جريدة الوطن:
2025-05-01@21:18:26 GMT

عن تباين التقديرات بين واشنطن ونتنياهو

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

عن تباين التقديرات بين واشنطن ونتنياهو

في سياق التطوُّرات على جبهة المواجهة العسكريَّة والسِّياسيَّة في فلسطين، وتحديدًا قِطاع غزَّة ومناطق شمال الضفَّة الغربيَّة في طولكرم وجنين وغيرهما، ومع استمرار الاستهداف المعادي للمَدنيِّين والأحياء السكنيَّة عَبْرَ القصف الهمجي باستخدام سلاح الجوِّ المُرعب الَّذي يُلقي كُلَّ يوم حمولاته من القنابل ذات الأوزان العالية على ما تبقَّى من بنى تحتية في قِطاع غزَّة، وعلى رؤوس البَشَر وعموم المَدنيِّين العُزَّل، يعتقد البعض، ويبالغ باعتقاده بأنَّ حالة من الافتراق بدأت تسود بَيْنَ نتنياهو والإدارة الأميركيَّة.

وفي التقدير، إنَّ ما يتمُّ تناوله عن تباينات أميركيَّة «إسرائيليَّة»، وتحديدًا بَيْنَ نتنياهو وإدارة بايدن، وهي تباينات في التقديرات، موجودة بالفعل، لكنَّها تكتيكيَّة في جوهرها الحقيقي، وليست جذريَّة أو مبدئيَّة، بالرغم من دفع واشنطن والإعلان المُتكرر عن تبنِّيها للحلِّ السِّياسي المعنون بما يُطلق عَلَيْه «حلّ الدولتَيْنِ» استنادًا للشرعيَّة الدوليَّة وقراراتها ذات الصِّلة. فالتباين في التقديرات لا يعني البتَّة الافتراق بَيْنَ واشنطن وتل أبيب. واشنطن ترى الآن، ضرورة النزول «الإسرائيلي» عن شجرة الحرب، والخروج «الإسرائيلي» من دوَّامة الحرب على القِطاع رويدًا رويدًا إلى مدى نهاية العام الجاري 2023؛ باعتبارها (أي الحرب) لَمْ تُعطِ نتائجها على صعيد كسر وتهجير مواطني القِطاع إلى سيناء المصريَّة وإحداث نكبة ثانية (ترانسفير) جديدة بحقِّ الشَّعب العربي الفلسطيني، بل أعطت فقط الدمار الشامل، وبروز حالة غير مسبوقة من التضامن العالَمي مع الشَّعب الفلسطيني من قِبل شعوب المعمورة قاطبة، حتَّى داخل الولايات المُتَّحدة الَّتي بدأت بالفعل تتململ في موقفٍ حرج أمام المُجتمع الدولي. وحتَّى داخل مجلس الأمن بمواجهة روسيا والصين الشَّعبيَّة. فالإدارة الأميركيَّة باتَت الآن أقرب إلى الرؤية الَّتي تقول بأنَّ العمليَّة العسكريَّة على القِطاع بدأت تعطي مفاعيل دوليَّة معاكسة لِمَا أرادته مِنْها. وخصوصًا مع تزايد أعداد الضحايا من المَدنيِّين، وفشل جيش نتنياهو في تحقيق حسم حقيقي، فضلًا عن رغبة واشنطن بالبحث بمشاريع استجدَّ طرحها من قِبلها بشأن مستقبل القِطاع. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الَّذي حضر وشارك في اجتماعات مجلس الحرب المُصغّر (الكابينيت) قبل نَحْوِ أسبوعَيْنِ، وتحديدًاً يوم الجمعة في الثامن من كانون الأوَّل/ديسمبر 2023، طلب إتمام العمليَّة العسكريَّة جنوب القِطاع (منطقة خان يونس) وفق فترة زمنيَّة محدودة لِيتمَّ بعد ذلك وقف الأعمال العسكريَّة، أي تحت سقفٍ زمني. يشار إلى أنَّ (كابينيت) الحرب يضمُّ نتنياهو ووزير الأمن يوآف جالانت، والوزير بيني جانتس، إلى جانب عضوَيْنِ استشاريَّيْنِ، هما وزير الشؤون الاستراتيجيَّة، رون ديرمر، وعضو الكنيست عن «المعسكر الوطني»، جادي آيزنكوت، ورئيس الموساد ديفيد برنياع. وقَدْ سرَّبت الصحافة «الإسرائيليَّة» وقناة (كان 12) العبريَّة، معلومات مفادها أنَّ هذا السقف لنهاية العام الجاري ٢٠٢٣. والمُهمُّ في الأمْرِ أنَّ الإدارة الأميركيَّة باتَتْ الآن أمام استحقاقاتٍ داخليَّة مُهمَّة لها علاقة بالانتخابات الرئاسيَّة بعد أقلَّ من عام، حيث بدأت طبول التحشيد الانتخابي تَدُقُّ بَيْنَ الحزبَيْنِ الديمقراطي والجمهوري، ولَمْ يَعُدِ التعويل على أصوات اللوبي اليهودي الصهيوني على درجة الأهمِّية الَّتي كان يحظى بها سابقًا. فالحرب العدوانيَّة على قِطاع غزَّة أعطت مفاعيلها من خلال تبدُّل الاصطفافات في المُجتمع الأميركي، مع التأثير المُتوقع للصوت الأميركي للأميركيِّين من أصلٍ عربي وعددهم يقارب العشرة ملايين، مضافًا لَهُمْ أصوات المُسلِمين الأميركيِّين، وهو ما يجعل من الصوت العربي والإسلامي في الانتخابات الأميركيَّة ذا شأن وأهمِّية في تقرير فوز المرشَّح الرئاسي الأعلى حضورًا في صناديق الاقتراع.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الق طاع

إقرأ أيضاً:

خبير إسرائيلي: اتفاق نووي أميركي إيراني يتشكل ونتنياهو ينتظر

حذر البروفيسور إيتان جلبوع -وهو أحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في الشؤون الأميركية- من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه اليوم مأزقا إستراتيجيا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني بعدما تقلص مجال تأثيره على المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية رغم ما يعتبره إنجازات إسرائيلية في تقويض النفوذ الإيراني بالمنطقة.

وكتب جلبوع -وهو باحث أول في مركز بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار إيلان- في مقال بصحيفة معاريف أن نتنياهو لا يملك اليوم سوى الانتظار بصمت لنتائج المفاوضات بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيران بعدما أصبح خارج دائرة التأثير على هذا المسار رغم اعتراضه الصريح عليه.

نفوذ مفقود

وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن المفاوضات التي أجراها ستيف ويتكوف مبعوث ترامب مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أظهرت جدية متبادلة بين الطرفين، إذ قال ترامب آنذاك "نحن في وضع جيد جدا، ستكون هناك صفقة قريبا، أريد إنهاء هذا الملف من دون الحاجة إلى قصف إيران".

بدوره، عبّر عراقجي عن رضاه عن سرعة وتيرة التقدم، مؤكدا وجود إرادة متبادلة للتوصل إلى تفاهمات.

ووفقا لجلبوع، فإن هذه التصريحات تثير قلقا شديدا في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد رفض نتنياهو تماما أي مفاوضات مع إيران، سواء تلك التي قادها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في السابق أو تلك التي باشر بها ترامب، ويعتقد أن طهران تستغل التفاوض فقط لكسب الوقت، وأن أي اتفاق يبرم سيبقي تحت يدها بنية تحتية نووية يمكن إعادة تشغيلها في أي وقت.

إعلان

ويرى نتنياهو -حسب المقال- أن السبيل الوحيد لوقف البرنامج النووي الإيراني هو عبر ضربة عسكرية مكثفة تدمر معظم المنشآت النووية، وبما أن إسرائيل لا تملك القدرة العسكرية الكافية لإحداث ضرر طويل المدى بمفردها فقد راهن على تدخل عسكري أميركي مباشر أو على الأقل بالتنسيق مع إسرائيل.

ويضيف الباحث والخبير الإسرائيلي أن نتنياهو أساء التقدير عندما ظن أن تهديدات ترامب باستخدام القوة -والتي ترافقت مع حشود عسكرية كبيرة في المنطقة- كانت جدية وتهدف فعلا إلى شن حرب على إيران، لكن الواقع أثبت لاحقا أن ترامب كان يهدف فقط إلى استخدام هذه التهديدات ورقة ضغط لدفع طهران إلى التفاوض.

ومع بدء المحادثات الفعلية حاول نتنياهو التأثير على مجرياتها، فأرسل رئيس الموساد ديفيد برنيع والوزير روني ديرمر إلى باريس للقاء ويتكوف لإقناعه بطرح مطلب "تفكيك كامل للبنية النووية الإيرانية"، وهو مطلب يدرك الجميع أنه سيُفشل المفاوضات، لكن الإدارة الأميركية تجاهلت هذه المواقف.

ويقول جلبوع إن نتنياهو بات عاجزا عن التأثير على مسار المفاوضات رغم أن نتائجها قد تكون حاسمة بالنسبة لأمن إسرائيل.

والمفارقة -حسب قوله- أن إيران اليوم أضعف من ذي قبل بعد أن فقدت الكثير من أذرعها العسكرية وقواعدها في سوريا ولبنان واليمن نتيجة الهجمات الإسرائيلية، لكن تلك "الفرصة الإستراتيجية" لا يمكن لنتنياهو استثمارها، لأنه لا يستطيع فرض أي شروط على المفاوضات.

ثمن الولاء لترامب

ويرى الباحث أن سبب العجز الحالي لنتنياهو هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ربط نفسه سياسيا وشخصيا بترامب، واعتبره "أعظم أصدقاء إسرائيل" الذين مرّوا في البيت الأبيض، ولذلك لا يمكنه اليوم مهاجمة ترامب أو انتقاده علنا حتى عندما يتفاوض مع إيران ويقترب من توقيع اتفاق نووي.

وفي السابق، تمكن نتنياهو من الضغط على أوباما وبايدن عبر التحالف مع الجمهوريين في الكونغرس، أما اليوم فقد خسر الدعم الديمقراطي بسبب مواقفه الحادة، كما أن الجمهوريين باتوا تحت سيطرة ترامب، مما يعني أنه لا يوجد أي جناح سياسي في واشنطن يمكن لنتنياهو التحالف معه للضغط على الإدارة الأميركية.

إعلان

ويرى جلبوع أن ترامب رغم وصفه اتفاق أوباما النووي بأنه "الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة" سيسوّق أي اتفاق جديد مع إيران مهما كانت بنوده على أنه "الأفضل في التاريخ".

ويضيف أن الاتفاق المرتقب قد يشبه إلى حد كبير اتفاق أوباما، مما سيعني السماح لإيران بالحفاظ على بعض قدراتها النووية مقابل قيود مؤقتة وآلية رقابة دولية.

وفي ضوء كل هذه التطورات يلتزم نتنياهو الصمت ويتجنب المواجهة العلنية خوفا من تدمير علاقته مع ترامب، ولأنه لم يعد يملك أوراق ضغط داخل النظام السياسي الأميركي.

ويخلص الباحث الإسرائيلي إلى أن نتنياهو يقف اليوم في زاوية حرجة يشاهد فيها تطورات مصيرية دون أن يكون له دور فيها رغم أن عواقبها قد تكون بالغة الخطورة على إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • منظمة الإطفاء والإنقاذ بإسرائيل: التقديرات تشير لاحتراق نحو 20 ألف دونم | تفاصيل
  • واشنطن بوست: اتفاق المعادن لم يقدم إلا ضمانات أمنية محددة لأوكرانيا
  • مدير مركز دراسات: الاتفاقية بين واشنطن وأوكرانيا محاولة للسيطرة على كل موارد كييف
  • ألف طائرة مسيّرة لكل فرقة قتالية: الجيش الأميركي يطلق أكبر تحول عسكري منذ الحرب الباردة
  • موقع عبري: رغم التفوق العسكري “الحوثيون” اضروا بالجيش الأمريكي 
  • خبير إسرائيلي: اتفاق نووي أميركي إيراني يتشكل ونتنياهو ينتظر
  • تل أبيب تحترق ونتنياهو يستغيث.. حرائق القدس طبيعية أم عمل مدبّر؟
  • واشنطن تهدد روسيا وأوكرانيا بوقف وساطتها وتشترط للاستمرار
  • الإنفاق العسكري العالمي يسجل أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة
  • واشنطن تستضيف الفريق صدام خليفة: مباحثات لتعزيز التعاون العسكري ودعم استقرار ليبيا