بسم الله الرحمن الرحيم
،نحن نعترف بأن خطط الجيش ومنهجيته في إدارة الحروب، أدق من أن نحيط بها، وأشد غموضا من أن نظهر عليها، فاستراتيجية قواتنا المسلحة، وطرق تعاملها مع عربان الشتات، ليس من شأننا أن نفهمها، أو نكلف أنفسنا مشقة فهمها، ففهمها وتوضيحها يحتاج منا إلى عناء كثير، ونستطيع أن نذهب إلى أكثر من هذا فنزعم، أن الجيش الذي لم يوقد نيران هذه الحرب، أو يشعل فتيلها، يسؤه تدخلنا السافر في شؤونه، كما يسؤه حملات الشك والازدراء التي تلوكها ألسنة شعبه في شغف واهتبال، والتي تغمز قناته وترتاب في صدقه وبلائه، وفي مقدرته على هزيمة أعدائه، إن قواتنا المسلحة بجميع نعوتها وأطيافها، تقرأ كلامنا المنظم الذي نرسله من غير حساب، فكل من جلس على الأرض، وحركة شفتيه، ينتقدها ويمعن في لومها وعتابها، ويستهجن تباطؤها في حسم الأمور، لقد اعتادت كتائب جيشنا على مثل هذا الحديث الشائن، رغم أنها هي التي تخوض حربا ضروسا مع عربان الشتات، وتتصرف في فنونها ببراعة منقطعة النظير،دون أن تلتفت إلى رفاقها وأترابها من الدول العربية ليتحفوها بعطايا المنن، ورفد النوال، كما أنها لم تلفتت أيضا، للشيطان الذي يمول تحركات هذه الجيوش الجرارة، ويغدق عليها في كرم حاتمي وسخاء لا يضاهيه سخاء، عساها تحقق له أمانيه التي دونها خرط القتات، يتحرك هذا الشيطان بقامته الطويلة، في بهو قصره المنيف، وهو يترقب الأخبار التي تصله من مكان بعيد، لتخبره بدحر هذا الجيش، وكسر شوكته، فهذا الجيش العنيد، هو من يقف عقبة كؤود دون تحقيق أماله، وبلوغ أهدافه، فأحلامه التي نخشى عليه من أهوالها وعقابيلها، لم يحصد منها إلا ضروبا من الخيبة، وألوانا من الوعود بانتصار وشيك، ورغم ضخامة الانفاق، وعظمة الحشود، تطاول العهد، ولم يحقق من مراميه غير أطياف، فهو لم ينتهي بعد كل هذا البذل، إلا حيث هو الآن من ترقب وانتظار، فموئل الفتنة، ومؤجج الحروب، لم يحصد من بيادقه التي يحركها، وحممه التي يقذفها تجاه شعبا طيب مغلوب على أمره، إلا هذا الشجى والاخفاق، وهو على كل هذا يكره أن ينبئ أحدا بما هو فيه من لوعة وأسى، ويؤثر أن يزدرد شجاه وفشله، ويصدق تلك الوعود، فالشيطان أشد ما يكون شوقا إليه، هو أن يضع يده على خيرات السودان، فيستولى على ما في بطونه من ذهب ومعادن، و يحوز ما على أرضه من زرع وضرع وخزائن، لقد دمر هذا الشيطان بيوتا قائمة، وشوارع منظمة، ومسرحا عتيق، وحضارة لا عهد له بها، من أجل أن يجعل السودان مختزلا في سياج وثغر ومزرعة، ورغم ما صنعه هذا الشيطان، ما زال يجد من بعض قيادتنا الاحتياط في تحدثها إليه، واللين في معاملتها له، وهو الأمر الذي يثير عندنا الغموض والابهام.
و في الحق أن قواتنا المسلحة التي تقاتل بفرقها وألويتها عددا من الدول- وليس في قولنا هذا أي اغراق أو مبالغة- دون أن تجد في ذلك مشقة أو عنفا، قد اتصلت الصلة بين فرقها وفيالقها، وبين الهيجاء منذ عقودا خلت، حتى ضاقت الهيجاء بهذه الفرق وهذه الفيالق، وتبرمت من طول صبرها، وشدة احتمالها، ولكنها على هذا كله، لم تجد في كثير من الأوقات شيئا من الانصاف، فهناك العديد من شرائح شعبها مزورة عنها كل الازورار، بل تجد لذتها واغتباطها عند خسارتها لجولة من الجولات، فهي صادقة النفس والعاطفة في بغضها، ولا تبتغي إلا أن تراها ضعيفة هزيلة، وقد انقطعت الصلة بينها وبين الظفر والانتصارات، وبغض مثل هذه الناجمة لقواتنا المسلحة يمكننا أن نتحدث فيه ونطيل الحديث، واقر في وضوح وجلاء بأنه سيكون حديثا مملا رتيب، فهذه الطائفة من الناس تتدعي في ثقة واطمئنان، أن هذه القوات التي تذود عنها الآن، لا تتبع إلا لفلول المؤتمر الوطني، وحاضتنها الحركة الإسلامية السودانية، هذا الافتئات يصدر من فئات مترفة في تفكيرها وشعورها، بأن الحركة الإسلامية السودانية، هي مصدر كل شر، وهي وحدها تتحمل كل مشاكل السودان وأزماته، هذه الجماعات والكيانات السياسية والتي حظها من الخطل والعي، يفوق حظها من العقل والاتزان، قد اتخذت من نسج الافتراءات حرفة لها، فهي تجلس إلى الناس من حين إلى حين، لتخبرهم بأن هذا الجيش الذي يدافع عنها الآن بساعد مجدول، وعضد مفتول، ما هو إلا صنيعة إخوانية، كما أن المنافسة شديدة بين هذه الفرية، وفرية أخرى يجب أن نعطف عليها، ونضحك منها، ونغرق في الضحك، أن "كتائب البراء" التي تجاهد كتفا بكتف مع الجيش السوداني، ما هي إلا أنموذج جديد لقوات تشابه في صورتها وهيئتها مع قوات الدعم السريع، وأن غايتها التي تنشدها "كتائب البراء"هي عودة قواعدها الإسلامية إلى الحكم، ورغم أن قوات الدعم السريع التي خرجت عن كنف الجيش، وباتت تنازعه شرف قيادة أرض النيلين، قد تفرقت أهواء الكيانات السياسية حيالها تفريقا عظيما، وتفاوتت موافقهم ما بين الهجوم عليها حينما كانت منضوية تحت لواء البشير، والجلوس إليها في شره لا يعدله شر، عندما ظنت هذه الكيانات أن راية الدعم السريع سيكون لها شأن، لقد نسيت هذه الأحزاب السياسية أو تناست أن كينونة الجيش ونواته، قد تشكلت من كل بقاع السودان، وأن القبائل والأعراق قد أخذت بحظوظها منه، وأن هذه المعمعة التي نعيشها هذه الأيام، قد كشفت عن دخائل كل حزب، فالقوات المسلحة لم تجد في ظل هذه الظروف التي تحيط بها، ردءا لها أو
نصير غير أبناء الحركة الإسلامية، الأمر الذي يوحي بأن الحركة الإسلامية تحب السودان لا كما هم يحبون، وتسعى لرفعته كما تريد لا كما هم يريدون.
د.الطيب النقر
nagar_88@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة
إقرأ أيضاً: