النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين : أصولها، أسبابها ونتائجها/3
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
آخر تحديث: 23 دجنبر 2023 - 9:27 ص
بقلم:علي الكاش
3.هل هناك حقا حضارة فارسية قبل الإسلام؟ العراق كما هو معروف هو مهد العلوم والمعارف والحضارات، بل العراق بلا جدال هو قبلة العالم الثقافية، وتأتيه طلبة العلم والمعرفة من شتى أنحاء العالم، لتنهل من المعارف التي تركها السلف. فهل ما كان في بلاد فارس من علوم ومعارف يوازيها؟ وهل كان طلاب العلم يرتادون بلاد فارس للدراسة؟ الجواب: كلا بالطبع! إن بعض الحضارات التأريخية لا يعني إنها حضارات علوم وفنون وآداب ومعارف ونهضة علمية، فالحضارة الرومانية مثلا هي حضارة حربية وليست مدنية أساسها الحروب والاحتلال والتوسع.وهذا ما يقال أيضا عن الحضارة الفارسية التي سبقت الإسلام ويتشدق بها الفرس باطلا وزيفا، فلا توجد حضارة فارسية حقيقية في أي من العلوم والمعارف باستثناء الجانب الحربي والتوسع والاستيطان وبعض العمران وتنظيم الدواوين. وحتى العمران فهو محدد الأفق. لاحظ في العراق لا يوجد من معالم العمران الفارسي غير إيوان كسرى. في حين كان المعمار الكبير في العراق حيث الجنائن المعلقة ومعالم نينوى ومنارتها الحدباء وبابل وأور، ووصل العمران أعظمه في زمن الخلافة العباسية من خلال تخطيط مدن بغداد وسامراء وقصور الخلفاء المميزة، التي جسدها الشعراء في أشعارهم. قال علي بن الجهم في قصر الجعفري الذي بناه المتوكل ويقارنه بهندسة الروم والفرس: وما زلت أسمع أنّ الملوك تبني على قـدر أقدارها
وأعلم أنّ عــقول الرجال يقضى عليهـــــا بآثارها
فلما رأينا الإمــــــــــــام رأينا الخلافـــة في دارها
بدائع لـــــــم ترها فارس ولا الروم في طول أعمارها
وللروم ما شيّد الأولون وللفرس آثار أحرارهـــــا
وكنا نحسّ لــها نخـــــــوة فطامنت نخوة جبّارها
وأنشأت تحتج للمسلمــــين على ملحديها وكفّارها
صحون تسافر فيها العيون إذا ما تجلّت لأبصارها
وقبة ملك كأنّ النجـــــــوم تفضي إليها بأسرارهــا
تخرّ الوفــــــــود لها سجّدا سجود النصارى لكبّارها
لها شرفات كأنّ الربيـــــع كساها الرياض بأنوارها وأروقة شطرها للرخــــام وللتبر أكرم أشطارهــا
إذا رمقت تستبين العــيون منها منابت أشفارهــــا لو أنّ سليمان أدّت لــــــه شياطينه بعض أخبارها
لأيقنّ أنّ بني هاشـــــــــم يقدّمها فضل أخطارهــا
فلا زالت الأرض معمورة بعمرك تأخير أعمارها (كتاب البلدان للهمداني/369). كما قال الحسين بن الضحاك في سرمرى من شعر طويل: سكنّ إلى خير مسكونة تقسمها راغب من أمم
مباركة شاد بنيانها بخير المواطن خير الأمم
كأنّ بها نشر كافوره لبرد ثراها وطيب النسم وقوله:
كلّ البلاد لسرّمرّى شاهــد أنّ المصيف بها كفصل سواها
فيحاء طاب مقيلها ومبيتها وغدوّها ورواحها وضحاها حضارة الفرس الحقيقية ولدت عندما حلٌ الإسلام محل المجوسية، فنبغ الآلاف من العلماء والأدباء الفرس في شتى أنواع العلوم والمعارف، اي ان الفضل للإسلام وليس للمجوسية. وعندما يزعم البعض بأن الإسلام قضى على الحضارة الفارسية فذلك وهم يحاولون تحويله إلى حقيقة لغرض تشويه صورة الإسلام، وتحميله مسؤولية تدمير حضارتهم المزعومة، علاوة على سبغ السلبيات على الإسلام بدلا عن الإيجابيات التي تحققت لهم من خلال الفتح العظيم. لا يجوز لمسلم حقيقي أن يماش هذا الرأي الخاطئوالمجحف، انه نكران لجميل الإسلام على الفرس. يحاول الفرس صقل وتلميع المجوسية باعتبارها حضارة زاهية دمرها الغزو الإسلامي. الحقيقة أن هذ المسألة تخص تشويه صورة الإسلام عموما، وتشويه صورة عمر الفاروق خصوصا. وهذا ما يتجلى في تراثهم الذي ينال من الفاروق، بل ان كتابهم المقدس (الشاهنامة) يكيل للعرب الشتائم وينعتهم باسوا النعوت كما سنوضح فيما بعد. وهذه الشاهنامة هي قرآن الفرس الحقيقي. قال التوحيدي” للفرس السياسة والآداب والحدود والرسوم، وللرّوم العلم والحكمة، وللهند الفكر والرويّة والخفّة والسّحر والأناة، وللتّرك الشجاعة والإقدام، وللزّنج الصبر والكدّ والفرح، وللعرب النّجدة والقرى والوفاء والبلاء والجود والذّمام والخطابة والبيان“. (الإمتاع والمؤانسة1/72). وقال القاضي أبو حامد المرورّوذيّ“ لو كانت الفضائل كلّها بعقدها وسمطها، ونظمها ونثرها، مجموعة للفرس، ومصبوبة علىرؤوسهم، ومعلّقة بآذانهم، وطالعة من جباههم، لكان لا ينبغي أن يذكروا شأنها، وأن يخرسوا عن دقّها وجلّها، مع نيكهم الأمهات والأخوات والبنات فإن هذا شيء كريه بالطباع، وضعيفبالسّماع، ومردود عند كل ذي فطرة سليمة، ومستبشع في نفس كل من له جبلّة معتدلة“. (الإمتاع والمؤانسة1/80). وهذا ما سنفصله لاحقا. كما قال الجاحظ” زعم الفرس أنّ أوّل شيء يؤدّبونه به السجود للملك؛ قالوا : خرج كسرى أبرويز ذات يوم لبعض الأعياد، وقد صفّوا له ألف فيل، وقد أحدق به وبها ثلاثون ألف فارس، فلما بصرت به الفيلة سجدت له، فما رفعت رأسها حتى جذبت بالمحاجن وراطنها الفيّالون. وقد شهد ذلك المشهد جميع أصناف الدوابّ: الخيل فما دونها، وليس فيها شيء يفصل بين الملوك والرعيّة، فلما رأى ذلك كسرى قال: ليت أنّ الفيل كان فارسيّا ولم يكن هنديّا“. (كتاب الحيوان7/123). وأضاف الجاحظ” يزعم زرادشت، وهو مذهب المجوس، أنّ الفأرة من خلق الله، وأنّ السّنّور من خلق الشّيطان، وهو إبليس، وهو أهرمن. فإذا قيل له: كيف تقول ذلك والفأرة مفسدة، تجذب فتيلة المصباح فتحرق بذلك البيت والقبائل الكثيرة، والمدن العظام، والأرباض الواسعة، بما فيها من النّاس والحيوان والأموال،وتقرض دفاتر العلم، وكتب الله، ودقائق الحساب، والصّكاك، والشّروط؛ وتقرض الثّياب، وربّما طلبت القطن لتأكل بزره فتدع اللّحاف غربالا، وتقرض الجرب، وأوكية الأسقية والأزقاق والقرب فتخرج جميع ما فيها؛ وتقع في الآنية وفي البئر، فتموت فيه وتحوج النّاس إلى مؤن عظام؛ وربّما عضّت رجل النّائم، وربّما قتلت الإنسان بعضّتها. والفأر بخراسان ربّما قطعت أذن الرّجل. وجرذان أنطاكية تعجز عنها السّنانير، وقد جلا عنها قوم وكرههاآخرون لمكان جرذانها، وهي التي فجرت المسنّاة، حتى كان ذلك سبب الحسر بأرض سبأ؛ وهي المضروب بها المثل، وسيل العرم ممّا تؤرخ بزمانه العرب. والعرم: المسنّاة. وإنما كان جرذا. وتقتل النّخل والفسيل، وتخرّب الضّيعة، وتأتي على أزمّة الركاب والخطم، وغير ذلك من الأموال. والنّاس ربما اجتلبوا السّنانير ليدفعوا بها بوائق الفأر- فكيف صار خلق الضّارّ المفسد من الله، وخلق النّافع من الضّرر من خلق الشيطان؟! والسّنّور يعدى به على كلّ شيء خلقه الشّيطان من الحيّات، والعقارب، والجعلان، وبنات وردان، والفأرة لا نفع لها، ومؤنها عظيمة. قال: لأنّ السّنّور لو بال في البحر لقتل عشرة آلاف سمكة! فهل سمعت بحجّة قطّ، أو بحيلة، أو بأضحوكة، أو بكلام ظهر على تلقيح هرة، يبلغ مؤن هذا الاعتلال؟! فالحمد لله الذي كان هذا مقدار عقولهم واختيارهم“. (كتاب الحيوان4/407). كما قال الجاحظ“ أمّا الأكاسرة من الفرس فكانوا لا يعدّون النّاس إلّا عبيدا، وأنفسهم إلّا أربابا“. (كتاب الحيوان6/353) وناقض قوله” ليس الذي كان فيه آل ساسان وأنوشروان وجميع ولد أزد شير بن بابك كان من الكبر في شيء. تلك سياسة للعوامّ، وتفخيم لأمر السّلطان، وتسديد للملك“. (الرسائل الأدبية/140). علق د. علي ابو ملحم على قول الجاحظ المتناقض مع آرائه السابقة بقوله” القول ان ملوك آل ساسان لم يعرفوا التعظيم،والكبر غير صحيح. لقد احاطوا ملكهم بالأبهة والاجلال واسرفوا في ذلك حتى اصبحوا مضرب الأمثال. ويبدو ان بعض النساخ الميالين للشعوبية حرفوا قول الجاحظ“. من جهة أخرى ذكر ابو الطيب الحسيني القنوجي وهو من بخارى“ أما الفرس فكان شأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيما ولقد يقال: إن هذه العلوم إنما وصلت إلى يونان منهم حين قتل إسكندر دارا وغلب على مملكته واستولى على كتبهم وعلومهم إلا أن المسلمين لما افتتحوا بلاد فارس وأصابوا من كتبهم كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذن في شأنها وتنقيلهاللمسلمين. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: أن اطرحوها في الماء فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله تعالى بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله تعالى فطرحوها في الماء أو في النار فذهبت علوم الفرس فيها“. (أبجد العلوم1/379). ثم نقض قوله، فقال” كانت الفرس نقلت في القديم شيئا من كتب المنطق والطب إلى اللغة الفارسية فنقل ذلك إلى العربي عبد الله بن المقفع وغيره وكان خالد بن يزيد بن معاوية يسمى: حكيم آل مروان فاضلا في نفسه له همة ومحبة للعلوم خطر بباله الصنعةفأحضر جماعة من الفلاسفة فأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اليوناني إلى العربي وهذا أول نقل كان في الإسلام“. (أبجد العلوم1/380). كما ذكر احمد زكي صفوت” قدم النعمان بن المنذر على كسرى وعنده وفود الروم والهند والصين؛ فذكروا من ملوكهم وبلادهم، فافتخر النعمان بالعرب، وفضلهم على جميع الأمم، لا يستثنىفارس ولا غيرها، فقال كسرى -وأخذته عزة الملك- يا نعمان، لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم، ونظرت في حالة من يقدم علي من وفود الأمم؛ فوجدت للروم حظًا في اجتماع ألفتها، وعظم سلطانها، وكثرة مدائنها، ووثيق بنيانها، وأن لها دينًا يبين حلالها وحرامها، ويرد سفهيها، يقيم جاهلها، ورأيت الهند نحوًا من ذلك في حكمتها وطبها، مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيبصناعتها، وطيب أشجارها، ودقيق حسابها، وكثرة عددها، وكذلك الصين في اجتماعها، وكثرة صناعات أيديها، وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب، وصناعة الحديد، وأن لها ملكًا يجمعها، والترك والخزر على ما بهم من سوء الحال في المعاش، وقلة الريف والثمار والحصون، وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكنوالملابس، لهم ملوك تضم قواصيهم، وتدبر أمرهم، ولم أر للعرب شيئًا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة، ومع أن مما يدل على مهانتها وذلها، وصغر همتها محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة، والطير الحائرة، يقتلون أولادهم من الفاقة، ويأكل بعضهم بعضًا من الحاجة، قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها؛ فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل، التي يعافها كثيرة من السباع، لثقلها، وسوء طعمها، وخوف دائها، وإن قرى أحدهم ضيفًا عدها مكرمة، وإن أطعم أكلة عدها غنيمة، تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم، ما خلا هذه التنوخية التي أسس جدى اجتماعها، وشد مملكتها، ومنعها من عدوها؛ فجرى لها ذلك إلى يومنا هذا، وإن لها مع ذلك آثارًا ولبوسًا، وقرى وحصونًا، وأمورًا تشبه بعض أمور الناس -يعني اليمن- ثم لا أراكم تستكينون على ما بكم من الذلة والقلة والفاقة والبؤس حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتبالناس، قال النعمان: أصلح الله الملك. حق2 لأمة الملك منها أن يسمو فضلها، ويعظم خطبها، وتعلو درجتها؛ إلا أن عندي جوابًا في كل ما نطق به الملك، في غير رد عليه، ولا تكذيب له؛ فإن أمنني من غضبه نطقت به، قال كسرى: قل فأنت آمن. قال النعمان: أما أمتك أيها الملك؛ فليست تنازع في الفضل، لموضعها الذي هي به: من عقولها وأحلامها، وبسطه محلها، وبحبوحة عزها، وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك. وأما الأمم التي ذكرت، فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فضلتها. قال كسرى بماذا؟ قال النعمان: بعزها، ومنعتها، وحسن وجوهها، وبأسها، وسخائها، وحكمة ألسنتها، وشدة عقولها، وأنفتها، ووفائها. فأما عزها ومنعتها؛ فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد، ووطدوا الملك وقادوا الجند، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيلهم، ومهادهم الأرض، وسقوفهم السماء، وجنتهم السيوف، وعدتهم الصبر، إذ غيرها من الأمم إنما عزها من الحجارة والطين وجزائر البحور. وأما حسن وجوها وألوانها، فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم: من الهند المنحرفة، والصين المنحفة، والترك المشوهة، والروم المقشرة. الفرس والأنساب وأما أنسابها وأحسابها؛ فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيرًا من أولها، حتى إن أحدهم ليسأل وراء أبيه دنيا؛ فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أبًا فأبًا، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه، ولا يدعى إلى غير أبيه. وأما سخاؤها؛ فإن أدناهم رجلًا، الذي تكون عنده البكرة والناب، عليها بالغه في حمولة وشبعه وريه، فيطرقه الطارق، الذييكتفي بالفلذة، ويحتري بالشبة؛ فيعقرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر. وأما حكمة ألسنتهم؛ فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم، وحسنه ووزنه وقوافيه، ومع معرفتهم الأشياء، وضربهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات، ما ليس لشيء من ألسنةالأجناس ثم خيلهم أفضل الخيل، ونساؤهم أعف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومعادنهم الذهب والفضة، وحجارة جبالهم الجزع. ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر، ولا يقطع بمثلها بلد فقر.وأما دينها وشريعتها؛ فإنهم متمسكون به، حتى يبلغ أحدهم من نسكه بدينه أن لهم أشهرًا حرمًا، وبلدًا محرمًا، وبيتًا محجوجًا، ينسكون فيه مناسكهم، ويذبحون فيه ذبائحهم، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه، وهو قادر على أخذ ثأره، وإدراك رغمه منه؛ فيحجزهكرمه، ويمنعه دينه عن تناوله بأذى وأما وفاؤها، فإن أحدهم يلحظ اللحظة، ويومئ الإيماءة، فهي ولث وعقدة، لا يحلها إلا خروج نفسه، وإن أحدهم يرفع عودًا من الأرض فيكون رهنًا بدينه، فلا يغلق رهنه، ولا تخفر3 ذمته، وإن أحدهم ليبلغه أن رجلًا استجار به وعسى أن يكون نائيا عن داره. فيصاب، فلا يرضى حتى يفنى تلك القبيلة التي أصابته، أو تفنى قبيلته، لما أخفر من جواره، وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث، من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه، وأموالهم دون ماله. وأما قولك أيها الملك يئدون أولادهم، فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار، وغيرة من الأزواج. وأما قولك إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها، فما تركوا ما دونها إلا احتقارًا لها، فعمدوا إلى أجلها وأفضلها، فكانت مراكبهم وطعامهم، مع أنها أكثر البهائم شحومًا، وأطيبها لحومًا، وأرقها ألبانًا، وأقلها غائلة4، وأحلاها مضغة، وإنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلا استبان فضلها عليه. وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضًا، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم، فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفًا، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد، يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيلقون إليهم أمورهم، وينقادونلهم بأزمتهم، وأما العرب فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكًا أجمعين، مع أنفتهم من أداء الخراج والوطثبالعسف. وأما اليمن التي وصفها الملك؛ فإنما أتى جد الملك إليها الذي أتاه، عند غلبة الحبش له، على ملك متسق، وأمر مجتمع؛ فأتاه مسلوبًا طريدًا مستصرخًا، ولولا ما وتر به من يليه من العرب؛ لمال إلى مجال، ولوجد من يجيد الطعان، ويغضب للأحرار من غلبة العبيد الأشرار”. فعجب كسرى لما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك، ثم كساه من كسوته، وسرحه إلى موضعه من الحيرة” . (جمهرة خطب العرب1/53). لماذا يدعي الكثير بأنهم من العرب؟ الحقيقة ان الكثير من القوميات كانت تتسمى بالعرب بسبب علو منزلتهم مقارنة ببقية القوميات، ذكر النهشلي القيرواني“ الترك يدعون أنهم من اليمن، ويزعمون أن تبع الأكبر لما ارتحل عن غسان أنزل بها خلقاً عظيما من أهل اليمن، فافترقوا في البلاد، وصار بعضهم إلى أن نزل آستانة. والأكراد يزعمون أنهم من قيس بن هوزان، والأدرية يزعمون أنهم من العرب. وكان بابك يدعى أنه من خزاعة. تدعى أنهم من بني أمية، وأنه لما ظهرت دولة بني العباس هرب قوم من أمية فتزوجوا فيهم، وولدوا لهم الأولاد، على أنهم على دين اليهود“. (الممتع في صنعة الشعر/345). هل أصل الاكراد عرب؟ قال المازني الحموي” أنكر جماعة من ملوك بنى أيوب النسبة إلى الأكراد، وقالوا: إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم. وادعى بعضهم النسب إلى بنى أمية“. (مفرج الكروب في أخبار بني أيوب1/3). وقال ابو الفداء” الكرد من الفرس، ومنازلهم جبال شهرزور، وقيل: إِن الكرد من العرب، ثم تنبطوا. وقيل: إِنهم أعراب العجم“. (المختصر في أخبار البشر1/83) وذكر نشوان الحميري” كُرْد : جيلٌ من الناس، يقال إِنهم من الأزد ، قال الشاعر: لعمرك ما كُرْدٌ من ابناء فارسٍ ولكنه كرد بن عمرو بن عامر وقال آخر: لعمرك ما كرد بن عمرو بن عامر ولكن خالط العُجْمَ فاعتجم وقج نَسَبَتْهم الشعراءُ إِلى اليمن، ثم إِلى الأزد. وقيل: إِن الكُرْد : اسم عربي مشتق من المكاردة ، وهي المطاردة“. (شمس العلوم9/96). (الجمهرة2/638). من حمق الفرس قال البيهقي” حكي عن أبي عباد الكاتب أنه قال: كنت يوماً عند المأمون فدعا بالغداء وكان يستنزل من قام من مجلسه عند ذكر الطعام ويقول: هذا من أخلاق اللئام، فقدّموا إليه بطيخاً على أطباق جدد فجعل يقوّر بيده ويذوق البطيخة فإذا حمد حلاوتها قال: ادفع هذه بسكينتها إلى فلان. فقال لي وقد دفع إلي بطيخة كانت أحلى من الشهد المذاب: يا أبا عباد بم تستدل على حمق الرجل؟ قلت: يا أمير المؤمنين أما عند الله فعلامات كثيرة وأما عندي فإذا رأيت الرجل يحب الشاهلوج ويبغض البطيخ علمت أنه أحمق. قال: وهل تعرف صاحب هذه الصفة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين الرستمي أحد من هذه صفته. قال: فدخل الرستمي على أمير المؤمنين، فقال له المأمون: ما تقول في البطيخ الرمشيّ؟ قال: يا أمير المؤمنين يفسد المعدة ويلطخها ويُرقّها، يرخي العصب ويرفع البخار إلى الرأس. قال: لم أسألك عن فعله إنما سألتك أشهي هو؟ قال: لا. قال: فما تقول في الشاهلوج؟ قال: سماه كسرى سيد أجناسه. قال: فالتفت المأمون إليّ وقال: الرجل الذي كنا في حديثه أمس من تلامذة كسرى في الحمق“. (المحاسن والمساوىء/252).
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: من العرب من الأمم أنهم من
إقرأ أيضاً:
الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
عدن (الجمهورية اليمنية) - دعا الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ابناء الشعب اليمني، وقواه الوطنية الى وحدة الصف، ونبذ الفرقة، واعلاء قيم التكافل، والتراحم، كما دعا القطاع الخاص ومجتمع المال والاعمال، والمبادرات المجتمعية الى مضاعفة برامجهم الخيرية، ومساعدة المحتاجين، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، حيث تشتد الحاجة الى حشد كافة الامكانيات الحكومية، والاهلية للتخفيف من وطأة الازمة الانسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الايراني، وفقا لـ(سبأ).
وهنأ رئيس القيادة الرئاسي اليمني باسمه وإخوانه اعضاء المجلس، والحكومة، في خطاب بمناسبة شهر رمضان المبارك، كافة ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج بحلول الشهر الكريم الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده وقد تحقق للشعب اليمني كل ما يصبوا إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
كما وجه الرئيس العليمي في الخطاب الذي القاه نيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد الدكتور محمد شبيبة، تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل، مجددا الشكر لكافة المكونات الوطنية، والاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز الصمود الاسطوري.
وقال فخامة الرئيس اليمني:" في هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا".
اضاف:" يحل علينا هذا الشهر الفضيل، وما يزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة".
واكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأنه واخوانه أعضاء المجلس، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في الفعاليات السلمية، والاصوات الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب، مجددا العهد بعدم ادخار أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة التي صنعتها المليشيات الارهابية الحوثية التي كانت تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون أيام.
ونوه العليمي بقوة، وصلابة ابناء الشعب اليمني وصمودهم في وجه ذلك المخطط الإرهابي الذي باء بالفشل رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، جراء فقدان الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية إحتياطياتها من النقد الأجنبي.
وقال:" ها نحن اليوم أكثر صمودا بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى".
وجدد الرئيس اليمني في هذا الشهر الكريم تذكير المواطنين في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، بأن الحكومة بذلت كل جهد، وقدمت كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعهم، واستئناف دفع مرتباتهم.
استدرك قائلا:" لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان"، مجددا التأكيد على الوقوف الى جانب المواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الارهابية، ودعم ارادتهم، واحلامهم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
وقال" إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن".
على الصعيد القومي، اشار فخامة الرئيس الى تلبيته دعوة اخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة بالقاهرة في 4 مارس المقبل، وذلك تأكيدا لموقف اليمن الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة.
كما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على توجيهاته بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الى الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. والصلاة والسلام على اصدق انبيائه المرسلين.
أيها الإخوة المواطنون، أيتها الأخوات المواطنات، في الداخل والخارج،،
أهنئكم جميعًا، باسمي، وإخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النار.. الشهر الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر.
وهي تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل الذي نسأله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده علينا وقد تحقق لشعبنا كل ما يصبو إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
وأنها فرصة أيضا ان نجدد في كل مناسبة الشكر لكافة المكونات الوطنية، واشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز هذا الصمود الاسطوري.
أيها الإخوة والأخوات المواطنون،،
هذا الشهر العظيم اختصه الله بفضائل جليلة، وجعله ميدانًا للطاعات، والتقرب اليه سبحانه وتعالى، وسبيلاً لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، فطوبى لمن استغله في مرضاته تعالى بالخيرات، والأعمال الصالحات.
"شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون".
إن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والملذات، بل هو مدرسة إيمانية يتربى فيها المسلم على الصبر، والتقوى، ويزداد فيها التقرب من الله عز وجل بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، والإحسان إلى الفقراء، والمحتاجين.
وهو فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله، ولإحياء قيمنا الإسلامية النبيلة التي تدعو إلى التكافل والتراحم والتآخي بين أبناء المجتمع.
أيتها الأخوات أيها الإخوة الاحرار في كل مكان،،
يحل علينا هذا الشهر الفضيل، ومايزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة.
انني واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في فعالياتكم السلمية، واصواتكم الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب.
لقد كانت المليشيات الارهابية تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون بضعة أيام، بعدما فقدت الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية احتياطياتها من النقد الأجنبي.
لكن ذلك المخطط الإرهابي رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، باء بالفشل بفضل صبركم، ووعيكم، ودعم الاشقاء والأصدقاء.. وها نحن اليوم أكثر صمود بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى.
اعلم ان هذا هو ليس الوقت المناسب للحديث عن المزيد من الوعود، لان الأولوية هي الان للخبز والماء، والدواء، والخدمات الحيوية، وهو ما نعمل عليه اليوم، ولن ندخر أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة، دون النكوص عن التزامات المعركة الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة، واسقاط الانقلاب باعتباره جذر الازمة، وصانعها.
ونحن اليوم أكثر يقينًا بأن النصر قادم، وأن هذا المشروع العنصري الى زوال، الامر الذي يتطلب منا جميعا الاستعداد لما قد يكون أصعب، واشد في مواجهة الارتدادات المحتملة لأزمة المليشيات الإرهابية، وداعميها في النظام الإيراني.
ايتها المواطنات أيها المواطنون،،
اننا على ثقة ان سنوات الحرب العجاف، كشفت لكم مخططات المليشيات الإرهابية لجعل بلدنا بعيدا عن ركب التطور الهائل الذي يشهده العالم من حولنا.
إن التحديات التي تواجه بلدنا لم تقتصر على تداعيات الانقلاب الغاشم في الداخل فقط، وانما امتدت إلى محاولات جعل اليمن ساحة ابتزاز للمجتمع الدولي، عبر تهديد الممرات المائية في البحر الأحمر، وخليج عدن، ضمن الاجندة الإيرانية المكشوفة لزعزعة امن واستقرار المنطقة، وتصفية قضاياها العادلة.
ولذلك، فقد كانت الازمة الاقتصادية، والتهديدات المتزايدة للأمن البحري في قلب مشاوراتنا مع الحلفاء والأصدقاء، وكافة الفاعلين الإقليميين والدوليين.
اننا في ذلك لا نستجدي الدعم العسكري كما يعتقد البعض، بل كف الأذى الإيراني عن بلدنا، لإن ايماننا بقضيتنا، وثقتنا بعزيمة شعبنا، وشجاعة جيشنا لا حدود لها في صناعة الغد المشرق الذي تستحقون.
ان هذه الاتصالات الدبلوماسية المثمرة، الذي نقودها، واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، هي جزء اصيل من سياسة الدفاع المشترك، في مواجهة عدو إقليمي مشترك، وحماية مصالح مشتركة.
وبالتالي فقد أكدنا ان هذه الشراكة، يجب ان تبدأ وفقا للالتزامات الدولية، بدعم قدرات الحكومة، العضو في الأمم المتحدة في حماية أراضيها، ومنع تحويلها الى منصة تهديد للسلم، والامن الدوليين.
وعلى الصعيد القومي فقد لبينا دعوة اخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة خلال أيام في القاهرة، تأكيدا لموقف شعبنا الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة، التي سنواصل بكل اخلاص الدفاع عنها، وحق شعبها المناضل في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.
أيها اليمنيون الأحرار في كل مكان،،
نجدد في هذا الشهر الكريم تذكير أهلنا في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، اننا بذلنا كل جهد، وقدمنا كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعكم، واستئناف دفع مرتباتكم، لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان.
إن هذه الحرب التي فرضتها المليشيات عليكم، وهذه الجبايات التي تستنزفكم، والجرائم، والاعتقالات التي ترتكبها بحقكم، ليست إلا جزءًا صغيرا من مشروعها الاوسع، القائم على العبودية، والعنصرية، والاستبداد، وإعادة اليمن قرون الى الوراء.
لذلك فإن أحد المداخل الحاسمة لأنهاء هذا العبث، الذي يصادر أحلامكم، ومستقبل ابنائكم، يرتكز على وقف تغذية المجهود الحربي للمليشيات بالمال، والرجال، والسلاح، والتمسك بمبادئ الحق، والعدل، والحرية، والمواطنة المتساوية.
ولعلكم تشاهدون الحراك الاجتماعي الواسع في المحافظات المحررة، كمؤشر للحياة والحريات المكفولة بموجب الدستور والقانون، وليس تعبيرا عن الفوضى كما تحاول ان تصورها منابر المليشيات.. وأننا هنا لا نحملكم فوق طاقتكم تحت ضغط القوة الغاشمة، وانما لتأكيد الوقوف الى جانبكم، ودعم ارادتكم، واحلامكم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
أيتها الإخوات.. ايها الاخوة المواطنون،،
يعلمنا هذا الشهر الفضيل الصبر في المحن، والانصاف، وقول الحق، وصون اللسان، والأقلام عن الخوض في الاشاعات، والتضليل، وعدم استخدام نعمة التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي في التحريض، وتكريس الفرقة والشقاق، بل توظيفها فيما ينفع الناس، وتجديد الأمل بمستقبل أفضل تتحقق فيه تطلعاتهم في إنهاء كابوس الإمامة، واستعادة الأمن والاستقرار، والسلام بمشيئته تعالى.
وفي هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا.
وقد وجهنا بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
أيها الشعب اليمني العظيم،،
إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن.
وأننا نسأل الله عزّ وجل في هذه الليلة المباركة أن يوفقنا لاغتنام أيام رمضان ولياليه بحسن طاعته، وأن يديم علينا التوفيق والسداد، كما نسأله تعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، وان يحفظ بلدنا وشعبنا، وسائر الشعوب والبلدان من كل مكروه وسوء، تقبل الله منا جميعا صيامنا وقيامنا.. إنه سميع مجيب.
رمضان كريم.. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته