باحث آثار يكشف عن مصادرة عروشًا أثرية لملوك يمنيين ويدعو للتحرك لاستعادتها
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
كشف باحث آثار يمني، عن مصادرة السلطات السويسرية عرشين أثريين لملكين من ملوك اليمن القدامى، فيما لايزال مصير عرش ثالث مجهولاً.
وقال الباحث عبدالله محسن في منشور على حسابه بالفيسبوك، "اختفت ثلاثة عروش من محافظة الجوف، اليمن، وقد كتبت عنها مراراً وحاولت تتبع خطوط تهريبها".
وأضاف: "وفي مطلع الأسبوع السابق تلقيت اتصالاً من صديق يقدم خدمات بحثية بشكل رسمي لجهات شرطية وقضائية مختصة بجرائم الآثار في أوروبا، أبلغني مشكوراً بمصادرة القضاء السويسري (جنيف) للعرشين الأثريين الذين نشرت عنهما، وأن التحقيقات مستمرة في مكتب المدعي العام".
وتابع أن العرشان المصادران من مقتنيات (هشام وعلي أبو طعام) المالكين لشركة فينيكس للفن القديم الشهيرة والتي تلاحقها الاتهامات بالاتجار بالآثار العراقية والمصرية وغيرها.
وأكد الباحث اليمني بوجود صعوبة في معرفة "مصير العرش الثالث هل هو من ضمن الآثار المصادرة أم أنه من المقتنيات المخفية في اليمن أو الخارج"، موضحا أن السبب في صعوبة معرفة ذلك يعود لعدم وجود صفة رسمية للتخاطب مع تلك الجهات.
وبيّن "محسن" أنه ولضرورة استعادة العروش الثلاثة، استدعى كتابة هذا التوضيح "المنشور" لحشد جهود البعثة الدائمة اليمنية لليونسكو ووزارة الخارجية والثقافة ومكتب النائب العام في هذا الملف الهام من آثار اليمن.
وأشار إلى أن مصدر تلك العروش منطقة (نشّان) بمدينة السوداء بمحافظة الجوف شمالي اليمن.
وأوضح أن العرش الأول هو لعرش الملك (لبأن يدع بن يدع أب)، وبحسب مدونة النقوش "العرش مصنوع من كرسي ضخم ذو ظهر مرتفع، ويزين الظهر سلسلة من الوعول موضوعة على شكل مرآة، اثنتان لكل جانب؛ وتقف الحيوانات المصممة على أقواس بارزة، ولها قرون كبيرة منحنية، وآذان طويلة، ولحى مستطيلة، وأرجل وحوافر مميزة. في الجزء العلوي، تم تأطير الجزء الخلفي بسلسلة مزدوجة من الأخاديد الأفقية والبروزات المربعة (17 للسلسلة العلوية، و15 للسلسلة السفلية)".
وأضاف يُعرف العرش في المراجع بالاسم (جاربيني-فرانكافيجليا 1)، ومكتوب عليه بالمسند (لبأن يدع بن يدع أب)، مع حروف مونوجرام في اليسار، تشكل كلمة (لبأن) وهو الاسم الأول للملك، وفي اليمين حرف (ب) بالمسند بنفس حجم المونوجرام، والباء رمز سلالة ملوك نشأ. ويبلغ ارتفاع العرش 1.24 متر، وعرضه 63 سم، وعمقه نصف متر.
وعن العرش الثاني المكسور أوضح "محسن" أنه عرش الملك (ملك وقه ريد بن عم علي)، وبحسب مدونة النقوش "العرش مصنوع من كرسي ضخم ذو ظهر مرتفع، مكسور إلى جزأين. ويزين الظهر سلسلة من الوعول موضوعة على شكل مرآة، اثنتان لكل جانب؛ وتقف الحيوانات المصممة على أقواس بارزة، ولها قرون كبيرة منحنية، وآذان طويلة، ولحى مستطيلة، وأرجل وحوافر مميزة. في الجزء العلوي، تم تأطير الجزء الخلفي بسلسلة مزدوجة من الأخاديد الأفقية والأسنان (البروزات) المربعة (17 للسلسلة العلوية، و15 للسلسلة السفلية). مع وجود تجويف مربع (10في10)".
ويُعرف هذا العرش في المراجع بالاسم (جاربيني-فرانكافيجليا 2)، ومكتوب عليه بالمسند (ملك وقه ريد بن عم علي)، مع حروف مونوجرام في اليسار، تشكل الاسم المركب (ملك وقه) وهو الاسم الأول للملك، وفي اليمين حرف (ب) بالمسند، والباء رمز سلالة ملوك نشأ. ويبلغ ارتفاع العرش 1.24 متر، وعرضه 63 سم، وعمقه نصف متر، حسب الباحث.
أما العرش الثالث ـ مجهول المصير ـ فأشار "محسن"، إلى أنه عرش الملك (عم وتر يسرن لبو بن عم علي)، شقيق الملك وقه ريد بن عم علي ويرى البعض أنه ليس من المحتمل أن يكون عم وتر يسرن ملكاً لكن وجود العرش يؤكد أنه كان ملكاً وربما كان وصياً على أخيه.
ويضيف: "وربما تعرض العرش للكسر، ولم أتمكن من الحصول على صورة له، وبحسب مدونة النقوش فإن المعروف عنه "جزء من الجزء الخلفي العالي من العرش مع وعلين قائمين ونقش من سطرين"، ويُعرف العرش في المراجع بالاسم (جاربيني-فرانكافيجليا 3). ومكتوب عليه بالمسند (عم وتر يسرن لبو بن عم علي سحدث).
وتعرضت المدن الأثرية والتاريخية في اليمن للنهب والتنقيب العشوائي طوال الفترات الماضية زادت حدتها خلال سنوات الحرب حيث تعرضت الآثار اليمنية للتهريب والتدمير الممنهج والبيع في مزادات علنية حول العالم وعلى شبكة الإنترنت.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
عروش متخمة على بطون خاوية
بين قصورهم الفخمة وسجادهم المزخرف تسقط صرخات أطفال غزة فلا تبلغ آذانهم ولا توقظ ضمائرهم. يجلس الحكام العرب على عروش صنعتها واشنطن وهندستها تل أبيب، متكئين على وسائد الوهم متظاهرين بالحكمة، فيما شعوبهم تعرف أن ثمن عروشهم كان دوماً دماً فلسطينياً وجوعاً عربياً وقهراً لا يُطاق.
ما الذي تبقى من الكرامة حين تتحول أراضي غزة إلى مقابر جماعية بينما تتوالى البيانات الباردة من عواصم عربية ترفل في الأمن والخبز والجبن المستورد؟ هل بات الصمت دبلوماسية؟ وهل أصبحت الخيانة شطارة سياسية؟
إنهم يدركون أن بقاءهم مشروط بالسكوت، وأن كل كلمة تصدر بحق المحتل قد تُخصم من أرصدتهم في البنوك الغربية أو تُقصيهم من موائد القرار. لذلك يضحّون بغزة كي لا يُضحى بهم.
يراقبون أشلاء الأطفال على الشاشات ويواصلون طقوس الحكم بدم بارد لا يرتعش. يتبجحون بالاعتدال ويبيعون ما تبقى من مروءة في مؤتمرات السلام والتطبيع، وهم يعلمون أن العدو لا يريد سلاماً، بل استسلاماً كاملاً يبدأ من القدس ولا ينتهي عند بوابة خنوعهم.
العيب ليس في غزة الجريحة، بل في أولئك الذين باعوا الكرامة بكسرة حكم، ورضوا أن تكون عروشهم متخمة فوق بطون خاوية من كل شيء إلا من الكرامة والصبر والإيمان بأن الشعوب لا تموت وأن هذه الأمة لا تُقهر طالما أن فيها من يرفض الذل ويؤمن أن النصر قادم لا محالة.
وما بين صمتهم المريع ودماء الأبرياء تكتب غزة ملحمة من نور تتحدى بها عتمة الخذلان العربي وترسم بدماء أطفالها خريطة الكرامة من جديد بينما القابعون على العروش لا يحركون ساكناً وكأن الدم الفلسطيني لا يعنيهم وكأن صور الجثث والأنقاض لا تمر على شاشاتهم أو تمر دون أن تهز ذرة من ضمير.
يتذرعون بالحكمة وبالحرص على الاستقرار وكأن الوقوف في صف الظالم هو قمة الحياد وكأن الخنوع للمحتل هو قمة الرشد يتحدثون عن القانون الدولي وهم أول من دهسه تحت أقدام مصالحهم يتحدثون عن الإنسانية وقد صارت إنسانيتهم سلعة للبيع في بورصات السياسة.
من المحيط إلى الخليج ننتظر صوتاً واحداً يخرج من قصر عربي لا ينافق لا يخاف لكن لا صوت يعلو فوق صوت التواطؤ والخذلان كل شيء مستباح في فلسطين إلا كرامتهم المصطنعة التي لا تحتمل حتى شجباً صريحاً.
لكن غزة لا تعول على هؤلاء لم تعول يوماً ولا تنتظر منهم نصراً لأنها عرفتهم جيداً وعرفت أن الطريق إلى الحرية لا تمر من قصورهم بل تمر من بين الركام من زقاق الشهداء ومن بين أيدي المقاتلين الذين لا يملكون إلا الإيمان والإرادة.
الجوع في غزة ليس عارضاً طارئاً بل هو سلاح ممنهج يستخدمه العدو وأعوانه لتركع الأرض التي لا تركع، حصار خانق ومستمر يمنع الغذاء والدواء ويخنق الأنفاس والموجع أن بعض الأنظمة العربية تتواطأ بالصمت أو المشاركة المباشرة تحت مظلة المصالح أو الأوامر الدولية.
في الوقت الذي تتآكل فيه أجساد الأطفال من الجوع وتموت الأمهات قهراً أمام أوجاع لا قدرة لهن على شفائها تنعم بعض العواصم العربية بترفٍ فاحش وتبني عروشاً شاهقة على حساب بطون خاوية في غزة ويزداد المشهد وجعاً حين نرى تلك الأنظمة تغلق أبوابها وأجواءها في وجه قوافل الدعم وتفتحها أمام التطبيع والتنسيق الأمني.
لا يمكن فصل الجوع في غزة عن المشهد السياسي العام فهو ليس قدراً بل نتيجة مباشرة لحصار إسرائيلي معلن وصمت عربي مخجل وتآمر دولي واضح ومع كل يوم يمر يصبح الجوع شكلاً من أشكال القتل البطيء تذبح به غزة أمام أعين العالم.
لكن رغم الجوع والصمت العربي تبقى غزة حية بإرادة أهلها وصبر أبطالها وتبقى الكرامة هناك أكثر حضوراً من كل قصور الذهب والكراسي الوثيرة وتبقى دموع الأمهات على جوع أطفالهن أقوى من خطابات الزيف والتبرير وتبقى غزة رغم كل شيء عصية على الانكسار.