شبكة اخبار العراق:
2025-04-17@01:59:21 GMT

الحرب ليست قصصا مصورة

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

الحرب ليست قصصا مصورة

آخر تحديث: 23 دجنبر 2023 - 9:37 صبقلم:فاروق يوسف يقول المثل “مَن يده في النار ليس كمن يده في الماء”. وأهل غزة أياديهم في النار. وهذه هي ليست المرة الأولى التي تقع أياديهم في النار. كما أن الجزء الأكبر منهم يتألف من لاجئين تقع أرضهم في فلسطين المحتلة. لاجئون مثلهم في ذلك مثل إخوتهم المقيمين في سوريا والأردن ولبنان والعراق غير أنهم يقيمون على جزء آخر من فلسطين الذي يُفترض أن يكون حرا ومستقلا حسب القوانين الدولية، غير أن الواقع يقول غير ذلك.

وهو ما فرضه المحتل الإسرائيلي حين وجد أن في إمكانه اختراق القوانين الدولية برضا عالمي. أهل غزة الذين تصطلي أياديهم في النار يقولون عن معاناتهم في مواجهة المأساة التي يعيشون فصولها شيئا مختلفا عمّا يقوله الذين لا تزال أياديهم تسبح في الماء. ولست هنا أطبّق المثل الذي يقول “أهل مكة أدرى بشعابها” فقد نعرف نحن المقيمين في بيوتنا الآمنة بعيدا عن القصف اليومي أشياء كثيرة عن أسرار الحرب وما يضمره ويخطط له طرفاها، وأيضا مواقف الدول الكبرى السياسية وما يحدث في الكواليس وحتى حقيقة المسافة التي تفصل بين الشك واليقين في مواقف الدول المعنية بالصراع أكثر من غيرها أكثر مما يعرفون. ولكن المسألة لا يمكن اختصارها في ذلك الحيز الضيق الذي يفصل بين الترف والشظف. الحرب ليست هتافات ومظاهرات واعتصامات ومعارض فنية وتبرعات وأدعية ونداءات. الحرب هي قتل ودمار وتشريد وفزع وفقدان وهلع وكوابيس لا نهاية لها ولأنني جربت شخصيا أوضاعا شبيهة بأوضاع أهل غزة في ظل حربين كارثيتين أعرف ما الذي يعنيه أن يقيم المرء تحت القصف. يوم كان الآخرون يحللون من فوق ما يجري لنا، كنا نقف حائرين في المسافة التي تفصل بين الضحك والبكاء. كنا نضحك من بلاهة أولئك الآخرين، وفي الوقت نفسه كنا نبكي من بلادتهم. حتى إخوتنا كانوا أشبه بالغرباء. كانوا غرباء عن هلعنا وخوفنا وجوعنا وعطشنا وفزعنا وحرقتنا وعذاباتنا وآلامنا وخساراتنا وفقداننا وهزائمنا الروحية. على الأقل لم يكونوا مثلنا. كانوا بشرا آخرين. أعرف شخصيا ما الذي يعنيه أن يكون المرء في غزة. أما الحديث عن الصمود والاستبسال والمقاومة والبطولة الاستثنائية فكله يقع خارج الشرط البشري. شرط الحياة الحقيقية التي يرغب الإنسان في أن يأخذ منها كفايته. لا تكفي نظرة نلقيها على الصور التي لا تحمل إلا شيئا من معنى تبسيطي. لا يكفي الاستماع إلى صرخة يطلقها طفل أُخرج من تحت الأنقاض وهو لا يعرف من الذي أدخل الوحوش إلى حكايته. لا تكفي الهتافات بلغات لا يفهمها أهل غزة يعبر أصحابها من خلالها عن تضامنهم معهم. ليس صحيحا أن أهل غزة سيشعرون بالراحة حين يعرفون أن العالم غاضب ومستاء من أجلهم. كل هذا إن وصلهم، وأشك في ذلك، لن يمنع الموت من التقدم إليهم. أعرف شخصيا ما الذي يعنيه أن يكون المرء في غزة. أما الحديث عن الصمود والاستبسال والمقاومة والبطولة الاستثنائية فكله يقع خارج الشرط البشري لا يعني ذلك أنني أستخف بما يقوم به شباب العالم وهو يسعى إلى إدانة حكوماته التي وقفت مع الهمجية الإسرائيلية، فكل مبادرة من ذلك النوع هي نوع من الواجب الإنساني الذي يعبّر عن دفاع الإنسان عن نفسه بالدرجة الأساس. ولكنني أقف ضد الترويج الكاذب لفكرة أن يكون العالم قد انقلب رأسا على عقب بسبب المجازر الإسرائيلية، وأن الدول التي ساندت إسرائيل في عدوانها وهي كثيرة في طريقها إلى مراجعة مواقفها، وأن النصر قادم لا محالة بسبب صمود أهل غزة وبطولتهم الأسطورية. ما من أسطورة في غزة بل هناك مدينة تقع تحت قصف أعمى لا يفرّق بين مدني ومسلح. إنهم ضحايا همجية عنصرية لن تنفع المعنويات العالية في التصدي لآلة حربها. أعرف أن ذلك الكلام لا يعجب الكثيرين ممَن أياديهم في الماء لكنني أتكلم بلسان الضحايا الحاليين كوني ضحية سابقة. صحيح أنني لا أشبه مَن خطفت الحرب حياته، غير أن الصحيح أيضا أنني شاركته هلعه حين كان القصف لا يصطادنا بالأسماء. كان هناك مَن يرغب في أن نكون كلنا أمواتا، ولكن القدر شاء أن أخرج حيا من حربين. الصدفة وحدها جعلتني أغادر في إجازة حجابات عبادان عام 1982 فحدث انهيار الجيش العراقي في شرق البصرة واختفت كتيبتي. ماذا يعني ذلك؟مَن يصف الحرب من خارجها ليس كمَن يعيشها. وهو ما يجعلنا نخطئ في حق الضحايا ونحن نرغب في تقديم صورة عنهم للعالم كما لو أنهم أبطال في القصص المصورة. هناك شيء مضلل في ما نقوله. ليست الحرب هتافات ومظاهرات واعتصامات ومعارض فنية وتبرعات وأدعية ونداءات. الحرب هي قتل ودمار وتشريد وفزع وفقدان وهلع وكوابيس لا نهاية لها.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی النار أن یکون أهل غزة

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان

قال نائب رئيس حزب الامة القومي الدكتور ابراهيم الامين ان شعار لا للحرب لم يحقق اهدافه، وان ما يسمى بمجموعة تأسيس اتجهوا للحكومة الموازية بعد ان انتصر الجيش وتقدم في الميدان، واعلن عن استحالة قيام الدولة الموازية دون سند شعبى ودون جماهير، ودون امكانيات.واشار خلال حديثه حول الراهن السياسي بفندق مارينا الأحد، الى ان الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان وتفكيكه.وكشف نائب رئيس حزب الامة القومي عن اجتماعات سرية شاركت فيها قيادات من تقدم، وان المجموعة المشاركة في فكرة الحكومة الموازية توسعت خلافاتها وانقسمت الى ثلاثة اجسام، الاول يتمسك بالحكومة الموازية، والطرفين الآخرين كان لهم تحفظات على الخطوة وكانوا يعترضون على ذلك في الاجتماعات السرية، ولا يجاهرون بها في العلن واصفا بأنهم تجار سلطة.وقال انه تحدى برمة ناصر بالظهور والمناظرة عن مشروع ما يسمى بالدولة الموازية، وكل يدافع عن رايه ومبرراته الا انه لم يرد حتى الآن، واضاف انهم ناصحوه بالتخلي عن الامر وانه تمسك برأيه، مبينا ان المجموعة المساندة له تتخذ قرارات دون الرجوع اليه وهو آخر من يعلم.واضاف نائب رئيس حزب الامة القومي ان عملية الاصلاح في الحزب ليس بالامر السهل، بل في غاية الصعوبة، وان حزب الامة متماسك.وكشف عن مطالبته لبرمة ناصر بالخروج عن ما يسمى منصة تأسيس التي تدعو للحكومة الموازية والاستمرار في رئاسة الحزب الا انه رفض.الى ذلك دعا الدكتور ابراهيم الامين الى تشكيل حكومة بأسرع وقت واختيار رئيس وزراء تتم محاسبته، وان تضع قضايا المواطن في الاولوية، وعدم تجاهل قضاياه.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
  • عربي21 تنشر التفاصيل الكاملة للمقترح الأخير الذي قدمته مصر لحماس (طالع)
  • الأونروا: نفاد المخزونات التي دخلت غزة خلال وقف إطلاق النار
  • الإمارات تدين الفظائع التي ترتكب في السودان وتدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار
  • هآرتس: حماس ليست نازية وغزة ليست دريسدن الألمانية
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان
  • حماس : سنرد قريبا على المقترح الذي تسلمناه من الوسطاء
  • بهتشلي يفتح النار على حزب الشعب الجمهوي: سياسة الوقاحة والجهل التي يقودها أوزغور أوزيل ستنهار قريباً
  • ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا ليست حربي
  • زيلينسكي يدعو ترامب إلى زيارة أوكرانيا لرؤية حجم الدمار الذي خلفته الحرب