لأجل المياه الدافئة.. هل يُشعل آبي أحمد حربا في البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
في يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" خطابا أمام البرلمان تحدث فيه عن الضرورة الوجودية لوصول دولته الحبيسة جغرافيًّا إلى المياه الدافئة مرة أخرى (1)، وذلك عبر ميناء سيادي على ضفاف البحر الأحمر عن طريق إريتريا أو الصومال أو جيبوتي. وقد استشهد آبي أحمد في حديثه بمقولة "علولا أنغيدا" (المعروف بـ"آبا نيغا")، القائد العسكري الإثيوبي في القرن التاسع عشر، الذي قال إن "البحر الأحمر هو الحدود الطبيعية لإثيوبيا".
أتى الرد الرسمي من الدول الثلاث التي ذكرها آبي أحمد في خطابه بالرفض القاطع، حيث تحدث وزير الدولة للشؤون الخارجية في الصومال عن السيادة المقدسة للبلاد على أصولها البرية والبحرية والجوية (2)، في حين قالت جيبوتي على لسان مستشار رئيسها إن سلامة أراضيها ليست محل نقاش اليوم أو غدا (3). وقد أتى الرد الإريتري أشد منهما، حيث صدر بيان مقتضب لم يتعدَّ أربعة أسطر عن وزارة الإعلام الإريترية دون ذكر اسم آبي أحمد أو منصبه، واصفا خطابه بأحاديث القيل والقال حول المياه والمنافذ البحرية، وناصحا المتابعين بعدم الانجرار وراء تلك الأقاويل، مضيفا أن الحكومة الإريترية لا تعير تلك الدعوات أهمية تُذكر (4).
تبع ذلك البيان تجاهل مُتبادل بين الرئيس الإريتري أفوِرقي وآبي أحمد أثناء القمة السعودية-الأفريقية التي انعقدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في الرياض، فلم يُرصَد أي لقاء أو محادثات ثنائية بين الرجلين، رغم أن كليهما عقد لقاءات منفردة مع بقية زعماء ورؤساء دول القارة الحاضرين في المؤتمر، ما عزَّز التكهنات حول اقتراب نهاية حقبة الهدوء بين البلدين الجارين، وبدأ العد التنازلي لحرب جديدة بينهما، يشُنها آبي أحمد، الرجل الذي نال جائزة نوبل عام 2019 على جهوده في التوصُّل إلى اتفاق سلام مع إريتريا.
إثيوبيا تبحث عن منفذ بحري يُمثِّل امتلاك منفذ بحري لإثيوبيا على البحر الأحمر هدفا للإدارات الإثيوبية المتعاقبة منذ تحوَّلت إثيوبيا إلى دولة حبيسة، حيث يضمن لها ذلك وجودا دائما على ضفاف هذا الممر الإستراتيجي (الجزيرة)
تنظر إثيوبيا إلى منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل والبحيرات العظمى بوصفها منطقة نفوذ إقليمي تسعى فيها لإبراز هيمنتها وتوسيع نفوذها لكي تصبح أحد أقطاب القارة الأفريقية، وتعتبر أن الحصول على منفذ بحري سيادي لها على البحر الأحمر إحدى أهم أدوات تحقيق هذا الهدف، وهناك ثلاثة أسباب رئيسية لهذا المسعى: إستراتيجي-جيوسياسي، وعسكري-أمني، واقتصادي.
على المستوى الإستراتيجي والجيوسياسي، يُمثِّل امتلاك منفذ بحري لإثيوبيا على البحر الأحمر هدفا للإدارات الإثيوبية المتعاقبة منذ تحوَّلت إثيوبيا إلى دولة حبيسة، حيث يضمن لها ذلك وجودا دائما على ضفاف هذا الممر الإستراتيجي؛ ما يترتب عليه تسهيل تجارتها مع العالم الخارجي، ولعب دور في معادلة أمن البحر الأحمر، وامتلاك قاعدة بحرية إثيوبية (قد تكون بدعم غربي) بالقرب من مضيق باب المندب بحجة تعزيز التجارة الإثيوبية وحماية مرور التجارة الدولية والملاحة البحرية، خاصة أن أديس أبابا لديها شعور بالسخط بعد تجاهلها من قِبَل مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي تأسس في يناير/كانون الثاني 2020، ويضم مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال من الضفة الأفريقية للبحر الأحمر، والسعودية والأردن واليمن من الجانب الآسيوي (5).
قد يضمن المنفذ البحري لأديس أبابا في الوقت نفسه زيادة اعتماد القوى الدولية الفاعلة في المنطقة عليها كي تستعيد ثقة الغرب، لا سيما بعد تراجع العلاقات بين الطرفين بسبب تداعيات الحرب الإثيوبية الأخيرة في إقليم تيغراي شمالي البلاد، إضافة إلى ما يحققه ذلك من تنويع لخياراتها الإستراتيجية بدلا من الاعتماد على ميناء جيبوتي وحده، تحسُّبا لأي تحولات محتملة في العلاقات مع الأخيرة في المستقبل في ظل تعقُّد التفاعلات الإقليمية في القرن الأفريقي، لا سيما مع وجود مخاوف إثيوبية من تزاحم القوى الدولية في جيبوتي، وما ينطوي عليه من تناقضات مصالح الأطراف المختلفة، التي قد تهدد النفوذ الإثيوبي.
على المستوى العسكري والأمني، يتيح الوجود الدائم على ضفاف البحر الأحمر لإثيوبيا أن تحافظ على أمنها القومي بفاعلية أكبر، إضافة إلى تعزيز قدرتها على التدخل في مناطق أخرى. وفي هذا الإطار أعلن آبي أحمد عام 2019 نية بلاده إعادة تأسيس القوة البحرية الإثيوبية بمساعدة فرنسية، بعد أن فُكِّكت في أواخر تسعينيات القرن الماضي على إثر تحوُّل إثيوبيا إلى دولة حبيسة (6). كما أُسِّس المعهد البحري الفني الإثيوبي بهدف تخريج مهندسين وبحارة على قدر من المهارة والتدريب المتميز، وقد قام المعهد بالفعل بتخريج أولى دفعاته منتصف العام الحالي (7). بالإضافة إلى ذلك، يُعزز امتلاك أديس أبابا منفذا بحريا قدرتها على التصدي لمحاولات بعض القوى الإقليمية المناوئة لها الوجود العسكري في باحتها الخلفية، من خلال تأسيس قواعد عسكرية وبحرية بالقرب من إثيوبيا، مثل إريتريا وجيبوتي والصومال.
إن تعدد المنافذ البحرية لأديس أبابا على المياه الدافئة للبحر الأحمر يعالج نقطة ضعف عسكرية عند أديس أبابا قد يستغلها خصومها الداخليون والخارجيون في أي مواجهة مستقبلية، تماما مثلما فعلت جبهة تحرير شعب تيغراي عندما حاولت قطع الطريق الواصل بين إثيوبيا وميناء جيبوتي في الحرب التي دارت رحاها في السنوات الماضية (8). فضلا عن أن المنفذ يُمكِّن إثيوبيا من لعب دور محوري في المعادلة الأمنية بالقرن الأفريقي، حيث دأبت أديس أبابا على تسويق نفسها للقوى الدولية بوصفها شرطيَّ المنطقة، وهو ما تجلى في مشاركة القوات الإثيوبية باستمرار ضمن قوات حفظ السلام الأممية وقوات الاتحاد الأفريقي المنتشرة في الصومال والسودان وغيرهما.
أخيرا، وعلى المستوى الاقتصادي، فإن مضيق باب المندب إلى الجنوب وقناة السويس إلى الشمال يستقبلان نحو 12% من إجمالي تجارة النفط المنقولة بحرا، ونحو 8% من شحنات الغاز الطبيعي المسال عالميا (9)، ولذلك فإن أحد أهداف إثيوبيا من تأمين منفذ بحري سيادي في هذا الموقع هو التحوُّل إلى مركز صناعي ولوجيستي إقليمي، ما ينعكس بالإيجاب على نمو اقتصادها، ومن ثمَّ يعزز نفوذها في القرن الأفريقي، إذ يجعلها قادرة على ربط اقتصادات دول المنطقة بالاقتصاد الإثيوبي وترسيخ حضور أديس أبابا وهيمنتها، كما يجعلها مقصدا للاستثمارات الأجنبية، فضلا عن خفض رسوم استخدام ميناء جيبوتي الذي يكلف الموازنة العامة الإثيوبية مليارَيْ دولار سنويا.
بعد أن أوضحنا ما يمكن أن نطلق عليه تحدي الدولة الحبيسة، وأهمية وجود منفذ بحري في مشروع إثيوبيا الإقليمي المنشود من أجل الهيمنة على القرن الأفريقي، من المهم أن نرصد تحركات أديس أبابا نحو تحقيق هدفها. وهناك مسارات تبدو متناقضة تسلكها إثيوبيا في مساعيها، أولها مسار دبلوماسية الموانئ وتصفير المشكلات مع دول الجوار، وثانيها مسار المواجهة مع الجميع الذي انقلب إليه آبي أحمد بعد اندلاع الصراع مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
من دبلوماسية الموانئ إلى المواجهات المفتوحة استطاع آبي أحمد المحافظة على ثبات النمو المتسارع للاقتصاد الإثيوبي، الذي كان مصنفا وقت توليه السلطة بأنه أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم، حيث سجل عام 2019 معدل نمو بلغ 9% (الأناضول)
بالتزامن مع توليه السلطة عام 2018، أعلن آبي أحمد التحالف مع "جوهر محمد" القائد السياسي البارز لقومية الأورومو، أكبر الجماعات العِرقية في البلاد، كما أظهر مرونة وتفهما في التعاطي مع طلبات باقي القوميات، مثل الأمهرة والصوماليين الإثيوبيين وعدد من القوميات الجنوبية. وبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر فقط استطاع آبي أحمد الوصول إلى تسوية سلمية مع الرئيس الإريتري أسياس أفوِرقي أنهى بها عشرين عاما من الصراع بين الجارتين، وسط تفاؤل بقدرة رئيس الوزراء الشاب على تحقيق الاستقرار والسلام المفقود في المنطقة منذ عقود، وقبل نهاية عام 2018 أُعلِن عن تحالف سياسي ضم كلًّا من إثيوبيا وإريتريا والصومال (10). وقد بعث آبي أحمد أيضا برسائل طمأنة للجانبين المصري والسوداني فيما يخص الخلاف حول سد النهضة، بل ووصل الأمر إلى أن أقسم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في مؤتمر صحفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه لن يلحق الضرر بمصر، وتبع ذلك الإعلان عن استئناف المفاوضات مرة أخرى بين الدول الثلاث.
على مستوى الاقتصاد الكلي استطاع آبي أحمد المحافظة على ثبات النمو المتسارع للاقتصاد الإثيوبي، الذي كان مصنفا وقت توليه السلطة بأنه أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم، حيث سجل عام 2019 معدل نمو بلغ 9% (11). وعلى صعيد الاتفاقات التجارية والاقتصادية استطاعت إثيوبيا في خمسة أشهر من عام 2018 إبرام اتفاقات لتخصيص حصص لها في بعض الموانئ البحرية في منطقة القرن الأفريقي، إذ وقَّعت اتفاقا مع الصومال في يونيو/حزيران 2018 يتضمن استثمار إثيوبيا في أربعة موانئ بحرية بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، كما أبرمت اتفاقا مع جيبوتي في العام نفسه إبَّان أول زيارة خارجية لآبي أحمد لشراء حصة من ميناء جيبوتي، وذلك في مقابل استحواذ الحكومة الجيبوتية على حصص من بعض الشركات الإثيوبية، مثل شركة إثيوتيلكوم للاتصالات وشركة الكهرباء الإثيوبية وشركة الخطوط الجوية الإثيوبية (12).
بالإضافة إلى ذلك، وُقِّع اتفاق آخر مع السودان في مايو/أيار 2018 للوصول إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (13)، كما أعلنت هيئة موانئ دبي العالمية في مارس/آذار من العام ذاته توقيع اتفاق مشترك مع إقليم صوماليلاند وإثيوبيا يُمكِّن أديس أبابا من الاستحواذ على حصة نسبتها 19% في ميناء بربرة بإقليم صوماليلاند، علاوة على تطوير الطريق البري الرابط بين الأراضي الإثيوبية والميناء محل الاتفاق، وتحويل الطريق إلى مركز لوجيستي يخدم حركة التجارة بالميناء (14). كما أبرمت أديس أبابا اتفاقا مع كينيا في مايو/أيار 2018 يهدف إلى تسهيل حصول إثيوبيا على أراضٍ في جزيرة "لامو" جزءا من مشروع "لابسيت" (LAPSEET) الذي تبلغ تكلفته 24 مليار دولار ويهدف إلى ربط إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان.
ولكن رغم كل هذه الإنجازات التي حققتها دبلوماسية أديس أبابا، سرعان ما اتجه رئيس الوزراء الإثيوبي إلى الطريق المُعاكِس، مدفوعا بما جرى على مستوى الجبهة الداخلية. من المهم أن نفهم أن إثيوبيا تعاني من معضلة اندماج وطني عميقة ومتجذرة بين مكوناتها، حيث يعيش فيها 120 مليون نسمة تنقسم إلى أكثر من 80 جماعة عِرقية. وللتغلب على ذلك قررت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي سيطرت على السلطة بعد الإطاحة بنظام منغِستو العسكري في أوائل التسعينيات، تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية، وهو تحالف بين أربعة كيانات قومية: الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي مُمثلا لقومية التيغراي، وحزب الأورومو الديمقراطي مُمثلا لقومية الأورومو، وحزب الأمهرة الديمقراطي مُمثلا لقومية الأمهرة، وحزب الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا مُمثلا لعدد من القوميات الصغيرة في الجنوب. وقد اعتُمِدَت الصيغة الفيدرالية للحكم، وانقسمت البلاد إلى تسعة أقاليم لكلٍّ منها برلمان وحكومة وميزانية، والتزم آبي أحمد في شهوره الأولى بتلك المعادلة التي أمَّنت استمرار الدولة الاتحادية طيلة عقديْن ونصف، بل إن توليه السلطة بصفته أول حاكم من الأورومو جاء بهدف ضمان استمرار الفيدرالية التي تأثرت بسبب هيمنة التيغراي على السلطة في حزب الجبهة.
بدأ التحول عن هذا المسار في أواخر عام 2018، حين أُعلِن عن تدشين التحالف الثلاثي بين إثيوبيا بقيادة آبي أحمد وإريتريا بقيادة أفورقي والصومال بقيادة عبد الله فرماجو (15). وكانت الإستراتيجية الأساسية للتحالف هي تجاوز صيغة الحكم الفيدرالية الساعية لاستيعاب واحتواء التنوع العِرقي الواسع في البلاد، إذ رأى القادة الثلاثة بأنها تؤدي إلى إضعاف بلادهم وانعدام استقرارها. وبدلا من ذلك، فإنهم يفضلون محاربة المكتسبات الفيدرالية للجماعات العِرقية تمهيدا لتأسيس دولة قومية مركزية. وكانت تجربة عراب التحالف أفورقي الذي يحكم إريتريا منذ ثلاثة عقود عبر نظام شمولي بمنزلة نموذج قرر آبي أحمد وفرماجو الاقتداء به على ما يبدو.
بعد إعلان التحالف الثلاثي، شنَّ آبي أحمد حربه الأولى على قومية الأورومو التي ينتمي إليها متمثلة في جيش تحرير الأورومو، وفي ديسمبر/كانون الأول أعلن إلغاء حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الحاكم، وأسس حزب الازدهار (16). وفي خطوة استباقية لتأسيس حزبه قام آبي أحمد في أبريل/نيسان 2019 بعزل قيادات حزب الأورومو الديمقراطي، وكان في مقدمة المعزولين حاكم إقليم أوروميا ووزير الدفاع في الحكومة الاتحادية "لِمَّا مِغيرسا" (17). ثم أطلق الرجل حملة اعتقال واسعة ضد قيادات الأورومو السياسية والشعبية ومنهم جوهر محمد، رغم أن هؤلاء كانوا سببا مباشرا في وصول آبي أحمد إلى الحكم (18). ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة بين الطرفين حتى اللحظة رغم محاولات الوساطة، وآخرها جولة مفاوضات عُقدت أواخر نوفمبر/تشرين الثاني في تنزانيا بين ممثلي الحكومة وجيش تحرير الأورومو، انتهت دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين (19).
شنَّ آبي أحمد الهجوم الأعنف والأكثر دموية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في مواجهة قومية التيغراي متمثلة في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وذلك بمعاونة من حليفه الجديد أفوِرقي وقوات من قومية الأمهرة أبرزها ميلشيات فانو. وقد استمرت المعارك سنتين وراح ضحيتها أكثر من نصف مليون قتيل، إضافة إلى مليون نازح تقريبا، فضلا عن تدمير أهم البنى التحتية في إقليم تيغراي والانتهاكات الإنسانية المروعة التي سُجِّلَت غالبيتها من قوات الجيش الإريتري بقيادة أفورقي (20).
بعد مرور عامين من القتال، واستجابة للضغط الدولي والإقليمي المتزايد، عُقِد اتفاق سلام في مدينة بريتوريا بجنوب أفريقيا، ما أدى إلى إعلان وقف إطلاق النار، وحصلت أديس أبابا بفضل هذا الاتفاق على مساعدات من الاتحاد الأوروبي بلغت نحو 650 مليون يورو (21). وأخيرا أتت الحرب الأخيرة ضد ميليشيات فانو الأمهرية، الحليف السابق لآبي أحمد في حرب تيغراي، التي اندلعت في أبريل/نيسان الماضي على خلفية رفض هذه الميليشيات تسليم سلاحها للحكومة المركزية والانسحاب من إقليم تيغراي ودمج قواتها في الجيش الفيدرالي الإثيوبي تطبيقا لاتفاق بريتوريا، وما زال القتال مستمرا حتى وقتنا هذا (22).
انهيار التحالف الثلاثي الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (يسار) ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد (يمين) والرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو (أسوشيتد برس)
انهار التحالف الثلاثي بين آبي أحمد وأفوِرقي وفرماجو بعد اتفاق بريتوريا الذي رفضه أفوِرقي ضمنيا، حيث رفضت أسمرة انسحاب قوات الجيش الإريتري حتى الآن من إقليم تيغراي، واستمر تسجيل المذابح وانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين هناك (23). هذا بينما اختفى الطرف الثالث للتحالف عبد الله فرماجو من المشهد بعد أن فشلت مساعيه للاستمرار في الحكم، حيث أدى ذلك إلى نشوب نزاع مسلح وأزمة دستورية في مقديشو، انتهت بتولي "حسن شيخ محمود" رئاسة الصومال منتصف العام الماضي.
على صعيد أزمة سد النهضة وَصَل التوتر بين القاهرة وأديس أبابا إلى أعلى مستوياته، بعد أن فشلت جميع جولات التفاوض حول اتفاق ملزم لملء وتشغيل السد، مع استمرار إثيوبيا في عملية الملء المنفرد، حيث استكملت أديس أبابا أربع مراحل من الملء، وكثَّفت استعداداتها للملء الخامس على التوالي تزامنا مع فيضان العام القادم. ورغم انشغال الخرطوم بالنزاع الداخلي المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإن مشاهد جفاف المياه في أنهار السودان التي نتجت عن استمرار إثيوبيا في الملء فاقمت الغضب تجاه أديس أبابا، فضلا عن تجدد الاشتباكات المسلحة حول النزاع على إقليم الفشقة الحدودي منذ أواخر عام 2020 (24).
على المستوى الاقتصادي (25)، تأثرت إثيوبيا كثيرا بانقلاب آبي أحمد على التزامه بالمعادلة الفيدرالية، فقد انخفض معدَّل النمو بعد مستوياته القياسية عام 2019 إلى 5.3% فقط العام الماضي، وقفز معدَّل البطالة إلى 4% عام 2022. أما معدَّل التضخُّم فارتفع بشدة، وبلغ أعلى مستوياته طيلة العاميْن الماضيين، متجاوزا 30%. وبالنسبة لصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، فإنها سجَّلت انخفاضا بمعدل 2.90% نسبةً من إجمالي الناتج المحلي لعام 2022، ما مَثَّل انتكاسة للتحسن الملحوظ الذي طرأ عام 2021، وتراجعا حادا عن عام 2018.
تعثرت إثيوبيا أيضا في تنفيذ اتفاقيات التعاون التجاري والبحري وأُلغي بعضها، مثلما حدث مع اتفاقية ميناء بربرة التي ألغتها حكومة صوماليلاند في يونيو/حزيران 2022 بسبب عدم التزام الجانب الإثيوبي (26). أما أزمة الديون المتفاقمة فباتت تهدد بتخلف إثيوبيا عن السداد، حيث يبلغ حجم الديون للسنة المالية الحالية 2022-2023 نحو 28 مليار دولار، ما يُمثِّل نحو ربع الناتج المحلي للبلاد، كما وصلت تكلفة الفائدة على الديون المستحقة للعام الحالي إلى 1.6 مليار دولار، في وقت انخفضت فيه احتياطيات العملات الأجنبية إلى 1.5 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية فواتير الاستيراد لمدة شهر واحد على الأكثر وفقا لأحدث توقعات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، التي خفَّضت تصنيف إثيوبيا إلى (CC)، أي يفصلها عن إعلانها دولة متخلفة عن السداد درجة واحدة فقط (27).
سيناريوهات الصراع في شرق أفريقيا رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" والرئيس الجيبوتي "إسماعيل عمر". (مواقع التواصل)
على ضوء توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين إثيوبيا وجيبوتي قبل نحو شهر تقريبا، وبالنظر إلى ما يحتوي عليه التوسع الإثيوبي إلى ضفاف البحر الأحمر عبر الصومال من تعقيدات جيوسياسية وإقليمية، يمكننا أن نحدد وجهة طموحات آبي أحمد البحرية بشكل أكثر وضوحا. فقد صرح آبي أحمد مؤخرا أن بلاده ظلت تمتلك مينائين حتى تاريخ استقلال إريتريا، منوها بأن حصول بلاده على المنفذ البحري لا يُمثِّل انتهاكا للسيادة الإريترية، ما يرجح كفة إريتريا بوصفها هدفا للتوسع المنشود، ويضعنا أمام أحد سيناريوهين (28).
السيناريو الأول هو اندلاع الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، وهو ما تعززه الخلفية التاريخية للصراع بين البلدين منذ الستينيات، والضم القسري لأراضي إريتريا، الذي قام به آخر أباطرة إثيوبيا "هيلا سيلاسي"، مرورا بمصير النضال المشترك ضد حكم الجنرال منغِستو في التسعينيات بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بقيادة "ميليس زيناوي" والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا بقيادة أسياس أفورقي، وهو نضال تحول إلى حرب بين الرجلين نفسيهما بعد تولِّي كلٍّ منهما قيادة بلاده عام 1998. يُعزز ذلك السيناريو الحشد المتبادل لقوات الدولتين على الحدود، وتصاعد الاتهامات الإثيوبية ضد أفورقي بأنه يُدرِّب ويُسلِّح ميلشيات فانو الأمهرية، وإعلان إقليم تيغراي الإثيوبي استضافته جماعات معارضة إريترية ضد حكم أفورقي (19)، والسعي الإثيوبي الحثيث لتجميع العتاد العسكري (30)، وبالتزامن مع تحرُّك سياسي من أفورقي لتوطيد علاقاته بمصر وروسيا فيما يبدو أنه تحرك استباقي لمواجهة حلفاء أديس أبابا الغربيين، حيث إن توظيف التناقضات الإقليمية والدولية مهارة يجيدها أفورقي ويمارسها منذ ثلاثين عاما.
غير أن ما يعوق تحقق هذا السيناريو هو الأزمة الاقتصادية والداخلية التي يواجهها آبي أحمد، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية المرتفعة حاليا نتيجة لعملية "طوفان الأقصى" في الأراضي المحتلة، مُتمثلة في استهداف جماعة أنصار الله الحوثي للسفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ إسرائيل، ما قد يدفع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في القرن الأفريقي إلى التدخل لمنع فتح جبهة جديدة للصراع في المنطقة. وأخيرا، هناك سيناريو ثانٍ يتمثَّل في تصعيد الضغط دبلوماسيا وإعلاميا من جانب أديس أبابا، واستخدام آبي أحمد لاتفاق بريتوريا لحشد دعم إقليمي ودولي يُمكِّنه من التوصل إلى اتفاق آخر ملزم بشروط ميسرة يتيح له استخدام أحد موانئ دول القرن الأفريقي منفذا بحريا سياديا لإثيوبيا على البحر الأحمر. وختاما، فإن منطقة القرن الأفريقي بأهميتها الإستراتيجية وتداخلات المصالح الإقليمية والدولية بها تجعلها دوما مرشحة بقوة للانفجار في أي وقت، ما يجعل كل الخيارات مفتوحة على مصراعيها في المستقبل.
——————————————————————
المصادر:(1) Feature: “A population of 150 million can’t live in a geographic prison” – PM Abiy Ahmed
(2) Somalia Rebuffs Ethiopia’s Bid to Gain Direct Access to Red Sea Port
(3) Djibouti Latest Nation to Reject Ethiopia’s Red Sea Access Plea
(4) Eritrea press release
(5) آبي أحمد: سنحافظ على مصالحنا ” فيما بعد البحرالأحمر” … والأمن الإقليمي لا يتحقق دون إثيوبي
(6) اتفاق فرنسي اثيوبي على تأسيس القوات البحرية الاثيوبية
(7) #ASDailyScoop: Ethiopian Navy graduates members trained in various fields
(8) Ethiopia: Tigrayan forces claim major towns
(9) الحوثيون يواصلون هجماتهم على باب المندب.. فهل تتأثر أسواق النفط؟
(10) توقيع اتفاق تعاون بين أثيوبيا وإريتريا والصومال
(11) نمو إجمالي الناتج المحلي (% سنوياً)
(12) إعلام حكومي: إثيوبيا تخطط للاستحواذ على حصة في ميناء جيبوتي
(13) إثيوبيا تتوصل لإتفاق للاستحواذ على حصة في الميناء البحري الرئيسي للسودان
(14) إثيوبيا شريكا مع موانئ دبي العالمية وإدارة صومالاند في ميناء “بربرة”
(15) توقيع اتفاق تعاون بين أثيوبيا وإريتريا والصومال
(16) Eight Ethiopian Political Parties Sign to Join Prosperity Party
(17) How Abiy Ahmed Betrayed Oromia and Endangered Ethiopia
(18) الصراع في تيغراي: لماذا أرسل آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام قواته إلى ساحات القتال؟
(19) Ethiopia talks with Oromo rebel group end without deal for a third time
(20) Ethiopia’s Invisible Ethnic Cleansing
(21) Global Gateway: European Union launches Cooperation priorities with Ethiopia for peacebuilding, reconstruction and green transition
(22) Why Ethiopia’s Amhara militiamen are battling the army
(23) Ethiopia: Eritrean soldiers committed war crimes and possible crimes against humanity after signing of agreement to end hostilities – new report.
(24) السودان وإثيوبيا يتبادلان الاتهامات في تصعيد للصراع الحدودي
(25) بيانات البنك الدولي
(26) إثيوبيا تخسر حصتها بميناء بربرة
(27) Fitch Downgrades Ethiopia’s Long-Term Foreign-Currency IDR to ‘CC’
(28) Ethiopia’s prime minister wants a Red Sea harbour
(29) News: Global Eritrean opposition movement ‘Birged Nhamedu’ set foot in Ethiopia’s Tigray region
(30) Etiyopya’ya ihraç edilen AKINCI TİHA görüntülendi
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رئیس الوزراء الإثیوبی على البحر الأحمر التحالف الثلاثی القرن الأفریقی إقلیم تیغرای میناء جیبوتی تولیه السلطة توقیع اتفاق ملیار دولار بین إثیوبیا إثیوبیا على إثیوبیا إلى على المستوى آبی أحمد فی أدیس أبابا إثیوبیا فی إضافة إلى ن إثیوبیا على ضفاف فی القرن ع اتفاق فضلا عن بعد أن م مثلا عام 2018 عام 2019
إقرأ أيضاً:
هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟
المصدر: العربي الجديد الإنجليزية- جوناثان فينتون هارفي
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
كجزء من الصراع في غزة، تطورت جماعة الحوثيين المتمركزة في اليمن من تمرد محلي إلى قوة إقليمية قادرة على التأثير في الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر وتعطيل التجارة العالمية.
شمل هذا التحول هجمات بحرية غير مسبوقة ومرونة ضد الضربات الجوية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
يغير وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس الذي تم الإعلان عنه في 18 يناير/كانون الثاني استراتيجيتهم. وقد تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بمواصلة الهجمات على السفن الإسرائيلية مع الإشارة أيضًا إلى استعدادهم لتقليل الضربات ضد الشحن الدولي الأوسع.
منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، أطلق الحوثيون النار على الشحن الدولي المار عبر باب المندب – وهو نقطة اختناق حيوية مجاورة لليمن تمر من خلالها 10 في المئة من التجارة العالمية و30 في المئة من نفط وغاز العالم.
أدت أعمال الحوثيين إلى تحويل طرق التجارة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وهو بديل أكثر تكلفة ويستغرق وقتًا أطول من التنقل عبر المسار التقليدي للبحر الأحمر وقناة السويس.
خلال هذه الفترة، اتخذ الحوثيون خطوات للإشارة إلى ضبط النفس وإظهار الجدية في تقليل أعمالهم. أطلقوا سراح طواقم الشحن التي تم القبض عليها خلال رحلاتهم في البحر الأحمر، بما في ذلك أولئك الذين تم احتجازهم في وقت مبكر من ديسمبر 2023 عندما وجهت الجماعة أنظارها نحو الشحن الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، في 25 يناير، أطلق الحوثيون سراح أكثر من 153 سجينًا من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الذين تم القبض عليهم خلال الحرب في اليمن.
تعكس هذه الأفعال محاولة أوسع لتخفيف صورتهم وكسب الاعتراف الدولي. على الرغم من هذه التحركات، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان الحوثيون سيستمرون في تهديد الشحن في البحر الأحمر في المستقبل.
بعد أن أدى اليمين كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير، كان أحد أول أعمال دونالد ترامب في الشرق الأوسط هو إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في 23 يناير، ليس فقط بسبب هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر ولكن أيضًا بسبب هجماتهم المتقطعة بالطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل.
تطور الحوثيون كقوة إقليمية
كانت إحدى المطالب الرئيسية للحوثيين خلال الحرب في غزة هي وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث قاموا بتأطير أعمالهم في البحر الأحمر كعقوبات ضد إسرائيل وحلفائها الغربيين.
من خلال القيام بذلك، لم يسلطوا الضوء فقط على توافقهم مع القضية الفلسطينية، بل أعادوا اليمن إلى دائرة الضوء الدولي بعد ما يقرب من عامين من الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أبريل /نيسان 2022.
حازت هذه الاستراتيجية على دعم كبير من اليمنيين وسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يؤيدون فلسطين بشكل ساحق.
عززت هجماتهم المتقطعة على إسرائيل، بما في ذلك الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، صورتهم كمدافعين عن الفلسطينيين المحاصرين.
ومع ذلك، يجادل المحللون بأن أعمال الحوثيين كانت مدفوعة أكثر برغبة في تعزيز مكانتهم كقوة إقليمية بدلاً من التضامن الحقيقي مع غزة.
قال الباحث والمحلل اليمني نبيل البكيري لصحيفة “العربي الجديد” بنسختها الانجليزية: “لم يكن هدف الحوثيين دعم حماس والفلسطينيين في غزة بشكل حقيقي”.
وأضاف: “بدلاً من ذلك، كانوا يهدفون إلى تأكيد وجودهم الدولي من خلال استغلال هذه الأزمة لتأسيس أنفسهم كقوة إقليمية مهمة، مما يجبر العالم على الاعتراف بهم، حتى لو فعلوا ذلك من خلال تهديد السلام والأمن الدوليين.”
حذر الحوثيون من أنه إذا فشل وقف إطلاق النار الهش في غزة أو استؤنفت أعمال العنف، فسوف يزيدون من هجماتهم إلى مستويات سابقة، بما في ذلك استهداف أوسع للسفن الدولية. تبرز هذه التهديدات نيتهم في الحفاظ على النفوذ على الطرق البحرية الرئيسية وإبراز تأثيرهم.
محليًا، عزز الحوثيون السيطرة على شمال اليمن، وهي عملية جذرها عقود من الصراع.
وتوسع نفوذهم بشكل كبير خلال فترة ما بعد الربيع العربي، وبلغ ذروته مع استيلائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وإطاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأدت الحرب التي تلت ذلك مع التحالف الذي تقوده السعودية منذ مارس/آذار 2015 إلى تمكين الحوثيين من ترسيخ سلطتهم في شمال اليمن وسط انهيار الدولة.
لعب الدعم المستمر من إيران دورًا رئيسيًا، حيث قدمت طهران الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطويلة المدى، وعززت الروابط الأعمق مع الجماعة خلال وبعد الحرب. استمرت هذه الجهود حتى بعد وقف إطلاق النار في 2022، مما سمح للحوثيين بتعزيز قوتهم.
بالحديث عن قوة الحوثيين المتزايدة في المنطقة، أشار فريق خبراء الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى أن “تحول الجماعة إلى الأعمال البحرية زاد من نفوذها” في المنطقة.
وأضاف الفريق “مثل هذا الحجم من الهجمات، باستخدام أنظمة أسلحة على السفن المدنية، لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية”.
بعيدًا عن علاقاتهم مع إيران، قام الحوثيون بتطوير علاقات مع فصائل مختلفة عبر الشرق الأوسط. تشمل هذه التحالفات المقاومة الإسلامية المدعومة من طهران في العراق، حيث ادعى كلا الجماعتين المسؤولية عن الهجمات الصاروخية على حيفا، بما في ذلك مينائها الاستراتيجي، في يونيو/حزيران 2024.
علاوة على ذلك، هناك اقتراحات، مثل تلك الواردة من الاستخبارات الأمريكية، تشير إلى أن الجماعة قد تحالفت مع جماعة الشباب المتطرفة في الصومال لمناقشة التعاون العسكري.
نظرًا لتوسع نفوذ الحوثيين، فمن غير المرجح أن يتراجعوا عن البحر الأحمر. ويرجع ذلك ليس فقط إلى المكاسب السياسية والشعبية الناتجة عن هذه العمليات، ولكن أيضًا إلى الفوائد المالية الكبيرة.
“قدمت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر فرصة لهم لتحقيق نفوذ كبير على التجارة الدولية وجني حوالي 2 مليار دولار سنويًا كرسوم تفرض على بعض شركات الشحن لمنحهم المرور”، قال توماس جونيو، أستاذ مشارك في جامعة أوتاوا، لصحيفة “العرب الجديد” الانجليزية.
وأضاف: “نظرًا لطموحات الحوثيين في وضع أنفسهم كقوة إقليمية وتعزيز سلطتهم محليًا، فإنه من الصعب تصديق أنهم يمكن أن يتخلوا ببساطة ودون حدود عن الفرصة لمواصلة هذه الهجمات.”
ومع ذلك، مع تزايد طموحات الحوثيين الإقليمية، فإنهم يواجهون أيضًا تحديات محلية كبيرة. يعيش حوالي 70 في المئة من سكان اليمن تحت سيطرتهم، حيث تدهورت الخدمات وسبل العيش بشكل كبير، بينما لا يزال الغالبية يعتمدون على المساعدات الإنسانية بعد الصراع الوحشي الذي استمر سبع سنوات.
لذا، من الصعب تخيل أن الحوثيين سيتخلون طواعية عن دعمهم العلني للقضية الفلسطينية، حتى لو استمر وقف إطلاق النار في غزة.
“نظرًا لضعف الحوثيين المحلي، خاصة على الصعيد الاقتصادي، يمكننا أن نتوقع منهم الاستمرار في جهودهم العدوانية للتلاعب بالقضية الفلسطينية لحماية مصالحهم المحلية”، أشار الدكتور جونيو.
تهديد مستقبلي من الحوثيين
حتى إذا تراجعت عمليات الحوثيين على المدى القصير بعد توقف حرب إسرائيل على غزة، فمن المحتمل أن تهدف الجماعة إلى الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، فضلاً عن السعودية، في المستقبل، بفضل نفوذها الجديد في البحر الأحمر.
لم تؤد الغارات الأمريكية والبريطانية ضد الجماعة منذ يناير 2024، التي تهدف إلى تقليل ترسانتها العسكرية، إلى إضعافها بشكل كبير. حتى الهجمات الإسرائيلية، رغم أنها أضرت بالبنية التحتية اليمنية، لم تعطل الحوثيين، مما يشير إلى ضعف في تحديد قيادة الجماعة.
ومع ذلك، أضعفت الهجمات الإسرائيلية قدرة ميناء الحديدة، الذي يعد حيويًا لجلب المساعدات الإنسانية.
أكد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية هذه الحقيقة، لكن فعاليته في كبح أنشطتهم لا تزال غير مؤكدة.
على سبيل المثال، في حين أن الحوثيين قد بنوا شبكات مالية مستقلة قد تقلل من تأثير العقوبات، فإن هذا التصنيف سيقطع المساعدات الحيوية لليمنيين، على الرغم من أن الحوثيين أنفسهم قد اتهموا بتهريب المساعدات.
“سيستمر التهديد لتجارة البحر الأحمر ما دام الحوثيون في السلطة”، أشار المحلل اليمني نبيل البكيري.
رحب المجلس الرئاسي اليمني – الهيئة الحكومية المعترف بها دوليًا – بتصنيف ترامب كوسيلة لإعادة تنشيط الجهود ضد الحوثيين. يؤكد المراقبون اليمنيون، بما في ذلك البكيري، أن الدعم الدولي المستمر للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أمر حاسم لكبح نفوذ الحوثيين.
في النهاية، أثبتت إدارة ترامب الجديدة أنها مؤيدة بشدة لإسرائيل، مما يثير القلق بشأن سلامة الفلسطينيين خلال السنوات الأربع المقبلة. علاوة على ذلك، برز الحوثيون كفاعل أقوى في البحر الأحمر ويظلون ثابتين في استغلال القضية الفلسطينية لمصلحتهم الخاصة.
من المحتمل أن يؤدي هذا المزيج إلى المزيد من المواجهات في البحر الأحمر والهجمات بين إسرائيل والحوثيين.
يمن مونيتور30 يناير، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر مقالات ذات صلة سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق تراجم وتحليلات اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الأخبار الرئيسية هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الجيش اليمني يحبط هجوما للحوثيين شرق صنعاء 29 يناير، 2025 الأرصاد اليمني يتوقع استمرار الأجواء الباردة على عدة محافظات 29 يناير، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 14 ℃ 23º - 11º 50% 1.18 كيلومتر/ساعة 23℃ الخميس 21℃ الجمعة 21℃ السبت 22℃ الأحد 21℃ الأثنين تصفح إيضاً هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬170 غير مصنف 24٬203 الأخبار الرئيسية 15٬617 عربي ودولي 7٬343 غزة 10 اخترنا لكم 7٬194 رياضة 2٬457 كأس العالم 2022 75 اقتصاد 2٬312 كتابات خاصة 2٬125 منوعات 2٬055 مجتمع 1٬878 تراجم وتحليلات 1٬879 ترجمة خاصة 133 تحليل 18 تقارير 1٬651 آراء ومواقف 1٬573 صحافة 1٬491 ميديا 1٬470 حقوق وحريات 1٬358 فكر وثقافة 927 تفاعل 828 فنون 492 الأرصاد 388 بورتريه 66 صورة وخبر 38 كاريكاتير 33 حصري 27 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية أخر التعليقات عبدالملك قاسماخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
جمالاشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
محمد شاكر العكبريأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
عبدالله محمد علي محمد الحاجانا في محافظة المهرة...
سمية مقبلنحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...