المفتي: مصر أخرجت عددا لا يُحصى من الحفظة المهرة للقرآن
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن القرآن الكريم خير ما يتنافس فيه المتنافسون حفظًا وتلاوة وتفسيرًا واستنباطًا، وهذه كلها وسائل كريمة لغاية أكرم وأشرف، ألا وهي التدبُّر والتفكُّر في القرآن الكريم.
وأضاف «علام» في الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم، المقامة في مركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الجديدة، إن الأمر الإلهي بالتدبر في آيات القرآن الكريم قد جاء مرارًا في كتابه الكريم، فيقول الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، وكذلك في السنة النبوية في الحديث الذي رُوي عن الإمام علي، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ خَبَرُ مَا قَبْلَكَمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ رَدٍّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي مَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».
وأشار فضيلة المفتي إلى أن هذه المسابقة هذا العام مباركة لسببين، الأول أنها تأتي بعد أن أظهر الشعب المصري أنه مدرك للتحديات الذي تواجهه من خلال المشاركة الإيجابية والفعالة خلال الاستحقاقات الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي عبر فيها عن ثقته بالرئيس السيسي ليكمل مسيرة بناء الجمهورية الجديدة.
وأوضح أن السبب الثاني أن هذه المسابقة تُعقد للمرة الأولى في مركز مصر الثقافي الإسلامي من قلب العاصمة الإدارية الجديدة التي تعدُّ إنجازًا تنمويًّا كبيرًا لتحقيق النهوض والتنمية الشاملة في الدولة حتى تحتل مصرنا الغالية مكانتها اللائقة بين الدول.
وأكد مفتي الجمهورية أن الله تعالى يسَّر حفظ القرآن الكريم واستظهاره للعربي والأعجمي والكبير والصغير والقارئ والأمي على وجه متفرد لافت، بحيث لم يتكرر في تاريخ البشرية لكتاب غير هذا الكتاب أن يكون حفظه وإتقان تجويده وتلاوته ميسرًا على هذا النحو العجيب الذي نراه في هذه المحافل المباركة وفي غيرها من تجمعات الاستظهار والتلاوة، هذا مع عظيم ما احتواه من أوجه أخرى من إعجاز النظم الكريم، كالإخبار عن المغيبات.
مصر بلد له شأن عظيم في حفظ القرآن الكريموأشار فضيلته إلى أن الله قد تحدى مكذبي القرآن من صناديد الكفر ومدعي الفطنة والحكمة أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه فلم يجدوا لذلك سبيلًا مع وجود التحدي وتوفر الدواعي، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23].
وأضاف أنه من المعلوم أنَّ مصر بلد له شأن عظيم في حفظ القرآن الكريم وتلاوته، وقد أخرجت عددا لا يُحصى من الحفظة المهرة والمتقنين وعلماء القراءات حتى صارت قِبلة للعالمين في هذا الشأن، وأصبح قراؤها الكبار المعروفون في العالمين مثالًا يُحتذى في الإتقان والتلاوة وجمع القراءات القرآنية.
وتابع: «علينا ونحن نسلك سبيل حفظ القرآن وتجويده وتلاوته، أن نتخذ من الحفظ والاستظهار وسيلةً للفهم والتدبر والعمل، وسبيلًا لنشر قيمه الخالدة وتعاليمه السامية، ولنكن سفراء للقرآن الكريم في جميع المحافل، نحمل أخلاقه للعالمين، حتى يروا تجليات آيات كتاب الله تعالى جلية في أخلاقنا واضحة في سلوكنا، سارية في حياتنا الفردية والجماعية، بل في كافة أوجه الحياة».
وأشار إلى أن العالم الآن مع ما نشهده من أزمات وصراعات في أشد حالات الاحتياج إلى الاهتداء بأنوار القرآن الكريم وأخلاقه، موجهًا حديثه إلى المتسابقين: «أنتم حَملة هذه الأنوار إن شاء الله تعالى، واعلموا أنه ما فتحت البلاد سابقًا وما انتشرت الحضارة الإسلامية بعلومها وآدابها وفنونها في ربوع المعمورة إلا بأخلاق أهل القرآن لا بالحرب ولا بالسيف ولا بالسنان كما يزعم أعداء الإسلام».
واختتم المفتي كلمته بخالص الدعاء إلى الله عز وجل بالتوفيق والنجاح للمتسابقين وأن يرزقنا وإياهم التخلق بأخلاق القرآن الكريم وهدايته.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام المسابقة العالمية للقرآن الكريم
إقرأ أيضاً:
المفتي: الأخلاق لا ترتبط بعقيدة أو أمة بل هي أساس وحدة الإنسانية
أكَّد الدكتور نظير محمد عياد -مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- خلال كلمته في ندوة بالجامعة المصرية الروسية حول «أهمية الأخلاق في زمن التحديات والتهديدات المعاصرة» أنَّ الحديث عن الأخلاق أصبح ضرورة ملحَّة في عصرنا الحاضر في ظلِّ التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، من هجمات فكرية، ومحاولات لطمس الهُويَّة، تهدُف إلى القضاء على القيم الأخلاقية التي تعدُّ الركيزةَ الأساسية لحماية المجتمعات من التفكك والانهيار.
المفتي: الإسلام منذ بزوغ نوره أرسى قواعد التسامح فى كافة شئون الحياة مفتي الجمهورية يشارك في لقاء رئيس أذربيجان برفقة شيخ الأزهروأشار إلى أنَّ الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية، وأساس استقامة المجتمعات، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهو وصفٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بُعث لتتميم مكارم الأخلاق، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق»، مضيفًا أن جميع الرسالات السماوية اجتمعت على أصول العقائد والشرائع والأخلاق، ووردت في الكتب السماوية الوصايا العشر التي دعت إلى التوحيد، وحذرت من الخيانة وسوء الأخلاق، تطبيقًا لما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.
كما أوضح أن الأخلاق في الإسلام ترتبط بتحقيق المقاصد الشرعية الضرورية، التي تهدف إلى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليبلغ بحسن خُلُقه درجة الصائم القائم»، وأكد أن الشريعة لا تقتصر على الضروريات، بل تشمل التحسينيات التي تضفي الكمال على حياة الإنسان، مثل العناية بالمظهر والجمال، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال».
وشدَّد المفتي على أن انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم؛ حيث قال الله تعالى عن قوم عاد وثمود: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}... ورتَّب على ذلك العقاب في الدنيا فضلًا عن عقاب الآخرة، فقال سبحانه: {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}، وقال تعالى عن قوم لوط: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ}.
مؤكدًا أن دار الإفتاء المصرية تضطلع بدور محوري في تعزيز القِيَم الأخلاقية داخل المجتمع، مستمدة رسالتها من تعاليم الشريعة الإسلامية التي تجعل الأخلاق أساس بناء الفرد والمجتمع، وتسعى الدار من خلال فتاواها ومبادراتها التوعوية إلى نشر ثقافة الالتزام بالقيم السامية، مثل الصدق والأمانة والإحسان والتسامح، وتقديم نماذج عملية تجسد الأخلاق في واقع الحياة. كما تعمل على مواجهة الظواهر السلبية التي تهدد تماسك المجتمع، وتحرص على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تنال من القيم الإنسانية، وبهذا تؤكد دار الإفتاء أن الأخلاق ليست مجرد شعارات، بل هي ركيزة جوهرية لتحقيق السلم الاجتماعي وبناء الحضارات.
وفي رسالة وجهها إلى الطلاب، قال فضيلته: "إذا أحسنتم قراءة الواقع بأدواته وظروفه، ستجدون أن الخير كل الخير يكمن في التمسك بالأخلاق؛ فالدين هو الخُلُق، ومن زاد عليكم في الخُلُق زاد عليكم في الدين". واستشهد بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا».
وفي ختام الندوة، كرَّم المفتي الطلابَ المتميزين، معبرًا عن سعادته بحضور هذا اللقاء الذي تناول واحدة من أهم القضايا الإنسانية المرتبطة ببناء المجتمعات.
وفي لفتة تقدير، قدم الأستاذ الدكتور شريف فخري، رئيس الجامعة المصرية الروسية، درع الجامعة لفضيلة المفتي، تكريمًا لدَوره الريادي في نشر القيم الإسلامية وترسيخ الأخلاق في المجتمع. وأعرب رئيس الجامعة عن فخره واعتزازه بحضور فضيلة المفتي لهذه الندوة المهمة، التي سلطت الضوء على أهمية الأخلاق في بناء الإنسان والمجتمع.
حضر اللقاء نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم: الدكتورة هناء عبد الرحمن، مستشار رئيس الجامعة للأنشطة الطلابية، والأستاذة الدكتورة مكارم الغمري، عميد كلية الألسن، والأستاذ الدكتور محمد إيهاب أبو الفتوح، عميد كلية الصيدلة، والأستاذ الدكتور عز الدين أبو العز، عميد كلية الفنون التطبيقية، بالإضافة إلى عدد كبير من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وسط أجواء اتسمت بالترحيب والحفاوة.