عربي21:
2025-04-25@10:18:44 GMT

نُذُر الخطر في السودان

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

دخلت حرب الإخوة الأعداء في السودان (قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة) شهرها التاسع، وتمددت خلال الأيام القليلة الماضية في ولايات ظلت بعيدة عن مرمى النيران، والطرف الذي يبادر بالتمدد والهجوم هو الدعم السريع، ونقَل الحرب التي بدأت في الخرطوم إلى إقليم دارفور، ثم إلى ولايات كردفان، والنيل الأبيض والجزيرة (التسمية تعود لكون الأخيرة تقع بين نيلين، تماما كما ان جزيرة العرب ليست جزيرة، وسميت كذلك لكونها تقع بين البحر الأحمر والخليج العربي)، وحتى مدربو كرة القدم الهواة يعلمون أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، ولكن ظل الجيش السودان ومنذ اشتعال هذه الحرب في نيسان/ أبريل المنصرم، قابعا في ثكناته، أو ما تبقى منها ليصد هجمات الدعم السريع عليها.



وظلت قوات الدعم السريع تتقدم هنا وهناك طوال الأشهر الماضية، بينما واصل الجيش الوطني تقهقره هنا وهناك، ثم جاءته اللطمة الكبرى يوم الإثنين الموافق 18 كانون أول/ ديسمبر الجاري، حينما انسحب آلاف الضباط والجنود من مدينة ود مدني عاصمة إقليم الجزيرة، فوقعت لقمة سائغة في يد الدعم السريع، وفور حدوث ذلك، انسحبت كل القوات النظامية من الحصاحيصا وهي ثانية كبرى مدن الإقليم، فدخلها الدعم السريع دون قتال، وقبلها بيوم واحد كان الجيش "يلتحم" مع الشعب في ساحة السوق المركزي في ود مدني محتفلا بما أسماه النصر المتمثل في دحر وسحق الدعم السريع، في أطراف المدينة.

قبل نحو أسبوع من اجتياح الدعم السريع لود مدني، وقف عبد الفتاح البرهان قائد عام الجيش، ورئيس مجلس السيادة (رئاسة الدولة) خطيبا امام جند المدينة، مبشرا المواطنين بأن القيادة العسكرية في المدينة قامت بتجهيز 40 ألف متطوع، ليحاربوا جنبا الى جنب مع القوات المسلحة لسحق "تمرد الدعم السريع"، ومن ثم تذرع الدعم السريع بتفادي خطر الانسحاق، وقام بغزو المدينة، وكان ما كان من أمر انسحاب كافة القوات النظامية من المدينة، فخرجت قيادة الجيش على الناس ببيان عجيب، يقول إنها ستتقصى أسباب الانسحاب، على ما في هذا من اعتراف ضمني بأن التواصل بين وحدات الجيش، إما مفقود تماما، بحيث يتخذ قائد حامية إقليمية قرارات مصيرية دون الرجوع الى القيادة المركزية، أو أن هذه القيادة لا يطاع لها أمر، أو أنها وافقت على الانسحاب وتدعي عدم العلم به كي تنفي عن نفسها تهمة الهروب من مواجهة العدو.

تتهدد السودان حاليا عدة مخاطر، منها أن الحرب استنزفت موارده الشحيحة ودكّت معظم المرافق الخدمية والبنى التحتية، ومنها أن الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك صار في ضوء اعتبارات قبلية وجهوية، مما ينذر بتقسيم بلد فصلت حكومة عمر البشير المبادة ثلث مساحتهمن تطوعوا لمساندة الجيش في الحرب على الدعم السريع يتخذون اسم "المُسْتَنفَرون"، وقوام هذه القوة عناصر من حزب المؤتمر الوطني الذي حكم السودان ما بين عام 1989 و2019، وقائدها شاب اسمه المصباح، فاجأ الناس بتسجيل صوتي، قال فيه إن الجيش عجز عن تسليح آلاف المستنفرين، وإنه كان داخل مقر القوات المسلحة في ود مدني مسلحا ببندقية فيها طلقة واحدة فقط، عندما انتبه هو ومن معه إلى فرار بعض الجند، فما كان منه إلا أن تسلل خارج المقر، وسار في شوارع المدينة لساعات طويلة دون أن ينكشف أمره، حتى وصل إلى بلدة في أطراف المدينة، واستقل منها سيارة وابتعد عن المنطقة الساخنة.

وقف البرهان يوم الخميس الموافق الواحد والعشرين من الشهر الجاري أمام حشد من القوات في شرق السودان، متوعدا من أسماهم بالمتخاذلين والمتهاونين، ومبشرا بأن الجيش سينتصر على الدعم السريع "بالعزيمة والإصرار"، ثم خانه ذكاءه كما يحدث كثيرا، واتهم القوى السياسية بالتواطؤ مع الدعم السريع لتصل الى الحكم "عبر أشلاء الشعب السوداني"، وفي هذا إقرار بأن الحرب في جوهرها حول السلطة والثروة، فقد سبق للبرهان أن دبر مجزرة في 3 حزيران/ يونيو 2019 عندما كان رئيسا لمجلس عسكري جلس على كرسي الرئيس المخلوع عمر البشير، بحق القوى المدنية التي أسقطت حكم البشير، ثم كان المتوافق عليه بين العسكر والقوى السياسية أن يرحل البرهان عن منصب رئيس مجلس السيادة بنهاية عام 2021، فما كان منه ونائبه في رئاسة المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلا أن نفذا انقلابا في 25 تشرين أول/ أكتوبر من تلك السنة، وزجا برئيس الوزراء المدني والوزراء وعدد من القادة السياسيين في السجون، وظل عاجزا عن تشكيل حكومة بعد تنامي الرفض الشعبي للانقلاب، فكان أن توافق مكرها مع القوى المدنية، على نقل السلطة إليها في نيسان/ أبريل المنصرم، وكان حميدتي وقتها قد دخل في خصومة فاجرة معه، وأعلن انحيازه لخيار الحكم المدني التام، فلم يجد البرهان سبيلا لنقض التوافق سوى الحرب، متذرعا بأن الغاية منها انهاء وجود قوات الدعم السريع كجيش موازٍ للجيش الوطني.

تتهدد السودان حاليا عدة مخاطر، منها أن الحرب استنزفت موارده الشحيحة ودكّت معظم المرافق الخدمية والبنى التحتية، ومنها أن الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك صار في ضوء اعتبارات قبلية وجهوية، مما ينذر بتقسيم بلد فصلت حكومة عمر البشير المبادة ثلث مساحته، لتقوم دولة جنوب السودان، ومنها ـ وهو السيناريو الأكثر رجحانا ـ أن تأخذ قوات الدعم السريع العزة بانتصاراتها الميدانية، لتفرض نفسها لاعبا رئيسا في معادلة حكم السودان في فترة ما بعد الحرب، ليصبح آل دقلو (آل حميدتي) هم العائلة الحاكمة، وقد ظل طموح حميدتي في حكم السودان مفضوحا ومكشوفا، منذ أن أجلسه البرهان إلى جواره في قصر الحكم قبل أربع سنوات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السودان السودان امن معارك رأي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع منها أن ما کان

إقرأ أيضاً:

مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان

أدى الهجوم إلى مقتل العشرات بينهم نساء وأطفال بعد أن استباحت قوات الدعم السريع قرية الزعفة- وفق ما أعلنت شبكة طبية مستقلة.

الإضية: التغيير

لقي عشرات المدنيين مصرعهم وأصيب عشرات آخرون إثر هجوم نفذته قوات الدعم السريع على إحدى قرى محلية الإضية بولاية غرب كردفان- غربي وسط السودان.

وشهدت غرب كردفان المجاورة لإقليم دارفور، خلال الفترة الماضية، تحركات مكثفة لقوات الدعم السريع للسيطرة على مقرات الجيش في سياق حربهما الممتدة منذ منتصف ابريل 2023م، وذلك بعد الاستيلاء على مقراته في نيالا- جنوب دارفور وزالنجي وسطها والجنينة في الغرب والضعين شرقاً، فيما لا يزال الجيش يحتفظ بمقراته في مدينة الفاشر شمال دارفور.

وقالت شبكة أطباء السودان- طبية مستقلة- في بيان اليوم الخميس، إن قوة من الدعم السريع نفذت مجزرة بشعة ضد سكان قرية “الزعفة” بمحلية الأضية بولاية غرب كردفان.

وأضافت أن القوة قامت باستباحة القرية وتصفية 74 شخصاً بينهم 12 طفل و9 نساء، فيما أصيب 178 آخرين بجروح متفاوتة.

وأدانت الشبكة بشدة عمليات القتل التي تمارسها الدعم السريع بقرى غرب كردفان والتي لم تراع فيها لأبسط الحقوق الإنسانية التي تجرم قتل المدنيين العزل ونهب أموالهم وحرق مساكنهم.

وعبرت شبكة أطباء السودان، عن بالغ أسفها على الصمت الدولي تجاه جرائم الحرب الموثقة للدعم السريع والتي تمارسها ضد المدنيين العزل في كردفان ودارفور، وطالبت المنظمات الأممية والدولية بمزيد من الضغط على الدعم السريع لوقف هذه الانتهاكات- حسب البيان.

وبدأ الجيش منذ فترة استهداف مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في مناطق عديدة بإقليم كردفان، باستخدام الطيران الحربي والمسيرات.

وفي يوليو من العام الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع، السيطرة على اللواء 92 التابع للجيش السوداني وكامل منطقة الميرم بولاية غرب كردفان.

وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات متكررة وموثقة منذ اندلاع الحرب، بممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان واعتداءات ممنهجة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها أو التي تدخلها في حملتها لتوسيع نطاق الحرب، فيما ترد القوات بالنفي وتأكيد أن المواطنين في مناطق سيطرتها يعيشون في حرية وأمان.

الوسومالإضية الجيش الدعم السريع الزعفة السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور غرب كردفان

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • قصف كثيف وتوغل بري… هل اقترب سقوط الفاشر؟ .. خبير عسكري يؤكد أن الجيش السوداني جهز قوات كبيرة لفك الحصار عن المدينة
  • مساعد البرهان يبلغ مبعوث للامم المتحدة شروط توقف الحرب ضد الدعم السريع
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر  
  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • الجيش السوداني يكشف عن هروب مفاجئ لقوة تتبع  لـ”الدعم السريع” من الفاشر 
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎