بين بودابست والرياض.. رحلة سياحية غير
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
د. أحمد بن سعد آل مفرح
في موعدهما قدما “رست” و “موهاتش” إلى المركز الإسلامي بفيينا قبيل صلاة الجمعة لاستكمال حوار عن الإسلام، كنت في استقبالهما، لفت انتباههما رائحة الطيب والبخور بعدما دخلا المسجد، فأخذا نفساً عميقاً يوحي برضا وبشعور بدا على ملامحهما، هذه الرائحة الزكيّة أعادت لهما ذكرى رحلتهما الأخيرة في مايو الماضي إلى الرياض، وعند دخول المكتب شاهدا عبارة التوحيد التي تزين علم المملكة العربية السعودية في زاوية المكتب الشرقية حينها تحدث “موهاتش” وعبر عن مشاعره بشأن رحلتهما إلى المملكة، ثم قُدمت لهما القهوة السعودية التي نجهزها للزوار بعد صلاة الجمعة وتقدم مع تمرالخلاص، هدية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، ذكرهم كل ذلك بالبيت السعودي واستقبال الضيوف بالبخور والقهوة والترحاب، ولم يكتما شعورهما بأثر تلك الزيارة التي كانت مفتاحاً لهما للتعرف على الإسلام وعلى الثقافة السعودية، حيث أتيحت لهما فرصة التجوال أياماً في ربوع المملكة واستمتعا بالضيافة في منازل بعض الأسر السعودية، فشاهدوا أصنافاً من الكرم وعاشوا حفاوة استقبال الناس وطيب معشرهم، ليس في الرياض بل وفي جدة والعلا ومابينهما من محطات توقف واستراحات، أدركا أن مستوى الكرم والضيافة المقدم هي سمة متأصلة في المجتمع، فالكل يتسابق على الخدمة ويتنافس على تقديم ثقافة المجتمع وهويته ودينه، الجميع هناك يرغبون الخير للجميع، هذا يأتي بكتب وهذا يأتي بقصة وثالث بهدية، ويأسرك الجميع بطبيعة التعامل الفطري وسمو الأخلاق، وإذا حان وقت الصلاة انفضوا عنك ولبّوا النداء ويعودون وعلى وجوههم علامات الرضا والسعادة، ويعودون لحياتهم الطبيعية دون تكلف أوعناء مع أنهم يصلون خمس مرات يومياً، يعودون لتبادل الضحكات والقيام بالواجبات وتسير حياتهم بشكل سلس وطبيعي.
أخبار قد تهمك خبير في الطقس والمناخ: متوقع هطول أمطار من خفيفة لمتوسطة على أجزاء من شمال الرياض والشرقية 23 ديسمبر 2023 - 1:12 مساءً ضبط 16899 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع 23 ديسمبر 2023 - 1:04 مساءً
يقول “موهاتش” عشنا في المملكة نحو عشرة أيام جعلتنا نتأكد أن هذا المجتمع وما يعيش فيه من سعادة وطمأنينة يحوم حول سر واحد، واستطعنا بحكم تجولنا ومعرفتنا بالكثير من الثقافات أن الإسلام هو القاسم المشترك لسعادة هؤلاء الناس؛ ويضيف: “نعم أتينا للسياحة وزيارة المعالم في المملكة، ولكن ما المانع أن نعرف أكثر عن الإسلام وثقافة هؤلاء الناس، فقررنا الاستزادة وتجاهلنا أثر الصور الذهنية السلبية عن الإسلام والمسلمين في ماكنتنا الإعلامية الغربية، ففتحنا قلوبنا وصدورنا للحوار وأرخينا أسماعنا للأذان؛ ومتابعة بعض الصلوات ومشاهدة السجود والركوع في المساجد”.
وتضيف “رست”: “لقد شعرنا بقيمة الحياة ومعنى الروح الحقيقية التي تسري في أجساد هؤلاء الناس البسطاء السعداء وربطنا ذلك بحياتنا في بودابست، وشتان مابين المجتمعين، في مجتمعنا الناس يسيرون فيه كآلة مبرمجين ومسيرين عن بعد يسيرهم غيرهم بريموت كنترول لا يملكون قراراتهم بأنفسهم -على الرغم عن ما يقال أن شعوب الغرب أحرار وديموقراطيين- بل أن مصيرنا وضعناه بيد بشر مثلنا ولكنهم يملكون قوة سلطوية؛ اقتصادية أو دينية أو حزبية، فلا يرحمون ولا يشفقون ولا يقدرون، بينما الناس هنا في السعودية مختلفون، فرابطتهم قوية بالخالق وهو الذي يسير حياتهم كبيراً أو صغيراً، الجميع متساوون وراضون بالعبودية للخالق ولاطاعة لغيره ولا يتحكم في مصيرهم سواه في رحلتهم الروحية والدنيوية، وهذا هو السر الذي نفقده في الغرب، غاب الاهتمام بالروح، فأصبحت المادة كل شيء!.
جاءا “موهاتش” و “رست” إلى المركز وعبروا عن سعادتهم منذ الدخول إليه حيث ربطهم المكان بالمجتمع الإنساني السعودي – على حد تعبير رست – وهما هنا اليوم طواعية ورغبة في المزيد من المعلومات، لتأكيد خطواتهم القادمة، وبعدشرح مستفيض حول معنى الإسلام وربطه باستسلام المرء بالخالق وليس بالبشر وأثر ذلك على السلام الذاتي الداخلي والخارجي العام للفرد والجماعة، ومعنى الإيمان وأهميته والذي ينتقل به المرء إلى النطق مشافهة بالشهادة ثم التحول إلى الممارسة العملية للإسلام من خلال الصلاة والزكاة والصيام والحج، وأن الصلاة هي بمثابة الرابط والصلة بين الخالق سبحانه وتعالى والمخلوق دون وسيط ولا معرّف، وهي فعل علني معاش، وبعد الشرح لأركان الإسلام الخمسة وأركان الإيمان الستة، أدركا وتأكدا بأن الإسلام هو خيارهما وأنه لا مجال للتردد أو للتراجع أو حتى التسويف، فقد ثبت لهما من خلال المعايشه المباشرة في المملكة بأن الإسلام دين حق وأنه للجميع وأن الله سأوى بين الكل في الخلق والتكليف والثواب والعقاب، فلا فرق بين أحد ولا فضل لأحد من البشر على أحد، ثم أن السعادة الدنيوية أمر محصل ومكتسب ومقدر للإنسان بشكل ملموس لا مجال لإنكاره، وأن الحياة الأخروية محددة الملامح ودقيقة الوصف في الإسلام وأن البشر مقبلون عليها من خلال الموت الحتمي للجميع، فمن سلم أمره في الدنيا لله وعاش وفقاً لناموسه ومنهجه الذي جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، فقد كفل الله له حياة دنيوية سعيدة ونجاة في الآخرة وفوز ورضوان لا يعدله شيء.
وبعد جولة من الأسئلة والإجابات والتعليقات، ما كان منهما إلا أن نطقا بالشهادة بين دموع الفرح وشعور غامر بالسعادة لمس ذلك من كان حاضراً في ذلك المجلس، وعلى الفور شاركت “رست” النساء في المصلى الخاص بهن، وانضم “موهاتش” للمصلين في صلاة الجمعة، وعادا من الصلاة إلى المكتب وهما يشعران بأنهما ليسا على الأرض، وكأنهما يطيران، شعور لم يستطيعا وصفه ولكن عبرت عنه فيض مشاعرهما ومغالبة دموعهما، ثم توج اللقاء بجمعهما بزواج شرعي اكتملت به سعادتهما، فلله الحمد والشكر والثناء الحسن.
إن فتح الزيارة للسياح في المملكة آتى ثماراً يانعة لتعريف الناس بدين الله، وثبت للعالم كرم وطيبة وحفاوة شعبنا الكريم وتمسكه بقيمه وثوابت دينه، وتبين أن تلك اللمسات الكريمة والحفاوة الأصيلة قد لامست شغاف قلوب الزوار، واستشعروا عمقها، وعاشوا قيم مجتمعنا وهويته وثقافته دون رتوش أومحسنات وقتية، وعلموا أن الإسلام هو الذي علمنا وربانا على إكرام الضيف وحسن رعايته وأهمية التعايش مع الآخر وإبراز سماحة ديننا الحنيف وحرصه على السلم والسلام وإسعاد البشرية، وهذا مصداقاً لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم القائل : “إنما بعثت متمما لمكارم الأخلاق”، فعلينا أن نحرص على التواصل مع السياح وإكرامهم وأن نبرز لهم محاسن ديننا العظيم وذلك بالتعامل الراقي الحسن ودعوتهم إليه بالحكمة متى ما سنحت الظروف دون جبر أو اكراه، كما وجهنا الله سبحانه وتعالى القائل: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” الآية.
23 ديسمبر 2023 - 1:23 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد23 ديسمبر 2023 - 1:03 مساءًفرع وزارة الرياضة بتبوك يختتم فعاليات أول بطولة لقفز الحواجز بالمنطقة أبرز المواد23 ديسمبر 2023 - 1:01 مساءًمنظمة التعاون الإسلامي ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي للسماح فورًا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن للشعب الفلسطيني أبرز المواد23 ديسمبر 2023 - 12:57 مساءًالهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تفعّل مبادرة استخدام وسائل النقل الخفيفة أبرز المواد23 ديسمبر 2023 - 12:54 مساءًأبوالغيط: قرار مجلس الأمن الداعى لهدنة إنسانية بقطاع غزة جاء متأخرًا يكتبون23 ديسمبر 2023 - 12:41 مساءًاستدامة الرأي23 ديسمبر 2023 - 1:03 مساءًفرع وزارة الرياضة بتبوك يختتم فعاليات أول بطولة لقفز الحواجز بالمنطقة23 ديسمبر 2023 - 1:01 مساءًمنظمة التعاون الإسلامي ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي للسماح فورًا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن للشعب الفلسطيني23 ديسمبر 2023 - 12:57 مساءًالهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تفعّل مبادرة استخدام وسائل النقل الخفيفة23 ديسمبر 2023 - 12:54 مساءًأبوالغيط: قرار مجلس الأمن الداعى لهدنة إنسانية بقطاع غزة جاء متأخرًا23 ديسمبر 2023 - 12:41 مساءًاستدامة الرأي خبير في الطقس والمناخ: متوقع هطول أمطار من خفيفة لمتوسطة على أجزاء من شمال الرياض والشرقية تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2023 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أن الإسلام فی المملکة مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الرياضة في الإسلام.. النبي يسابق زوجته وعلي يرفع أثقل الأبواب
قبل أن تكشف الأبحاث العلمية الحديثة فوائد ممارسة الرياضة وأهميتها في حياة الإنسان، أولى الإسلام النشاط الرياضي والقوة البدنية أهمية خاصة، وحث القرآن والسنة النبوية عليها.
وفي الماضي كانت الأعمال اليومية البدنية العادية للمسلمين وبعض الرياضات كالسباق والمشي وركوب الخيل والصيد والسباحة وغيرها مصدر قوتهم، أما في العصور الحديثة ورفاهية الحياة فقد أصبحت ممارسة الرياضة هي من تمنح الإنسان طاقة وحيوية تمكنه من أداء عباداته وأعماله اليومية بكفاءة عالية، وتوفر له فرصة للتخلص من التوترات النفسية والجسدية التي قد تترتب على ضغوط الحياة.
وهناك آيات عديدة في القرآن الكريم تتضمن إشارات واضحة تشجع على النشاط البدني والحفاظ على الصحة، منها قول الله في سورة الأنفال: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ" (60)، في إشارة وجوبية إلى ضرورة التحضير والتدريب البدني للمسلمين لملاقاة الأعداء.
أما في السنة النبوية، فقد وردت عدة أحاديث تؤكد على أهمية الرياضة، من أبرزها الحديث الشريف الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير".
إعلانهذا الحديث يُظهر تفضيل الإسلام للمؤمن القوي بدنيا ومعنويا، وهذا يشجع المسلمين على ممارسة الرياضة التي تؤدي إلى تقوية الجسم والعقل.
والروايات التي تسلّط الضوء على القوة البدنية الخارقة للصحابة كثيرة، ومنها قصة أشبه بالمعجزة عندما رفع علي بن أبي طالب باب حصن خيبر الضخم، في أشهر الأحداث التي وقعت خلال معركة خيبر في السنة السابعة للهجرة.
ودارت معركة خيبر بين المسلمين واليهود الذين كانوا يقطنون في خيبر المحصنة شمال المدينة المنورة، وكان أبرزها حصن "النطاة" الذي كان له باب ضخم وثقيل، وكان يُعتبر من أهم الحصون وأكثرها قوة.
وقد تعرض المسلمون لصعوبات كبيرة في اختراق الباب بسبب ضخمته وثقله، حتى دعا النبي صلى الله عليه وسلم للقتال في أحد الأيام الحاسمة، وقال "لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، ثم سأل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسلمه الراية.
توجه علي مع الصحابة إلى الحصن وعند وصوله إلى بابه الضخم، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم برفع الباب. وقد قام الإمام علي، وهو شاب قوي البنية، برفع الباب بيده وهو ثقيل جدا، ففوجئ المسلمون بهذه القوة الخارقة، ليتم فتح الحصن بعد ذلك وانتصار المسلمين في معركة خيبر المهمة في تاريخ الفتوحات الإسلامية.
الرياضات المفضلة في الإسلامكانت هناك عدة أنواع من الرياضات التي مارسها المسلمون الأوائل وتدربوا عليها وامتدت للأجيال التالية، بل ومنها بعض الرياضات التي تمارس حتى الآن لكن تم تطويرها.
وفيما يلي أبرز هذه الرياضات:كانت السباقات من أبرز الرياضات التي مارسها المسلمون الأوائل وحرص عليها حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تسابق مع زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها في قصة معروفة في السيرة النبوية.
إعلانوقد جاء في صحيح مسلم أن السيدة عائشة قالت "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فسبقته فعدوت، فلما رجعت إلى مكة بعد ذلك، جاءت قافلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "تعالي، نبدأ السباق". فعدوت مرة أخرى وسبقته".
وهذا السباق كان نوعا من اللعب والتسلية، ولم يكن فيه أي نوع من التنافس الجاد. وعلى الرغم من ذلك، عندما تأخرت السيدة عائشة في سباق آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم مازحا لها "هذه بتلك".
وتعد هذه القصة من اللطائف التي تظهر المودة بين النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته السيدة عائشة، وتبرز أيضا الجانب الإنساني في حياة النبي مع زوجاته.
واشتهر الصحابي سلمة بن الأكوع بالسرعة والتحمل، حتى إنه جرى لنحو 4 ساعات بل وسبق الخيل في بعض الروايات وقام ببطولات جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة" (صحيح مسلم).
المصارعةكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشجّع على المصارعة كرياضة بدنية تعزز القوة والتحمل، وفي العديد من الروايات، ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم مارس المصارعة مع بعض الصحابة.
حديث المصارعة للنبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى مواقف عدة من المصارعة التي حدثت في حياته، ومن أشهر هذه الأحاديث ما رواه الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، حيث حدث عن مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي رفاعة بن رافع.
في هذا الحديث، قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمارس المصارعة مع الصحابة، وكان يُظهر قوتَه الجسدية ومهاراته، ولكن كانت المصارعة غالبا في سياق اللعب والترفيه، دون نية أذى.
وهناك حديث في صحيح مسلم عن الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال "لعبتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في المصارعة فصرعني" أي هزمه.
وروى أبو بكر الشافعي بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن يزيد بن ركانة (أحد كفار قريش كان مشهورا بالقوة البدنية) صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم فلما كان في الثالثة قال: "يا محمد ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقام عنه رسول الله وردَّ عليه غنمه".
إعلان سباق الجمالسباق الجمال كان وما زال من الرياضات التي يحرص عليها العرب، وهناك الكثير من وقائع سباقات الجمال، ومنها واقعة مشهورة في التاريخ الإسلامي حدثت في معركة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة، عندما سبقت "القصواء"، وهي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ناقة لكفار قريش. وكان ناقة النبي هي التي تسبق، مما عده المسلمين فألا حسنا في المعركة التي حسمت لصالحهم رغم قلة عددهم وعتادهم مقارنة بعدوهم، بمدد من الله.
الفروسية من أبرز الرياضات التي شجع عليها الإسلام، ليس فقط كرياضة بدنية، بل كمهارة قتالية أساسية أيضا، وحظي الفرسان وبطولاتهم بمكانة كبيرة في تاريخ المعارك والغزوات الإسلامية التي جابت العالم، إذ كانت الفروسية والخيل من أساسيات حياة المسلمين، وكان يتم التدريب عليها بشكل مستمر لضمان القدرة على أفضل مشاركة في المعارك والغزوات.
الرمايةقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"، والرماية كانت ولا تزال تعتبر من المهارات المهمة حتى إنها إحدى الرياضات الأولمبية سواء على مستوى الرماية بالقوس والسهم، كما كان على عهد المسلمين الأوائل الذي رموا بالرماح أيضا، أو بالمسدس والبندقية التي اكتشفت بعد مئات السنين، وكان الرماة المهرة أصحاب مكانة بارزة في الإسلام، ويقدرهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وورد في صحيح مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما من الحبشة يفرجون بين أيديهم بالرماح في المسجد فقال: ما لهم؟ قالوا: هؤلاء الحبشة يلعبون. فقال: دعوهم. ثم قال: إذا مرّ هؤلاء القوم فاقبضوا عليهم، فإنهم أهل لعب".
هذا الحديث يتحدث عن مجموعة من الأحباش الذين كانوا يمارسون نوعا من الرماية أو اللعب في المسجد النبوي، وكانوا يستخدمون الرماح كجزء من هذا اللعب، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بل كان يشاهدهم.
ويقول الدكتور كمال أصلان، أستاذ الأخلاق والفكر الإسلامي، إن الإسلام شجع على ممارسة الأنشطة البدنية لتقوية أجسامهم والمنافسة والترويح عن النفس، ولكن في ظل ضوابط شرعية ومنها عدم الاختلاط بين الجنسين وألا تشغل عن العبادات المفروضة.
إعلانويضيف أن الرياضة في الإسلام أكثر من مجرد نشاط بدني إذا مورست بنية صالحة ووفق ضوابط شرعية، إذ تصبح تعبدا لله الذي أمر عامة المسلمين بتقوية أبدانهم في الآية "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"، لأن النشاط البدني يقوي الجسم ويعزز الصحة العامة كما أثبتت الأبحاث الحديثة.
ويشير الدكتور أصلان إلى أن بعض الصحابة لو كانو يشاركون في السباقات العالمية الحالية لحققوا أرقاما قياسية خارقة بطبيعة تكوينهم البدني، كعلي بن أبي طالب في رفع الأثقال وسلمة بن الأكوع في الضاحية والعدو، وغيرهم من أبطال الإسلام عبر التاريخ.