دار الإفتاء: استخدام الذهب في حشو الأسنان جائز شرعا
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟ فأنا أعاني من ألم في أسناني وذهبت إلى الطبيب لمعالجتها، فأخبرني بأنه سوف يقوم بحشوها بالذهب، فما حكم ذلك؟
هل فرشاة الأسنان تنقل الأمراض؟.. اعرف الحقيقة 10 طرق طبيعية لعلاج خراج الأسنان واللثةوقالت دار الإفتاء، إن عمل حشو للأسنان المسوَّسة بأي شيء أو تركيب غطائها -الطربوش- من الذهب لا حرج فيه شرعًا؛ سواء أخذنا بمذهب من أجازه من الفقهاء، أو أخذنا بجهة الضرورة المبيحة لاستعمالهما للتداوي بحسب ما يقرره الطبيب المختص.
وأوضحت، أن العلاج إذا كان مأذونًا فيه ابتداءً كانت وسائله وما يتوقف عليه مأذونًا فيها أيضًا؛ لأن القاعدة أن الإذن في الشيء إذنٌ في مُكَمِّلات مقصوده، كما في "إحكام الإحكام" لابن دقيق العيد (2/ 288، ط. مطبعة السُّنَّة المحمدية).
والأصل في استعمال الوسائل العلاجية أنها مأذون فيها ما دام أنها غير محرمةٍ في أصلها، ومع ذلك فقد أجاز جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة استخدام المحرم في التداوي؛ تنزيلًا للحاجة منزلة الضرورة، وقياسًا على الأنف المنصوص عليها في حديث عرفجة رضي الله عنه.
والأصل في ذلك: حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه أنه قد: «قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، والإمام أحمد في "المسند"، فدلَّ الحديثُ على إباحةِ استعمال اليسير مِن الذهبِ للرجالِ عند الضرورة، كربطِ الأسنان به.
ومِمَّا يدل على مشروعية شد الأسنان بالذهب أيضًا ما أخرجه الإمام الطبراني في "الأوسط" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن أباه سَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ، «فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يَشُدَّهَا بذهبٍ».
وقد فعله جملة من الصحابة وأصحاب الفضل والعلم، فقد روى الأثرم، عن موسى بن طلحة، وأبي جمرة الضبعي، وأبي رافع، وثابت البناني، وإسماعيل بن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله: أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وقال الإمام أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس، فلا بأس به عند الضرورة، كما في "المغني" لابن قدامة الحنبلي (3/ 46، ط. مكتبة القاهرة).
وحجة ذلك ما ذكره الإمام الترمذي في تعقيبه على حديث عرفجة، فقال: "هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة، وقد روى سلم بن زرير عن عبد الرحمن بن طرفة نحو حديث أبي الأشهب، وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم".
كما أنَّه مِمَّا يدل على مشروعية اتخاذ السن وجواز شدها بالذهب ما نقله غير واحدٍ من العلماء مما يفهم منه إجماع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على مشروعية ذلك من أنَّ سيدنا عثمان وغيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد شدُّوا أسنانهم بالذهب ولم ينكر عليهم أحدٌ في ذلك.
ويستفاد من هذه النصوص الواردة عن الفقهاء إباحة حشو الأسنان بالذهب إذ هو إصلاح لها ورفع للضرر الذي من أجله أَذِن الشرع الشريف في استعمال الذهب؛ عملًا بالرخصة الواردة في ذلك؛ لأنه من الذهب اليسير، وفيه رفع للضرر، فمن المقرر شرعًا أنَّ "الضرر يزال"، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى: «أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
وتخصيص الذهب بذلك مقيَّدٌ بعدم وجود غيره من المواد أو العناصر التي تحل محل الذهب وتكون أقل كلفة منه وأطول مدة، مع التحقق من عدم وجود ضررٍ في استخدام غيره من المواد على حسب ما يقرره أهل الاختصاص، فإن كان سيترتب على استخدام غيره ضررٌ مُحَقَّق أو غالب على الظن، فإنه حينئذٍ يكون هذا العلاج ممنوعًا، ويتوجب استخدام الذهب درءًا للضرر وإزالةً له إن كان واقعًا؛ عملًا بالقاعدة الشرعية المقررة من أن "الضرر يزال"، قال الإمام البَغَوي في "شرح السُّنَّة" (12/ 147، ط. المكتب الإسلامي): [والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورًا] اهـ.
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ عمل حشو للأسنان المسوّسة بأي شيء أو تركيب غطائها من الذهب لا حرج فيه شرعًا؛ سواء أخذنا بمذهب من أجازه من الفقهاء، أو أخذنا بجهة الضرورة المبيحة لاستعمالهما للتداوي بحسب ما يقرره الطبيب المختص.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء حشو الأسنان بالذهب حكم حشو الأسنان الطبيب الفقهاء الله علیه رضی الله ن الذهب
إقرأ أيضاً:
حكم صيام أول يوم في شهر رجب هل هو سنة.. الإفتاء تجيب
بعد إعلان دار الإفتاء أن غدا الأربعاء أول أيام شهر رجب المحرم، بدأ كثير من المسلمين بالبحث عن حكم صيام أول أيام شهر رجب وهل هو ممن سنن النبي؟
دار الإفتاء المصرية أوضحت في فتوى سابقة أن صيام أول يوم من شهر رجب يُعدّ من السنن التي حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
واستشهدت بما ورد عن الصحابي سهل بن سعد، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟» رواه البخاري ومسلم.
لماذا سمي شهر رجب بالأصب؟.. لـ3 أسباب فرصة عظيمة لنيل عطايا الجواددعاء أول ليلة في رجب.. يقضي حاجتك ويرزقك من حيث لا تحتسبكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما رأى هلال شهر رجب كان يدعو الله قائلًا: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان، وأعنا على الصيام والقيام، وحفظ اللسان، وغض البصر، ولا تجعل حظنا منه الجوع والعطش».
هذا الدعاء يُظهر المكانة الروحية لشهر رجب والاستعداد فيه لاستقبال شهر رمضان الكريم.
فضل شهر رجب وحكم صيامه
من جانبه، أشار مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إلى أهمية شهر رجب وفضل الصيام فيه، موضحًا عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن الصيام في شهر رجب مستحب، استنادًا إلى أحاديث نبوية شريفة.
فقد ورد في "سنن أبي داود" عن أبي مجيبة الباهلية أو عمها رضي الله عنه مرفوعًا: «صُم من الحُرُمِ واترك». كما أورد الإمام النسائي حديثًا عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «قلت: يا رسول الله، ما أراك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان! قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان».
دعاء شهر رجب .. ردد أفضل 110 أدعية تحقق الأمنيات وتزيد الأرزاقحقيقة استجابة الدعاء في أول ليلة من شهر رجبويوضح هذا الحديث أن الصيام في شهر رجب مستحب، لكن الأهم أن يكون الصيام وسيلة لتعظيم شعبان والاستعداد لرمضان، إذ أن شعبان هو الشهر الذي يغفل الناس عن فضله مقارنة برجب ورمضان.
العبادة بين الاستحباب والعادة
أكّد علماء الأزهر أن شهر رجب يُعد من الأشهر الحرم التي تُضاعف فيها الحسنات، لذا فإن صيام أيام منه، وخاصة أول يوم، يُعتبر من الأعمال المستحبة التي تقرب المسلم من الله، لكنهم شددوا على أن ذلك لا يعني فرضية الصيام في هذا الشهر، بل ترك الأمر على سبيل الاستحباب لمن أراد مزيدًا من الأجر والثواب.
فإن صيام أول يوم من شهر رجب يُعد فرصة لتعظيم الشهر الحرام والاستفادة من فضله في تحصيل الأجر، والاقتداء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم هذه الأيام المباركة.