طهران- كثفت إيران تجاربها العسكرية ودأبت على الكشف عن سلسلة من الأسلحة الإستراتيجية منذ الأيام الأولى من عملية طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما طرح تساؤلات عن مسوغات الخطوة وأهدافها والرسائل المراد إيصالها في المرحلة الراهنة.

ومن الأسلحة الإستراتيجية التي كشفت عنها طهران خلال الشهرين الماضيين صاروخ "فتاح 2" الفرط الصوتي ومسيّرة "كرار" المزودة بصاروخ مجيد الحراري، ونسختان مطورتان عن نظام "9 دي" المضاد للصواريخ، ونموذج جديد من دبابة "تي-72″، والطائرة المسيرة "شاهد 147".

ولم يمضِ يوم واحد على كشف إيران الثلاثاء الماضي عن تشكيل "قوة باسيج بحرية" ردا على الإعلان الأميركي تشكيل قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر حتى أعلن الحرس الثوري في اليوم التالي عن تركيب صواريخ بعيدة المدى ومجهزة بالذكاء الاصطناعي على سفنه وقطعه البحرية، واصفا الإنجاز الجديد بأنه يشكل "ثورة في قدرات الردع الوطنية".

مسيّرتا "كرار" في إحدى الجامعات العسكرية بطهران (الفرنسية، مكتب الجيش الإيراني) سياسة وطنية

يذهب فريق من الباحثين الإيراني إلى أن إزاحة الستار عن الإنجازات العسكرية تأتي في إطار سياسة التسليح الوطنية الرامية إلى تعزيز قدرات طهران الدفاعية والتسويق للصناعة العسكرية الإيرانية عقب رفع العقوبات الأممية عن إيران في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

من ناحيته، يعتبر رئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية مختار حداد أن توقيت الكشف عن الأسلحة الحديثة كان لافتا، بسبب تزامنه مع معركة طوفان الأقصى في غزة والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة ضد إيران، مؤكدا أن بلاده تواصل تعزيز صناعاتها الردعية وفق ما خططت له مسبقا.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول حداد إن "بلاده توظف تسليحاتها لاستتباب الأمن الإقليمي على غرار فتح ترسانتها العسكرية في وجه الدول الصديقة لمكافحة الإرهاب، وهو الذي انتشر خلال العقد الماضي بالمنطقة"، مؤكدا أن طهران سوف تكرر سياستها السابقة في مكافحة الإرهاب والعصابات التي تريد زعزعة الأمن في المنطقة.

وأشار إلى انتهاء سريان جميع القيود المفروضة على الأنشطة وعمليات النقل المتعلقة بصواريخ إيران الباليستية، وفقا لما يسمى "اليوم الانتقالي في الاتفاق النووي" في يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدا أنه بعد تلقي إيران طلبات عديدة من دول العالم -ومنها الأوروبية- لشراء أسلحتها فإنها لا ترى مانعا في تصديرها للخارج.

وكان العميد مهدي فرحي نائب وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن صادرات بلاده من المعدات العسكرية بلغت مليار دولار العام الماضي.

وزير الدفاع الإيراني يؤكد عزم بلاده الكشف عن المزيد من الإنجازات العسكرية خلال الفترة المقبلة (الصحافة الإيرانية) التطورات الإقليمية

وعلى الرغم من سياسة الجمهورية الإسلامية الرامية إلى تطوير صناعاتها العسكرية باستمرار فإن تكثيف الكشف عن إنجازاتها العسكرية وتأكيدها أنها تنوي الكشف عن المزيد من أسلحتها الإستراتيجية خلال الفترة المقبلة لا يدع مجالا للشك أنه يأتي في سياق التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها العدوان المتواصل على غزة واحتدام التوتر بالمنطقة، ولا سيما في المياه الإقليمية وأعالي البحار.

ويعتقد الباحث السياسي مصدق مصدق بور أنه لا يمكن قراءة ما كشفته طهران مؤخرا على صعيد الأسلحة الإستراتيجية بعيدا عن التطورات الإقليمية، ولا سيما العدوان الإسرائيلي على غزة والتحشيد الغربي في الشرق الأوسط.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير بور إلى الحرب السرية الجارية منذ عقود بين واشنطن وحلفائها الغربيين مع طهران بسبب موقف الأخيرة الرافض "لاحتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية"، واصفا الحرب على غزة بأنها "حلقة في سياق المواجهة القائمة بين المحور الغربي الإسرائيلي ومحور المقاومة، بهدف النيل من الجمهورية الإسلامية باعتبارها رأس الحربة للمحور الأخير".

ورأى في استعراض بلاده جانبا من صناعاتها العسكرية وتفعيل جزء من قدرات محور المقاومة عاملا فاعلا في قطع الطريق على الجهات "التي رأت في معركة غزة فرصة لمهاجمة حلقات المحور -وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية- بسبب سياستها الإقليمية وقيامها بالواجب الإسلامي والإنساني حيال القضية الفلسطينية".

ولدى إشارته إلى الأسلحة الإستراتيجية -ومنها القنابل الموجهة والحارقة للتحصينات التي زودت بها الدول الغربية إسرائيل والأساطيل البحرية التي أرسلتها إلى المنطقة- يؤكد بور أن "طهران لا تبخل على حلفائها في تزويدهم بالتكنولوجيا العسكرية"، ويرى في كشف طهران عن إنجازات عسكرية رسالة لداعمي الكيان الإسرائيلي لردع العدوان على غزة.

رسائل متنوعة

ورأى الباحث الإيراني في تكثيف بلاده الكشف عن تسليحات إستراتيجية "رسائل وإشارات إيرانية إلى الحلفاء والأعداء" يلخصها بالتالي:

دعم معنوي للأصدقاء والحلفاء في محور المقاومة، والتأكيد على أن طهران تضع أصابعها على الزناد ولن تسمح للأعداء بالانفراد بحلفائها الإقليميين. رسائل إلى دول المنطقة مفادها أن المحور الصهيوأميركي غير قادر على ضمان الأمن الإقليمي، وأن استقرار الشرق الأوسط لن يمر دون استيفاء حقوق الفلسطينيين. التأكيد للجانب الأميركي على أن القوات المسلحة الإيرانية على أهبة الاستعداد ولديها السلاح المناسب لرد الصاع صاعين على من يريد النيل من سيادتها الوطنية وأمنها القومي، لأنه ما خفي من الأسلحة الإيرانية أعظم مما تكشف عنه بين الفينة والأخرى، وهذا ما تعرفه المخابرات الأجنبية. رسائل ردع إلى الدول الغربية واللوبيات الصهيونية بغية إعادة النظر في دعمها الأعمى للكيان الإسرائيلي. التأكيد على أن طهران لن تترك حلفاءها في اليمن وحيدين ولن تفرط بسيطرتهم على مضيق باب المندب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأسلحة الإستراتیجیة الکشف عن على غزة

إقرأ أيضاً:

مستشار خامنئي: إيران قد تغير عقيدتها النووية حال تعرضت لخطر وجودي

شدد كمال خرازي،  مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، على أن طهران قد تغير من عقيدتها النووية في حال تعرضت لتهديد وجودي، موضحا أن بلاده لا تمارس في الوقت الراهن تطوير الأسلحة النووية.

وقال خرازي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الدولية، في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن "لا رغبة لدى طهران في حرب بالمنطقة، ولا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، ولكن إذا ما تعرضت البلاد لخطر وجودي فإنها ستغير عقيدتها النووية".

وتأتي تصريحات المسؤول الإيراني في ظل تصاعد حدة المواجهات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان، الأمر الذي دفع  بعثة إيران لدى الأمم المتحدة للتحذير من "حرب إبادة" في حال أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على حرب شاملة ضد لبنان، مشيرة إلى أنه في مثل هذه الحالة فإن "كل الخيارات بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة ستكون مطروحة على الطاولة".


في السياق، أوضح خرازي في حديثه للصحيفة البريطانية، أنه في حال "أعاد الغرب فرض العقوبات التي تم رفعها بعد انضمام إيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وفرض القيود على البرنامج النووي الإيراني، فسيتبع ذلك حتما رد فعل جدي من طهران يتعلق بتغيير الاستراتيجية النووية".

ولفت المسؤول الإيراني إلى أن بلاده "لا ترغب في إنشاء أسلحة نووية"، وتابع: "حتى الآن لم نتخذ قرارا بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 60 بالمئة. لكننا نحاول توسيع تجربتنا باستخدام وسائل وطرق مختلفة".

تجدر الإشارة إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبنى، مطلع حزيران /يونيو الماضي، قرارا يذكر "إيران رسميا بعدم تعاونها"، مطالبا طهران بالتراجع عن الحظر المفروض على دخول كبار المفتشين إلى أراضيها.


واعتمد مجلس الوكالة المؤلف من 35 دولة، لقرار بعدما حظي بتأييد 22 دولة وامتناع 12 ومعارضة اثنتين هما روسيا والصين، ويهدف التحرك الجديد إلى دفع إيران للامتثال لتحقيق تجريه الوكالة منذ سنوات في آثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.

وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، ذكرت أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب وصل إلى مستويات قريبة من مستوى صنع الأسلحة.

مقالات مشابهة

  • تذهيب الكتب .. تراث إيراني عريق يتحدى عصر الذكاء الاصطناعي
  • إيران: رفع دعوى جنائية ضد من عطل إجراء الانتخابات الرئاسية في الخارج
  • مستشار خامنئي: إيران قد تغير عقيدتها النووية حال تعرضت لخطر وجودي
  • مسؤول إيراني: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا عليه
  • مستشار خامنئي: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا شاملة
  • مستشار خامنئي لا يستبعد تغيير إيران لعقيدتها النووية عند وجود تهديد جدي
  • وول ستريت جورنال: هكذا أصبحت إيران قوة دولية رغم أنف أميركا
  • تراجع إيراني وتزايد روسي.. خارطة الوجود العسكري الأجنبي في سوريا
  • كيف ستتغير سياسة طهران تجاه موسكو؟
  • WSJ: كيف تحدت إيران أمريكا لتصبح قوة دولية؟