في سياق التطوُّرات على جبهة المواجهة العسكريَّة والسِّياسيَّة في فلسطين، وتحديدًا قِطاع غزَّة ومناطق شمال الضفَّة الغربيَّة في طولكرم وجنين وغيرهما، ومع استمرار الاستهداف المعادي للمَدنيِّين والأحياء السكنيَّة عَبْرَ القصف الهمجي باستخدام سلاح الجوِّ المُرعب الَّذي يُلقي كُلَّ يوم حمولاته من القنابل ذات الأوزان العالية على ما تبقَّى من بنى تحتية في قِطاع غزَّة، وعلى رؤوس البَشَر وعموم المَدنيِّين العُزَّل، يعتقد البعض، ويبالغ باعتقاده بأنَّ حالة من الافتراق بدأت تسود بَيْنَ نتنياهو والإدارة الأميركيَّة.
وفي التقدير، إنَّ ما يتمُّ تناوله عن تباينات أميركيَّة «إسرائيليَّة»، وتحديدًا بَيْنَ نتنياهو وإدارة بايدن، وهي تباينات في التقديرات، موجودة بالفعل، لكنَّها تكتيكيَّة في جوهرها الحقيقي، وليست جذريَّة أو مبدئيَّة، بالرغم من دفع واشنطن والإعلان المُتكرر عن تبنِّيها للحلِّ السِّياسي المعنون بما يُطلق عَلَيْه «حلّ الدولتَيْنِ» استنادًا للشرعيَّة الدوليَّة وقراراتها ذات الصِّلة. فالتباين في التقديرات لا يعني البتَّة الافتراق بَيْنَ واشنطن وتل أبيب. واشنطن ترى الآن، ضرورة النزول «الإسرائيلي» عن شجرة الحرب، والخروج «الإسرائيلي» من دوَّامة
الحرب على القِطاع رويدًا رويدًا إلى مدى نهاية العام الجاري 2023؛ باعتبارها (أي الحرب) لَمْ تُعطِ نتائجها على صعيد كسر وتهجير مواطني القِطاع إلى سيناء المصريَّة وإحداث نكبة ثانية (ترانسفير) جديدة بحقِّ الشَّعب العربي الفلسطيني، بل أعطت فقط الدمار الشامل، وبروز حالة غير مسبوقة من التضامن العالَمي مع الشَّعب الفلسطيني من قِبل شعوب المعمورة قاطبة، حتَّى داخل الولايات المُتَّحدة الَّتي بدأت بالفعل تتململ في موقفٍ حرج أمام المُجتمع الدولي. وحتَّى داخل مجلس الأمن بمواجهة روسيا والصين الشَّعبيَّة. فالإدارة الأميركيَّة باتَت الآن أقرب إلى الرؤية الَّتي تقول بأنَّ العمليَّة العسكريَّة على القِطاع بدأت تعطي مفاعيل دوليَّة معاكسة لِمَا أرادته مِنْها. وخصوصًا مع تزايد أعداد الضحايا من المَدنيِّين، وفشل جيش نتنياهو في تحقيق حسم حقيقي، فضلًا عن رغبة واشنطن بالبحث بمشاريع استجدَّ طرحها من قِبلها بشأن مستقبل القِطاع. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الَّذي حضر وشارك في اجتماعات مجلس الحرب المُصغّر (الكابينيت) قبل نَحْوِ أسبوعَيْنِ، وتحديدًاً يوم الجمعة في الثامن من كانون الأوَّل/ديسمبر 2023، طلب إتمام العمليَّة العسكريَّة جنوب القِطاع (منطقة خان يونس) وفق فترة زمنيَّة محدودة لِيتمَّ بعد ذلك وقف الأعمال العسكريَّة، أي تحت سقفٍ زمني. يشار إلى أنَّ (كابينيت) الحرب يضمُّ نتنياهو ووزير الأمن يوآف جالانت، والوزير بيني جانتس، إلى جانب عضوَيْنِ استشاريَّيْنِ، هما وزير الشؤون الاستراتيجيَّة، رون ديرمر، وعضو الكنيست عن «المعسكر الوطني»، جادي آيزنكوت، ورئيس الموساد ديفيد برنياع. وقَدْ سرَّبت الصحافة «الإسرائيليَّة» وقناة (كان 12) العبريَّة، معلومات مفادها أنَّ هذا السقف لنهاية العام الجاري ٢٠٢٣. والمُهمُّ في الأمْرِ أنَّ الإدارة الأميركيَّة باتَتْ الآن أمام استحقاقاتٍ داخليَّة مُهمَّة لها علاقة بالانتخابات الرئاسيَّة بعد أقلَّ من عام، حيث بدأت طبول التحشيد الانتخابي تَدُقُّ بَيْنَ الحزبَيْنِ الديمقراطي والجمهوري، ولَمْ يَعُدِ التعويل على أصوات اللوبي اليهودي الصهيوني على درجة الأهمِّية الَّتي كان يحظى بها سابقًا. فالحرب العدوانيَّة على قِطاع غزَّة أعطت مفاعيلها من خلال تبدُّل الاصطفافات في المُجتمع الأميركي، مع التأثير المُتوقع للصوت الأميركي للأميركيِّين من أصلٍ عربي وعددهم يقارب العشرة ملايين، مضافًا لَهُمْ أصوات المُسلِمين الأميركيِّين، وهو ما يجعل من الصوت العربي والإسلامي في الانتخابات الأميركيَّة ذا شأن وأهمِّية في تقرير فوز المرشَّح الرئاسي الأعلى حضورًا في صناديق الاقتراع.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية:
الق طاع
إقرأ أيضاً:
اتهمتها بقلب الحقائق..حماس: واشنطن: شريكة في العدوان على غزة
هاجمت حماس اليوم السبت، الولايات المتحدة واتهمتها بـ"قلب الحقائق" بعد قولها، إن الحركة الفلسطينية اختارت الحرب ضد إسرائيل برفض إطلاق سراح الرهائن.
وقالت حماس في بيان رداً على اتهام المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي براين هيوز الثلاثاء، إن القول أن "حماس اختارت الحرب بدل إطلاق سراح الرهائن" هو "قلب للحقائق".
بعد نزع سلاحها..ويتكوف: يمكن لحماس العمل السياسي في غزة بعد الحرب - موقع 24قال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، إن "حركة حماس الفلسطينية يمكنها الانخراط سياسياً في حكم قطاع غزة بعد نزع سلاحها".
وأكد هيوز في حينه، أنه "كان بإمكان حماس إطلاق الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنها عوض ذلك اختارت الرفض والحرب".
وأضافت الحركة أنها "قدمت مبادرات واضحة لوقف إطلاق النار، وتنفيذ صفقة تبادل شاملة، لكن الاحتلال، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو رفضها، وتعمد إفشالها لتحقيق مصالحه السياسية".
قتيلان في قصف إسرائيلي استهدف وسط غزة - موقع 24تسبب قصف الجيش الإسرائيلي لمنطقة المغراقة وسط قطاع غزة، اليوم السبت، في مقتل فلسطينيين اثنين.
واستأنفت إسرائيل قصفها المكثف لغزة الثلاثاء، مشيرة إلى الجمود في المفاوضات غير المباشرة على الخطوات التالية في الهدنة بعد انتهاء مرحلتها الأولى في وقت سابق من هذا الشهر.
ورأت حماس أن التصريحات الأمريكية "تكشف مجدداً الشراكة الكاملة في العدوان على شعبنا، والتواطؤ مع الاحتلال في ارتكاب جرائم الإبادة، والتجويع، والحصار لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بينهم آلاف الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء".
ولا يزال 58 رهينة من أصل 251 خطفوا خلال هجوم حماس محتجزين في غزة بينهم 34 أعلن الجيش الإسرائيلي انهم قضوا.