قال اللواء فضل الله برمه ناصر رئيس حزب الأمة القومي، أن الحرب الجارية فى السودان «الأخطر» فى تاريخ البلاد، لاسيما أنها تهدد بقاء كيان الدولة، محذرا من أن استمرار الحرب قد يقود الدولة السودانية إلى الانهيار والتقسيم.

وقال ناصر فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» على هامش زيارته إلى القاهرة، أن «الحرب نتاج أزمات معقدة كرس لها النظام السابق على مدى 30 عاما، حيث زرع قنابل موقوتة وعمد على تفكيك واختراق مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وعمل على تقويض الانتقال السياسي وإجهاض ثورة ديسمبر، وخلق فتنة وترت العلاقة بين العسكريين وأدخل البلاد في حرب عبثية، ومن المؤسف أنها حصدت أرواح الآلاف، وشردت الملايين، ودمرت البنية التحتية، وأدخلت البلاد فى تحدٍ وجودى».



وأكد رئيس حزب الأمة القومى السودانى أنه إذا لم يستجب أطراف الحرب إلى السلام، فإن البلاد مقبلة على سيناريوهين هما: «استمرار الحرب وإطالة أمدها بدخول أطراف جديدة داخلية وخارجية قد تقود الدولة إلى انهيار كامل للبلاد أو تقسيمها، أو استمرار سقوط الولايات في يد قوات الدعم السريع، وحينها سوف تفرض رؤية أحادية الجانب، من منطق عقلية المنتصر وستزيد من حدة الاستقطاب الاجتماعي والإثني».

وأوضح أن «الحرب الآن توسعت بصورة مقلقة للغاية، وزادت الجرائم ضد المدنيين وهناك انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، والسودان يعيش الآن في وضع إنساني كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، الأمر الذي يتطلب تدخلا إنسانيا عاجلا، وتحقيقا دوليا ومحاسبة على هذه الجرائم فلا يمكن أن يحدث استقرار بلا عدالة انتقالية، لاسيما أن التطور الميداني للحرب مؤسف للغاية ونحن في غاية القلق لتردي الأوضاع في ولاية الجزيرة، وإقليم دارفور، والعاصمة الخرطوم».

وأشار إلى أن «هذه الحرب الخاسر فيها بالأساس هو الوطن والمواطن، وعلى طرفي الحرب إدراك حقيقة أن وضع السلاح ووقف إطلاق النار هو الخطوة التي ينتظرها الشعب السوداني، وتحكيم صوت العقل اليوم قبل الغد بالانخراط في تفاوض بدون شروط».

وبشأن خط الحل السياسي، قال رئيس حزب الأمة القومي: «صحيح أن هذا الخط متعثر، ولكنه هو الطريق الأفضل، ويعد هو الآلية الوحيدة لحل الأزمة ووقف الكارثة، ونحن في الحزب نعول عليه ونعمل من أجله بكل قوة»، مؤكدا «ما زلنا نعول على منبر جـدة وتوسعة الوساطة السعودية ــ الأمريكية والتى ضمت منظمة الإيقاد ومفوضية الاتحاد الأفريقي لتشمل كلا من مصر والإمارات».

وحول دور حزب الأمة القومي فى حلحلة الأزمة الراهنة، قال اللواء فضل الله برمه إن الحزب يدرك مسئوليته التاريخية والوطنية، ويتحملها بكل صدق، وجدية، ويسعى بكل طاقاته لوقف هذه الحرب، مؤكدا أن الحزب ظل يحذر من ويلات الحرب ويدعو للحوار، في المقابل ظل دعاة الفتنة والحرب يدقون طبول الحرب ويهددون بها ويسعون لها ليل نهار.

وأشار إلى أنه منذ اليوم الأول للحرب وحتى الوقت الحالي كان موقف الحزب لا يزال يرفض الحرب ويتبنى الحياد الإيجابي، كما يدعو أطراف الحرب لوقف إطلاق النار والعدائيات وتسهيل المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة وحماية المدنيين، ويدعم منبر جدة ومبادرة منظمة الإيجاد والاتحاد الأفريقى.

وأكد اللواء فضل الله برمه أن الحزب يسعى لتوحيد المكون المدني وفق رؤية سياسية لإنهاء الحرب واستعادة الاستقرار والسلام والتحول الديمقراطي، مشيرا إلى أن زيارته إلى القاهرة من أجل تباحث قيادات الحزب لتطوير الرؤية السياسية والتدخلات العاجلة لمجابهة هذه الكارثة.

أما بشأن دور الحزب فى التواصل مع القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المشهد السوداني لإيجاد حل للصراع الراهن، قال إنه لاشك أن هذه الحرب وتداعياتها الإنسانية الخطيرة أثارت قلق المجتمع الإقليمى والدولي، ومن ثم سعينا في الحزب للتواصل مع العالم من حولنا لتحمل مسئوليته وفق القانون الإنسانى الدولى، فقد خاطبنا الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ودول الجوار، ومفوضية الاتحاد الأفريقى، ومنظمة الإيجاد، والوساطة الأمريكية السعودية بخطورة الأوضاع على جميع المستويات فى السودان، مؤكدا على ضرورة المساعدة فى إيجاد حل سياسي وتوحيد المنبر التفاوضي وتوفير المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، والضغط على الطرفين لإنهاء الحرب.

وتابع: كما نعمل مع حلفائنا في الحرية والتغيير والقوى المدنية الديمقراطية على تبني رؤية سياسية لإنهاء الحرب ومجابهة تداعيات الحرب الاقتصادية والاجتماعية بمشـروع وطني لإعادة الإعمار وتأسيس انتقال مدني يعالج جذور الأزمة السودانية، ونتطلع لدور أكبر من دول الجوار والمجتمع الإقليمي والدولي لدعم جهود السلام والاستقرار.

وأضاف رغم ما يشهده الإقليم من توترات عدة، وفي هذا الصدد نأسف للحرب التي تدور في غزة وندعم الحق الفلسطيني، ومع ذلك نقول يجب زيادة الاهتمام بالأزمة السودانية، وأن لا يدير العالم ظهره عن السودان فهو يمر بـ«أكبر كارثة إنسانية في العالم»، على حد تعبيره.

وعن العلاقات السودانية المصرية، أكد رئيس حزب الأمة القومي أن العلاقات بين البلدين استراتيجية على الأصعدة كافة، ونحن حريصون عليها أشد الحرص، ومما لاشك فيه أن الدور المصري مطلوب في استعادة الاستقرار في السودان، مضيفا أن «هذه الحرب لاشك أنها تؤثر على مصر تأثيرا مباشرا وتداعيات الحرب تمتد لكل دول الإقليم، وهناك ملفات مهمة مشتركة بين القاهرة والخرطوم»، كما أعرب عن أسفه لانهيار مفاوضات سد النهضة.

وأضاف اللواء فضل الله برمه: «نشكر مصر قيادة وشعبا على استضافة السودانيين وتقديم يد العون لهم، وكذلك على دورهم في دعم جهود إحلال السلام وحل الأزمة»، وتابع: «نهنئ الرئيس السيسي بالدورة الرئاسية الجديدة ونتمنى كل الخير لمصر الشقيقة، ونأمل في مزيد من الجهود للضغط على أطراف الحرب وتقديم العون للسودانيين ودعم الحل السياسي الذي يعيد الاستقرار لبلادنا».  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: رئیس حزب الأمة القومی هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟

الإعلان الأمريكي عن فرض عقوبات على أطراف الصراع المسلح في السودان، والكيانات الاقتصادية التابعة لهما، يثير الكثير من الأسئلة في المجالين العام العربي والسوداني معا؛ بشأن توقيت الخطوة والأسباب المعلنة بشأنها، وكذلك مدى فعاليتها في تجفيف القدرات العسكرية والمالية لكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني؛ بهدف وقف هذه الحرب التي يقدر عدد ضحاياها بضعف أعداد الحرب الإسرائيلية على غزة؛ ليصلوا في السودان إلى حوالي ١٥٠ ألف شخص.

في هذا السياق، فإن التساؤلات المتعلقة بفعالية آلية فرض العقوبات الأمريكية تتبلور في عدد من الاتجاهات منها، أولا:ماهية العقوبات، ومدى مصداقية أسبابها على وجه الدقة وطبيعة الآليات التي تستند إليها في تحجيم فاعلية الأطراف المتصارعة بالسودان في الاستمرار بالحرب، وذلك في ضوء أثر العقوبات الاقتصادي والعسكري من جهة، ومدى فاعليتها في البيئة الإفريقية من جهة ثانية.

أما الاتجاه الثاني: فهو بشأن مدي علاقة هذه العقوبات بمسارات الحرب ذاتها، وليس بمسارات قادة هذه الحرب، وطبيعة تحركاتهم السياسية والدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي.

وفيما يخص التساؤل الثالث، فهو المرتبط بمدى المصداقية، أي علاقة فرض العقوبات بالأسباب المعلنة وليس الخفية، وهو تساؤل يتخطى السودان إلى عالمنا العربي كله، الذي تعد مصداقية آلية العقوبات الأمريكية والأسباب الدافعة لها، لا تتحلى بأية مصداقية في ضوء الخبرة السودانية والعراقية معا، حيث تم اجتياح العراق طبقا لادعاءات ومزاعم أمريكية وأوروبية، ثبت كذبها وعدم واقعيتها.

فيما يتعلق بماهية العقوبات الأمريكية وآلياتها، فيمكن رصد أن العقوبات الأمريكية تتمحور في تقييد الوصول إلى الدولار الأمريكي والاستبعاد من نظام السويفت العالمي (SWIFT)، أو الحجز على الودائع والحسابات، وهي خطوات جميعها لها انعكاسات على نظم الحكم المستقرة وشبه المستقرة، والأشخاص الذين يستعملون آليات مصرفية شفافة وقانونية، إذ أن هذه العقوبات على مستوى الدول تؤدي لتضخم في الأسعار، غالبا ما يثير تذمرا داخليا كالحالة في إيران مثلا التي تعرض فيها نظام الحكم لتحديات داخلية أكثر من مرة، أما على المستوى الفردي، فهذه العقوبات تؤثر علي إمكانية الأشخاص في تفعيل حساباتهم المصرفية أو الاستفادة منها، كما تؤثر على فاعلية الشركات في التعامل مع العالم، ولكن مع الحالة السودانية التي نزح فيها السودانيون إلى الخارج، وبات الأمن وليس التضخم في الداخل هو أهم الهواجس، تكون فعالية العقوبات محدودة على أي سلطة أو أي شخص، خصوصا مع هؤلاء الذين لديهم خبرة بآلية العقوبات، وتحسبوا لها من ناحية، وكذلك مع طبيعة البيئة المحيطة بالسودان من ناحية أخرى. ذلك أن الجيران الأفارقة السبعة للسودان من الدول، تعجز غالبيتهم عن ضبط حدودها، كما تواجه هذه الغالبية أيضا تهديدات أمنية داخلية، بما يجعل الفواعل غير الرسمية أي عصابات التهريب والشركات الأمنية، وكذلك الميليشيات، لهم أدوات غير مرئية، ولا رسمية في التفاعل الاقتصادي والتعامل مع الموارد، خصوصا تهريب النفط والذهب، بما يخدم الكيانات والأشخاص الواقع عليهم العقوبات.

أما فيما يخص توقيت فرض العقوبات، خصوصا على رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، فإنه يبدو متأخرا من جانب الإدارة الأمريكية التي تقاعست في الاعتراف، بأن الممارسات العسكرية ضد المدنيين من جانب قوات الدعم السريع تنطبق عليها معايير الإبادة الجماعية، حيث أن إدارة بايدن قامت بهذه الخطوة قبل رحيلها بأسبوعين فقط، وذلك في اعتراف متأخر كانت تدفع وراءه خلال العام الماضي تقارير دولية من منظمات متخصصة، بناء على استقصاءات بمناطق الصراع، اتسمت بالدقة، وعلى الرغم من ذلك لم تُعِر إدارة بايدن هذه التقارير الانتباه اللازم في الوقت المناسب.

الأسباب الأمريكية بشأن توقيع العقوبات على قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، جاءت طبقا للإعلان الأمريكي؛ بسبب عدم انخراطه في الجهود الدولية، خصوصا الأمريكية في قبول التفاوض لإنهاء الحرب، لا سيما في منصة سويسرا، وهو توقيت متأخر أيضا في توقيع العقوبات ضد البرهان، بعد مضي نصف عام تقريبا على عدم تفاعل الرجل مع أي جهود دولية بشأن محاولات وقف الحرب.

هذه الملابسات ترجح أن يكون إعلان العقوبات الأمريكية مرتبطا بتوجه قائد الجيش السوداني للتفاعل الإيجابي مع موسكو، بمنحها نقطة ارتكاز عسكرية على البحر الأحمر أكثر ما هو مرتبط بفكرة إصرار البرهان على إمكانية الحسم العسكري، ضد قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، كما تقول واشنطن.

وأخيرا تبدو إمكانية تحقيق العقوبات أغراضها المعلنة في وقف الحرب السودانية مشكوكا فيها، وعلى العكس من ذلك، قد تساهم في تعقد المشهد السياسي السوداني لمستويات جديدة، بل وتساهم في استمرار الحرب ذاتها، ولتفصيل ذلك نشير أن سلاح العقوبات الأمريكي في السودان ليس بجديد، فقد تم استعماله قبل ثلاثة عقود؛ بسبب رعاية نظام البشير للإرهاب والجماعات المتطرفة، ولكن بدلا من الانصياع المطلوب، فإن البشير مارس الاتجاه شرقا على حساب الغرب، فساعدته الصين وماليزيا وغيرها، ودعمت قدرات هذا النظام الاقتصادية لمدة ثلاثة عقود، وبات الغرب خاسرا إلى حد بعيد في السودان، وفي إفريقيا عموما.

أما تحت مظلة الحرب السودانية الراهنة والمندلعة في إبريل ٢٠٢٣، فإن العقوبات الأمريكية قد بدأت بتوقيع عقوبات على شركات تابعة للطرفين المتصارعين داخل السودان، وكذلك توقيع عقوبات على أملاك أشخاص منتمين لكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حيث تم تصنيفهم، أنهم معرقلون لحل سلمي متفاوض عليه في الحرب السودانية، وتدرجت هذه العقوبات إلى حد أن تم توقيع عقوبات على الشخص الثاني في قيادة قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، قبل أن تصل إلى حميدتي نفسه مؤخرا.

وعلى الرغم من الخطوات العقابية الأمريكية، توسعت قوات الدعم السريع في عملياتها العسكرية في الاستيلاء على مناطق إضافية في وسط السودان بعد حيازتها على غالبية ولايات دارفور، بل أن هذا التوسع قد اتسم بممارسة انتهاكات ضد الإنسانية على أسس عرقية وقبلية، وهو أداء أقدمت عليه أيضا مؤخرا أطراف عسكرية موالية للجيش في معارك استرداد مناطق وسط السودان ومناطق من العاصمة المثلثة.

وطبقا لهذا السياق كله، فإن ردود الفعل على قرار العقوبات الأمريكية من جانب الأطراف السودانية كان الرفض والتحدي، ولكن بدرجات متفاوته طبقا لموازين القوى الراهنة، إذ أن قائد الجيش السوداني قام بجولة علنية في عطبرة، محاطا بمؤيديه معلنا استمرار العمليات العسكرية للجيش، ومشيرا أن هذا الخيار هو خيار شعبي سوداني. وفي المقابل كانت بيانات حميدتي تتنصل من الاتهامات الأمريكية التي ترتب عليها توقيع العقوبات، واجهت نحو توسيع عمليتها العسكرية بالمسيرات في مناطق متعددة.

إجمالا، ساهم إعلان العقوبات الأمريكية على أطراف الصراع السوداني، في خلق مسار لم يكن مطلوبا على المستوى السياسي في هذه اللحظة، ومن غير المتوقع أن يساهم في الدفع نحو وقف الحرب عبر آلية الضغوط الأمريكية، حيث كانت تذهب معظم التقديرات، أن نجاح الجيش في استرداد مناطق وسط السودان من الدعم السريع هي العامل المؤثر في ذهاب الجيش ومن معه إلى تسويات وقف الحرب السودانية، خصوصا مع حالة الانهيار الميداني لقوات الدعم السريع، وفقدانها قطاعات ليست بالقليلة من حواضنها الاجتماعية، وذلك بالتوازي مع فشلها في إثبات جدارة ومشروعية ترتب عليها ابتعاد حلفائها السياسيين المحليين.

عن مصر 360  

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذّر من “هجوم وشيك” لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور
  • 16 قتيلا في قصف للدعم السريع على مخيم يعاني المجاعة في دارفور  
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • انتقائية بيانات حزب الأمة القومي
  • اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع
  • الدعم السريع تستهدف المنشآت الحيوية في السودان وتعرض المدنيين للخطر
  • ياسر العطا: المرتزقة من جنوب السودان يشكلون 65% من قوات الدعم السريع
  • السودان: الدعم السريع تمهل المسلحين داخل مدينة الفاشر 48 ساعة للتسليم
  • مساعد قائد الجيش السوداني: المرتزقة من جنوب السودان يشكلون 65% من قوات الدعم السريع
  • الدعم السريع تستهدف محطة تحويليلة للكهرباء في دنقلا بمسيرة انتحارية