قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن القرآن الكريم خير ما يتنافس فيه المتنافسون حفظا وتلاوة وتفسيرا واستنباطا، وهذه كلها وسائل كريمة لغاية أكرم وأشرف، ألا وهي التدبر والتفكر في كتاب الله الكريم، الذي أنزله الله تعالى نورا وهداية ورحمة للعالمين.  

وأضاف علام، في الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم -المقامة في مركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الجديدة- أن الأمر الإلهي بالتدبر في آيات القرآن الكريم قد جاء مرارا في كتابه الكريم، فيقول الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} [محمد: 24]، وكذلك في السنة النبوية في الحديث الذي روي عن الإمام علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتاب الله فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة رد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي من عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».

وأشار المفتي إلى أن هذه المسابقة هذا العام مباركة لسببين، الأول، أنها تأتي بعد أن أظهر الشعب المصري أنه مدرك للتحديات الذي تواجهه من خلال المشاركة الإيجابية والفعالة خلال الاستحقاقات الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي عبر فيها عن ثقته بالرئيس السيسي ليكمل مسيرة بناء الجمهورية الجديدة.  

وأوضح أن السبب الثاني، أن هذه المسابقة تعقد للمرة الأولى في مركز مصر الثقافي الإسلامي من قلب العاصمة الإدارية الجديدة التي تعد إنجازا تنمويا كبيرا لتحقيق النهوض والتنمية الشاملة في الدولة حتى تحتل مصرنا الغالية مكانتها اللائقة بين الدول.  

وأكد مفتي الجمهورية، أن الله تعالى يسر حفظ القرآن الكريم واستظهاره للعربي والأعجمي والكبير والصغير والقارئ والأمي على وجه متفرد لافت، بحيث لم يتكرر في تاريخ البشرية لكتاب غير هذا الكتاب أن يكون حفظه وإتقان تجويده وتلاوته ميسرا على هذا النحو العجيب الذي نراه في هذه المحافل المباركة وفي غيرها من تجمعات الاستظهار والتلاوة، هذا مع عظيم ما احتواه من أوجه أخرى من إعجاز النظم الكريم، كالإخبار عن المغيبات.  

ولفت إلى أن الله تحدى مكذبي القرآن من صناديد الكفر ومدعي الفطنة والحكمة أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه فلم يجدوا لذلك سبيلا مع وجود التحدي وتوفر الدواعي، قال الله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} [البقرة: 23].

ونوه إلى أنه من المعلوم أن مصر بلد له شأن عظيم في حفظ القرآن الكريم وتلاوته، وقد أخرجت ما لا يحصى من الحفظة المهرة والمتقنين وعلماء القراءات حتى صارت قبلة للعالمين في هذا الشأن، وأصبح قراؤها الكبار المعروفون في العالمين مثالا يحتذى في الإتقان والتلاوة وجمع القراءات القرآنية. 

وتابع المفتي: "علينا ونحن نسلك سبيل حفظ القرآن وتجويده وتلاوته، أن نتخذ من الحفظ والاستظهار وسيلة للفهم والتدبر والعمل، وسبيلا لنشر قيمه الخالدة وتعاليمه السامية، ولنكن سفراء للقرآن الكريم في جميع المحافل، نحمل أخلاقه للعالمين، حتى يروا تجليات آيات كتاب الله تعالى جلية في أخلاقنا واضحة في سلوكنا، سارية في حياتنا الفردية والجماعية، بل في كافة أوجه الحياة".  

وذكر أن العالم الآن مع ما نشهده من أزمات وصراعات في أشد حالات الاحتياج إلى الاهتداء بأنوار القرآن الكريم وأخلاقه، موجها حديثه إلى المتسابقين: "أنتم حملة هذه الأنوار إن شاء الله تعالى، واعلموا أنه ما فتحت البلاد سابقا وما انتشرت الحضارة الإسلامية بعلومها وآدابها وفنونها في ربوع المعمورة إلا بأخلاق أهل القرآن لا بالحرب ولا بالسيف ولا بالسنان كما يزعم أعداء الإسلام".

واختتم المفتي كلمته بخالص الدعاء إلى الله عز وجل بالتوفيق والنجاح للمتسابقين، وأن يرزقنا وإياهم التخلق بأخلاق القرآن الكريم وهدايته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسابقة العالمية للقرآن الكريم مفتى الجمهورية وزارة الأوقاف القرآن الکریم الله تعالى

إقرأ أيضاً:

أستاذ أزهري: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله

قال الدكتور أحمد الرخ، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن مشهد الحج في ذاته هو مشهد روحاني عظيم يُجسّد معنى الشوق الإلهي الذي زرعه الله في قلوب عباده، مشيرًا إلى أن قوله تعالى: "فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم" يكشف عن حقيقة إيمانية كبرى، وهي أن الذهاب إلى البيت الحرام ليس رحلة جسدية فقط، بل هو استجابة لدعوة إلهية تسكن القلوب قبل الأجساد.

أضاف أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن سيدنا إبراهيم عليه السلام حين دعا بهذه الدعوة، لم يقل "أفئدة الناس"، بل قال "أفئدة من الناس"، كما جاء في تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ليؤكد أن الله اختص بهذه المحبة قلوبًا معينة من عباده، هم الذين استجابوا لهذا النداء، فحنّت قلوبهم واشتاقت أفئدتهم إلى البيت الحرام.

وأوضح أن الحج زيارة لله، وضيافة عند الله، ووفادة على الله، مصداقًا لقول النبي ﷺ: "الحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم"، وهذه ليست دعوة من جهة تنظيمية أو بشرية، بل من الله جلّ في علاه، لقوله تعالى: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر".

وأكد أن من لبّى نداء الحج لا بد أن يستشعر أنه في بيت الله، وأنه واقف في مواضع وقفت فيها أقدام الأنبياء، وتفيّأت فيها أرواح الأولياء، مستحضرًا مشاهد كالنبي ﷺ وهو يطوف بالكعبة، ويقبّل الحجر الأسود، ويقف على عرفات متذللاً لله كالمستعطف المسكين.

وتابع: "الحج ليس مجرد أداء مناسك، بل هو رحلة روحانية كاملة، تبدأ بنداء في القلب، وتُترجم بشوق غير مقنن إلى البيت الحرام، وتنتهي بفيض من الرحمة والمغفرة، وشوق أعظم إلى لقاء وجه الله الكريم في الجنة، كما قال تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)".

طباعة شارك الحج الدكتور أحمد الرخ أستاذ الشريعة والقانون الأزهر جامعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • نائب محافظ الأقصر يشارك في حفل تكريم 2550 طالبا من حفظة القرآن الكريم بمسابقة الشيخ أحمد رضوان السنوية
  • علي جمعة: الله ينزل علينا المحن لا انتقاما منا فنحن صنعته وإنما لنتذكر ونرجع
  • كم مرة تقرأ سورة الأنبياء لاستجابة الدعاء؟.. السر في 4 آيات
  • ندوة تناقش أساليب تعليم القرآن الكريم للطفل
  • أستاذ أزهري: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله
  • حكم تسمية شركة باسم من أسماء الله الحسنى.. دار الإفتاء ترد
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بحق أحد الجناة في مكة المكرمة
  • أستاذ بالأزهر: الحج عهد جديد مع الله فلا تضيعوا ثوابه بمعصية
  • محمد مهنا: الصدق الطريق إلى الله .. والكذب يؤدي للفجور
  • علي جمعة: السلام من أسماء الله الحسنى وتحيته لعباده في الجنة