الخليج الجديد:
2025-04-23@23:49:09 GMT

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

غزة.. الإذلال يولّد الكراهية

ما فعلته إسرائيل بهذه الصور التي تكشف عن إذلال جماعي لا يبعث على الأمل ولا التهدئة، وإنما يبعث على التردي والتدهور.

إذلال اليوم يُنتج كراهية الغد. وليس من مصلحة إسرائيل إذلال الفلسطينيين بهذه الطريقة وإظهارهم علانية وتكديسهم في الشاحنات وتجريدهم من إنسانيتهم.

الإذلال في العلاقات الدولية يؤدي دائماً إلى الرغبة في الانتقام.

ثم إنه لم يحدث أبداً أن بُني نصر سياسي على الإذلال، لأن آثاره ضارة جداً ومشوبة بالعداء والكراهية.

ماذا أراد الجيش الإسرائيلي من وراء نشر تلك الصور المهينة لأسرى فلسطينيين؟ وهل كان الهدف رسالة مفادها أنه يسيطر على الوضع وأن مقاتلي «حماس» يستسلمون؟

لو نشرت «حماس» صوراً لرهائن إسرائيليين بملابس داخلية بهذه الطريقة وأيديهم مقيدة وأعينهم معصوبة وكلهم جاثون أو مكدسون بمكان ما، لكانت هناك الكثير من ردود الفعل.

* * *

انتشرت في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي صور لسجناء فلسطينيين أيديهم مقيَّدة خلف ظهورهم وأعينهم معصوبة، جاثين وعراة إلا من ملابسهم الداخلية، ومحشورين أحياناً داخل شاحنات.

ولكن ما الذي أراد الجيش الإسرائيلي أن يُظهره من وراء نشر تلك الصور المهينة لأسرى فلسطينيين؟ وهل كان الهدف هو البعث برسالة مفادها أنه يسيطر على الوضع وأن مقاتلي «حماس» يستسلمون؟

ربما آثر الجيش الإسرائيلي نشر هذه الصور بنفسه على أن تنشرها جهة أخرى بهدف التحكم في عملية التواصل. وفي وسائل الإعلام، حملت هذه الصور في كثير من الأحيان تعليقات تزعم أن الأمر يتعلق بأعضاء من «حماس» استسلموا.

والحال أنه كان من بين الأسرى الفلسطينيين أيضاً أساتذة وصحافيون أُسروا في أماكن لجأوا إليها هرباً من القصف وهم ليسوا من أعضاء «حماس».

من وجهة النظر الإسرائيلية، من الضروري محاربة «حماس»، غير أنه ينبغي الحذر من الوسائل التي تسخّر لهذا الغرض. فلو نشرت «حماس» صوراً لرهائن إسرائيليين بملابس داخلية أُمروا بالاصطفاف بهذه الطريقة وأيديهم مقيدة وأعينهم معصوبة وكلهم جاثون أو مكدسون في مكان ما، لكانت هناك الكثير من ردود الفعل.

ولو أظهر الجيش الروسي سجناء أوكرانيين في مثل هذه الظروف، لأثارت تلك الصور الكثير من ردود الفعل في وسائل الإعلام الغربية أيضاً. والحال أنه ليست هناك فائدة في إذلال الأفراد، بل إن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً.

الجيش الإسرائيلي يبرر ما فعله بالقول إن الأمر يتعلق بإجراءات أمنية، مؤكداً أن هدفه كان هو التأكد من أن أولئك الفلسطينيين لا يحملون أحزمة ناسفة. وهذه الحجة تبدو معقولة، غير أنه من ناحية أخرى، كان من السهل جداً السماح للسجناء بارتداء ملابسهم بمجرد الانتهاء من تفتيشهم وعدم كشفهم علناً بهذه الطريقة.

إننا نعلم أن الإذلال في العلاقات الدولية يؤدي دائماً إلى الرغبة في الانتقام. ثم إنه لم يحدث أبداً أن بُني نصر سياسي على الإذلال، لأن الآثار التي يتركها ضارة جداً ومشوبة بالعداء والكراهية. فإذلال اليوم يُنتج كراهية الغد. وليس من مصلحة إسرائيل إذلال الفلسطينيين بهذه الطريقة وإظهارهم علانية وتكديسهم في الشاحنات وتجريدهم من إنسانيتهم.

والأكيد أن الدولة التي تدعي أنها ديمقراطية لا ينبغي لها أن تتصرف مثل تنظيم إرهابي، إذ لا يمكننا أن ندعي أننا دولة ديمقراطية من أجل إضفاء الشرعية على حرب ضد الإرهاب ثم الانخراط في مثل هذه الأساليب. وهناك احتمال كبير لأن تترك هذه الصور آثاراً دائمة على الآراء لا تنمحي، سواء في الغرب أو في بقية أنحاء العالم.

ومن جهة أخرى، نتذكر صدمة صور «سجن أبو غريب» في العراق، والتي كشفت ما يتعرض له السجناء العراقيون من أعمال إذلال وتعذيب. والراجح أنه سيكون لصور السجناء الفلسطينيين تأثير سلبي للغاية على المدى القصير. صحيح أنه من المعتاد في زمن الحرب أن يرغب المرء في إظهار قوته للخصم، لكن هذا لا يعني بالضرورة تعريض المهزوم للإذلال.

فالنصر بالإذلال لا يؤدي إلا إلى تدهور الوضع وتجدد الكراهية. وإضافة الكراهية إلى الكراهية لا فائدة فيها. وبدلاً من ذلك، ينبغي التفكير في حلول سياسية: فالفلسطينيون والإسرائيليون يفترض أن يعيشوا جنباً إلى جنب، اللهم إلا إذا كان الهدف هو طرد كل الفلسطينيين. وهذا ليس هو المشروع الإسرائيلي.

الأمر لا يتعلق بإضفاء الشرعية على هجمات «حماس»، ولا بعدم إدانتها. ولكن ما فعلته إسرائيل بهذه الصور التي تكشف عن إذلال جماعي لا يبعث على الأمل ولا التهدئة، وإنما يبعث على التردي والتدهور. ولا شك أن هذا أقل خطورة من قصف المدنيين الفلسطينيين، إذ ما فتئت أعداد الضحايا تزداد يوماً بعد يوم، ولكن الصور تظل راسخة في الذاكرة.

*د. باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل الإذلال الكراهية سجناء فلسطينيين الجیش الإسرائیلی بهذه الطریقة هذه الصور یبعث على

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر الفلسطيني: التحقيق الإسرائيلي في مقتل المسعفين "مزيف"


انتقدت خدمة الإنقاذ الفلسطينية الرئيسية في غزة، يوم الاثنين، التحقيق الإسرائيلي في مقتل 15 من المسعفين الشهر الماضي، وقالت إنه "تحقيق مزيف".

وفي بيان، قالت "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" إن التحقيق يؤكدة "إصرار الاحتلال على إخفاء الحقيقة عن العالم".

واتهمت الجمعية إسرائيل بتقديم "مزاعم كاذبة" بأن فرق الإنقاذ الطبية هي جزء من حماس وسألت لماذا تواصل إسرائيل احتجاز مسعف نجا من الهجوم.

وأضافت "ندعو المجتمع الدولي إلى الامتناع عن تصديق وقبول نتائج التحقيق الملفق التي أعلنها الاحتلال".

نتائج التحقيق
وأعلن الجيش عن نتائج تحقيقه يوم الأحد، قائلا إنه وجد "إخفاقات مهنية" وأقال نائب قائد كتيبة في ما وصفه بأنه حادث.

وقد قتل 15 شخصا في الواقعة التي حدثت يوم 23 مارس الماضي من بينهم ثمانية من أفراد الهلال الأحمر الفلسطيني وستة من عناصر الدفاع المدني التابع لحكومة حماس وموظف تابع للأمم المتحدة.

وقامت القوات بجرف الجثث مع المركبات المحطمة ودفنهم في مقبرة جماعية.

ولم يتمكن عمال الإغاثة والأمم المتحدة من الوصول إلى الموقع لاستخراج الجثث إلا بعد مرور أسبوع.

مقطع فيديو يدحض الرواية الإسرائيلية
يذكر أن إسرائيل زعمت في البداية أن سيارات المسعفين لم تكن تحمل إشارات طوارئ عند تعرضها لإطلاق النار من قبل الجنود، لكنها تراجعت لاحقا عقب نشر مقطع فيديو تم استرجاعه من هاتف محمول لأحد المسعفين يدحض الرواية الإسرائيلية الأولى لإطلاق النار.

وتظهر لقطات مصورة تم الحصول عليها من الحادث أن أضواء سيارات الإسعاف كانت تصدر وميضا، عكس ادعاء الجيش الإسرائيلي.


وخلص التحقيق العسكري إلى أن نائب قائد الكتيبة "بسبب ضعف الرؤية خلال الليل"، اعتقد أن سيارات الإسعاف تابعة لمسلحي حماس".

وذكر التحقيق أن القوات الإسرائيلية "اعتقدت بالخطأ أنها تواجه تهديدا حقيقيا من قوات معادية".

وأوصى الجيش الإسرائيلي باتخاذ إجراءات تأديبية بحق ضباط كبار من كتيبة الاستطلاع المشاركة في الحادث، حيث تقرر إعفاء نائب قائد الكتيبة الذي أشرف على العملية ميدانيا من منصبه بسبب تقديمه تقريرا "غير كامل وغير دقيق حول ما حدث"، أما قائدها الأعلى فسيتلقى توبيخا رسميا

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات لحرب غزة
  • كيف تمزّق فيديوهات حماس للأسرى المجتمع الإسرائيلي وتزيد الضغط على دولة الاحتلال؟
  • نرمين الفقي تحتفل بشم النسيم برفقة نجمات الفن والإعلام
  • مقترح جديد للهدنة بغزة.. 7 سنوات من السلام مقابل الأسرى والانسحاب الإسرائيلي
  • جولة مفاوضات جديدة ووفدان من حماس وكيان العدو الإسرائيلي يصلان القاهرة
  • الكابينيت الإسرائيلي يناقش ملف غزة في ظل مقترح جديد هذه تفاصيله
  • لواء جولاني الإسرائيلي يفقد 114 من مقاتليه وضباطه منذ بدء الحرب
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: التحقيق الإسرائيلي في مقتل المسعفين "مزيف"
  • وزير المالية الإسرائيلي: إعادة المحتجزين ليست الهدف الأهم للحكومة
  • إسحق بريك: الجيش الإسرائيلي مني بهزيمة موجعة في غزة ولم يحقق أهدافه