سواليف:
2025-02-22@09:52:01 GMT

قاطعوا بنوكهم إن كنتم صادقين!

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

#قاطعوا_بنوكهم إن كنتم صادقين!

د. #فيصل_القاسم

لست هنا بصدد السخرية من حملات المقاطعة الشعبية التي ألحقت أضراراً مادية ومعنوية بالعديد من الشركات المعروفة بدعمها وتأييدها لإسرائيل في الكثير من البلدان العربية، فقد شاهدنا كيف أصبحت بعض فروع المقاهي والمطاعم والمحال التجارية الغربية خاوية على عروشها في معظم المدن العربية والإسلامية بعد أن قاطعها آلاف المستهلكين مما تسبب بخسارة أكثر من اثني عشر مليار دولار لشركة واحدة فقط.

وقد اضطرت فروع بعض الشركات الغربية العاملة في العالمين العربي والإسلامي إلى التبرؤ من الاتهامات الموجهة لها، كما خفضت أسعارها لاستعادة مئات الألوف من الزبائن الذين قاطعوها بسبب تأييدها لإسرائيل. وقد عمدت بعض الشركات الغربية إلى مناصرة غزة خوفاً من سلاح المقاطعة الشعبية. وسمعنا أيضاً أن بعض الشركات ستغلق فروعها في بعض العواصم العربية إلى غير رجعة بسبب الخسارة، وبعد أن فقدت ثقة المستهلكين وأصبحت في عيون الكثير منهم شركات معادية للقضايا العربية والإسلامية. باختصار فإن الشعوب تفعل ما بمقدورها، على محدوديته، وهو أضعف الإيمان للتعبير عن تضامنها مع فلسطين.

هناك من يرى أن ما تفعله بعض الأنظمة العربية المارقة من تعد على المستثمرين تكرره اليوم دول غربية تحت حجج واهية مختلفة

مقالات ذات صلة الاستفادة من الخبرات .. فرص الأردن الضائعة 2023/12/20

لكن علينا في الوقت ذاته ألا نأكل في عقول الشعوب حلاوة كما يقول المثل الشعبي، خاصة وأن المجهودات الشعبية تبقى متواضعة ومحدودة جداً وتأثيرها رمزي. هل يكفي أن تقاطع مطعماً أو مقهى غربياً، بينما معظم المنتوجات الأخرى الكبرى كالطائرات والسيارات وآلاف السلع الأخرى تملأ الأسواق العربية، ومعظم الشركات المنتجة لها يدعم إسرائيل؟ هذا يذكرني بالمقاطعة الإيرانية المُضحكة للزي الغربي، حيث يلبس الإيراني بدلة غربية كاملة ويمتنع عن ارتداء ربطة العنق فقط. ثم ما الفائدة من تحميل بعض فروع الشركات الغربية في بلادنا بعض الخسائر البسيطة إذا ما علمنا أن الاستثمارات العربية الحكومية والفردية في البلدان الداعمة لإسرائيل في الغرب تبلغ ربما تريليونات الدولارات، وهي الداعم الحقيقي لها بشكل مباشر أو غير مباشر، وليست فروع الشركات الغربية العاملة في بلادنا كمطعم هنا ومقهى هناك. ليس سراً أبداً أن حتى الدول العربية الفقيرة، وخاصة أنظمة الجنرالات، تستثمر مليارات الدولارات في الشركات والبنوك الأمريكية والأوروبية، فما بالك البلدان الغنية التي تستثمر السواد الأعظم من أرصدتها في بنوك غربية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإسرائيل، لا بل إن بعض البنوك الأمريكية التي تحتفظ بودائع بمئات مليارات الدولارات من الأموال العربية تديرها شركات وقوى أقل ما يقال عنها إنها إسرائيلية الهوى وربما الأصل والعقيدة أيضاً. فما الفائدة إذاً من الانتقادات الإعلامية التي توجهها بعض الأنظمة العربية لإسرائيل وداعميها الغربيين، بينما هي من وراء الستار تمول بطريقة أو بأخرى الحروب على غزة وغيرها.
قد يرى البعض أنه من الخطأ توجيه اللوم للدول العربية على الاستثمار في الغرب، فهناك فائض مالي كبير لدى كثيرين لا يمكن استيعابه ولا حتى استغلاله في البلدان العربية لأسباب كثيرة، وبالتالي لا بد من استثماره في العواصم الغربية التي توفر بيئة آمنة ومربحة للاستثمارات الأجنبية حسب رأيهم. لكن حتى هذا الافتراض أصبح مشكوكاً بأمره، إذ يرى كثيرون اليوم أن العديد من البلدان الغربية لم تعد المكان الأفضل لرؤوس الأموال العربية والأجنبية، ليس لأنها داعمة لإسرائيل فحسب، بل لأنها قد تكون مصيدة للاستثمارات، فقد شاهدنا ما حصل للمستثمرين الروس بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد وضعت الحكومات الغربية أيديها على مئات المليارات التابعة لرجال أعمال روس ظنوا ذات يوم أن ملياراتهم ستكون آمنة في العواصم الغربية، فتبين أن بعض العواصم لا تختلف مطلقاً عن أي نظام عربي أمني وضيع يستولي على أملاكك وأرزاقك لمجرد معارضته بصرخة أو مظاهرة أو بمقال أو برنامج تلفزيوني. وهناك من يرى أن ما تفعله بعض الأنظمة العربية المارقة من تعد على المستثمرين تكرره اليوم دول غربية تحت حجج واهية مختلفة بذريعة فرض عقوبات على النظام الروسي أو غيره، وهذا يجعل الاستثمارات العربية في الغرب في مهب الريح، خاصة وأن أمريكا هددت أكثر من مرة بالاستيلاء على بعض الاستثمارات العربية لديها بموجب بعض القوانين التي وضعتها خصيصاً لهذا الغرض. وبالتالي فإن الاستثمارات العربية في الغرب لا تخدم فقط من تعتبرهم الشعوب العربية أعداءها، بل أيضاً يمكن في يوم من الأيام أن يكون مصيرها كمصير الاستثمارات الروسية. ولا ننسى أن سويسرا المعروفة تاريخياً بأنها ملاذ آمن لكل الاستثمارات العالمية قد انقلبت في الفترة الأخيرة على مبادئها، وشاركت بفرض عقوبات على روسيا والمستثمرين الروس بضغط أمريكي.
لهذا نعود ونتساءل: لماذا شجعت بعض الدول العربية والإسلامية شعوبها على مقاطعة فروع الشركات الغربية في العالمين العربي والإسلامي نصرة لغزة، بينما هي تستثمر أموالها في بنوك وشركات غربية مرتبطة بإسرائيل ارتباطاً وثيقاً؟ ربما يكون ذلك فقط لامتصاص غضب الشارع ونقمته وتنفيسه وتحويل الأنظار عن الاستثمارات العربية والإسلامية الكبرى في ديار أرباب إسرائيل وحُماتها وداعميها ومموليها وشركائها في العقيدة والموقف. هل يعقل أن نقاطع فروع بعض الشركات الغربية في بلادنا، بينما التريليونات العربية موجودة أصلاً في الشركات الأم في الغرب، وربما بضغوط غربية على الأنظمة العربية التي تقايض وجودها في السلطة برهن ثروات بلادها لداعميها وكفلائها الغربيين؟ أليس من المضحك أن تقوم الشعوب العربية بمقاطعة بعض أذرع الشركات الغربية في العالم العربي، بينما في الآن ذاته ينام العديد من الأنظمة العربية وإسرائيل معاً في الحض الغربي؟

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فيصل القاسم الاستثمارات العربیة العربیة والإسلامیة الشرکات الغربیة فی الأنظمة العربیة بعض الشرکات فی الغرب

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: غدًا سيكون يومًا صعبًا ومؤلمًا لإسرائيل

أكَّد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، أن استعادة أربعة جثامين لأسرى إسرائيليين كانت محتجزة لدى حركة حماس، والتي سيتم استلامها بعد التوصل إلى اتفاق في القاهرة، ستكون "لحظة صعبة ومؤلمة" بالنسبة لإسرائيل.

وقال نتنياهو في تصريحات له: "غدًا سيكون يومًا صعبًا جدًا لإسرائيل، يومًا مؤلمًا، يومًا من الحزن. نحن نستعيد أربعة من أحبائنا المختطفين، لكنهم عادوا كجثامين. نحن نحتضن العائلات، وقلب أمة بأكملها يتمزق. قلبي يتمزق. قلوبكم أيضًا. ويجب أن يتمزق قلب العالم كله، لأن ما نراه هنا يكشف من نتعامل معه، وماهية الوحوش التي نواجهها. نحن نشعر بالحزن والألم، لكننا أيضًا مصممون على ضمان عدم تكرار مثل هذا الحدث أبدًا."

وكانت رئاسة الوزراء الإسرائيلية قد أكدت، يوم الثلاثاء، أنه تم التوصل إلى تفاهمات خلال المفاوضات في القاهرة تقضي بإطلاق سراح ستة من الأسرى الأحياء، بالإضافة إلى استعادة جثامين أربعة آخرين، وذلك ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق بين الأطراف المعنية.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال: المحتجزان المفرج عنهما من غزة وصلا لإسرائيل
  • خريطة تكشف سيطرة فعلية لإسرائيل على 44.5% من الضفة الغربية
  • أرسلها ترامب لإسرائيل.. خبير استراتيجي يكشف مفاجأة عن قنابل «إم كيه 84»
  • الرئيس الأمريكي يؤكد أهمية الاستثمارات التي تولد عوائد مالية
  • الرئيس الأمريكي يؤكد أهمية الاستثمارات التي تولد عوائد مالية خلال كلمته في النسخة الثالثة لقمة الأولوية بميامي
  • تفاؤل بافتتاح فروع مصرفي الرافدين والرشيد في الإقليم: تنشط الاقتصاد وتجذب المستثمرين
  • رئيس العربية للتصنيع: نستهدف تعزيز التعاون مع الشركات العالمية بالصناعات الدفاعية
  • تفاؤل بافتتاح فروع مصرفي الرافدين والرشيد في الإقليم: تنشط الاقتصاد وتجذب المستثمرين - عاجل
  • نتنياهو: غدًا سيكون يومًا صعبًا ومؤلمًا لإسرائيل
  • زيارة مرتقبة لمحافظ البنك المركزي الى السليمانية