عززت قوات الدعم السريع من وجودها في ولاية الجزيرة وسط السودان، في غياب تام لقوات الجيش السوداني الذي انسحب من المنطقة، ليعزز قواته شرقاً في ولاية القضارف، لحماية بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة والمعقل الجديد، لقادة الجيش.

وعلى وقع تصاعد التحذيرات الأممية من خطورة الأوضاع الإنسانية المتدهورة، في السودان، وتحذير الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر، بوقف العديد من خدماته بالسودان، قامت قوات الدعم السريع بنشر عناصرها في عدد من المدن والمناطق في الولاية، مثل تمبول وأبو حراز ورفاعة والحصاحيصا والحاج عبد الله، كما قامت بتهديد ولايات أخرى في الوسط والشرق مطالبة سلطاتها وأعيانها بالاستسلام.

في المقابل، أرسل الجيش الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان، تعزيزات إلى ولاية القضارف (شرق)، لمنع تقدم قوات الدعم السريع إلى بورتسودان المقر الجديد للحكومة والجيش.

الدعم يحقق انتصارات
وأكدت قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) في بيان (الجمعة) أن عناصرها «تمضي بقوة وثبات محققة الانتصارات في أكثر من محور»، مجددة الدعوة «لشرفاء القوات المسلحة والشرطة، للانحياز إلى رغبة الشعب السوداني في تأسيس دولة المواطنة بلا تمييز واستعادة مسار التحول الديمقراطي المفضي إلى سودان جديد تسوده قيم السلام والعدالة والحرية»، وحثت الضباط وضباط الصف والجنود والفرق والوحدات العسكرية في مختلف ولايات السودان «على التسليم والانخراط إلى جانب قواتنا حفاظا على الأرواح والممتلكات وتحكيما لصوت العقل».
وأدان بيان الدعم السريع «التفلتات التي حدثت في بعض المناطق»، مؤكدا أن «الدعم السريع» «تتبرأ من أي سلوك فردي ومظاهر لتفلتات بحق المواطنين الأبرياء، وتوجه بضرورة التعامل بالحسم اللازم مع أي تفلتات بحق المدنيين من أي جهة كانت، لا سيما عصابات النهب والتخريب التابعة لكتائب الظل»، وتؤكد أنها لن تتردد في محاسبة ومعاقبة كل من يثبت تورطه في انتهاكات.

شروط للقاء البرهان

من جهة ثانية، أكد إبراهيم مخير، مستشار قائد قوات الدعم السريع بالسودان، الجمعة، أن قيادة «الدعم» ما زالت تشترط للقاء الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن يحضر بصفته قائدا للجيش لا رئيسا لمجلس السيادة وممثلا للشعب السوداني. وقال مخير في حديث إلى وكالة أنباء العالم العربي إن صفة مجلس السيادة ومهام أعضائه انتفت بوقوع انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. مؤكدا عدم التوصل حتى الآن لاتفاق بين قيادة الدعم السريع والجيش لعقد اللقاء «لأنهم لم يلتزموا بمقررية اتفاق جدة». وأضاف: «كانت هناك التزامات وإجراءات لبناء الثقة بين الطرفين، من بينها القبض على رموز الإسلاميين الفارين من السجون، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع تحت سيطرة الطرفين، وتخفيف خطاب العدائيات، وهذه كلها لم تتم».

ولفت إلى أن البرهان فور عودته من قمة إيغاد الأخيرة «بدأ في بث خطابات عدائية»، وأضاف: «نحن ملتزمون بمقررية منبر جدة، ووفدنا ما زال موجودا هناك بحثا عن الحلول».

وأكد مخير أن الحرب هي «آخر الخيارات بالنسبة للدعم السريع، لأن الخسائر وسط العسكريين كما وسط المدنيين كبيرة، ولا نريد ضخ المزيد من الدماء مع أن قوات البرهان في ولايات الشرق بدأت تتهاوى».

وطمأن مخير قادة الإدارة الأهلية في ولايات شرق البلاد إلى أن قوات الدعم السريع ليس لديها ما يدعوها للانتقام منهم، بما في ذلك الفريق أول شيبة ضرار رئيس تحالف أحزاب شرق السودان، ومحمد الأمين ترك، الأمين العام لنظارة البجا والعموديات المستقلة. وعن تقدم قوات الدعم السريع إلى ولايات القضارف وكسلا وبورتسودان شرق البلاد، قال إن كل الاحتمالات مفتوحة «لكن نهيب بالمواطنين بأن يبعدوا عن الفلول، ونحن نقوم بتسليم المدن التي يتم تحريرها لأهلها كما حدث في الجزيرة».

وفي الأثناء، قال رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر جاغان تشاباجين، الجمعة، إن عدم الاستجابة لمناشدات المنظمة قد يدفعها لإيقاف العديد من خدماتها في السودان. وكتب تشاباجين عبر منصة «إكس» «لا تزال الاحتياجات الإنسانية في السودان تتزايد يوما بعد يوم مع استمرار الصراع... الاستجابة لمناشدتنا كانت سيئة للغاية وقد نضطر إلى التوقف عن العديد من الخدمات في الأشهر المقبلة». وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) الخميس من أن نحو ثلاثة ملايين طفل في ولاية الجزيرة السودانية معرضون للخطر نظرا لتصاعد العنف، كما أشارت إلى نزوح 150 ألف طفل على الأقل في الولاية وانقطاع المساعدات الإنسانية العاجلة عنهم. وأعلن برنامج الأغذية العالمي، الأربعاء الماضي، تعليق المساعدات الغذائية مؤقتا في أجزاء من ولاية الجزيرة بالسودان بسبب اتساع نطاق القتال هناك. وفي وقت سابق من الجمعة، قالت نقابة أطباء السودان في بيان إن جميع المرافق الصحية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة خرجت عن الخدمة. وأضافت في بيان أن ود مدني مركز رئيسي للخدمات الصحية وبالتالي فإن خروج مستشفياتها عن الخدمة سيؤدي إلى انهيار «كامل وخطير» في المنظومة الصحية على مستوى البلاد.

ود مدني السودان: «الشرق الأوسط»  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة

إقرأ أيضاً:

وسائل إعلام تكشف علاقة قوات الدعم السريع بالكيان الصهيوني

في الآونة الأخيرة، تزايدت الأنباء والمعلومات المتداولة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول وجود علاقات واتصالات بين إسرائيل وقائد قوات "الدعم السريع" السودانية، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ "حميدتي"، وقد تم تدعيم هذه المعلومات بتقارير إعلامية واستخباراتية نقلت عن مصادر إسرائيلية وأخرى سودانية، تُشير إلى أن قوات "الدعم السريع" تلقت شحنات من الأسلحة المتطورة والأجهزة العسكرية والاستخباراتية.

وتم تدعيم تلك المعلومات المنتشرة بعدّة تقارير إعلامية واستخباراتية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية أو مصادر محلية سودانية تعمل مع الدعم السريع، تشير إلى تلقي قوات "حميدتي" لشحنات من الأسلحة والأجهزة المتطورة المستخدمة لأغراض عسكرية واستخباراتية وتجسسية.

"إسرائيل" تزود "حميدتي" بالسلاح وأحدث الأجهزة 

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو، "حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس متطورة، نقلتها إلى الخرطوم طائرة مرتبطة ببرنامج التجسس "الإسرائيلي"، تجلب تكنولوجيا المراقبة من الاتحاد الأوروبي. وبحسب الصحيفة فقد تم نقل الشحنة على وجه السرعة إلى منطقة "جبل مرة" بدارفور التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" بالكامل. 

وبحسب خبراء تقنيين، فإن أجهزة التجسس التي حصل عليها "حميدتي"، تعزز من قدرات قوات "الدعم السريع"، وتزيد من نفوذهم الأمني في البلاد على حساب نفوذ وقدرات الجيش السوداني؛ حيث يمكنها اختراق نظام أندرويد وأيفون والبنى التحتية للشبكات والتجسّس البصري، فضلًا عن تعقّب أنظمة "واي فاي"، واعتراض الاتصالات عبر الشبكة الهاتفية (جي إس إم) والـ(جي بي اس) عبر الهواتف، وهو ما يوفر لـ "الدعم السريع" بنية أمنية واستخباراتية مستقلة عن الجيش السوداني.

وبحسب الخبير والمحلل السياسي محمد سعود الموالي، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تدعم بها تل أبيب "حميدتي"، حيث انتشرت معلومات حول تزويد اسرائيل "للدعم السريع" بالأسلحة التي سيطرت عليها بعد دخولها بريًا في قطاع غزة، ولوحظ بحسب مصادر سودانية، الصاروخ المعدل "الياسين 105" المضاد للدروع والذي تمتلكه كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس.

وأضاف الموالي، بأن هذه الصفقة تشير إلى رغبة إسرائيلية وخطة مسبقة للتوغل أمنياً في السودان، ودعم طرف على حساب الأطراف الأخرى، تخدم المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

تاريخ العلاقات الإسرائيلية مع قوات "الدعم السريع"

بدوره علق الباحث والخبير بالشؤون الأفريقية عبد الواحد سمسمي على هذه المعلومات مؤكداً أن العلاقات بين إسرائيل والأطراف الحاكمة في السودان ليست جديدة، حيث أن السودان قام بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في 23 أكتوبر 2020، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين. 

وكان أحد العوامل الرئيسية في التقارب بين السودان وإسرائيل حينها هو الوساطة التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي بفضلها حصل تقارب كبير بين إسرائيل وقوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي المدعوم إماراتياً، والذي وثقت به إسرائيل لاحقاً، ولازال حتى الآن يتمتع بعلاقة خاصة واتصالات دائمة مع الموساد الإسرائيلي. كما التقى بالمخابرات "الإسرائيلية" مرتين منذ حزيران/ يونيو 2021 وفقاً لمصادر سودانية.

بالإضافة لذلك، كان تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" هو أحد الشروط الرئيسية التي فرضتها واشنطن مع الغرب والامارات على السودان لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وبحسب سمسمي، فإن إسرائيل حافظت على علاقات جيدة مع طرفي الصراع في السودان بعد اندلاع الحرب ولكنها استخباراتياً وأمنياً كانت تميل لحميدتي وقواته وذلك لعدة أسباب.

أسباب وخلفيات الدعم الإسرائيلي لـ "حميدتي" 

في السياق ذاته أكد الخبير العسكري والاستراتيجي محمد عبدلله قبلان بأن لإسرائيل كثير من المصالح والأسباب التي تدفعها لدعم حميدتي، أولها، أن إسرائيل تدرك أن ازدياد نفوذ الإسلاميين في الجيش السوداني وانتصارهم على قوات الدعم السريع، يعني ازدياد دعمهم وموالاتهم لحماس وحركات المقاومة الإسلامية في لبنان واليمن وفلسطين التي تقاتل ضد إسرائيل، في الوقت نفسه يعني ازدياد مناهضة السودان لإسرائيل وسياساتها ومصالحها في المنطقة.

وأشار قبلان بأنه، حصل سابقاً وتعاون الإسلاميون في السودان بشكل نشط مع حماس في الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 2014 وقاموا بتزويد الحركة بالسلاح، إلى أن توقف هذا التعاون بضغط سياسي من المملكة العربية السعودية، بعد الضربات الإسرائيلية التي وجهت للسودان عام 2012.

ثانياً، وبحسب قبلان فإن دعم إسرائيل لحميتي عسكرياً وسياسياً لن يخلصها فقط من القوة الموالية للإسلاميين (الجيش السوداني بقيادة البرهان)، بل يوف يسمح لها أيضاً بالضغط على مصر في أي استحقاقات سياسية أو امنية مستقبلاً وسوف يمنحها نفوذ أكبر في البحر الأحمر.

ثالثاً، دعم "حميدتي" وقواته من الممكن أن يكون تمهيد لاستخدام "الدعم السريع" كمرتزقة للقتال ضد الحوثيين، حيث أن إسرائيل تخطط لاستخدام قوات "حميدتي" لقتال جماعة الحوثي التي تسبب لها كثير من الإزعاجات في البحر الأحمر، وبالتالي سوف تعزز تل أبيب من نفوذها في البحر الأحمر، وتحمي سفنها التجارية، وتضعف حركات المقاومة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع جيش وطني لا جنيدي ولا عطوي
  • حركة تحرير الجزيرة السودانية تتوعد بالانتقام من الدعم السريع
  • «القاهرة الإخبارية»: ارتفاع عدد ضحايا مدينة الهلالية لـ 522 قتيلا في السودان
  • وسائل إعلام تكشف علاقة قوات الدعم السريع بالكيان الصهيوني
  • اتهامات جديدة لـالدعم السريع بقتل مدنيين في الجزيرة السودانية
  • «نداء الوسط»: «44 شهيدًا» خلال يومين جراء هجمات الدعم السريع بالجزيرة
  • السودان.. تفشي الكوليرا في مناطق سيطرة ميلشيات الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • 343 ألف نازح سوداني من ولاية الجزيرة و503 قتلى بالهلالية
  • إطلاق سراح شباب من أبيي بعد دفع فدية لقوات الدعم السريع
  • عقب اجتياحها بواسطة قوات الدعم السريع وفرض الحصار عليها .. تعرف على مدينة الهلالية