#قاطعوا_بنوكهم إن كنتم صادقين!
د. #فيصل_القاسم
لست هنا بصدد السخرية من حملات المقاطعة الشعبية التي ألحقت أضراراً مادية ومعنوية بالعديد من الشركات المعروفة بدعمها وتأييدها لإسرائيل في الكثير من البلدان العربية، فقد شاهدنا كيف أصبحت بعض فروع المقاهي والمطاعم والمحال التجارية الغربية خاوية على عروشها في معظم المدن العربية والإسلامية بعد أن قاطعها آلاف المستهلكين مما تسبب بخسارة أكثر من اثني عشر مليار دولار لشركة واحدة فقط.
هناك من يرى أن ما تفعله بعض الأنظمة العربية المارقة من تعد على المستثمرين تكرره اليوم دول غربية تحت حجج واهية مختلفة
مقالات ذات صلة الاستفادة من الخبرات .. فرص الأردن الضائعة 2023/12/20لكن علينا في الوقت ذاته ألا نأكل في عقول الشعوب حلاوة كما يقول المثل الشعبي، خاصة وأن المجهودات الشعبية تبقى متواضعة ومحدودة جداً وتأثيرها رمزي. هل يكفي أن تقاطع مطعماً أو مقهى غربياً، بينما معظم المنتوجات الأخرى الكبرى كالطائرات والسيارات وآلاف السلع الأخرى تملأ الأسواق العربية، ومعظم الشركات المنتجة لها يدعم إسرائيل؟ هذا يذكرني بالمقاطعة الإيرانية المُضحكة للزي الغربي، حيث يلبس الإيراني بدلة غربية كاملة ويمتنع عن ارتداء ربطة العنق فقط. ثم ما الفائدة من تحميل بعض فروع الشركات الغربية في بلادنا بعض الخسائر البسيطة إذا ما علمنا أن الاستثمارات العربية الحكومية والفردية في البلدان الداعمة لإسرائيل في الغرب تبلغ ربما تريليونات الدولارات، وهي الداعم الحقيقي لها بشكل مباشر أو غير مباشر، وليست فروع الشركات الغربية العاملة في بلادنا كمطعم هنا ومقهى هناك. ليس سراً أبداً أن حتى الدول العربية الفقيرة، وخاصة أنظمة الجنرالات، تستثمر مليارات الدولارات في الشركات والبنوك الأمريكية والأوروبية، فما بالك البلدان الغنية التي تستثمر السواد الأعظم من أرصدتها في بنوك غربية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإسرائيل، لا بل إن بعض البنوك الأمريكية التي تحتفظ بودائع بمئات مليارات الدولارات من الأموال العربية تديرها شركات وقوى أقل ما يقال عنها إنها إسرائيلية الهوى وربما الأصل والعقيدة أيضاً. فما الفائدة إذاً من الانتقادات الإعلامية التي توجهها بعض الأنظمة العربية لإسرائيل وداعميها الغربيين، بينما هي من وراء الستار تمول بطريقة أو بأخرى الحروب على غزة وغيرها.
قد يرى البعض أنه من الخطأ توجيه اللوم للدول العربية على الاستثمار في الغرب، فهناك فائض مالي كبير لدى كثيرين لا يمكن استيعابه ولا حتى استغلاله في البلدان العربية لأسباب كثيرة، وبالتالي لا بد من استثماره في العواصم الغربية التي توفر بيئة آمنة ومربحة للاستثمارات الأجنبية حسب رأيهم. لكن حتى هذا الافتراض أصبح مشكوكاً بأمره، إذ يرى كثيرون اليوم أن العديد من البلدان الغربية لم تعد المكان الأفضل لرؤوس الأموال العربية والأجنبية، ليس لأنها داعمة لإسرائيل فحسب، بل لأنها قد تكون مصيدة للاستثمارات، فقد شاهدنا ما حصل للمستثمرين الروس بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد وضعت الحكومات الغربية أيديها على مئات المليارات التابعة لرجال أعمال روس ظنوا ذات يوم أن ملياراتهم ستكون آمنة في العواصم الغربية، فتبين أن بعض العواصم لا تختلف مطلقاً عن أي نظام عربي أمني وضيع يستولي على أملاكك وأرزاقك لمجرد معارضته بصرخة أو مظاهرة أو بمقال أو برنامج تلفزيوني. وهناك من يرى أن ما تفعله بعض الأنظمة العربية المارقة من تعد على المستثمرين تكرره اليوم دول غربية تحت حجج واهية مختلفة بذريعة فرض عقوبات على النظام الروسي أو غيره، وهذا يجعل الاستثمارات العربية في الغرب في مهب الريح، خاصة وأن أمريكا هددت أكثر من مرة بالاستيلاء على بعض الاستثمارات العربية لديها بموجب بعض القوانين التي وضعتها خصيصاً لهذا الغرض. وبالتالي فإن الاستثمارات العربية في الغرب لا تخدم فقط من تعتبرهم الشعوب العربية أعداءها، بل أيضاً يمكن في يوم من الأيام أن يكون مصيرها كمصير الاستثمارات الروسية. ولا ننسى أن سويسرا المعروفة تاريخياً بأنها ملاذ آمن لكل الاستثمارات العالمية قد انقلبت في الفترة الأخيرة على مبادئها، وشاركت بفرض عقوبات على روسيا والمستثمرين الروس بضغط أمريكي.
لهذا نعود ونتساءل: لماذا شجعت بعض الدول العربية والإسلامية شعوبها على مقاطعة فروع الشركات الغربية في العالمين العربي والإسلامي نصرة لغزة، بينما هي تستثمر أموالها في بنوك وشركات غربية مرتبطة بإسرائيل ارتباطاً وثيقاً؟ ربما يكون ذلك فقط لامتصاص غضب الشارع ونقمته وتنفيسه وتحويل الأنظار عن الاستثمارات العربية والإسلامية الكبرى في ديار أرباب إسرائيل وحُماتها وداعميها ومموليها وشركائها في العقيدة والموقف. هل يعقل أن نقاطع فروع بعض الشركات الغربية في بلادنا، بينما التريليونات العربية موجودة أصلاً في الشركات الأم في الغرب، وربما بضغوط غربية على الأنظمة العربية التي تقايض وجودها في السلطة برهن ثروات بلادها لداعميها وكفلائها الغربيين؟ أليس من المضحك أن تقوم الشعوب العربية بمقاطعة بعض أذرع الشركات الغربية في العالم العربي، بينما في الآن ذاته ينام العديد من الأنظمة العربية وإسرائيل معاً في الحض الغربي؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: فيصل القاسم الاستثمارات العربیة العربیة والإسلامیة الشرکات الغربیة فی الأنظمة العربیة بعض الشرکات فی الغرب
إقرأ أيضاً:
56 % ارتفاع نسبة الشركـات المسجلة لدى «نافس»
أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
كشف برنامج تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس» عن ارتفاع نسبة الشركات الخاصة المسجلة لديه بواقع 56% خلال العام الجاري، حيث تم تسجيل 21 ألفاً و138 شركة خاصة حالياً تعمل في مجالات متنوعة لطرح وظائف متعددة للمواطنين عبر الموقع الإلكتروني للبرنامج، منها 7 آلاف و630 شركة جديدة انضمت منذ مطلع عام 2024، حيث كان يبلغ عدد الشركات حينها 13 ألفاً و508 شركات.
كشفت وزارة الموارد البشرية والتوطين عن تبقي 9 أيام أمام منشآت القطاع الخاص المشمولة بسياسات التوطين لتحقيق المستهدفات المقررة عن العام 2024، والتي تضم المنشآت التي يعمل لديها 50 عاملاً فأكثر، ومنشآت مختارة ومحددة ضمن فئة المنشآت التي توظف من 20 – 49 عاملاً وتعمل في 14 نشاطاً اقتصادياً محدداً، لافتة إلى أنه سيتم فرض مساهمات مالية على المنشآت غير المستوفية للمستهدفات المطلوبة في الأول من شهر يناير من العام 2025.
وأشارت الوزارة إلى أنه يتوجب على المنشآت التي يعمل لديها 50 عاملاً فأكثر تحقيق نمو 2% في توطين وظائفها المهارية قبل نهاية ديسمبر الجاري، حيث من المقرر أن يتم فرض مساهمات مالية بقيمة 96 ألف درهم عن كل مواطن لم يتم توظيفه على المنشأة غير المستوفية للمطلوب منها في الأول من يناير من العام المقبل.
كما يتعين على المنشآت المختارة ضمن فئة المنشآت التي توظف من 20 – 49 عاملاً وتعمل في 14 نشاطاً اقتصادياً محدداً، تعيين مواطن واحد على الأقل مع الاحتفاظ بالمواطنين الذين يعملون لديها قبل 1 يناير 2024، وسيتم تطبيق مساهمة مالية بقيمة 96 ألف درهم على المنشأة عن كل مواطن لم يتم تعيينه وفقاً للمستهدفات.
ودعت الوزارة المنشآت إلى الاستفادة من منصة برنامج «نافس» للتواصل مع المواطنين الباحثين عن عمل في مختلف التخصصات، وهو ما يدعمها في تحقيق المستهدفات المطلوبة منها، مؤكدة ضرورة أن تقوم المنشآت بتسجيل المواطنين العاملين لديها في أنظمة المعاشات والتقاعد والتأمينات الاجتماعية في الدولة وتحويل رواتبهم الشهرية من خلال نظام حماية الأجور.
كما دعت المواطنين الباحثين عن عمل إلى ضرورة التأكد من جدية عروض العمل التي يتلقونها بهدف التأكد من أنها ليست عروض توطين صوري، وذلك حرصاً على استدامة استفادتهم من منافع برنامج «نافس»، خصوصاً أن قرارات مستهدفات التوطين وضعت خصيصاً لدعم مساهمتهم في التنمية الاقتصادية للدولة، داعية الموطنين للإبلاغ عن الممارسات السلبية التي تتعارض مع سياسات التوطين عبر التواصل مع مركز الاتصال على الرقم 600590000 أو من خلال التطبيق الذكي والموقع الإلكتروني للوزارة.
وبحسب سياسة التوطين، ستحصل المنشآت الملتزمة بتحقيق مستهدفات التوطين المطلوبة منها على امتيازات عدة يوفرها نادي شركاء التوطين من أبرزها خصومات مالية تصل إلى 80% على رسوم خدمات وزارة الموارد البشرية والتوطين ومنحها الأولوية في نظام المشتريات الحكومية ما يعزز من فرص نمو أعمالها.