تقارير دولية: حزب الله يقود لبنان إلى مزيد من الانقسام الاجتماعي والسياسي
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
تقود سياسات حزب الله اللبنانية التصعيدية باتجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من الانقسام السياسي والاجتماعي والتوتر بين الطوائف، الأمر الذي يهدد هذه الدولة التي عانت من حروب أهلية وتعيش في نظام سياسي هش للغاية يقوم على نظام الطوائف.
وعلى موقعه، يستمر حزب الكتائب اللبنانية في لبنان في نشر بيانات تصدر من الجانب الإسرائيلي تحذر من التصعيد الذي يقوم به حزب الله اللبناني في الجنوب اللبناني، وكان آخرها تحذير إسرائيل من أن جنوب لبنان ستظل منطقة قتال طالما بقى فيها حزب الله.
كما أصدر الكتائب اللبنانية، مثل غيره من الأحزاب الأخرى في لبنان، بيانات تدين محاولة حزب الله إقحام جنوب لبنان في الحرب الدائرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة، مؤكدا أن التصعيد الآخير بين حزب الله وإسرائيل رفع مخاطر وقوع لبنان في البركان المشتعل ويقود البلاد إلى مزيد من الأزمة الاقتصادية المتمادية منذ أربعة أعوام في لبنان.
وحذر الحزب من أن هجمات إسرائيل داخل لبنان باتت تصل إلى مناطق غير مسبوقة منذ حرب عام 2006، موضحة مطالب إسرائيل بإبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني أو إنشاء منطقة آمنة بعمق نحو 10 كيلومترات.
ونوه الحزب على موقعه بأن الصراع الدائر بات يشكل صدمة إضافية كبيرة لنموذج النمو الاقتصادي اللبناني غير المستقل.
ونقل الحزب عن البنك الدولي بأنه ما لم يتم تنفيذ خطة شاملة لحل الأزمة فلن تكون هناك استثمارات طويلة الأجل ومجدية وسيعاني لبنان مزيدا من التأكل في رأس المال المادي والبشري والاجتماعي والطبيعي.
وتوجه العديد من الأحزاب اللبنانية اللوم على حزب الله لشن ضربات باتجاه إسرائيل من داخل المناطق المأهولة بالسكان والقرى، في حين تستهدف إسرائيل هذه المناطق لتوقع قتلى من المدنيين، كان آخرهم أمس سيدة بعمر الثمانين، بينما أصيب زوجها.
وبحسب شبكة “أن بي أر” الأمريكية فإن إسلوب قتال حزب الله يتسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية في لبنان، إذ أن عمليات القصف من داخل قرى ومناطق سكنية تقود إلى نتائج مدمرة، مع استهداف إسرائيل لهذه المناطق.
وتتوقع مصادر للموقع أن يجري حزب الله بإجلاء القرى لمسافة 10 كلم داخل لبنان، وهي المنطقة التي تشهد عمليات قتال واسعة بين الحزب ودولة الاحتلال، تجبنا لوقوع المزيد من الضحايا المدنيين وكذلك من مقاتلي حزب الله الذي فقد الكثير منهم خلال الفترة الماضية.
ونوهت الصحيفة أن هناك غضبا متزايدا لدى المدنيين في الجنوب الذي يقطنه أغلبية شيعية من تردي أوضاعهم ونزوحهم القسري من قراهم ومساكنهم ومزارعهم جراء هذا التصعيد الآخير، لافتة إلى أن أكثر من 60 ألف لبناني غادروا منازلهم في الجنوب ويشعرون بأنهم يدفعون ثمن هذا التصعيد.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك قطيعة وتوتر بين حزب الله والحكومة اللبنانية في بيروت جراء القرارات الأحادية التي يأخذها حزب الله والتي تخاطر بمصير لبنان، وأن الطوائف الأخرى لا تريد الانخراط في تصعيد بجانب الحزب بل وتنتقد علانية هذه التصرفات من جانب حزب الله.
وبينت الصحيفة أن الأحزاب والقيادات اللبنانية باتت توجه الاتهام إلى حزب الله وتصعيده بالتسبب في تفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل جذري في بلدهم الذي يعاني في الأساس من أوضاع اقتصادية صعبة، مؤكدين أن قطاعات كثيرة توقفت وتعرضت لخسائر لاسيما السياحة والزراعة والاستثمارات الخارجية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حزب الله لبنان فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
مذكرتا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. إسرائيل إلى مزيد من العزلة
الثورة /
ترى الصحافة الدولية والإسرائيلية في مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت انتكاسة لإسرائيل وتصعيداً سياسياً قانونياً دراماتيكياً يحمل تداعيات عديدة قد تقوم إلى عزل دولة الاحتلال وفرض قيود على سفر مسؤوليها إلى عشرات الدول، وإضعاف موقفها على المستوى الدولي وهي التي لطالما نافحت عن “ديمقراطيتها” الموسومة اليوم بجرائم الإبادة الجماعية في غزة.
وفي سابقة تاريخية، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس الأول الخميس، أوامر اعتقال بحق كل من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه المُقال يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وركزت مذكرات الاعتقال على اتهام المسؤولين الإسرائيليين بارتكاب جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، بينها تجويع شعب بكامله ومنعه من حقه في الوصول إلى مقومات حياته.
وقد أثار القرار عاصفة سياسة في الحلبة الدولية، فبينما أكدت العديد من الدول الأوروبية التزامها بتنفيذ أمر المحكمة، توجهت الأنظار نحو إسرائيل وكيف ستتعامل مع القرار الذي عدته أوساط إسرائيلية صفعة قوية يصعب تخيل عواقبها، حتى وإن رفضت الإدارة الأمريكية القرار بادعاء أن الجنائية الدولية لا تملك الولاية القضائية في هذه المسألة.
نتنياهو المأزوم والمشهور بقوته الخطابية، لم يجد أفضل من وصف القرار بأنه “محاكمة درايفوس” الجديدة، مشبها نفسه بالضابط اليهودي الفرنسي الذي جرت محاكمته عام 1859 لأنه يهودي، وكان هذا التوصيف مقدمة لاعتبار القرار لا ساميا ومعاديا لليهود وللحضارة الإنسانية ويوما أسود في تاريخ الشعوب المتحضرة.
وقبل بضعة أشهر، وصف نتنياهو طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بأنه “سخيف وكاذب.. وتشويه للواقع”، وتبع نتنياهو في مثل هذه التوصيفات كل أقطاب الحلبة السياسية في إسرائيل، الذين هبوا للدفاع عما اعتبروه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” ضد البربرية والظلامية، وضد من يسعون لإزالتها عن وجه الأرض.
ويرى مقال في صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن إصدار “الجنائية الدولية” مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت يمثل انتكاسة لإسرائيل ويعكس أدنى مستوى لها في معركتها من أجل الشرعية وحشد الدعم الدولي.
ووفق المقال، فإن الإسرائيليين الذين شعروا بدعم كثير من دول العالم بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 “يفيقون اليوم بعد 13 شهرا ليجدوا بلادهم معزولة ومدانة ومتهمة بارتكاب جرائم حرب”.
تصعيد دراماتيكي
بدورها، وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية قرار الجنائية الدولية بالتصعيد الدراماتيكي في الإجراءات القانونية ضد إسرائيل على خلفية الحرب على غزة، مشيرة إلى أنه القرار الأول من نوعه ضد مسؤول مدعوم من الغرب.
وحسب الصحيفة، فإن من شأن القرار تعزيز الشعور بأن إسرائيل تعيش عزلة دولية متزايدة بسبب سلوكها في الحرب على غزة.
أما صحيفة لوموند الفرنسية، فقالت في تقرير لها إن الولايات المتحدة معزولة بعد استخدام حق النقض (الفيتو) مرة أخرى ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وفق التقرير، كان يتوقع المفاوضون أن تراجع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن موقفها قبل وصول إدارة دونالد ترامب المؤيدة بشدة لإسرائيل.
تداعيات محتملة
أما صحيفة “نيويورك تايمز”، فقد سلطت الضوء على ثلاث تداعيات محتملة لمذكرات الاعتقال الصادرة عن الجنائية الدولية، أولها العزل الدبلوماسي، إذ يزيد القرار من عزلة إسرائيل في المجتمع الدولي، خصوصا بين الدول الموقعة والمصادقة على الولاية القضائية للمحكمة الموكلة بمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ما قد يعوق العلاقات الدبلوماسية والتعاون العسكري بين سلطات الاحتلال والعديد من الدول.
وترى الصحيفة الأمريكية أن مذكرة الاعتقال ستعيد وضع القادة الإسرائيليين تحت مجهر القانوني الدولي، مما يجعل سفرهم خارج إسرائيل محفوفا بالمخاطر، إلى جانب إضعاف الموقف الإسرائيلي، حيث تقول الصحيفة إن المذكرة تعزز الانتقادات الدولية ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويضعف من الدعم الذي تتلقاه من حلفائها، خاصة في أوروبا.
وتنقل نيويورك تايمز عن الخبير في القانون الدولي فيليب ساندز، أن ثمة قيود قانونية تواجه المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ مذكرات التوقيف، “إلا أن القرار يحمل رمزية قوية تعكس تغيرا في الموقف الدولي تجاه إسرائيل”، مشيراً إلى أن الدول الموقعة ملزمة باعتقال “المطلوبين إذا دخلوا أراضيها. هذا التزام قانوني واضح”.
ومع ذلك، فإن تبنه الصحيفة إلى سوابق مثل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدول موقعة من دون اعتقال ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة المحكمة على فرض قراراتها عمليا.
حظر توريد السلاح لإسرائيل
ويرى محلل عسكري إسرائيلي، أن مذكرتي الاعتقال الدوليتين بحق نتنياهو وغالانت تفتحان الباب أمام فرض حظر على توريد أسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير المحلل بصحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل إلى أن قرار الجنائية الدولية “قد يعطي دفعة قوية للشكاوى والتحقيقات الجنائية ضد جنود وقادة الجيش الإسرائيلي والتي تجري في العديد من البلدان”.
ويلفت هارئيل إلى العديد من التداعيات للقرار بما فيها إمكانية اعتقال نتنياهو وغالانت في أكثر من 120 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية حال وصلا إليها، ويقول إن من شأن القرار خلق فرصة لحظر الأسلحة من قبل دول غربية إضافية، والتي اكتفت حتى الآن بإجراءات “أكثر اعتدالاً ضد إسرائيل”.
ويضيف: “هذا من شأنه أن يعطي دفعة قوية للعديد من الشكاوى والتحقيقات الجنائية ضد جنود وقيادات الجيش الإسرائيلي والتي تجري في العديد من البلدان. كما أنه بمثابة تذكير بأن هناك محوراً آخر للتحقيق الجنائي يتمثل في الأحداث الجارية في الضفة الغربية، مع التركيز على المستوطنات”.
بابان لا ثالث لهما
الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين تحدث عن بابين لا ثالث لهما أمام هذا المنحنى الذي تتعرض له إسرائيل.
ووفق مقالة لجبارين فإن الباب الأول، أفرز نتنياهو كعقبة أمام مسمى إسرائيل الأسمى، “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” التي تغنّى بها، فهذا القرار يشكّك بديمقراطية دولة الاحتلال قبل أي شيء آخر، كما يشكّك باستقلالية القضاء الإسرائيلي وقدرته على محاسبة ذاتية منصفة.
ويضيف: “على مدى سنوات أغمض الغرب عيونه عن أعتى ممارسات إسرائيل الاحتلاليّة، فقط لكونها تمارس هذا الاحتلال تحت عباءة الديمقراطية والقيم الليبرالية، ولكن الآن وبعد أن زجّت المحكمة اسم نتنياهو جنبًا إلى جنب مع البشير، تجد إسرائيل نفسها في اختبار حقيقي، وعليها أن تقرر من تفضل؟ سمعة إسرائيل أم سمعة رئيس حكومتها الذي جلب لها العار؟”.
ويؤكد جبارين أن هذه النقطة تحديدًا هي اختبار للدولة العميقة في (إسرائيل)، ومدى إحكام وسيطرة نتنياهو عليها، “وهنا نستطيع القول إنّ هذه المجريات أعادت إسرائيل إلى المربع الأول، إذا أرادت الانتصار في الحرب، عليها الانتصار على نتنياهو، الأمر الذي تجاوزه نتنياهو حتى وصل إلى ما وصلنا إليه اليوم”.
وختم حديثه عن الباب الأول بالقول: “مرة أخرى توضع الدولة العميقة في إسرائيل في هذا الاختبار المصيري: إمّا أن تنتصر هي، وإمّا أن ينتصر هو، ومن بعده فليكن الطوفان”.
أمام الباب الثاني وفق جبارين، فهو يعني الجزم بأنّ إسرائيل باتت دولة الرجل الواحد، وهنا يتوجب على الساحر الدبلوماسي (نتنياهو) أن يمارس جهوده السابقة والتي قد أفلح بها مرات كثيرة بأن يخرج إسرائيل من عزلتها الدبلوماسية من خلال ضرب المحكمة الدولية بجهود استخباراتية قبل الدبلوماسية، مشيراً إلى أن ملف كريم خان “مجرد مقدمة، لما تجهز له إسرائيل لكل من يقف أمامها، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات أو حتى دولًا، تمامًا كما الدول المارقة الجانحة”.
ويتابع جبارين في مقاله: “وهنا لن يكون اختبارًا لنصر شمشون إسرائيل (نتنياهو) فحسب، إنما هو اختبار لكل القيم الدوليّة والديمقراطية، بل وسيكون مقياسًا ومعيارًا من معايير غزة الكاشفة لمواثيق حقوق الإنسان التي ضاقت على الفلسطيني”.
ويؤكد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، أن على العالم أن يحدد ماهيّة تعريف “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بالأخص أنّ كل ممارساتها وكل ما ارتكتبه يصنّف اليوم كجرائم حرب وَفقًا لاعتراف محكمته الدولية”.
ويختم بالقول، إن “جملة التصريحات الإسرائيلية لم تبقِ أمام الخيارين الكثير من التخبط، فلم يبقَ إلا أن تعلن إسرائيل الحرب على لاهاي، وضرورة الاستيطان فيها بعد محوها كإجراء عقابي لكل من يجرؤ على الوقوف أمام هذا الشمشون”.