دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد 50 عامًا من الإهمال، أعيد افتتاح القصر الإمبراطوري "المفقود" في روما، دوموس تيبريانا، كمتحف منتشر في الهواء الطلق.

حتى وقت قريب، كان قصر دوموس تيبريانا عبارة عن أطلال متداعية ومحظورة، على مقربة من الكولوسيوم الشهير. بُني في القرن الأول الميلادي وأحبه نيرون، وثمة أمل بأن يستعيد مكانته مجدّدًا كأحد أفضل مناطق الجذب السياحي في المدينة.

يقع القصر القديم على هضبة بالاتين، الأقدم في المدينة، ويُطلّ على روما حيث حكمت السلالات الإمبراطورية لقرون عدّة. لكن على مرّ السنين، تدهورت حال الموقع، وفي سبعينيات القرن الماضي، أُغلق موقع دوموس تيبريانا بسبب التخلخل الهيكلي لبعض الآثار. وقد خلّف الإغلاق ما وصفه العديد من الرومان بـ"الثقب الأسود" في قلب العاصمة الأثري.

الآن، بعد عملية تجديد استمرّت لستّ سنوات، فتح القصر أبوابه مجدّدًا كـ"متحف مشتت"، يضم اكتشافات ولوحات جدارية منتشرة في جميع أنحاء الموقع لتزويد الزوّار بمعلومات دقيقة عن عظمة القصر القديمة.

كان مجمع القصر مأهولًا منذ آلاف السنين وكان مرغوبًا من قبل الأباطرة والأرستقراطيين.Credit: Parco Archeologico Colosseo

وكان عظيمًا. كان دوموس تيبريانا أول قصر إمبراطوري في روما، بناه الإمبراطور تيبيريوس الذي جمع بين القصور النبيلة الموجودة والمبنية سابقًا على التل. يمتد القصر على مساحة أربعة هكتارات، ويضم مساكن، إلى جانب حدائق كبيرة، وأماكن عبادة، وغرف لحرس الإمبراطور الملكي.

وبصفته مقرًا للسلطة والسياسة في روما، احتل دوموس تيبريانا موقعًا متميزًا، أعلى من المنتديات البلاتينية والرومانية، ما يوفر لقاطنيه "إطلالة من الشرفة على المدينة". مع مرور الوقت، تم تزيين وتوسيع دوموس من قبل أباطرة آخرين ضمنًا نيرون، الذي توّج على درجاته وهو يبلغ من العمر 16 عامًا فقط، وذلك عام 54 ميلاديًا. 

وقالت ألفونسينا روسو، مديرة الحديقة الأثرية في الكولوسيوم (حيث يقع قصر دوموس تيبيريانا) وعالمة الآثار الرئيسية في عملية التجديد، لـCNN، إنّ الآثار القديمة، التي تم الحفاظ على العديد منها بشكل جيد، تم اكتشافها خلال العمل على المشروع.

وأضافت روسو إنّ القطع الأثرية، والجص اللامع، واللوحات الجدارية، والقوارير، والفخاريات، والأنوال، والطين، وتماثيل الآلهة المتصلة بعبادات إيزيس وديونيسيوس وميثراس، تقدم للزائرين رحلة عبر الزمن.

عثر خلال أعمال التجديد التي خضع لها قصر دوموس تيبريانا على اكتشافات ثمينة معروضة في الموقع.Credit: Parco Archeologico Colosseo

وتابعت: "إنهم يجعلون هذا المكان، الذي كان يسكنه في السابق عائلات أرستقراطية، ثم الأباطرة الرومان، يشعر بأنه يبنض بالحياة مجددًا".

وأوضحت أن "هناك سبع قاعات عرض مليئة بالاكتشافات غير العادية، بدءًا من تلك التي سبقت البناء الأصلي للقصر، عندما عاش الأرستقراطيون في قصور قبل عملية دمجها من قبل تيبيريوس في دوموس".

وأشارت روسو إلى أنه بين اللوحات الجدارية المكشوفة حديثًا بعض من أقدم لوحات الليمون (التي تعتبر فاكهة غريبة في روما القديمة، لأنها تتحدّر من الشرق الأقصى) وتصوير المصارع، ما يثبت أن ألعاب المصارعة في ذلك العصر كانت موضع تقدير من قبل العائلات الغنية.

بقي القصر الإمبراطوري قيد الاستخدام حتى القرن السابع، عندما أصبح المقر البابوي ليوحنا السابع. في منتصف القرن السادس عشر، قامت عائلة فارنيزي الأرستقراطية، التي كانت من ملاكي الأراضي المحليين الأقوياء، ببناء حدائق أورتي فارنيزياني الفخمة في الموقع، وتزيينها بالزخارف والمنحوتات من الحوريات والساتير والفونات.

وأضافت روسو: "هذا النصب يتحدث عن التاريخ". "لقد استعاد (دوموس تيبريانا) رونقه الماضي، لكن ما برح أمامنا المزيد من العمل".

وفي الواقع، بُذلت جهود مضنية للمزج بين القديم والجديد. فقد تم إعادة بناء سلسلة من الأقواس المقببة المهيبة ذات اللون البني المحمر للترحب بالزائرين، بعناية باستخدام المواد عينها التي استخدمها الرومان القدماء في الماضي.

أعيد إنشاء بعض عناصر مجمع دوموس تيبيريانا بصعوبة، من قبل علماء الآثار.Credit: Parco Archeologico Colosseo

ولفتت روسو إلى أنّ "ما يجعل من قصر دوموس المتجدد فريدًا من نوعه الطراز المعماري". وأوضحت: "لقد تمكنا من استخدام المواد الأصلية لتعزيز وتقوية الأقواس الأمامية المصنوعة يدويًا والتي يبلغ ارتفاعها 15 مترًا (50 قدمًا) الممتدة على جانب رصيف القصر القديمة. لقد لفتت بالتأكيد انتباه الجمهور".

ومنذ إعادة افتتاحه في نهاية سبتمبر/أيلول، جذب دوموس تيبريانا حوالي 400 ألف زائر، محققا بذلك "نجاحًا كبيرًا"، على حد قول روسو، مضيفة أنها تعتقد أن هذا التجسيد لدوموس تيبريانا يقدم للزوار الزيارة الأكثر "إثارة للذكريات" منذ أجيال.

وعلّق جورجيو فرانشيتي، عالم الآثار والباحث في روما القديمة، لـCNN بالقول، إنه من خلال إعادة افتتاح مجمع دوموس تيبيريانا، استعادت روما "جوهرة مفقودة". وقال في مقابلة: "لطالما كانت هضبة بالاتين مسرحًا لسياسة القوة في روما. ويحتمل أن تيبيريوس اختار هذا المكان لبناء القصر لأنه كان مكان إقامة عائلته".

إيطالياآثاررومامتاحفنشر السبت، 23 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: آثار روما متاحف فی روما من قبل

إقرأ أيضاً:

متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل يحتفل بمرور 121 عام على إنشائه

بمناسبة ذكرى مرور 121 عام على إنشائه، ينظّم متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل جولات إرشادية مجانية للزائرين المصريين وأنشطة وورش فنية للأطفال، بالإضافة إلى تنظيم معرض أثري مؤقت بعنوان "كنوز المرأة" يضم 20 قطعة أثرية من مقتنيات الأمير محمد على تضم مجموعة من الأحزمة ودبابيس الشعر ومرايات وأحذية وقباقيب وقنينة عطر ومنشة ومروحة. 

كما يُنظم المتحف معرض آخر عن الإدارة الزراعية بالمتحف يعرض بعض أنواع النباتات الموجودة فى حديقة القصر.

تعرف على قصر الأمير محمد علي بالمنيل: 

يُعد المتحف أحد أجمل وأهم القصور التاريخية في مصر، بدأت فكرة تحويله إلى متحف بعد وفاة الأمير تحقيقاً لوصيته. 

تم إغلاق القصر عام 2005، وأعيد افتتاحه بعد الانتهاء من مشروع ترميمه عام 2015، كما أعيد افتتاح متحف الصيد بالقصر عام 2017.

مصرع شابين إثر انهيار حفرة عليهما أثناء التنقيب عن الآثار بكرداسة

بدأ الأمير محمد على توفيق في بناء القصر عام 1903، ويتكون من سراي الإقامة، سراي الاستقبال، سراي العرش، المسجد، المتحف الخاص، متحف الصيد، برج الساعة، والقاعة الذهبية، جميعها بداخل سور ضخم شُيد على طراز حصون القرون الوسطي. أما باقي مساحة القصر فقد تم تخصيصها لتكون حديقة تضم عدد من الأشجار النادرة والنباتات التي جمعها الأمير من مختلف دول العالم.

قطعة أثرية

ويضم المتحف ما يقرب من 4730 قطعة أثرية فريدة تعكس صورة حية لما كانت عليه حياة أمراء الأسرة الملكية في مصر آن ذاك، من بينهم تحف نادرة منها سجاد وأثاث ومناضد عربية مزخرفة، وصور ولوحات زيتية لكبار الفنانين ومجوهرات ونياشين.

يقع القصر بجزيرة منيل الروضة كتحفة معمارية وفنية جامعة لعناصر الفنون الإسلامية المختلفة ما بين فاطمي ومملوكي وعثماني وأندلسي وفارسي وشامي، ليُمثل فترة هامة من تاريخ مصر الحديث، فهو مرجع هام لدارسي العمارة والفنون الإسلامية، كما إنه يظهر ثقافة الأمير محمد على توفيق ورؤيته لدمج الجمال الفني بالتاريخ. 

تعزيز أوجه التعاون المشترك بين مصر والسعودية في مجال الآثار

وقد بدأ الأمير محمد على توفيق عام 1903 ببناء القصر بعد أن وضع تصميماته الهندسية والزخرفية حيث انتهي في البداية من بناء سراي الإقامة ثم توالت أعمال البناء حتى انتهي من باقي سرايات القصر، كما أوصى بتحويله إلى متحف.

مقالات مشابهة

  • المخرج رامي القصاب لـ "الفجر الفني": "فيلمي « فقدان» مقتبس من قصة حقيقة.. ويسلط الضوء على قضايا اللاجئين والنزوح" (حوار)
  • من أساطير اليونان القديمة.. كريستوفر نولان يحضّر لفيلم ملحمي جديد
  • أسقف ايبارشية تورينو و روما يهني البابا فرنسيس بالميلاد
  • متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل يحتفل بمرور 121 عام على إنشائه
  • اليوم.. البابا فرنسيس يفتتح يوبيل «حجّاج رجاء»
  • «الثقافة» تحتفل بمرور 95 عامًا على تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون في «روما» |صور
  • المفتي: ما يحدث من الشعب الفلسطيني تجربة حية على عظمة الأوطان
  • وفاة ضابط في الحرس المالي بعد إطلاق النار على نفسه في روما
  • ‏ كواليس الأيام الأخيرة لانهيار حكم بشار الأسد
  • إعادة فتح نافورة تريفي بعد أعمال تنظيف استمرت أسابيع