Arizona State University
Souad.Ali@asu.edu
التطورات العسكرية الأخيرة في السودان متمثلة في إستيلاء قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني ومدن أخرى في ولاية الجزيرة تثير الكثير من القلق في العديد من الأوساط المحلية، الإقيلمية، والدولية. لعل أبرز التساؤلات التي رشحت عقب هذا التطور المفاجيء في الشأن السوداني هو الهزيمة التي طالت الجيش السوداني الذي كان يبدو مسيطراً على الجزيرة حتى اللحظات الأخيرة.

وقد أثارت خسارة الجيش تساؤلات حول مستقبل الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي أنقلب على شرعية ثورة ديسمبر المجيدة في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 وعيّن نفسه رئيساً لمجلس سيادة فاقد الشرعية الدستورية هو الأخر. وبحسب صحيفة النيويورك تايمز، "يقول المحللون إن ذلك يزيد أيضًا من خطر احتمال جر الدول المجاورة إلى الحرب، وأن القوى الأجنبية، مثل الإمارات العربية المتحدة، المتهمة بالفعل بتأجيج الحرب، ستتدخل بشكل أكبر." ورغم أن تدخل الإمارات العربية المتحدة المباشر ربما يكون مستبعداً على الأقل في الوقت الحالي، تبقى الحقيقة أن إنقضاض قوى الدعم السريع على مدينة ود مدني بسهولة مذهلة، وانسحاب الجيش بصورة أكثر دهشة، قد أثار الكثير من ردود الأفعال نستعرض هنا جزءاً منها. كما سنلقي الضوء على أين يقع السودان الجريح في خضم ضعف القوى السياسية المدنية. ولنبدأ أولاً باستعراض بعض ردود الأفعال العسكرية على الوضع الراهن.
فقد بادر علي كرتي الأمين العام لما يسمى بالحركة (الإسلامية) بتسجيل بيان صوتي وجهه للشعب السوداني، بتركيز على القوات المسلّحة مستنفراً إياهم أن يهبوا في خطاب يعكس الكثير من التوجس والخوف، حيث قال:
إن الفرص لا تتكرر. وأن إلتفاف الشعب حولكم رهين بمواقفكم معه في لحظات المحن والإبتلاء." مستطرداً:”
"خاطبوا الشعب بالحقائق، لا تتركوه نهباً للشائعات، ومكائد المتمردين، الذين يستهدفون إضعاف ثقة الشعب فيكم، لينفض من حولكم
وأعلموا أن استجابة المستنفرين الذين رغبوا طواعية في مشاركتكم أداء الواجب بحماية أرضهم وعِرضهم؛ ستكون شاهدة لكم أو عليكم في سِفر التاريخ. فأكرموا وفادتهم، وعجّلوا تسليحهم وأحسنوا تأهيلهم وقيادتهم، ليعود المستضعفون لديارهم، ولترتفع رايات النصر في سارية السودان شامخة عزيزة."
ولعل في بيان علي كرتي الرد الدامغ على محاولات الحركات (الإسلامية) وأعوانهم نفي أن الجيش هو جيش (كيزان). وفي حقيقة الأمر لعله من المدهش والمستغرب جداً محاولات النفي هذه الواهية بل الفاشلة في هذا الإطار بينما كل الدلائل تشير توثيقاً أن أحد شروط الدخول للكلية الحربية منذ إنقلاب عمر البشير في 30 يونيو 1989 كان الإنتماء للحركة (الإسلامية).
في صعيدْ آخر ققد أصدر محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد الدعم السريع بياناً أوضح فيه موقف الدعم السريع وما دفع قواته للتحرك صوب والإستيلاء على مدينة ود مدني مستعرضاً بفخر أنه:
"في يوم عظيم وخالد، صادف ذكرى انفجار ثورة ديسمبر المجيدة عام 2019، تمكنت قواتنا الباسلة، في انتصار تاريخي جديد، من تحرير قيادة الفرقة الأولى مشاة ومدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، من فلول النظام المباد." وأضاف شارحاً أن قوات الدعم السريع قد قررت:
"التحرك صوب مقر الفرقة الأولى مشاة بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، أكدت حشد قيادة القوات المسلحة بالتنسيق مع قادة النظام القديم قوة من عشرات الآلاف من المقاتلين لمهاجمة قوات الدعم السريع في الخرطوم. وعندما بات ذلك الهجوم وفقاً لمعلوماتنا المؤكدة وشيكاً، مارسنا حقنا المشروع في القيام بهجمات استباقية، نجحنا بها في توسيع رقعة الأراضي المحررة من سيطرة الفلول وأنصار النظام القديم."
ولم يألو دقلو جهداً في محاولة تطمين أهل مدني والجزيرة أن قواته ستوفر لهم الأمان وهو يستطرد أن:
"المدنيين في كل ولاية الجزيرة سيظلون في أمن وسلام وأمان، وقوات الدعم السريع سوف توفر الحماية لجميع المواطنين وأموالهم وأعراضهم. وعلى الذين غادروا المدينة خوفاً من المواجهات بيننا وبين الفلول العودة آمنين في منازلهم. فدخول قوات الدعم السريع إلى مدينة مدني هدفه هو ضرب الفلول والمستنفرين، الذين سوف نطاردهم أينما وجدوا."
ورغم محاولة التطمين هذه فإن مجموعات كبيرة من مواطني ود مدني يشعرون بعدم الأمان ويعانون من حالات إحباط وأكتئاب بعد أن نزوحوا لود مدني من الخرطوم والمناطق التي إندلعت فيها الحرب منذ الخامس عشر من أبريل هذا العام بحسب أنها من المناطق الأمنة. وها هم الأن يواجَهون بما يبدو إنتقال الحرب لإقليمهم والنزوح مجدداً. ويبدو هذا القلق واضحاً من تصريحات العديد من أفراد الأسر في رسائلهم الخاصة أو العامة.
وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن أكثر من 250 ألف من المواطنيين السودانيين قد فروا من ود مدني في غضون الأيام الأخيرة، منهم، المرضى والجياع، والمسنين والنساء والأطفال الذين اضطروا لمغادرة المدينة سيرًا على الأقدام وساروا لساعات طوال إلى الولايات المجاورة وقد شوهدوا بالفعل وهم يجرون حقائبهم ومحنوياتهم وأواعيهم ومفارشهم وبعض أمتعتهم مما استطاعوا حمله.
وسط هذه الأجواء المتفاقمة فقد حذرت مفوضبة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الخميس 21 ديسمبر حذرت من موجة نزوح بسبب القتال في مدينة ود مدني عاصمة ولاية النيل الأزرق. يأتي هذا إستناداً على تقارير وصور تعكس أن آلالف إضطروا إلى الفرارمن ود مدني إلى مدن مجاورة منها سنار والحصاحيصا وغيرها. إضافة إلى أن بعضهم ظل ينزح للمرة الثانية أو الثالثة خلال أشهر منذ بداية الحرب في أبريل الماضي.
المنظمة الدولية للهجرة كانت قد ذكرت في بيان لها إلى أن نحو ثلاثمائة ألف مواطن هربوا من ود مدني في عاقبة إندلاع القتال بين الدعم السريع والجيش منذ الثامن عشر من ديسمبر ما أدى إلى أزمة إنسانية وخيمة، كما نوهت المنظمة الدولية للهجرة الخميس.
كما توالت تحذيرات وتقارير منظمات حقوق الإنسان والطفولة للوضع الإنساني المزري. فقد ذكرت منظمة اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) أن نحو 150 ألف طفل نزحوا بسبب القتال من ولاية الجزيرة. وعبر صفحتها في منصة (إكس) أضافت اليونيسيف أن مدينة ود مدني هي "المركز الرئيسي لخدمات إنقاذ الحياة" بولاية الجزيرة التي "تضم حوالي 3 ملايين طفل" كما دعت المنظمة كل الأطراف إلى وقف القتال الفوري لتجنب المزيد من الأزمات الإنسانية. بل أن ود مدني أصبحت المدينة الطبية بعد أن نزح العديد من الأطباء بمعداتهم ومعاملهم من الخرطوم إلى ود مدني. وقد تكبدت العديد من الأسر مشاق السفر لإجراء الكثير من العمليات الجراحية لأفراد أسرهم مؤخراً في ود مدني لوجود تخصصات الجراحة في بعض المجالات الطبية في المدينة.
ويتواصل تضارب التقارير من الجيش والدعم السريع، فبينما أعلن الجيش فتح تحقيق حول أسباب إنسحاب وحداته من ود مدني، يطل البرهان برأسه مواصلاً أكاذيب المنظومة العسكرية، أن "الجيش متماسك ويحافظ على أمن البلاد"! بينما تتوالى الأخبارعلى الأرض أن الدعم السريع يواصل القتال، فقد أعلن عن سيطرته على لواء الجيش في القطينة كما يعلن "السيطرة على اللواء الثاني بمدينة الحصاحيصا واضعاً إرتكازات ويستولى على "المقار العسكرية دون أي مقاومة."
جديرٌ بالذكر أن اللواء الركن أحمد الطيب، قائد الفرقة الأولى مشاة، المنسحبة من مدينة ود مدني كان قد أصدر بياناً كشف فيه "أن الإنسحاب تم بعد كشف مخطط شرير لإشعال نزاع عرقي في المنطقة، يتم تنفيذه بواسطة ميليشيات متطرفة تتبع للأمين العام ل (الحركة الإسلامية) علي كرتي، مما جعل الإنسحاب ضرورياً للحفاظ على وحدة المجتمع وضمان إستقرار المنطقة."
ورغم أن هذا ربما ينم عن مؤشر خطير في العلاقة بين قادة الفرقة الأولى مشاة وقيادة الجيش من الإسلامويين، إلا أن الإنسحاب قد يشير أيضاً لإتفاق وراء الكواليس بين الفرقة والدعم السريع مما يفسّر ولوج الدعم السريع لمدينة ود مدني بمنتهى السهولة دون أي مقاومة بعد إنسحاب الجيش الذي بدأ تكتيكياً. هذا ربما يؤكده أيضاَ تصريحات اللواء أحمد الطبب لاحقاً، أن إنسحابه جاء في إطار "إلتزامه الدائم بحماية المدنيين والتصدي لأي تهديد يشكل خطراً على إستقرار المنطقة." كذلك مضى الطيب محذرا مما أسماه "أوامر كاذبة وعمليات تضليل مكثفة" يشيعها ما أسماه "عناصر تابعة للإستخبارات وبعض الإسلاميين لضرب العلاقة بين المدنيين والقوات العسكرية."
وفي سياق شبه الغياب المباشر للمنظومة السياسية المدنية السودانية، أود أن أشير الى ما ذكره الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس وزراء الفترة الإنتقالية الموؤودة. حيث جاء فيما أعلنته تنسيقية القوى المدنية السودانية "تقدم” برئاسته عن بدء اتصالات بين طرفي الصراع في البلاد لإنهاء الحرب. وجاء في التصريح أن التنسيقية دعت "في بيان الأربعاء، عقب اجتماع في نيروبي إلى العودة العاجلة للتفاوض عبر منبر جدة والاستجابة لمقترح قادة دول “إيغاد” بعقد لقاء مباشر بين قائدي الجيش والدعم السريع." في هذا الإطار قد يكون من المفيد الإشارة إلى ما جاء في مقال الدكتور سلمان محمد سلمان بتاريخ 21 ديسبمر حول تحليله الضافي وإلقاءه الضوء على البيان الختامي لقمة الإيقاد عن السودان المنعقدة في جيبوتي في التاسع من ديسبمر 2023، ودعوته الإلتفاف حول مققرات قمة الإيقاد.
في نهاية الأمر، تبقى الحقائق التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار حقائق لا لبس فيها، وتشمل: أولاً أن عبدالفتاح البرهان ومجلس سيادته غير شرعيين ومنقلبيين في 25 أكتوبر 2021 على ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بدكتاتورية (اللاإنقاذ) العسكرية بعد ثلاثين عاماً ونيف في ديسمبر 2018. وثانياً: حقيقة أن محمد حمدان دقلو (حميدتي)، غير الشرعي هو الأخر، جزء لا يتجزأ من كل التأمر الذي أرتكبه البرهان على ثورة ديسمبر وكلاهما أمراء حرب مشتركان في جرائم الفساد، وفي إرتكاب المجازر الجماعية وحرق القرى في دارفور وجرائم في أنحاء أخرى من البلاد ومجزرة الإعتصام في الخرطوم والقتل الممنهج لسنوات ممتدة وموثّقة. ثالثاً: أن عبدالله حمدوك، رغم ما قدم مما قد اعتبره البعض أيجابياً كرئيس وزراء في فترته الأولى خاصة جهده في مؤتمر باريس الإقتصادي، قد فشل كرئيس وزراء إنتقالي، ليس هذا فحسب، بل قد إشترك للأسف هو الأخر في إنقلاب البرهان 2021 على الثورة بمباركته، قبل إستقالته، خطوة البرهان الدكتاتورية التي وأدت الثورة. تجدر الإشارة لمقال د. محمد محمود الطيب، "في تقييم التقييم للبرنامج الإقتصادي لحكومة الفترة الإنتقالية،" الذي حلل فيه بالنقد البناء الأوراق التي قُدّمت في ندوة "ورش تقييم أداء الفترة الإنتقالية" الذي إنعقد في الخرطوم في يوليو 2022 والذي شمل عدة محاور تشمل محور السلام، محور الوثيقة الدستورية، محور الإقتصاد، محور الترتيبات الأمنية، ومحور العلاقات الخارجية.
خلاصة القول، عوداً للإيقاد: مهما كانت مخرجات قمة الإيقاد فإنها تظل فضفاضة كما سأورد أدناه. ولكن قبل ذلك، فإن عدم توحد رؤى قوى الثورة والقوى السياسية المدنية ستظل العقبة الرئيسية في الوصول لأي خطوات جادة نحو ارساء دعائم فترة انتقالية مدنية خالصة ذات مؤتمر تشريعي وسلطة تنفيذية تعنى بفتح كل ملفات الإجرام، الفساد، والمحاسبة. ثم تبدأ في السعي للتحضير لانتخابات حرة نزيهة نحو سودان ديمقراطي يحقق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة وما تشمل من الحرية، السلام، والعدالةـ في هذا الإطار فإن مقررات قمة الإيقاد التي ربما تشكّل نقطة البداية التي ظل الشعب السوداني يطالب بها لسنين، فإنها تظل فضفاضة لعدم تقديم رؤية مفصّلة لكلْ منها: أولاً ما هي آلية "وقف شامل لإطلاق النار دون شروط مسبقة"؟ وهو ما فشلت فيه مفاوضات جدة لشهور. ثانياً: كيف يتم "إرساء حكم مدني في خضم الخلافات العميقة بين القوى السياسية، الثورية، المدنية؟ ثالثاً: إنعكاساً على ذلك ما هي آلية "حل النزاعات عن طريق الحوار السياسي، بينما فشلت قمة الإيقاد فشلاً ذريعاً في دعوة القوى المدنية والسياسية لمؤتمرها الأخير؟ وهذه نقطة مزعجة لدرجة بالغة حيث إن المكون المدني السياسي ظل مهملاً تماماً من كل جهات التفاوض، عدا شذرات هنا وهناك لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد أوصلت هذا القلق لجهات عديدة في كثير من المؤتمرات والندوات الإسفيرية وبعض قنوات التفاوض. ولكن لا حياة لمن تنادي، كان ذلك من المفاوضين أنفسهم، أو عدم إتفاق المنظومة السياسية المدنية في كل مبادراتها، أو حتى الثورية. ثم رابعاً، وهو الأدهى والأمرّ في مقررات الإيقاد فيما يتعلق بعقد لقاء مباشر بين المتحاربين، البرهان ودقلو المنقلبان على ثورة ديسمبر. وفي هذا لا أملك إلا أن أقول، إنا لله وإنا إليه راجعون عندما يكون حوار المفاوضات مع المجرمين وأربابهم، من دمروا السودان، أشعلوا هذه الحرب اللعينة التي كادت أن تقضي على الأخضر واليابس في الوطن الجريح. في غياب حوارجامع، برعاية دولية، يشمل كل المكونات السياسية المدنية والثورية السودانية، بعد توحد الحد الأدني من رؤاها، لن تؤدي أي مفاوضات أو مقررات نظرية إلى طموحات الشعب السوداني الذي بذل الدم، الأرواح، والغالي والنفيس في سبيل إنهاء الحكم العسكري إلى الأبد في السودان نحو السلام الدائم وقيام فترة إنتقالية تقود البلاد إلى إنتخابات حرة نزيهة ترسي دعائم دولة سودانية مدنية ديمقراطية.

د. سعاد تاج السر علي الشيخ
22 ديسمبر 2023  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفرقة الأولى مشاة قوات الدعم السریع السیاسیة المدنیة ولایة الجزیرة مدینة ود مدنی قمة الإیقاد من ود مدنی العدید من الکثیر من فی هذا

إقرأ أيضاً:

النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع

  

قال النائب العام السوداني الفاتح محمد عيسى طيفور، إن هناك تقارير تتحدث عن "دخول أكثر من 200 ألف مرتزق إلى السودان ليقاتلوا إلى جانب قوات الدعم السريع" ضد قوات الجيش السوداني.

 

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

 

وأضاف النائب العام السوداني في مقابلة مع الأناضول: "هناك تقارير (لم يوضحها) تتحدث عن دخول أكثر من 200 ألف مرتزق إلى السودان من عدد من الدول (دون تسمية)".

 

وأشار إلى أن "آخر هؤلاء المرتزقة هم كولومبيون، وهنالك دول جوار معروفة دخلت منها المرتزقة (دون تسمية الدول)".

 

وأضاف طيفور: "هؤلاء الكولمبيون جلبوهم من وراء البحار لتدمير البنية التحتية"، مشيرا إلى أن "الحكومة الكولومبية اعتذرت وقالت إن هؤلاء الأشخاص قد تم خداعهم".

 

وأردف: "تم القبض على 120 شخصا من المرتزقة (لم يحدد جنسياتهم)، وسيحاكمون وفق القوانين السودانية في محاكمات عادلة تتوفر فيها كافة اشتراطات المحاكمة العادلة" .

 

وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلنت وزارة الخارجية السودانية، تلقيها اعتذارا من كولومبيا على مشاركة بعض مواطنيها في القتال إلى جانب قوات "الدعم السريع".

 

وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت القوات المشتركة (الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا) والتي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، أنها "استولت على قافلة إمداد عسكري لقوات الدعم السريع، تحمل أسلحة ومعدات عسكرية ومرتزقة بينهم كولومبيون".

 

وبثت على صفحتها الرسمية عبر "فيسبوك" مقطع فيديو عرضت من خلاله وثائق تعود لمواطنين كولومبيين يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، فيما لم يصدر عن الأخيرة أي تعليق بهذا الخصوص.

 

** جرائم حرب

 

واتهم النائب العام السوداني قوات الدعم السريع "بارتكاب جرائم الاعتداء والقتل بحق المدنيين، كما ارتكبت جرائم عنف جنسي ممثلة في الاسترقاق الجنسي والاغتصاب والحمل القسري بقصد إحداث التغيير الديمغرافي".

 

وأضاف: "وقد ارتكبت جرائم حرب، وضد الإنسانية، و تطهيرا عرقيا، وكذلك جرائم إرهابية باعتدائها على مطارات مدنية، واتلافها أجهزة الملاحة وإخراجها عن الخدمة".

 

وأردف طيفور أن قوات الدعم السريع "احتلت 540 ألفا من الأعيان المدنية، بينها 80 في المائة منازل مواطنين، وأخرجت 250 مستشفى من الخدمة، بينها 14 مستشفى اتخذتها ثكنات عسكرية".

 

وتابع: "إجمالا ارتكبت المليشيا (الدعم السريع) مخالفات تقع تحت البند 18 من القانون الجنائي السوداني الذي يشتمل على مواد متعلقة بجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية".

 

كما أنها "ارتكبت جرائم متعلقة بمخالفة قانون مكافحة الإرهاب السوداني بالإضافة إلى المواد من 50 إلى 78 من القانون الجنائي السوداني" على حد قوله.

 

وذكر طيفور أن "المليشيا (الدعم السريع) ارتكبت جرائم خطيرة أيضا في حق الاطفال، حيث جندت 10500 طفل".

 

كما اتهم النائب العام السوداني الدعم السريع "بنهب مخازن برنامج الاغذية العالمي في الخرطوم ومدن نيالا والجنينة وزالنجي (غرب)، والمخزون الإقليمي بولاية الجزيرة، والمخازن الرئيسية لمنظمة حماية الطفولة (يونيسف) في العاصمة الخرطوم".

 

وتتهم منظمات دولية بينها "هيومان رايس وتش" قوات الدعم السريع "بارتكاب عمليات نهب وحصار القرى والعنف الجنسي المنهجي".

 

وفي يناير/ كانون الثاني 2024 قدر تقرير لجنة خبراء مكلّفة من مجلس الأمن الدولي بمراقبة تطبيق العقوبات المفروضة على السودان أن "قوات الدعم السريع، بدعم من ميليشيات عربية (لم يسمها) قتلت ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص في بلدة الجنينة بولاية جنوب دارفور غربي السودان.

 

وفرض الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات على عدد من قادة الدعم السريع لدورهم في الحرب بالسودان، من بينهم شقيقا قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي عبد الرحيم والقوني".

 

وتنفي قوات الدعم السريع قيامها بأي انتهاكات بل تؤكد أنها تسعى إلى تحقيق السلام.

 

** بلاغات جنائية:

 

وأفاد النائب العام السوداني، أن النيابة العامة واللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم الدعم السريع، قامت بإجراء تحقيقات كبيرة جدا.

 

وقال: "عدد البلاغات في جرائم الدعم السريع بلغت أكثر من 31 ألفا، وتم إصدار أحكام في 391 منها وإحالة 705 إلى المحكمة".

 

ولفت طيفور، إلى أن "الإجراءات تسير بصورة طيبة جدا، وهنالك متهمين تم إعلانهم كمتهمين هاربين، وتم طلب متهمين عبر الإنتربول وآخرين سيتم طلبهم".

 

وفي 3 أغسطس/ آب 2023، أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قرارا بتشكيل لجنة لحصر "جرائم الحرب وانتهاكات وممارسات قوات الدعم السريع ضمت النائب العام والخارجية وعضوية ممثلين لوزارة العدل والقوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة والمفوضية القومية لحقوق الإنسان.

 

وبشأن لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة اعتبر النائب العام السوداني أن اللجنة "لم تتعامل مع هذه الانتهاكات بالصورة المهنية المطلوبة في شأن التحقيق في القضايا".

 

وزاد "اللجنة الدولية ذهبت لتتحدث عن مسائل سياسية تخرج عن اختصاصها، مثل المطالبة بمد سلطة المحكمة الجنائية إلى كامل التراب السوداني، وإحضار قوات حماية للمدنيين، وحظر السلاح على كامل التراب السوداني".

 

وتابع قائلا : "هذا يخرج من اختصاصها تماما (.. ) لهذا فإن الأجهزة العدلية في السودان والدولة السودانية رفضت تقرير اللجنة أمام مجلس حقوق الإنسان وقدمت ملاحظات حوله وطالبت بإنهاء ولايتها".

 

وأردف، "بكل أسف تم تجديد هذه الولاية، ونحن حتى الآن لا نلمس فيها عملا قانونيا يجعل المواطن السوداني يطمئن إلى عمل هذه اللجنة، هذه اللجنة لديها أجندات لا تتعلق بالقانون على الإطلاق".

 

وكانت الخرطوم رفضت قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي قضى بتمديد ولاية بعثة "تقصي الحقائق في السودان" حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025.

 

وأعلنت الخرطوم منذ البداية رفضها قرار إنشاء البعثة الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023

مقالات مشابهة

  • هواجس الشرعية هل تعصف بمقترح تشكيل حكومة جديدة في السودان؟
  • انا بتفق مع الاستاذ يوسف عزت كبير مستشارى الدعم السريع (سابقا؟) لانه علي حق
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
  • الجيش السوداني والقوة المشتركة تستردان مناطق جديدة من الدعم السريع والإستيلاء على مخزون ذخائر وأسلحة ومركبات قتالية
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
  • النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن مقتل العشرات من «قوات الدعم السريع»