أنها عالية جداً. يمكن أن يكون أعلى مما يُذْكَر".
"القنابل الغبية"
في الأسبوع الماضي، قالت مصادر استخباراتية أميركية لشبكة CNN، إن ما بين 40 إلى 45% من 29 ألف ذخيرة "جو-أرض" أُسقطت على غزة بحلول ذلك الوقت كانت ما يسمى بـ"القنابل الغبية"، وهي ذخائر غير موجهة يمكن أن تشكل تهديداً أكبر للمدنيين، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان مثل غزة.
وقالت CNN، إنه من المحتمل أن تكون بعض هذه القنابل من النوعية التي يبلغ وزنها ألفي رطل والتي تم اكتشافها في تصوير الأقمار الاصطناعية.
وتمتلك إسرائيل ترسانة كبيرة من القنابل الكبيرة، المعروفة باسم MK-84.
وزودت الولايات المتحدة، إسرائيل، بأكثر من 5400 قنبلة من طراز MK-84 منذ 7 أكتوبر، وفقاً لما نقلته CNN عن شخصين مطلعين على الموضوع.
وقال جون تشابيل، زميل في منظمة سيفيك في واشنطن إن "الدمار الذي رأيناه للمجتمعات في غزة، للأسف، شاركت الولايات المتحدة في التوقيع عليه.. الكثير منه يتم تنفيذه بواسطة قنابل صنعت في الولايات المتحدة".
وتظهر القنابل التي يبلغ وزنها ألفي رطل بشكل بارز في الهجمات على محيط مدينة غزة، مركز العملية العسكرية الإسرائيلية في أكتوبر ومعظم نوفمبر.
وفي مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية، حفرتين كبيرتين تتسقان مع القصف الإسرائيلي في 31 أكتوبر، الذي شجبته الأمم المتحدة باعتباره "هجوماً غير متناسب يمكن أن يرقى إلى جرائم حرب".
وأودى هذا القصف بحياة أكثر من 100 شخص، وفقاً لمنظمة مراقبة الأضرار المدنية Airwars، وتسبب في أضرار كارثية في المنطقة المكتظة بالسكان.
وقال لاري لويس، مستشار الخارجية الأميركية سابقاً، إن غارة جباليا في 31 أكتوبر كانت "شيئاً لن نرى الولايات المتحدة تفعله أبداً".
وأضاف لويس: "يبدو بالتأكيد أن تسامح (إسرائيل) مع الأضرار المدنية مقارنة بالفوائد التشغيلية المتوقعة يختلف اختلافا كبيراً عما نقبله نحن كالولايات المتحدة".
كما تظهر حفرة كبيرة تتطابق مع ما تُحدثه قنبلة تزن ألفي رطل على الطريق الساحلي السريع الذي يمر عبر مخيم الشاطئ. وفي حي شمالي المخيم مباشرة، تظهر 14 حفرة تشير إلى استخدام قنابل تزن ألفي رطل في كيلومتر مربع واحد، بحسب CNN.
وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد قال في اليوم السادس من هجومه على غزة إنه ألقى 6 آلاف قنبلة منذ بداية الحرب، بمتوسط ألف قنبلة في اليوم. وفي 10 ديسمبر، قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم أكثر من 22 ألف هدف في غزة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: صور الأقمار الاصطناعیة الولایات المتحدة الجیش الإسرائیلی القصف الإسرائیلی على غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
توقع تقرير لبنك قطر الوطني تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعاً بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية ترامب الثانية مع تولي بيسنت منصب وزير الخزانة.
وقال التقرير تحت عنوان " هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟ بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنوياً قبل أكثر من 30 شهراً في يونيو 2022، عاد التضخم في الولايات المتحدة تدريجياً ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة. وكان هذا إنجازاً كبيراً لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبرراً لبداية دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية الجائحة في عام 2020.
وعلى الرغم من النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين. في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم. والأهم من ذلك، أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة. وهناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلاً كما كان متوقعاً في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولاً" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.
وأوضح تقرير QNB أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025. ففي غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4% بدلاً من 3%
ويرى التقرير أنه بغض النظر عن جميع المخاوف والصدمات المحتملة التي قد تؤثر على الأسعار الأمريكية، فإننا نعتقد أن التوقعات المرتبطة بالتضخم في الولايات المتحدة إيجابية، بمعنى أن التضخم سيعود تدريجياً إلى النسبة المستهدفة (2%) ما لم تحدث أي تطورات جيوسياسية كبيرة أو تصدعات في السياسة الأمريكية.
ويوضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرهم وهي:
أولاً، شهد الاقتصاد الأميركي بالفعل تعديلات كبيرة في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياساً بحالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموماً. بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل. وتأقلمت سوق العمل بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1% في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4%. وتدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.
ثانياً، سيصبح انخفاض التضخم في أسعار الإسكان مساهماً رئيسياً في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة. يمثل الإسكان ما يقرب من 15% من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويشمل الإيجار أو، إذا كانت الوحدة السكنية مملوكة للمالك، ما قد يكلفه استئجار وحدة مماثلة في سوق الإسكان الحالية. بلغ التضخم في الإسكان ذروته عند 8.2% في أبريل 2023، حيث تأخر كثيراً عن ذروة التضخم الإجمالي، مما يعكس "ثبات" الأسعار، نظراً لأن العقود تستند إلى الإيجار السنوي. لذلك، تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ حيث عادة ما يظهر تأثير تغير الأوضاع الاقتصادية الكلية عليها بشكل متأخر. انخفض تضخم الإسكان بوتيرة ثابتة منذ منتصف عام 2023 وهو حالياً أقل من 5%. تُظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثاً، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.
ثالثاً، غالباً ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولاً". ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماماً عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، حيث سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيداً أكثر. لقد اتسع العجز المالي الأميركي بالفعل بشكل كبير من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 6% في عام 2024، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة من أقل من 100% إلى ما يقرب من 125%. وأعرب وزير الخزانة القادم، سكوت بيسنت، الذي يعتبر "أحد الصقور" في القطاع المالي، بالفعل عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية الولاية. بعبارة أخرى، سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلاً من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد.