ورشة ترميم المخطوطات في غزة.. باحثات في مهمة حفظ التراث الفلسطيني
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
داخل غرفة صغيرة وبمعدات بسيطة للغاية تشبه إلى حد كبير تلك الأدوات التي يستعين بها الطبيب داخل أروقة المستشفيات، دأبت باحثات من غزة على العمل بجد لحفظ الموروث الثقافي والتاريخي الفلسطيني، ضمن مشروع "مجموعة عيون على التراث".
وتنفذ المشروع مؤسسة "عيون على التراث" في غزة، حيث يشمل الكتب والمخطوطات والجرائد والمجلات والوثائق القديمة التي يعود بعضها إلى قرون سابقة.
وبمنتهى الدقة والإتقان، تحاول الفتيات اللاتي ينتمين إلى تخصصات متنوعة ومختلفة التعامل مع مجموعة كبيرة ونادرة من المخطوطات والكتب والسجلات والتاريخية، التي تآكلت على مر السنوات الطويلة نتيجة الترك والإهمال وغيرها من الأسباب، وذلك في سياق مشروع للترميم والصيانة الوقائية، بتمويل من المكتبة البريطانية ومتحف "هيل".
ورشة المخطوطاتحنين السرساوي، واحدة من أفراد الطاقم المتخصص في الترميم ضمن المشروع، تصف طبيعة العمل ومراحله، وتقول: "يقوم المشروع على ترميم المجلات والكتب والجرائد والوثائق والمخطوطات النادرة، ويمر المشروع بعدة مراحل، أولها الترميم أو الصيانة الوقائية حيث نقوم خلالها بالكشف عن المخطوط والوثائق والكتب وفحص جودة الورق ودرجة الحموضة فيه وثبات الحبر ونوعه إن كان كربونيا أو حديديا.
وتضيف: "يقوم طاقم الترميم بترقيم صفحات الكتاب والبدء بالتنظيف والصيانة الوقائية للصفحات باستخدام الأدوات ومنها الفراشي الناعمة والملقط الطبي والمقص الطبي وغيره وإسفنج الفينيل المخصص لتنظيف المخطوطات، وبعد الانتهاء من الترميم يتم تصدير الكتب والمخطوطات إلى قسم الأرشفة، وعندها تنتهي المرحلة الأولى ويبدأ عمل قسم الأرشفة".
وتتابع السرساوي حديثها عن أهمية العمل الذي يقوم به فريقها: "الاهتمام الذي نوليه للوثائق والمخطوطات كبير للغاية، كونها السبيل الوحيد للحفاظ على ما أنتجه العقل العربي والإسلامي من إرث ضخم، حيث تعتبر المخطوطات والكتب من المجموعات النادرة، وتمتلك قيمة علمية بالغة الأهمية وتعد مصدرا من مصادر المعلومات الأولية، ومن هنا تأتي أهمية الحفاظ عليها".
ترميم وأرشفةواستعرض طاقم العمل بعض المخطوطات والكتب والوثائق التي يعملون على ترميمها، وتحديدا تلك التي تعود للعهد العثماني حتى العام 1948، ومن بينها مخطوطات لعلماء ومشايخ من غزة برزوا في العهد العثماني مثل الشيخ أحمد بسيسو والشيخ عثمان الطباع والشيخ إبراهيم السقا، وتنوعت ما بين الأدب والتصوف والفقه والعقيدة والعديد من العلوم.
وكذلك استعرض الفريق أول رواية فلسطينية، وهي بعنوان "الوارث" للكاتب خليل بيدس، التي كتبت في العام 1920 أي قبل أكثر من 100 عام، وقد تمزقت أجزاء من أوراقها ويعمل الفريق على حفظها في بيئة مناسبة، لحمايتها من التلف والضياع.
وتستكمل دعاء دويمة، وهي أخصائية الأرشفة بالفريق حول مهمتها بالمشروع، وتقول لوكالة سند: "حصلت مؤسسة عيون على التراث على الإستوديو الأول من نوعه في قطاع غزة للأرشفة وبمعايير عالمية، لتصوير الكتب والمخطوطات النادرة في غزة، حيث نقوم بعد عملية الترميم بتفقد الكتاب من الثقوب والتمزق، ونقوم بتصوير الكتب بمعايير عالمية تم تدريبنا عليها من قبل مدرب معتمد من المكتبة البريطانية ومتحف هيل".
وتتابع: "بعد الانتهاء من التصوير نرفع الكتب على موقع المكتبة البريطانية والمتحف ليكون متاحا للدارسين حول العالم لرفع النسخة الورقية، ولكي لا تتعرض للمس نضعها في صناديق كرتونية خالية من الحمض، ثم نضعها في الخزانة الحديدية ونرفعها عن الأيدي".
تراث ثقافيوتستطرد حنين العمصي، المدير التنفيذي لمؤسسة "عيون على التراث" في وصف وتحليل عمل الفريق وأهدافه المستقبلية وتقول: "فريق عيون على التراث يتشكل من 9 باحثات منهن من يحملن درجة دكتوراه وماجستير وبكالوريوس بتخصصات مختلفة، تم تدريبهن على الترميم والأرشفة الرقمية وفق معايير دولية تم الاتفاق عليها، وكذلك الترميم وفق آليات عالمية، حيث يتم ترميم المخطوطات في غزة كما يتم ترميم أي مخطوطة حول العالم".
وحول طموح المؤسسة في المستقبل تحدثت العمصي: "تطمح المؤسسة في الحصول على مشاريع أخرى تعنى بالتراث الثقافي من خلال دعمها بمعدات وأجهزة لترميم وتجهيز المخطوطات النادرة، وجميعها تحتاج لأغلفة من الجلد الطبيعي وترميمها بشكل آلي".
وسردت العمصي أبرز المعيقات التي يواجهها المشروع وقالت: "كما هو معروف غزة مدينة محاصرة ولذلك لا تتوفر المواد المتخصصة لترميم المخطوطات ونضطر للانتظار لأشهر طويلة لتوفير المعدات اللازمة لترميم وأرشفة المخطوطات، إضافة إلى أن عملية الترميم صعبة ودقيقة ويحتاج الطاقم تقريبا 7 أو 8 ساعات لإنجاز مخطوطة واحدة، فهي بمثابة عملية جراحية دقيقة لإعادة الروح للمخطوطات.
وفي ختام حديثها وجهت العمصي رسالة تتمنى أن تصل إلى قلب كل فلسطيني للحفاظ على الموروث، تقول فيها: "أوجه رسالتي لكل إنسان فلسطيني، في داخل بيته وبالأحرى تحت وسادة جده أو جدته هناك وثيقة، سواء عملات أو ورقة تسجيل أو أي شيء آخر وفي كل القرى الفلسطينية بالشرق والغرب والشمال والجنوب، لا بد أن نحافظ عليها ولا ننظر إليها كوثيقة بالية، بل هي وثيقة أصيلة وهي حاوية للذاكرة الفلسطينية الرقمية لكل إنسان فلسطيني على مدار التاريخ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
ورش وعروض للمواهب تضيء ليالي رمضان بالعريش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواصل الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، تقديم فعالياتها الثقافية والفنية بفرع ثقافة شمال سيناء، احتفاء بشهر رمضان الكريم، وذلك ضمن أنشطة وزارة الثقافة.
أقيمت الفعاليات تحت إشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، حيث شهد قصر ثقافة العريش عروضا فنية متنوعة قدمها فريق المواهب بقيادة الفنان مدحت نجيب، شملت فقرات مثل "رمضان، وفرحة مصر، وبشرة خير، والدبكة، وصب القهوة". كما قدمت فرقة العريش للموسيقى العربية، بقيادة المايسترو د. محمد عبد اللاه، مجموعة من التواشيح والابتهالات الدينية، منها "سبحة رمضان، الرضا والنور، أم النبي، سلام الله يا طه، موسيقى المولد، أسماء الله الحسنى، لجل النبي، هلت ليالي"، واختتمت الفعاليات بعزف السلام الوطني احتفالًا بالشهر الكريم.
وضمن أنشطة الفرع بإدارة أشرف المشرحاني، التابع لإقليم القناة وسيناء الثقافي، بإشراف د. شعيب خلف، مدير عام الإقليم، استكملت إدارة ثقافة المرأة، ورشة فن الخرز للمدربة سماح ماهر، حيث شرحت تقنيات تشكيل المنحنيات والزوايا الحادة، بالإضافة إلى استكمال تنفيذ مشغولات سابقة، وصناعة حقيبة من الخرز.
وفي إطار التوعية الثقافية، نظمت مكتبة الضاحية محاضرة بعنوان "الصيام وذوي القدرات الخاصة"، قدمتها زينب محمد، التي تناولت تأثير الصيام على أصحاب الهمم ودوره في تعزيز دمجهم بالمجتمع، خاصة عند مشاركتهم في الأنشطة الخيرية.
كما نفذ قسم التمكين الثقافي ورشا فنية متنوعة، منها ورشة رسم، وورشة صلصال لتجسيد الصور الذهنية، بالإضافة إلى ورشة "فن الخرز" لصناعة مجسم لمسجد، قدمتها المدربة دينا ذكري.
وفي بيت ثقافة المساعيد، أُلقيت محاضرة بعنوان "أوقات المرأة في رمضان"، قدمتها نهى محمد، تناولت فيها كيفية تنظيم المرأة وقتها بين العبادات وأعمال المنزل. أما بيت ثقافة قاطية، فقد استضاف محاضرة بعنوان "عجائب ليلة القدر"، قدمتها فاطمة حسين، تطرقت خلالها إلى فضل هذه الليلة وأعمال النبي وأصحابه خلالها. كما نظمت المكتبة العامة بالعريش محاضرة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، ألقاها الشيخ إبراهيم محمد، تناول فيها فضائل ليلة القدر وأحكام الصيام ومبطلاته.
وفي مكتبة الطفل والشباب بقرية نجيلة، نظمت ورشة رسم حول "المسحراتي ومظاهر الاحتفال بشهر رمضان"، استخدم فيها الأطفال ألوان الخشب والباستيل. كما قدمت مكتبة الشهداء ورشة فنية حول مظاهر الاحتفال برمضان، حيث رسم المشاركون لوحات فنية تضمنت صورا للمساجد والفوانيس والزينة الرمضانية.
تأتي الفعاليات ضمن برنامج شامل أعدته الهيئة العامة لقصور الثقافة، يضم أكثر من 1640 فعالية ثقافية وفنية كبرى في 11 موقعا مركزيا بالقاهرة والأقاليم، بالإضافة إلى أكثر من 3000 فعالية أخرى في مختلف المواقع الثقافية على مدار الشهر الكريم، بهدف إثراء المشهد الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية.