الخليج الجديد:
2024-09-18@23:17:28 GMT

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

ما فعلته إسرائيل بهذه الصور التي تكشف عن إذلال جماعي لا يبعث على الأمل ولا التهدئة، وإنما يبعث على التردي والتدهور.

إذلال اليوم يُنتج كراهية الغد. وليس من مصلحة إسرائيل إذلال الفلسطينيين بهذه الطريقة وإظهارهم علانية وتكديسهم في الشاحنات وتجريدهم من إنسانيتهم.

الإذلال في العلاقات الدولية يؤدي دائماً إلى الرغبة في الانتقام.

ثم إنه لم يحدث أبداً أن بُني نصر سياسي على الإذلال، لأن آثاره ضارة جداً ومشوبة بالعداء والكراهية.

ماذا أراد الجيش الإسرائيلي من وراء نشر تلك الصور المهينة لأسرى فلسطينيين؟ وهل كان الهدف رسالة مفادها أنه يسيطر على الوضع وأن مقاتلي «حماس» يستسلمون؟

لو نشرت «حماس» صوراً لرهائن إسرائيليين بملابس داخلية بهذه الطريقة وأيديهم مقيدة وأعينهم معصوبة وكلهم جاثون أو مكدسون بمكان ما، لكانت هناك الكثير من ردود الفعل.

* * *

انتشرت في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي صور لسجناء فلسطينيين أيديهم مقيَّدة خلف ظهورهم وأعينهم معصوبة، جاثين وعراة إلا من ملابسهم الداخلية، ومحشورين أحياناً داخل شاحنات.

ولكن ما الذي أراد الجيش الإسرائيلي أن يُظهره من وراء نشر تلك الصور المهينة لأسرى فلسطينيين؟ وهل كان الهدف هو البعث برسالة مفادها أنه يسيطر على الوضع وأن مقاتلي «حماس» يستسلمون؟

ربما آثر الجيش الإسرائيلي نشر هذه الصور بنفسه على أن تنشرها جهة أخرى بهدف التحكم في عملية التواصل. وفي وسائل الإعلام، حملت هذه الصور في كثير من الأحيان تعليقات تزعم أن الأمر يتعلق بأعضاء من «حماس» استسلموا.

والحال أنه كان من بين الأسرى الفلسطينيين أيضاً أساتذة وصحافيون أُسروا في أماكن لجأوا إليها هرباً من القصف وهم ليسوا من أعضاء «حماس».

من وجهة النظر الإسرائيلية، من الضروري محاربة «حماس»، غير أنه ينبغي الحذر من الوسائل التي تسخّر لهذا الغرض. فلو نشرت «حماس» صوراً لرهائن إسرائيليين بملابس داخلية أُمروا بالاصطفاف بهذه الطريقة وأيديهم مقيدة وأعينهم معصوبة وكلهم جاثون أو مكدسون في مكان ما، لكانت هناك الكثير من ردود الفعل.

ولو أظهر الجيش الروسي سجناء أوكرانيين في مثل هذه الظروف، لأثارت تلك الصور الكثير من ردود الفعل في وسائل الإعلام الغربية أيضاً. والحال أنه ليست هناك فائدة في إذلال الأفراد، بل إن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً.

الجيش الإسرائيلي يبرر ما فعله بالقول إن الأمر يتعلق بإجراءات أمنية، مؤكداً أن هدفه كان هو التأكد من أن أولئك الفلسطينيين لا يحملون أحزمة ناسفة. وهذه الحجة تبدو معقولة، غير أنه من ناحية أخرى، كان من السهل جداً السماح للسجناء بارتداء ملابسهم بمجرد الانتهاء من تفتيشهم وعدم كشفهم علناً بهذه الطريقة.

إننا نعلم أن الإذلال في العلاقات الدولية يؤدي دائماً إلى الرغبة في الانتقام. ثم إنه لم يحدث أبداً أن بُني نصر سياسي على الإذلال، لأن الآثار التي يتركها ضارة جداً ومشوبة بالعداء والكراهية. فإذلال اليوم يُنتج كراهية الغد. وليس من مصلحة إسرائيل إذلال الفلسطينيين بهذه الطريقة وإظهارهم علانية وتكديسهم في الشاحنات وتجريدهم من إنسانيتهم.

والأكيد أن الدولة التي تدعي أنها ديمقراطية لا ينبغي لها أن تتصرف مثل تنظيم إرهابي، إذ لا يمكننا أن ندعي أننا دولة ديمقراطية من أجل إضفاء الشرعية على حرب ضد الإرهاب ثم الانخراط في مثل هذه الأساليب. وهناك احتمال كبير لأن تترك هذه الصور آثاراً دائمة على الآراء لا تنمحي، سواء في الغرب أو في بقية أنحاء العالم.

ومن جهة أخرى، نتذكر صدمة صور «سجن أبو غريب» في العراق، والتي كشفت ما يتعرض له السجناء العراقيون من أعمال إذلال وتعذيب. والراجح أنه سيكون لصور السجناء الفلسطينيين تأثير سلبي للغاية على المدى القصير. صحيح أنه من المعتاد في زمن الحرب أن يرغب المرء في إظهار قوته للخصم، لكن هذا لا يعني بالضرورة تعريض المهزوم للإذلال.

فالنصر بالإذلال لا يؤدي إلا إلى تدهور الوضع وتجدد الكراهية. وإضافة الكراهية إلى الكراهية لا فائدة فيها. وبدلاً من ذلك، ينبغي التفكير في حلول سياسية: فالفلسطينيون والإسرائيليون يفترض أن يعيشوا جنباً إلى جنب، اللهم إلا إذا كان الهدف هو طرد كل الفلسطينيين. وهذا ليس هو المشروع الإسرائيلي.

الأمر لا يتعلق بإضفاء الشرعية على هجمات «حماس»، ولا بعدم إدانتها. ولكن ما فعلته إسرائيل بهذه الصور التي تكشف عن إذلال جماعي لا يبعث على الأمل ولا التهدئة، وإنما يبعث على التردي والتدهور. ولا شك أن هذا أقل خطورة من قصف المدنيين الفلسطينيين، إذ ما فتئت أعداد الضحايا تزداد يوماً بعد يوم، ولكن الصور تظل راسخة في الذاكرة.

*د. باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل الإذلال الكراهية سجناء فلسطينيين الجیش الإسرائیلی بهذه الطریقة هذه الصور یبعث على

إقرأ أيضاً:

الدويري .. القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة يعترف بصدق السنوار

#سواليف

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن تصريحات القائد السابق لفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي تؤكد ما تضمنته رسالة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار الأخيرة لزعيم جماعة أنصار الله (الحوثيون) عبد الملك الحوثي.

وفي وقت سابق، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن القائد السابق لفرقة غزة قوله إن إسرائيل “تنتصر في مواجهات تكتيكية مع حماس لكنها تخسر الحرب” المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي تحليل للمشهد العسكري أوضح الدويري أن هذه التصريحات تندرج تحت عنوان “نصر تكتيكي وهزيمة إستراتيجية”، مع تحفظه على وصف ما يحدث بأنه نصر تكتيكي للاحتلال، مضيفا أن شواهد التاريخ تقدم أمثلة مشابهة لهذا الوضع.

مقالات ذات صلة للمرة الثالثة .. رفض الطلب المقدم لاستبدال قرار حبس الزعبي بعقوبات مجتمعية 2024/09/18

واستشهد الدويري بمثالين تاريخيين لتوضيح وجهة نظره، الأول هو الحرب الأهلية الأميركية بين عامي 1863 و1865، إذ كسب الانفصاليون معظم المعارك على مدار عامين، لكنهم خسروا المعركة الأخيرة واستسلموا.

أما المثال الثاني الذي ذكره الدويري فهو حرب فيتنام، إذ انتصرت أميركا في معظم المعارك التكتيكية، ولكنها خرجت في النهاية مهزومة.

إسقاطات تاريخية

وأشار الدويري إلى أن هذه الإسقاطات التاريخية يمكن ملاحظتها في الوضع الحالي في غزة، مستدركا “لن نقول إن إسرائيل كسبت في كافة المعارك التكتيكية، لكنها استطاعت أن تدخل إلى غزة من أقصاها إلى أقصاها، ومع ذلك لم تستطع أن تسيطر بشكل كامل لأن طبيعة المعارك مختلفة”.

وأكد الخبير العسكري أن المعارك الحالية في غزة غير متناظرة، وهي مزيج فريد من حرب العصابات وحرب الأنفاق وحرب المدن، مشيرا إلى أن “هذا الخليط لم يحدث في التاريخ”.

وأضاف أن حديث المسؤول العسكري الإسرائيلي جاء ليؤكد ما تضمنته رسالة السنوار الأخيرة من التأكيد على أن المقاومة مستعدة لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد تنتهي بهزيمة إستراتيجية أكيدة للاحتلال.

وكان المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق قد صرح كذلك في حديثه للصحيفة الأميركية بأن حماس تستعيد المدن بعد ربع ساعة من انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، مضيفا أن قدرة إسرائيل على الردع تتراجع إلى الصفر.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين حاليين وسابقين اعتقادهم بأنه “من غير المرجح أن تهزم حركة حماس في هذه الحرب”.

معركة استنزاف

وكان السنوار قد أكد في رسالته للحوثي أمس الاثنين أن المقاومة بعد قرابة عام من الحرب المتواصلة لا تزال بخير، وأن “ما ينشره العدو من أخبار ومعلومات يأتي في إطار الحرب النفسية”، مؤكدا أنها تعد نفسها لمعركة استنزاف، و”ستكسر إرادة العدو السياسية كما كسرت إرادته العسكرية”.

يشار إلى أن إسرائيل تشن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وتواصل إسرائيل حربها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.

مقالات مشابهة

  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. السيسي لـ«بلينكن»: يجب وقف التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وإزالة العراقيل أمام المساعدات
  • حماس: العدوان السيبراني الإسرائيلي على لبنان ينتهك كل المواثيق والأعراف الدولية
  • قيادي في حماس يدين استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان
  • الدويري .. القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة يعترف بصدق السنوار
  • وليد جنبلاط يعلق على العدوان الإسرائيلي: نكون أو لا نكون ويجب أن نتراجع بهذه المعركة المصيرية
  • خالد مشعل: الجيش الإسرائيلي في حالة استنزاف
  • عاجل | القائد السابق لفرقة غزة بالجيش الإسرائيلي: حماس تنتصر في هذه الحرب
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41252
  • نظام اتصالات بدائي يحمي يحيى السنوار من الاستهداف الإسرائيلي
  • عضو بالكنيست للجيش الإسرائيلي: كفى كذبا.. لم يتم القضاء على حماس