جريدة الوطن:
2025-02-16@21:57:55 GMT

عن تباين التقديرات بين واشنطن ونتنياهو

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

عن تباين التقديرات بين واشنطن ونتنياهو

في سياق التطوُّرات على جبهة المواجهة العسكريَّة والسِّياسيَّة في فلسطين، وتحديدًا قِطاع غزَّة ومناطق شمال الضفَّة الغربيَّة في طولكرم وجنين وغيرهما، ومع استمرار الاستهداف المعادي للمَدنيِّين والأحياء السكنيَّة عَبْرَ القصف الهمجي باستخدام سلاح الجوِّ المُرعب الَّذي يُلقي كُلَّ يوم حمولاته من القنابل ذات الأوزان العالية على ما تبقَّى من بنى تحتية في قِطاع غزَّة، وعلى رؤوس البَشَر وعموم المَدنيِّين العُزَّل، يعتقد البعض، ويبالغ باعتقاده بأنَّ حالة من الافتراق بدأت تسود بَيْنَ نتنياهو والإدارة الأميركيَّة.

وفي التقدير، إنَّ ما يتمُّ تناوله عن تباينات أميركيَّة «إسرائيليَّة»، وتحديدًا بَيْنَ نتنياهو وإدارة بايدن، وهي تباينات في التقديرات، موجودة بالفعل، لكنَّها تكتيكيَّة في جوهرها الحقيقي، وليست جذريَّة أو مبدئيَّة، بالرغم من دفع واشنطن والإعلان المُتكرر عن تبنِّيها للحلِّ السِّياسي المعنون بما يُطلق عَلَيْه «حلّ الدولتَيْنِ» استنادًا للشرعيَّة الدوليَّة وقراراتها ذات الصِّلة. فالتباين في التقديرات لا يعني البتَّة الافتراق بَيْنَ واشنطن وتل أبيب. واشنطن ترى الآن، ضرورة النزول «الإسرائيلي» عن شجرة الحرب، والخروج «الإسرائيلي» من دوَّامة الحرب على القِطاع رويدًا رويدًا إلى مدى نهاية العام الجاري 2023؛ باعتبارها (أي الحرب) لَمْ تُعطِ نتائجها على صعيد كسر وتهجير مواطني القِطاع إلى سيناء المصريَّة وإحداث نكبة ثانية (ترانسفير) جديدة بحقِّ الشَّعب العربي الفلسطيني، بل أعطت فقط الدمار الشامل، وبروز حالة غير مسبوقة من التضامن العالَمي مع الشَّعب الفلسطيني من قِبل شعوب المعمورة قاطبة، حتَّى داخل الولايات المُتَّحدة الَّتي بدأت بالفعل تتململ في موقفٍ حرج أمام المُجتمع الدولي. وحتَّى داخل مجلس الأمن بمواجهة روسيا والصين الشَّعبيَّة. فالإدارة الأميركيَّة باتَت الآن أقرب إلى الرؤية الَّتي تقول بأنَّ العمليَّة العسكريَّة على القِطاع بدأت تعطي مفاعيل دوليَّة معاكسة لِمَا أرادته مِنْها. وخصوصًا مع تزايد أعداد الضحايا من المَدنيِّين، وفشل جيش نتنياهو في تحقيق حسم حقيقي، فضلًا عن رغبة واشنطن بالبحث بمشاريع استجدَّ طرحها من قِبلها بشأن مستقبل القِطاع. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الَّذي حضر وشارك في اجتماعات مجلس الحرب المُصغّر (الكابينيت) قبل نَحْوِ أسبوعَيْنِ، وتحديدًاً يوم الجمعة في الثامن من كانون الأوَّل/ديسمبر 2023، طلب إتمام العمليَّة العسكريَّة جنوب القِطاع (منطقة خان يونس) وفق فترة زمنيَّة محدودة لِيتمَّ بعد ذلك وقف الأعمال العسكريَّة، أي تحت سقفٍ زمني. يشار إلى أنَّ (كابينيت) الحرب يضمُّ نتنياهو ووزير الأمن يوآف جالانت، والوزير بيني جانتس، إلى جانب عضوَيْنِ استشاريَّيْنِ، هما وزير الشؤون الاستراتيجيَّة، رون ديرمر، وعضو الكنيست عن «المعسكر الوطني»، جادي آيزنكوت، ورئيس الموساد ديفيد برنياع. وقَدْ سرَّبت الصحافة «الإسرائيليَّة» وقناة (كان 12) العبريَّة، معلومات مفادها أنَّ هذا السقف لنهاية العام الجاري ٢٠٢٣. والمُهمُّ في الأمْرِ أنَّ الإدارة الأميركيَّة باتَتْ الآن أمام استحقاقاتٍ داخليَّة مُهمَّة لها علاقة بالانتخابات الرئاسيَّة بعد أقلَّ من عام، حيث بدأت طبول التحشيد الانتخابي تَدُقُّ بَيْنَ الحزبَيْنِ الديمقراطي والجمهوري، ولَمْ يَعُدِ التعويل على أصوات اللوبي اليهودي الصهيوني على درجة الأهمِّية الَّتي كان يحظى بها سابقًا. فالحرب العدوانيَّة على قِطاع غزَّة أعطت مفاعيلها من خلال تبدُّل الاصطفافات في المُجتمع الأميركي، مع التأثير المُتوقع للصوت الأميركي للأميركيِّين من أصلٍ عربي وعددهم يقارب العشرة ملايين، مضافًا لَهُمْ أصوات المُسلِمين الأميركيِّين، وهو ما يجعل من الصوت العربي والإسلامي في الانتخابات الأميركيَّة ذا شأن وأهمِّية في تقرير فوز المرشَّح الرئاسي الأعلى حضورًا في صناديق الاقتراع.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الق طاع

إقرأ أيضاً:

كاميرون هدسون: ترمب لن يسمح بأن يكون السودان ملجأ للإرهاب .. قال إن ردة فعل واشنطن ستكون قوية على القاعدة الروسية في البحر الأحمر

قال الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس، دونالد ترمب، ستكون مهتمة بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ آمناً للإرهاب، ولا تريد تشظيه ليصبح مثل الصومال أو ليبيا، وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، من العاصمة الكينية نيروبي، أن الإدارة الأميركية تسعى لحفظ الأمن على طول البحر الأحمر،

دبلوماسي أميركي سابق: ترمب لن يسمح بأن يكون السودان ملجأ للإرهاب
كاميرون هدسون قال لـ«الشرق الأوسط» إن ردة فعل واشنطن ستكون قوية على القاعدة الروسية في البحر الأحمر

نيروبي: الشرق الأوسط / محمد أمين ياسين

قال الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس، دونالد ترمب، ستكون مهتمة بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ آمناً للإرهاب، ولا تريد تشظيه ليصبح مثل الصومال أو ليبيا.

وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، من العاصمة الكينية نيروبي، أن الإدارة الأميركية تسعى لحفظ الأمن على طول البحر الأحمر، «وهذا يعني أن تظل روسيا وإيران بعيدتين عن حيازة أي قواعد في تلك المنطقة»، كما تريد لحركة السفن والملاحة أن تمضي في حركتها بصورة آمنة.

وقال هدسون الباحث البارز في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن إدارة ترمب، تهتم أيضاً بالسلام في منطقة «الشرق الأوسط»، ولتحقيق هذا الأمر، تحتاج إلى توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية التي وقع عليها السودان سابقاً، لكن كيف يمكن لهذه الاتفاقية أن تمتد وتتسع في ظل ظروف الحرب التي يخوضها السودان؟ ولكي تضمن السلام في السودان، من الضروري أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط.

القاعدة البحرية الروسية
وتعليقاً على الاتفاق بين السودان وروسيا، بمنح الأخيرة قاعدة بحرية على البحر الأحمر، قال: «لست متأكداً من مدى صدقية ذلك الاتفاق، وما تلك الصفقة، لكن إن كان هذا صحيحاً، فمن المؤكد سيكون إشكالية كبيرة لترمب، وسيكون له رد فعل قوي حتى يعلم السودان أن ذلك الاتفاق كان خياراً سيئاً، و«يجب أن يخاف الناس من ذلك»، وأضاف: «لذلك لا أتمنى أن أرى روسيا تهدد مصالحه في البحر الأحمر».

وبشأن أولوية الملف السوداني، قال: «إدارة ترمب لم تعين بعد فريقها الذي سيدير الشؤون الأفريقية، وهذه تتطلب تعيين بعض الموظفين الرسميين الذين يمكن أن يديروا هذا الملف، ربما لا يتم هذا فورياً، ونأمل أن يكون قريباً، لأن الوضع في السودان يقتضي الإسراع في ذلك الملف، وأعتقد جازماً أن الرئيس ترمب سيعين مبعوثاً خاصاً للسودان، يساعد ذلك في خلق تفكير جديد، بالنسبة لما يمكن أن يفعله في السودان».

وتوقع هدسون أن تواكب إدارة ترمب أي متغيرات يمكن أن تحدثها الحرب في السودان، في إشارة منه إلى التطورات على المستوى العسكري الميداني، وقال: «الوضع الآن أن الجيش السوداني استطاع أن يستعيد العاصمة الخرطوم، لكن هناك أيضاً إمكانية أن تستولي قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ومن ثم تسيطر على كل إقليم دارفور، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى وجود حكومة ثانية في الفاشر».

خيارات الإدارة الأميركية
وتابع: «لا أستطيع أن أتنبأ كيف يمكن أن تستجيب إدارة الرئيس دونالد ترمب لذلك السيناريو، ربما يتيح الوضع الراهن إمكانية لمفاوضات سلام أعتقد أن الإدارة الأميركية ستدعمها، لكن هذا السيناريو يمكن أيضاً أن يحدث فوضى كذلك وفقاً لما ستؤول إليه الأمور، وفي ليبيا توجد حكومتان، ونحن نتحدث مع كلتيهما». وفي هذا الصدد أشار هدسون، إلى شهادة وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أمام الكونغرس، التي وصف فيها «قوات الدعم السريع» بأنها ميليشيا ارتكبت جرائم إبادة جماعية، وقال: «لذلك لا أعتقد أن وزارة الخارجية يمكن أن تدخل في مفاوضات معها، أو تتعامل مع الحكومة في الفاشر بوصفها حكومة شرعية».

وأضاف: «أتوقع أن يكون أداء إدارة ترمب في الملف السوداني أفضل من إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي كانت تتعامل مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، باعتبار أن كليهما مدان، وغير شرعي بالمستوى نفسه، نأمل من إدارة ترمب أن تعدّ الجيش السوداني رغم ارتكابه جرائم في الحرب، لكنه مع ذلك يظل مؤسسة دستورية من مؤسسات الدولة، وينبغي أن يعامل على هذا الأساس».

بايدن كان بطيئاً
ورأى هدسون أن «إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، كانت بطيئة في رد فعلها عندما وقع انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وعندما اندلعت الحرب في البلاد، كما أن تجاوبها كان بطيئاً، ولم تقم بتعيين مبعوث خاص إلّا بعد مرور عام على الحرب، التي ظلت مشتعلة كل هذا الوقت. لذلك اعتقادي أن إدارة بايدن لم تول السودان اهتماماً كافياً، كانت خاملة في البداية، ثم صرحت بأنها تتعامل مع الجيش والدعم السريع بالمستوى نفسه، ثم أوقفت تفاهماتها مع الجيش والذين يتحاربون على الأرض، وقررت أنها ستتفاهم فقط مع القوى المدنية، لكن هذه القوى لم تكن منظمة وموحدة، ولا تملك تصوراً لوقف الحرب».

وتابع هدسون أن محاولة الإدارة السابقة العودة بالأوضاع في السودان إلى مرحلة الثورة ليست صائبة، ولن تستطيع أن تعود بالزمن إلى الوراء، وتتخلى عن التعامل مع حالة الحرب التي كانت قد بدأت بالفعل.

وبشأن مصير العقوبات الأميركية على قادة طرفي الحرب، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قال: «إذا كانت إدارة جو بايدن تريد فرض عقوبات، كان ينبغي أن تفعل ذلك منذ بداية الحرب، وليس في الأيام الأخيرة».

وأضاف هدسون: «في اعتقادي أن الإدارة السابقة أساءت استعمال العقوبات، لكن على أي حال فإن العقوبات لا تزال سارية، وأمام إدارة ترمب فرصة لاستخدام هذه العقوبات في ماذا تريد أن يحدث في السودان، وأن تضع قائمة بالشروط التي يمكن أن تعمل على رفع العقوبات وتحديداً عن الجنرال البرهان، ورأيي أن تتحدث الإدارة الأميركية علناً عن الطريقة التي يمكن أن ترفع بها العقوبات، وتنص على هذه الشروط بوضوح شديد لإزالتها».

البرهان لا يريد الحرب
ووصف الدبلوماسي الأميركي السابق، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، عند زيارته إلى بورتسودان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأنه جنرال «حكيم جداً»، ويستشعر أن الحرب مدمرة لبلده وشعبه ولاقتصاده.

وقال: «ما سمعته منه أنه لا يريد لهذه الحرب أن تستمر أكثر مما يجب»، ويرى أن مبررات إنهاء الحرب ليست كافية، ويجب أن يكون هناك سلام، هو لا يريد للقتال أن يتوقف ثم تعود الحرب لتبدأ من جديد.

وأضاف: «في تقديري أن البرهان يريد وقف الحرب، لكن يجب أن يجد حلاً لتهديدات (قوات الدعم السريع)، "لذلك ليس الأمر أن تقف الحرب فقط، وبالنسبة له يجب أن يكون هناك حل مستدام في السودان حتى لا تعود الحرب مرة أخرى، وهذا ما يجب أن يفكر فيه الناس».

وأشار هدسون إلى العلاقات الجيدة التي تربط الرئيس دونالد ترمب، مع جوار السودان العربي، وقال: «كل هذه الدول لها مصالح في السودان، يمكن استيعابها في إطار صفقة لمساعدة السودان للخروج من الحرب، وأظن أن الرئيس ترمب سيعمل نفوذه لتشجيع الحوار... لكن كما قلت للبعض من قبل إنه يصعب التنبؤ بتصرفاته، ولن تستطيع أن تعرف ما الذي سيفعله».  

مقالات مشابهة

  • "الضمانات الأمنية أولاً"..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادرة مع واشنطن
  • هآرتس: ترامب ونتنياهو خططا لجريمة القرن
  • وزير الخارجية الأميركي: ترامب ملتزم بوضع حد للحرب في أوكرانيا
  • زيلينسكي: فرصتنا ضئيلة في الصمود دون دعم أمريكا العسكري
  • أوكرانيون ينتقدون الطرح الأميركي لإنهاء الحرب ببلادهم
  • كاميرون هدسون: ترمب لن يسمح بأن يكون السودان ملجأ للإرهاب .. قال إن ردة فعل واشنطن ستكون قوية على القاعدة الروسية في البحر الأحمر
  • إغناطيوس: ترامب يريد صنع السلام ونتنياهو يريد الحرب مع إيران.. بيد من القرار؟
  • فانس يهدد "بالضغط العسكري" لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • واشنطن تهدد بعقوبات وعمل عسكري لدفع بوتين لإبرام اتفاق مع أوكرانيا
  • واشنطن لا تستبعد انضمام أوكرانيا للناتو