تعالى علي وطمس كرامتي.. كيف أرتقي أمام خطيبي؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
سيدتي، السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، أنا ممتنة لهذا الفضاء الجميل الذي يحمل من يدخله على أكف الراحة ويسمو به إلى عنان السماء. فشكرا لك سيدتي على ما تقدمينه لكل الحيارى والتائهين.
سيدتي، أنا ممن كانت طيبتهم وتقديرهم للغير ما جعلني اليوم أحيا أسفل سافلين إلى جانب خطيب يعاملني بإزدراء.
أخبرك سيدتي من أنني مثقفة كما وأني متحصلة على شهادة جامعية.
إلا أنني فضلت إختيار الشهم الأصيل الذي سيرفع من قيمتي إلا أن تخميناتي لم تكن قفي محلها. خطيبي ليس بالساذج حتى يعلم أن طيبتي أمر جبلت عليه ومن أن إحترامي للغير من أبجديات حياتي.
تساهلت وأهلي معه في مسألة المهر وكل الأمور المادية. إلا أنني لم أعلم أنني كنت بذلك أهديه مفاتيح صار اليوم يستعملها وكأني به يمنّ عليّ. لأنه تقدم لخطبتي وكأن بي علة، أو من أنني أعاب في شيء.
حدثته في الأمر ونهيت عن التمادي الذي لم يصغرني ولم يحقرني بقدر ما جعله هو قاب قوسين أو أدنى من أن يبلغ الإحترام الذي يجب أن تكنه أي خطيبة إلى خطيبها.
وسألته الفراق وفسخ ما بيننا إن كان يجد أنني لست أناسبه، إلا أنني تفاجأت به يصرّ أنه لن يجد في مثل طيبتي. وأسرتي أو في مثل إحتوائي وقبولي بعديد الأمور التي تدخل في أحلام أي بنت في سني.
لست أدري لماذا أحس من أنه عليّ التغير الجذري في معاملتي لهذا الإنسان. ولست أكذب إن قلت أنني سأبدأ فعليا بالتغير من أجل كرامتي وكرامة أهلي.
فلا يجوز أن أداس بهذه الطريقة من إنسان سأهبه حياتي وعنفواني وهو يعاملني بطريقة أقل ما يقال عنها أنها سيئة، بل سيئة جدا.
ش.رانيا من الغرب الجزائري
الرد:لا يوجد ما هو أحسن من المعاملة الطيبة التي تؤلف القلوب وتبعث بالسكينة بين الأفئدة. ولعل عنوان أيّ علاقة يكون بدءا من تعاملات ومعاملات الأطراف فيها. فما كان منها لينا فهو الأجمل والأدوم، وما كان منها سيئا يبقى على المحك تتجاذبه الشكوك والتّذمرات.
أحس بما تكابدينه أختاه، فما أبنته من حسن أخلاق وتصرف مع هذا الخطيب لا يجب أن يجازى بمثل هذه التصرفات منه. فتاة كيسة ولطيفة، تعي ما لها وما عليها لا تجد من الخطيب الذي إختارته بسمو أخلاقه إلا الصد والتّعتير. وكأني بك أنت التّي من طلبت وصاله وأقحمت نفسك في حياته وليس العكس.
جادلته وأخبرته بما يزعجك ويجعلك أمامه في قمة الإنزعاج، فلم يبدي أي إعتذار ولم يغير من طبعه. ولعلّ ما زاد الطين بلة أنّه طلب منك عدم الإصرار عليه بفسخ ما بينكما من خطبة.
وأظن أن غطرسة هذا الخطيب لن تنتهي حتى وأنت على ذمّته زوجة. لأنّه وعلى ما يبدو يعاني عقدة نقص تتمثّل في إشباعه لغطرسته بإلحاق الأذى النفسي لمن هم أحسن منه.
وما أنصحك به أختاه، أن تجعلي لهذا الخطيب حدّا أمام أهله، بإخبارهم لما يقوم به معك وحيال أهلك. وتطالبيه أمامهم بضرورة التغيير.
فالحياة الزوجية حياة رحمة ومودّة وليست إنتقاصا لكرامة أي من الطرفين على حساب الأخر. ومن إحتقرك اليوم يمكنك أن تكوني أنت جيشه الوحيد إن هو وقع في مشكلة أو معضلة ما.
لا تفوتي فرصة وضع النقاط على الحروف مع هذا الرجل أن تلجي بيته. فبعض المواقف إن لم نقم بها في وقتها، تجدنا نتجرع الندامة أبد الدهر.
ردت: “ب.س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: “..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..”.
ذهب المفسرون الى أن التغيير في حال قوم يوقعه الله بهم يحتمل أن يكون من سيء الى حسن أو العكس، لكن السياق يفيد التغير من الحال السيء الى حال أفضل، ويعزز ذلك الآية المتشابهة مع هذه الآية: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال:53].
لذلك تعتبر هاتان الآيتان من السنن الكونية التي يجري الله الأحداث بموجبها، وتقطعان بأن أحوال الأمم والأقوام ليست أقدارا مكتوبة عليها، بل متغيرة يبدلها الله من حال الى حال، والتغيير مرتبط بتغير نواياها وسلوكاتها.
وعليه فان من يطمحون الى خروج أمتنا من واقعها الحالي المزري، ونهضتها وعودتها الى موقعها الحضاري المجيد الذي كانت عليه، وكانت خلاله في صدارة الأمم، حري بهم أن يتأملوا جيدا في مدلولات هاتين الآيتين.
مما يمكن استخلاصه الحقائق التالية:
1 – إن التعامل الإلهي مع البشر فردي حينما تتعلق المسؤولية عن سلوكاته بذاته، فيحاسبه عما فعل ولا يحمله عاقبة أفعال غيره لأنه ليس له عليه من سلطة، لكنه يحاسب المجتمعات جماعيا عندما تتعلق منتجات الأفراد بالمنتج العام للسلوكات فتصبغ المجتمع بصبغة ذلك السلوك، وتصبح تلك السمة العامة للمجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية مؤثرة على الأفراد وموجهة لسلوكاتهم، مثال على ذلك قوم لوط، اذ لا يعقل أن جميع الأفراد كان لديهم شذوذ جنسي، لكن عوقب الجميع عندما لم يعد الأمر مستنكرا في القيم المجتمعية الجمعية، بل ممارسة مقبولة، ولممارسيه حماية ورعاية من قبل الهيئة الحاكمة، بل وتعاقب من ينتقدها أو يضايق فاعليها (كما نشهده الآن في العالم)، وعندما لم يتصدّ المصلحون لوقفها ولم يستنكرها الصالحون، أصبحت سمة عامة تصبغ المجتمع كله، لذلك أخذ الله المجتمع كله، صالحه وفاسده بالعذاب.
2 – فاسدو المجتمع يحاولون تبرير أفعالهم بأن الله كتب عليهم الضلال، وفي هاتين الآيتين بيان مبطل لادعائهم، وتأكيد على أن ما يصيب الأقوام هو نتاج أعمالهم.
كما بين تعالى في مواضع كثيرة أن الله لا يضل إلا من اختار الضلالة بإرادته وعن سابق عزم وتصميم “سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ” [الأنعام:148].
كما بين أنه تعالى لا يأمر بالمنكر: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ” [الأعراف:28]، بل فعل المنكرات هو مما تزينه النفوس الأمارة بالسوء.
3- بناء على ما سبق نتوصل الى أنه لا ينبغي للمؤمنين في زمننا الكالح هذا القعود بانتظار المعجزات، ولا انتظار أن يأتينا الفرج بالاكتفاء بالدعاء، بل علينا الجد والعمل لتغيير هذا الحال الذي ما وصلنا إليه إلا لأن العلماء المصلحين انكفأوا عن أداء واجبهم في التنبيه الى سوء المنقلب، والمؤمنون الصالحون صمتوا عن شيوع المنكرات، وعلى رأسها تقبل أن يحكموا بغير ما أمر به الله، وسكتوا عندما تبين لهم أن قادتها يرفضون الحكم وفق منهج الله، واعترفوا صراحة أنهم ينبذونه ويعتبرونه أرهابا، ويتبعون منهج أعداء الأمة التاريخيين.
ان الحكم بما أنزل الله واجب شرعي، ولا يجوز للحاكم ان كان مؤمنا اتباع منهج غيره، ولا يقبل الله منه ادعاءه بأنه مسلم بمجرد إعلان ذلك طقوسيا على الراية، أوالتظاهر باتباعه من خلال المظاهر الخادعة كالسماح برفع الأذان، او تنفيذ احكام الاعدام بالسيف بدل المشنقة.
الحكم بموجب الشرع يظهر في اتباع ما أمر به الله، وأهمه معاداة من يعادي الدين ويحارب المسلمين، ونصرة إخوانهم في الدين وعدم موالاة من احتلوا ديار المسلمين ولا إلقاء السلم إليهم قبل أن يجلوا عنها.
هل عرفنا الآن لماذا غير الله نعمته التي أنعمها علينا بجعلنا خير أمم البشر، فغيرها الى الأمة الأضعف والتي سلط عليها أراذل البشر الذين كتب عليهم الذلة والمسكنة!؟.
وهل عرفنا أنه لن يزول ذلك، ولن يعيد الله حالنا الى ما كنا عليه من عزة وكرامة، بمجرد الصلاح الفردي وكثرة العبادات، بل بتغيير ما بأنفسنا كمجتمع، من هوان واستكانة لما فرضه الأعداء ووكلاؤهم علينا.